نعمل على إعداد قاعدة بيانات خاصة بالأطباء ستشمل 13 دولة
*  أبرمنا اتفاقية تعاون مع شركة غوغل و نحضر لفتح فرع بأمريكا
كشف طارق مقداد، المهندس في الإعلام الآلي و البرمجيات، في حواره مع النصر، عن الغرض من إنشاء أول منصة رقمية طبية «دوكتوتيك.كوم» بإفريقيا لتحديد المواعيد و التخفيف من متاعب المرضى في البحث عن العيادات و الأطباء، و تحديد عناوينهم بدقة، فضلا عن آفاق هذه المؤسسة المصغرة التي شرعت في العمل حديثا، و تطمح للتوسع مستقبلا لتشمل 13 دولة عبر العالم، بداية بفتح فرع في أمريكا و إبرام اتفاقية تعاون مع شركة غوغل .
. النصر: أسستم «دوكتوتيك.كوم»، المنصة الرقمية الطبية الأولى في إفريقيا، ما الذي تقدمونه من خلالها و ما هي أهدافكم؟
ـ طارق مقداد: إنها منصة رقمية، يمكن الولوج إليها عبر الرابط» doctotic.com». فكرتنا الأولى كانت إنشاء مذكرة طبية، ثم تحولت إلى نظام إلكتروني لتحديد المواعيد الطبية، و بمرور الوقت طلبنا رخصة للعمل مع شركة غوغل.
عندما كانت مجرد مذكرة يتم البحث عبرها عن المعلومات و الضغط على الرابط الخاص بالطبيب الذي يرغب المريض الاتصال به، تطلب ذلك استعمال خاصية «غوغل للخرائط» لتحديد موقع وعنوان الطبيب، ما جعلنا نسعى للحصول على ترخيص للعمل بهذا التطبيق، فاتصلنا بمسؤولي فرع الشركة بدبي.
بعد ذلك تزايدت استعمالات الموقع، فاقترحوا علينا أن نحولها إلى محرك بحث و منحونا حيزا لذلك، مقابل صب المعلومات التي تتوفر لدينا عبره، على أن تكون في قطاع الصحة و الطب. في البداية لم نكن على دراية تامة بالقطاع، ثم تمكنا بمرور الوقت من تحديد 50 ألف عنوان مرتبط بالمجال الصحي، وكل ما يتعلق بالأطباء و المؤسسات الطبية و المرضى، استفدنا من محرك البحث الممنوح لنا من شركة غوغل، و قمنا بأبحاث للاستفادة من خبرة من هم في ذات المجال بالحزائر، فاكتشفنا أننا الوحيدون في إفريقيا و الشرق الأوسط المتخصصون في البحث الطبي و تحديد المواعيد.
الجائحة ساهمت في زيادة الإقبال على الموقع
. كيف راودتكم فكرة المشروع؟
 ـ الفكرة بدأت بالصدفة، اطلعت على مشروع أحد الباحثين، الذي قام بتصميم موقع طبي بفرنسا و أوروبا، في سنة 2013 ، و هو عبارة عن نظام إلكتروني رقمي لتحديد المواعيد الطبية، انخرطت فيه العيادات الطبية و الأطباء، و تم تطويره إلى منصة صحية شملت في ما بعد جميع المجالات والمعلومات و ليس المواعيد فقط .
من هنا و بحكم تخصصي في البرمجيات و الإعلام الآلي و التسيير، و عملي في مجال تأمين النظام الرقمي المعلوماتي بمطار الجزائر، و الدورات التكوينية التي شاركت فيها في مجال تصميم المواقع و نظم الحماية و التأمين الإلكتروني، راودتني فكرة إنشاء مشروع مماثل في الجزائر، بالرغم من أن العقلية و الاستعمالات التكنولوجية تختلف، و السوق الإفريقية و الأوروبية ليست نفسها، لكنني كنت مصرا على إنجاح المشروع الذي لم يكن وليد البارحة، بل هو نتاج عمل و دراسات وأبحاث على مدار خمس سنوات كاملة.
