التأسس كطرف مدني في قضية التسجيل لم يأت متأخرا !
اعتبر الناطق الرسمي للرابطة المحترفة فاروق بلقيدوم، موقف الرابطة القاضي بالتأسس كطرف مدني، في قضية التسجيل الصوتي المسرّب خطوة إجبارية أملتها المعطيات الميدانية، موضحا بأن الرابطة لم تكن تتوفر على القرائن، التي تكفي للجوء إلى العدالة، والمستجدات التي كشف عنها التحقيق الأمني والقضائي، كان ـ حسبه ـ كافيا لتوضيح الرؤية أكثر بخصوص هذه القضية.
حــاوره: صالح فرطــاس
بلقيدوم، وفي حوار خص النصر أمس، أكد بأن الرابطة مجبرة على معالجة القضية في شقها الرياضي، وفق ما تنص عليه القوانين، قبل التأسس كطرف مدني، معربا عن أمله في إعادة فتح الملفات السابقة الخاصة بالفساد الرياضي وطرحها على العدالة، كما تحدث عن تجربة الاحتراف في الجزائر، والتي اعتبرها فاشلة، لأنها عادت بالفائدة على شريحة معينة، على حساب مصلحة الكرة الجزائرية والخزينة العمومية، بينما أكد بلقيدوم على أن الرابطة، تسعى لضمان نهاية الموسم «العالق»، حسب المخطط الذي رسمته الفاف والوزارة.
كنت الأول في الرابطة من حصل على التسجيل وسارعت لتبليغ مدوار
* نستهل هذا الحوار، بالحديث عن قضية التسجيل الصوتي المسرب والقرار الذي اتخذه مكتب الرابطة في اجتماعه الأخير، بالتأسس كطرف مدني، ألا ترى بأن هذا الإجراء كان متأخرا، سيما بعد الخطوة التي قطعتها الوصاية؟
قرار تأسس الرابطة المحترفة كطرف مدني، في قضية التسجيل الصوتي لا علاقة له بالإجراء الذي قامت به وزارة الشباب والرياضة، لأننا حقيقة لا بد أن نثمّن الخطوة التي قطعتها الوصاية، بإيداعها شكوى ضد مجهول بمجرد طفو هذه القضية على السطح، لكن القرار الذي اتخذناه خلال اجتماع الخميس الفارط، لا يعني بأننا نريد ركوب الموجة، ومحاولة كسب تزكية الرأي العام، بمسايرة التدابير التي اتخذتها الوزارة، لأن الإجراء المتخذ يندرج في إطار المخطط، الذي كنا قد سطرناه آنفا، على اعتبار أنني شخصيا كنت أول عنصر في المكتب التنفيذي للرابطة، من تحصل على التسجيل المسرب من أحد الإعلاميين، وقد أشعرت الرئيس مدوار وباقي أعضاء الرابطة بالقضية، فكان الإجماع على أن الأمر خطير، وبعد ذلك بيوم واحد اجتمعنا، وأصدرنا بيانا رسميا نددنا من خلاله بهذه الأساليب والسلوكات، كما كان لنا اجتماع مع محامي الرابطة الأستاذ دريوش، حيث كنا نعتزم اللجوء إلى العدالة كأول خطوة، لكن الاستشارة القانونية، أجبرتنا على ضرورة انتهاج مخطط نحترم فيه الإجراءات القانونية، وذلك بمعالجة القضية من الناحية الرياضية، وعلى ضوء نتائج التحقيق الميداني، يمكننا إيداع شكوى رسمية والتأسس كطرف مدني، مادام أننا لم نكن نتوفر على الدليل المادي، الذي من شأنه أن يثبت صحة وسلامة التسجيل، فضلا عن عدم قدرة الرابطة على إجراء خبرة للتأكد من الهوية الفعلية للأشخاص، الذين كانوا معنيين بالمكالمة الهاتفية، وهي جوانب تتجاوز مهام وصلاحيات الهيئات الكروية.
عدم وجود تقادم في قضايا الفساد يمنحنا فرصة معاقبة المتباعين به
* لكن الجميع يتساءل عن الجدوى من تأسس الرابطة كطرف مدني بعدما أخذت القضية أبعادا أخرى على مستوى العدالة، وإيداع المشتبه فيهما الحبس المؤقت؟
الرابطة هيئة رياضية، مهمتها الأساسية الإشراف على تنظيم البطولة، كما أن هناك نصوص قانونية تقيّد نشاط هذه الهيئة، والمتعارف عليه في مثل هذه القضايا هو لجوء أحد الطرفين إلى العدالة، لتبقى الرابطة ليست معنية بالنزاع القائم بين طرفين أو عدة أطراف على مستوى المحاكم، ويمكن انتظار الأحكام القضائية، لاتخاذها كسند إثبات التهمة على احد أو تبرئة ذمته من الأفعال، التي كانت قد نسبت إليه، وهذه القضية كانت عبارة عن تسجيل بين شخصين، لم نتمكن من التأكد من صحته رغم التحريات التي قامت بها لجنة الانضباط، لأن هذه الجوانب تبقى من اختصاص الضبطية القضائية، وتحرك وزير الشباب والرياضة لدى العدالة بإيداعه شكوى، كان كافيا لإجراء تحقيق ميداني معمق من طرف الجهات الأمنية والقضائية، وسمح بكشف تفاصيل كان من المستحيل على الهيئات الرياضية الوقوف عليها في جلسات السماع التي تنظمها، لأن كل طرف يسعى لتبرئة ذمته، لكن وبعد الإجراءات المتخذة من طرف المحكمة، بناء على نتائج التحقيق الإبتدائي اتضحت الرؤية أكثر للرابطة، فكان القرار بالتأسس كطرف مدني، على اعتبار أن مضمون التسجيل يخص مخططا للتلاعب بنتائج بعض المباريات لبطولة الرابطة المحترفة الأولى، وهي المنافسة التي تشرف الرابطة على تسييرها.
