ترى، سميرة بعداش، نفسانية و معالجة بمستشفى زيغود يوسف بقسنطينة، أن التزايد المسجل في عدد المصابين بفيروس كورونا كوفيد 19 خلال رمضان، لا علاقة له بهذا الشهر الفضيل، بل يعود إلى قلة الوعي و الثقافة الصحية لدى البعض، فضلا عن التصرفات اليومية غير السوية، التي برزت منذ انتشار الوباء و المتمثلة في إنكار المرض و اعتبار الفيروس مجرد وهم كحجة لكسر الحجر المنزلي و حظر التجول، مستبعدة أن تكون للظروف الاجتماعية القاسية و الضيق داخل المنازل، يد في التخلي عن الالتزام بالحجر، ما دامت صحة الفرد و عائلته فوق كل اعتبار .

حاورها: عثمان بوعبدالله
 بماذا تفسرين ارتفاع عدد المصابين بالفيروس خلال الأسابيع الأخيرة لشهر رمضان؟  
أولا التزايد سببه قلة الوعي بخطورة هذا الوباء ولا دخل لشهر الصيام فيه، أما السبب الحقيقي، فهو تهافت الناس على المراكز التجارية دون التقيد بالإجراءات الوقائية ولا حتى لبس كمامات.
و هل لتأثير الصيام و الحالة النفسية لما بعد الإفطار، دخل في كسر الحجر و حظر التجول؟
لا دخل للصيام  في الحالة النفسية، حيث أنه كان  بإمكان الناس تعويض الحجر الصحي بعد الإفطار، بقراءة القرآن و تعليم أطفالهم تعاليم الدين و طرح نقاشات علمية مفيدة مع العائلة و الحرص على مراجعة أبنائهم و تدارك الدروس، لقتل الفراغ الذي يفرضه عليه الحجر المنزلي.
بالعكس، فإن الصيام راحة للنفس و تزكية لها من شوائب الذنوب و القاعدة في هذه الأيام لا بد من الالتزام بها، هي احترام مواقيت الخروج من المنزل في حال الضرورة، بحيث يخرج فرد واحد من العائلة و ليس كل العائلة مثلما نراه  هذه الأيام ثم يعود،  حيث يلاحظ  أنهم يقتنون حاجياتهم و يبقون في الشارع في  شكل تجمعات  ، دون احترام لشرط التباعد و هذا هو سبب انتشار الوباء.
برأيك لما هذا الإصرار على الخروج و التجمعات ؟
ربما قلة الوعي بخطورة التجمعات، أو محاولة تحدي الوباء في صورة تعبر عن انعدام الثقافة الوقائية و من يتصرف بهذه الطريقة، عليه أن يعلم بأنه قد يؤذي عائلته بصفة غير مباشرة و نحن لسنا ضد الخروج، لكن الخروج يكون للضرورة و بدون تجمعات، مع لبس كمامة و تعقيم اليدين و غسلهما عند دخول المنزل.
 الكثير من الأطباء و النفسانيين يحذرون من الوباء بالمنع، ما يزيد من الضغط النفسي، فكيف يمكن أن تحول حالة الهوس و الخوف من هذا الوباء إلى ثقافة وقائية ؟
يجب أن تكون لدينا ثقافة وقائية لتفادي الخوف و الرعب و الوسواس القهري و لتجنب الإصابة به بفضل الثقافة الصحية و النفسية التي يمتلكها الأشخاص، فقد نلاحظ عليهم أعراض القلق بسبب هوس الكورونا، يتجلى في قلة النوم و ضعف التركيز و الخوف من كل شيء، فعليه يفترض قطع سلسلة الأخبار حول المصابين المتوفين، للتقليل من حدة التوتر و الضغط العصبي، حيث عادة ما تزيد مثل هذه الأخبار من حالة القلق، بأخذ إجراءات احترازية و وقائية مثل غسل اليدين باستمرار و الحرص على النظافة و التعقيم.
و قد يتحول إلى هوس، لهذا يجب تجنب سماع الأخبار المقلقة حول المصابين عبر المواقع الإلكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي و سماع إلا ما هو إيجابي كالحالات التي تماثلت للشفاء و عدم الخروج إلا للضرورة.