كانت الانطلاقة الحقيقية قبل حوالي عام فقط، و انتعش الموقع و زاد الإقبال عليه بعد ظهور جائحة كورونا.
 هل نفهم من كلامك أن الإقبال كان محدودا و شهد انتعاشا بعد ظهور الوباء، فأصبح المرضى و الأطباء يسعون لتحديد المواعيد عن بعد و تنظيم برامج العمل، لتفادي التجمعات بالعيادات؟
ـ ربما.. أشير هنا إلى أن المنصة الرقمية أنشئت في سبتمبر 2019، و هناك فرق بين مذكرة طبية بموقع إلكتروني، ومنصة رقمية، لأن الأخيرة عبارة عن مجموعة من المواقع الإلكترونية، هي ثمرة جهود خمس سنوات من الدراسة، ما سمح لنا بالاطلاع على القطاع و بعد ذلك إنشاء و تصميم المنصة، و إخضاعها لعمليات التحيين، حسب المعطيات الجديدة، ففي كل مرة نقوم بالتحيين لتسهيل ولوج المواطنين و استخدام المنصة.
. هل تسجيل الأطباء في المنصة، يكون بطلب منهم، أم أنكم أنتم من تقومون بعملية جرد واحصاء شامل لهم و تحديد عناوينهم، بالاستعانة بخدمة «غوغل ماب»؟
- بعد اتصالنا بشركة غوغل، منحتنا قاعدة معلومات حول الأطباء المسجلين في خدمة غوغل لتحديد الموقع، و هنا، كما هو معلوم، يمكن لأي شخص أن يضع معلومات و تحديد العنوان، لكن هذه الطريقة غير موثوقة، و يمكن وضع معلومات حول نوع النشاط و العنوان تكون غير صحيحة بالضرورة. لهذا منحونا قاعدة البيانات بالمجان، لكنهم طلبوا منا توثيق وتحديد العناوين الخاصة بالأطباء و عياداتهم بدقة، لتكون أكثر مصداقية.
شكلنا فريقا و قمنا بالتنقل إلى عيادات الأطباء للتأكد من صحة العنوان المحدد في التطبيق أو عن طريق الاتصال بالأطباء، وجدنا صعوبة في إقناع بعض الأطباء، لأنهم غير متعودين على التعامل بالنظام الرقمي، و هو ما استهلك الكثير من الوقت في عملية التوثيق و التأكد من المعلومات والعناوين الخاصة بهم.
بعد ظهور جائحة كورونا، وجدنا أن الأطباء بحاجة إلى التعامل عن بعد، و نظام تحديد المواعيد مع المرضى، فطلبوا الاستعانة بخدمات المنصة، و عرض عناوينهم على مستخدميها، و الاستفادة من مزاياها بالبحث عن الأطباء الأقرب إليهم، أو حسب التخصص من خلال الاستفادة من الخدمات التي توفرها في توجيه المرضى، حسب المنطقة.
خدمات مجانية للأطباء و المرضى
 هل تقدمون هذه الخدمة للأطباء و المرضى بالمجان أو بمقابل مادي ؟
ـ حاليا نقدم خدماتنا بالمجان، و لا أعتقد أننا سنفرض مقابلا ماديا مستقبلا بالنسبة للعيادات الطبية و المرضى، ستبقى دون مقابل، لأن عائداتنا المالية تكون عن طريق خدمات أخرى مع الممونين.
. كم طبيبا مسجلا و معتمدا لديكم؟
- لحد الآن لدينا قاعدة بيانات فيها 10700 طبيب، من بينهم 327 طبيبا معتمدا في المنصة، إننا نحاول أن نغطي أكبر عدد من الأطباء، لكن ذلك يتطلب بعض الوقت للتأكد من المعلومات الخاصة بهم و توثيقها و التواصل معهم.