نتمنى فتح ملفات قديمة وهذه رؤيتي لقضية «ملال – عرامة»
* وماذا عن العمل الذي قامت به الرابطة على مدار نحو شهر كامل عند دراستها هذه القضية ؟
دراسة القضية كانت قد تكفلت بها لجنة الانضباط، بناء على المراسلة الرسمية التي كان الرئيس مدوار قد وجهها لها بتاريخ 14 ماي 2020، وطلب منها فتح تحقيق استعجالي في التسجيل الصوتي، المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الخطوة جرّدت الرابطة من مسؤولية متابعة الملف، بعدما تكفلت به اللجنة المختصة، وهي هيئة مستقلة بذاتها في التسيير، ولا دخل لأي طرف في نشاطها أو في القرارات التي تتخذها، وقد كنا نتابع عن بعد الإجراءات التي قامت بها في إطار التحقيق، سواء عند سماع كل طرف على حدة، أو حتى الشاهدين، وكذا جلسة المواجهة المباشرة بين طرفي المكالمة الهاتفية «المشبوهة»، لكن التضارب في المواقف، صعّب من مهمة اللجنة في تحديد المسؤوليات، في ظل تمسك المدير العام لوفاق سطيف بموقفه القاضي بأن التسجيل مفبرك، وإصرار الوسيط المعتمد لدى الفاف على صحة التسجيل، وهي مواقف يبقى الفصل فيها من صلاحيات العدالة، بعد تحريات أمنية وقضائية، وبالتالي فإن إيداع المشتبه فيهما الحبس الاحتياطي، كان كافيا لتوضيح الرؤية أكثر، ولجنة الانضباط تدرس الملف في شقه الرياضي، وعلى ضوء تقريرها النهائي، ستودع الرابطة شكواها إلى العدالة.
* إلا أن سؤالا يطرح نفسه بحدة، ويتعلق بالأسباب التي حالت دون لجوء الرابطة إلى العدالة في قضايا سابقة ؟
بمجرد طفو هذه القضية على السطح، عاد الحديث عن الملف الذي عالجناه في نهاية الموسم الفارط، والمتعلق بمكالمة هاتفية بين رئيس شبيبة القبائل الشريف ملال والمدير العام لشباب قسنطينة طارق عرامة، لكن في الحقيقة أنه لا يوجد أي وجه للتشابه بين القضيتين، لأن الأمر هذه المرة، يخص محاولة ترتيب نتائج مباريات، بينما كان ملف عرامة وملال مقترن بقضية تحفيز، وهو ما يعاقب عليه القانون رياضيا، في غياب أي سند يدفع بالرابطة إلى اللجوء إلى العدالة، مادام الأمر لم يمس بأخلاقيات الرياضة، وهنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
لم يتسن للجنة الانضباط كشف «سلامة» التسجيل

*  تفضل.. ما هو؟
لقد وجهت جميع وسائل الإعلام بوصلتها نحو قضية التسجيل الصوتي، لكن ما يهز المشاعر أن هذا الملف أصبح مادة إعلامية دسمة لبعض القنوات الأجنبية، رغم أن الفساد الكروي موجود في كل البطولات والمنافسات، وهذه القضية جاءت في مرحلة جد صعبة، بسبب الأزمة الوبائية، لذا فإن هذه الشبهات تمس بصورة وسمعة الجزائر، وأصبح من الضروري وضع حد لهذه السلوكات، لأن سياسة «اللاعقاب» زادت في تفاقم الظاهرة مع مرور السنوات، وإحالة قضية الساعة على العدالة، لا يعني بأن المستقبل سيكون «نقيا»، بل أن عملية التطهير تستوجب تجنب كل الأطراف الفاعلة، للمساهمة في العملية التي باشرتها الوزارة بالتنسيق مع الجهات القضائية، والعدالة وحدها لن نستطيع التصدي للسلوكات التي ما فتئت تلطخ الوسط الكروي، والغريب في الأمر أن الحديث عن الفساد الكروي، فاق كل الحدود في «بلاطوهات» القنوات التلفزيونية، وكأن رواد هذه المنابر «نزهاء»، لأن الكلام بلغة «شعبوية» عن هذه الظاهرة في وسائل الإعلام، يبقى المغزى منه لفت اهتمام المتتبعين، وعليه فإننا نتمنى أن تفتح العدالة القضايا السابقة، في ظل عدم وجود تقادم في الفساد الرياضي، خاصة وأن «التباهي» بالضلوع في الفساد، أصبح «موضة» من طرف بعض مسيري النوادي.