بحكم عملك و الاحتكاك اليومي في حملات التوعية بالمواطنين، ما هي التصرفات غير السوية التي عادة ما تعترضكم؟
 الخرق لقانون الحجر المنزلي و هو تصرف غير سوي، يوجد  من يعانون من هوس التسوق وليس هوس الوباء، يعتريهم رعب وهلع تتجلى صورته في الإقبال المتزايد على اقتناء السلع و المواد الغذائية، بسبب خوفهم من تعطل الحياة العادية و نفاد السلع في ظل غلق كل المنتزهات والمساجد والمقاهي والأسواق، لتفادي التجمعات التي تساعد على انتشار العدوى، بالإضافة إلى الإقبال غير السوي على اقتناء المواد الغذائية الناجم عن عدم القناعة .
سجل في الأيام الأولى لظهور الوباء، تقيد بإجراءات الحجر، لكن الحركة عادت إلى الشوارع خلال رمضان   وبقوة ، فضلا عن تجمع الناس في نقاط البيع و المراكز التجارية دون خوف من العدوى، فما هو تفسيرك لهذه الظاهرة؟
هذه التجمعات ناتجة عن إنكار المرض و الرغبة الجامحة في العودة إلى الحياة العادية و عدم تقبل الحجر المنزلي الذي فرضه عليه الوباء و استهتار البعض بأن فيروس كورونا مجرد وهم وليس حقيقة، ناهيك عن اعتقادهم بأن لديهم مناعة تمنع  انتقال العدوى إليهم، و هناك من يعتقد أن الصوم يقوي المناعة كذريعة لخرق الحجر، صحيح أنه يقوي مناعة الجسم، لكن هذا الوباء جديد و سرعة انتشاره كالنار في الهشيم، بدليل تزايد الإصابات بشكل رهيب في الآونة الأخيرة فليس هناك سبيل لاحتوائه سوى الوقاية و الحجر المنزلي.
في هذه الحالة و بصفتك أخصائية نفسانية، ما هي النصائح التي يمكن أن تقلل من حالات الخرق للحجر المنزلي ؟
 أنصح بضرورة تقبل الحجر المنزلي والخروج إلا للضرورة القصوى و إيجاد بدائل للتعايش مع الحجر، لقتل الفراغ والروتين الذي يعيشه الفرد في هذه الظروف الاستثنائية، لأن الخروج دون سبب و الازدحام في الطوابير، خصوصا في هذا الشهر الفضيل، يعتبر انتحارا لاشعوريا، ستكون عواقبه وخيمة على صحة الفرد والأشخاص الذين يعيشون معه.
هل هناك اختلاف في تطبيق الحجر المنزلي حسب الفئات و الوضع الاجتماعي؟
على كل فئات المجتمع أن تتقيد بالحجر المنزلي، خصوصا الذين يعانون من الأمراض المزمنة والمسنين، لأن الفيروس لا يفرق بين الغني والفقير، أما عن الظروف المعيشية أقصد الذين يعملون في محلات تجارية و بأجر يومي، فيجب عليهم التقيد ، باتخاذ الإجراءات الوقائية مثل التعقيم  والنظافة و احترام التباعد بين الزبائن و ارتداء الكمامات،  أما المراكز التجارية الكبرى،  فهي بؤرة للتجمعات التي تساعد على انتشار الوباء .
هناك من يبررون كسر الحجر و الخروج   من المنازل  بضيقها أو بضرورة توفير قوت يومهم، فكيف يمكن إقناعهم بخطورة الوباء على صحتهم في هذه الظروف ؟
هنا يأتي دور الجمعيات الخيرية لدعم هذه الشريحة من المجتمع، لأنه في ظل الحجر ينقطع عملهم اليومي و بالتالي يجدون أنفسهم دون أجرة يومية .
كما أعتقد أن كسر الحجر المنزلي غير مرتبط بالضيق في الشقق و المنازل، بل مرتبط بانعدام الوعي بخطورة هذا الوباء وعدم تقبل البعض  للحجر المنزلي و إنكارهم للمرض و اعتبار الفيروس وهما،  بغرض التنفيس  والخروج من المنزل ليس إلا.
في الأخير ما هي نصيحتك في هذا الظرف الصحي الحساس؟
نصيحتي لكل فرد، أنه يجب الالتزام بالحجر المنزلي و التقيد بالإجراءات الوقائية، على غرار النظافة و  التباعد الاجتماعي،  و الوقاية خير من العلاج، لذا يجب تقبل الحجر و التعايش معه لأن الإنكار و الخروج سيزيد الطين بلة و يساعد على تمديد فترة الحجر، فالصحة أغلى ثمن و الوقاية مفتاحها، لذا لا تضيع هذا المفتاح للحفاظ على ثروة اسمها الصحة.    
                       ع /ب

الرجوع إلى الأعلى