إننا في بداية الطريق، و نطمح لتنظيم تظاهرات و لقاءات مع الفاعلين، إذا كانت الظروف مواتية، انطلاقا من شهر ديسمبر المقبل، كما نعمل على التعاقد مع منصة إلكترونية بالمغرب للتعاون بيننا. و نطمح أيضا لفتح فرع في الولايات المتحدة الأمريكية، في سياق مخططنا الهادف إلى تقديم خدمات السياحة الطبية، أي تقديم كل التسهيلات والخدمات للمرضى و إعطائهم المعلومات الكاملة، و التنسيق مع العيادات الطبية والمستشفيات في الخارج، لتوفير جميع الخدمات للمرضى، في ما يخص العلاج و الإقامة و التنقلات و إجراء الفحوصات اللازمة.
إننا نعمل على عدة جبهات، لكي نكمل المشروع، و يتطلب ذلك خمس سنوات على الأقل، و لا يخفى عليكم أن الجزائر تتوفر على حوالي 80 ألف طبيب و 120 ألف شبه طبيين.
 هناك مشروع لرقمنة قطاع الصحة و ملفات المرضى في الجزائر، لكنه لا يزال يسير بخطوات متثاقلة، لماذا برأيك؟
- أعتقد أن الأمر لا يتعلق بالإمكانيات، سواء المادية أو البشرية، و لا يتعلق بقدرات و مؤهلات المهندسين و أهل الاختصاص، حيث يوجد في قطاع الصحة من لديهم خبرات و مؤهلات أكثر مني. ربما العائق هو التمسك بالطرق التقليدية في الإدارة و التسيير و عقلية المجتمع، مثلا عندما نتحدث مع أطباء أجانب، نجد أنهم متفهمين و مستعدين للتعاون و العمل بالرقمنة و عبر المنصات الإلكترونية، كما أن المرضى هناك تعودوا على استعمال التكنولوجيا و التعامل عن بعد في مجال تحديد العناوين و مختلف المواعيد.
 ربما يعود ذلك أيضا إلى تعامل الأطباء في الجزائر بالطرق التقليدية، خاصة و أن بعض الأطباء المتخصصين يعانون من تشبع برنامج المواعيد اليومية، و هو ما يكبد المرضى عناء التنقل باكرا، و انتظار دورهم لساعات بالعيادة، فما بالك بفتح التسجيل عن طريق المنصات الإلكترونية؟
- نعم.. نطمح إلى التخفيف على المريض و وضع موعد محدد ليتنقل إلى العيادة، و يجد الطبيب في استقباله مباشرة، دون الحاجة إلى التسجيل بالطرق التقليدية في الصباح الباكر، و انتظار دوره في العيادة طيلة ساعات، و ربما ليوم كامل، لذا نحاول من خلال هذه المنصة توفير الوقت للمرضى و التخفيف عنهم، فضلا عن تنظيم العمل بالنسبة للأطباء، و تجنب حالات الاكتظاظ.
تعاملنا مع حالات لمرضى من الصحراء و من أقصى الجنوب، تصور أنهم يحصلون على مواعيد مثلا للفحص بالأشعة و جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي «إي آر أم» بعد ثلاثة أشهر.. هذه المنصة ستساعد سكان المناطق الداخلية و سكان الجنوب في تحديد المواعيد دون عناء التنقل و في ظرف وجيز.
كما أننا نقترح على العيادات الطبية تسهيل المهمة للمرضى القادمين من المناطق البعيدة، مراعاة لوضعهم و الجوانب الإنسانية، و وجدنا تفهما منهم، أوضح أننا مجرد وسيط و نقدم هذه الخدمات بالمجان.  
ملفات المرضى إشكالية عالمية

 هل خدماتكم تنحصر في ضبط المواعيد، أم تتعداها إلى وضع ملفات المرضى في قاعدة البيانات، لتسهيل الاطلاع عليها من قبل الأطباء المعالجين، دون الحاجة إلى الملفات الورقية؟
ـ عرض الملفات الطبية للمرضى عبر المنصات تبقى إشكالية عالمية، لأنها تدرج ضمن المعلومات السرية للمرضى، رغم أنها ممكنة جدا من الناحية التقنية و من ناحية ضمان تأمين و توفير قاعدة معلومات محصنة بأنظمة التأمين الإلكترونية، لكن هناك قوانين تدرج في سياق ضمان الحرية الشخصية للأفراد، لذا يمنع تحميل معلومات خاصة بالمريض، لأن الطبيب في حد ذاته محلف لضمان سرية المعلومات و تدخل في أخلاقيات المهنة و ضمان السر المهني.