الاحتراف فشل وانحصر في تضخيم رواتب اللاعبين والمدربين فقط
* نلمس في هذا الكلام الكثير من التأثر بالوضع الذي آلت إليه المنظومة الكروية الوطنية، أليس كذلك؟
تجربتي في كرة القدم كانت كمسير في رائد القبة، وكذا كعضو منتخب في الرابطة منذ سنتين، لكن الوضعية الراهنة للكرة الجزائرية «محليا» تستوجب إعادة نظر في السياسة المنتهجة، لأن المحيط بلغ أعلى درجات التعفن، ومشروع الاحتراف أثبت فشله الميداني الذريع، لأنه عاد بالفائدة على شريحة اللاعبين، المدربين والأطراف الفاعلة في المحيط، بما في ذلك «الدخلاء» الذي أحكموا قبضتهم على التسيير، وهذا لا يعني بأن الجميع معني بهذه الفكرة، بل هناك أشخاص نزهاء يسعون لتقديم الإضافة المرجوة، لكن كرة القدم الجزائرية تبقى الخاسر الأكبر في هذه التجربة، على اعتبار أن الاحتراف كان مجرد إجراء إداري، مس فقط تضخيم رواتب اللاعبين والمدربين، مع صرف الملايير في النوادي من المال العام، بينما تبقى طريقة تسيير الفرق هاوية، لأن الدهنيات لم تتغير، وعليه فإن مشروع الاحتراف، الذي لم يتقدم بأي خطوة إلى الأمام على مدار عشرية من الزمن، جعل منظومتنا الكروية تصطدم بجدار متين، وما على السلطات العليا سوى التفكير في المرحلة الموالية، ولو أنني شخصيا قررت الانسحاب نهائيا من هذا المحيط، سيما وأن عهدة مكتب الرابطة توشك على الانقضاء، لأن الأمور بلغت حد المساس بكرامتي والتهجم عليّ بالسب والشتم، بحكم أنني عضو منتخب في الرابطة.
الرابطة ستلجأ للعدالة بعد صدور تقرير لجنة الانضباط
* وماذا عن موقف الرابطة بخصوص المرحلة المتبقية من الموسم الكروي وخارطة الطريق المرسومة؟
القرار النهائي بخصوص مستقبل المنافسة، يبقى بيد السلطات العليا للبلاد، بناء على تطورات الوضعية الوبائية، ولو أن الرابطة كانت قد بادرت إلى وضع مخطط مبدئي خلال الاجتماع المنعقد يوم 29 أفريل الفارط، وتم تقديمه كمشروع للمكتب الفيدرالي، الذي زكى الفكرة، لكن كل الأمور تبقى مرهونة بتلقي الضوء الأخضر من الجهات المختصة، رغم أن المعطيات تغيرت، بالمقارنة مع ما كنا قد أخذناه بعين الاعتبار منذ نحو شهرين، لأن مدة التوقف عن المنافسة تجاوزت 3 أشهر، ومع ذلك فإننا نواكب الخطوات التي قطعتها الفاف بالتنسيق مع الوزارة، وقرار المكتب الفيدرالي القاضي بالسعي لإكمال الموسم، يجعلنا نحضر للمرحلة القادمة، والدليل على ذلك أن الرابطة كانت قد نظمت يوم 11 ماي الماضي، جلسة عمل مع أطباء أندية الرابطة المحترفة الأولى، تحت إشراف رئيس اللجنة الطبية الفيدرالية الدكتور دمارجي، وقد حضر أطباء 15 فريقا، وكان طبيب نجم مقرة الغائب الوحيد، وهي الجلسة التي خصصت لشرح «البروتوكول» الصحي الذي تم وضعه، مع فتح دائرة النقاش والإثراء، قبل اعتماده رسميا وتقديمه إلى الوزارة، لتبقى خطوتنا المقبلة عقد اجتماعات جهوية مع رؤساء الفرق، بغية الاستماع إلى انشغالاتهم، سيما في الشق المتعلق بالصعوبات التي ستواجههم في المرحلة المتبقية من الموسم، لأن المشاكل الناجمة عن الوباء كثيرة وعويصة، لكننا نسعى لتقليصها قدر الإمكان، حتى يتسنى لنا الدخول مباشرة في صلب الموضوع، عند الحصول على ترخيص من وزارة الشباب والرياضة، لأن هدفنا في الوقت الراهن ينصب في كيفية ضمان نهاية الموسم، وفق «بروتوكول» صحي وتقني يسمح للأندية بالخروج بأخف الأضرار من هذه المرحلة العصيبة.                            
ص. ف 

الرجوع إلى الأعلى