كما قلت هذه الإشكالية مطروحة عالميا، سبق و أن تم اعتماد قاعدة معلومات إلكترونية، خاصة بالأطفال في فرنسا و ألمانيا، لكن الملفات الطبية الخاصة بالمرضى لم تدرج بعد.
. هل يقتصر تعاملكم مع عيادات الأطباء الخواص فقط أم يشمل أيضا المؤسسات الإستشفائية العمومية ؟
ـ في الأساس، نقدم خدمات التوجيه فقط بالنسبة للمؤسسات والعيادات العمومية، فهناك مرضى يتوجهون إلى ولايات بعيدة، على غرار العاصمة و وهران، طلبا للعلاج، يحتاجون إلى توجيه وتحديد العناوين بدقة و كذا كيفية التنقل، لكن ليس لنا دخل في تحديد المواعيد. بالمقابل نطمح للتعاون مع الوزارة الوصية، إذا كان ذلك ممكنا، لتمكين المرضى من تحديد المواعيد عن بعد قبل التوجه إلى المستشفيات العمومية،أو تحديد نظام وطني لذلك. و نحن مستعدون للمساهمة في رقمنة القطاع العمومي، و لما لا اعتماد كل مؤسسة استشفائية لنظام رقمي لتحديد المواعيد على مستواها، دون الحاجة إلينا .
. هل تواجهكم صعوبات في انجاح مشروعكم؟ و ما هي أهدافكم؟
ـ نواجه بعض الصعوبات و نحاول تعميم الخدمة وطنيا، و نطمح لتغطي خدماتنا 13 دولة خلال الخمس سنوات المقبلة، بدأنا بربط الاتصالات مع متعاملين في هذه الدول، و وجدنا ترحيبا بالفكرة، عكس الصعوبات التي نواجهها في إقناع البعض، هنا بالجزائر.
بعض المرضى
 لا يلتزمون بمواعيد الفحوص
 على ذكر الصعوبات، هل يتقيد الأطباء و المرضى بالمواعيد المحددة عبر المنصة، أم أنكم تسجلون حالات عدم الالتزام بها ؟
ـ أي مشروع تكون بداياته صعبة، لاحظنا أن بعض المرضى طلبوا تحديد مواعيد للفحص، لكنهم لم يثقوا كليا في خدماتنا، و لم يتأكدوا منها إلا بعد تنقلهم إلى عيادات الأطباء، و نفس الشيء بالنسبة لبعض الأطباء، منهم من كان يعتقد أن تحديد المواعيد عبر المنصة يشكل مخاطرة ، و شكك في جديتها، و إمكانية عدم التزام المرضى بتلك المواعيد، لكنهم تراجعوا عن أحكامهم المسبقة و تأكدوا بعد مجيئهم في الوقت المحدد.
هذا لا ينفي وجود حالات أخرى لمرضى لم يلتزموا، ربما لظروف طارئة أو حددوا مواعيد بدافع الفضول،  لهذا نقوم شهريا بعملية تقييم شاملة مع الأطباء .
. هناك فراغ في اعتماد تطبيقات تحديد المواعيد في الهواتف، لماذا؟
- لاعتماد تطبيقات الهاتف، لا بد من أسس و قاعدة معلومات كبيرة و شاملة، لهذا سنعتمد على التطبيق الهاتفي بعد التصميم النهائي للمنصة الرقمية،و  بعد التحكم في قاعدة المعلومات بصفة نهائية، نحدد فيها أسماء جميع الأطباء و عناوينهم بدقة.
هناك تجارب بالجزائر خلال جائحة كورونا، لوضع بعض التطبيقات في هذا المجال، لكنها فشلت، لأنها لا تتوفر على قاعدة بيانات كبيرة و متكاملة خاصة بالأطباء و عيادات الخواص .
ع/ بوعبدالله

الرجوع إلى الأعلى