طموحي يفوق التأهل إلى الأولمبياد و- البوديوم - هدفي في اليابان
تشبثت البطلة العالمية في الكاراتي كاميليا حاج سعيد، بحظوظها في انتزاع إحدى تأشيرات المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، المقررة بعد نحو سنة بطوكيو، وأكدت بأن التواجد في الأولمبياد أصبح حلم حياتها تزامنا مع إدراج الكاراتي ضمن قائمة الرياضات الأولمبية، الأمر الذي جعلها تراهن على تسجيل اسمها في الدفعة العالمية الأولى، التي تشارك في أكبر تظاهرة رياضية عالمية، ولو أنها رفعت عارضة الطموح عاليا، بالمراهنة على انتزاع ميدالية أولمبية في الأراضي اليابانية.
حاورها: صالح فرطـاس
المصارعة حاج سعيد، وفي حوار خصت به النصر، أوضحت بأن التحضيرات تأثرت كثيرا بسبب الأزمة الوبائية، لكنها كشفت بالمقابل بأن القرار المتخذ مؤخرا من طرف الوزارة لفائدة الرياضيين «الأولمبيين» سمح بتوضيح الرؤية أكثر، بعد تسطير برنامج للاستئناف الفعلي، كما عادت إلى مشوارها الرياضي، الذي كانت نقطة بدايته صعبة للغاية، برفض والدها للفكرة من أساسها، لتكون ثمرة التحدي «العائلي» بطلة عالمية، في الوقت الذي تبقى فيه كاميليا وفية لمهنة المتاعب، لأنها متصدرة دفعة في ليسانس الإعلام والاتصال، لكن مسيرتها مع «التاتامي»، حالت دون أن تجسد حلمها «المهني» كصحفية رياضية.
• خلافي مع الاتحادية طويته لكن بسببهم فكرت في الاعتزال
*في البداية، ما تعليقك على القرار الذي اتخذته وزارة الشباب والرياضة مؤخرا والقاضي بالترخيص للرياضيين الأولمبيين باستئناف التدريبات، بعد توقف اضطراري فاق 4 أشهر؟
توقفنا عن التدريبات الجماعية يعود لمنتصف شهر مارس الفارط، وهي الفترة التي كنا فيها بصدد الشروع في تحضيراتنا لدورة تصفوية تأهيلية إلى أولمبياد طوكيو، واللجوء إلى التدريبات الفردية كان بالنسبة لي مجرد حل ترقيعي فقط، من أجل النجاح في المحافظة على اللياقة البدنية، لأن رياضة الكاراتي تبقى من الاختصاصات التي تستوجب العمل الجماعي داخل القاعة، وقد وجدت نفسي مجبرة على ضبط برنامج خاص منذ ظهور الوباء، توزع بين التدريبات في المنزل والغابة، لكن دون الاستفادة من أي تحضير يخص المنافسة، لأن التدريب الفردي لا يمكن أن يلبي حاجيات الرياضي، وعليه فقد كنا نترقب قرار الوزارة على أحر من الجمر، لأننا اشتقنا إلى القاعات وأجواء المجموعة، كما أن ابتعادنا على التدريبات الخاصة ترك آثاره على المستوى، دون تجاهل عامل مهم، ويتمثل في الضغوطات النفسية الكبيرة التي أصبح نعيش تحت تأثيرها بسبب الفيروس وانتشاره، وقرار الوصاية جعل مسؤولي الاتحادية يعقدون معنا اجتماعا بحضور مختلف الطواقم الفنية، وقد تم تسطير برنامج يتماشى وهذه الخطوة، حيث تم الاتفاق على تحديد تاريخ 15 أوت المقبل، كموعد لإقامة تربص مغلق بمركز السويدانية، يخص المصارعين الذين مازالوا معنيين بالدورات المؤهلة إلى أولمبياد طوكيو، والقائمة تضم حاليا 4 مصارعات، وأنا معنية بها الإجراء، كوحيدة في اختصاص «الكاتا»، بينما تبقى زميلاتي لامية معطوب، وداد دراعو ولبني مقداس في اختصاص «الكيميتي»، إلى جانب حسين دايخي، الذي يعد الوحيد من منتخب الرجال.
• احتل المركز 25 عالميا وهذا ما سطرته في دورة باريس
*وهل بالإمكان تدارك التأخر الكبير المسجل، سيما وأن الأمر يتعلق بتصفيات الأولمبياد؟
التوقف الإضطراري عن التدريبات لم يكن حكرا على الجزائر فقط، بل شمل العالم بأسره، بسبب انتشار الوباء، وبالتالي فإن الرياضيين في جميع البلدان تواجدوا في نفس الوضعية، باللجوء إلى التدريبات الفردي كحل حتمي، كما أن التفكير في الأولمبياد يبقى سابقا لأوانه، سيما بعد تأجيل جميع المنافسات إلى السنة القادمة، والعمل الفردي الذي يقوم به أي رياضي يسمح له بالمحافظة على قليل من الجاهزية عن الاستئناف، والشيء المؤكد أن التربص الذي سنجريه منتصف أوت المقبل بالسويدانية، سيكون مخصصا بالأساس للعمل البدني، بغية تمكين المصارعين عن استعادة اللياقة البدنية المطلوبة، وهذا قبل الشروع في العمل الخاص، لأن التحضير للمنافسات لا يمر فقط عبر برمجة التربصات، بل أن المشاركة في الدورات تبقى أهم محطة في الاستعدادات الجدية، مادام الإحتكاك بالمستوى العالي في دورة واحدة يبقى أهم من إقامة تربصات على مدار سنة كاملة، والأكيد أن برنامج التحضيرات تحسبا للدورة المؤهلة إلى طوكيو،  سيتضمن سلسلة من الدورات خارج أرض الوطن.
*وكيف ترين حظوظك في التأهل إلى دورة طوكيو؟
الطبعة القادمة ستكون الأولى للكاراتي في تاريخ الأولمبياد، وعليه فإن حلم كل مصارع، يبقى تسجيل إسمه ضمن أول دفعة تشارك في الألعاب الأولمبية، وبالتالي فإن طموحي الشخصي يكمن في حمل راية الدفاع عن الألوان الوطنية، في أكبر تظاهرة رياضية عالمية، وهذا الهدف سطرته قبل 4 سنوات، عند اتخاذ قرار إدراج الكاراتي ضمن قائمة الرياضات الأولمبية، وكنت قادرة على ذلك لولا ابتعادي عن المنافسة على مدار موسم كامل، في سنة 2018، الأمر الذي كلفني تضييع الكثير من النقاط، والتراجع كثيرا في التصنيف العالمي، إذ تدحرجت إلى المركز 98 عالميا، قبل أن أتدارك الوضع بفضل عودتي القوية، خاصة في البطولة الإفريقية التي جرت مؤخرا بالمغرب، لأن إحرازي ذهبيتين مكنني من كسب نقاط كثيرة، كانت ثمارها تحقيق قفزة عملاقة في «الرانكينغ»، بالارتقاء حاليا إلى الصف 25 عالميا، والطريق إلى طوكيو يمر عبر مسلكين، الأول في الدورة التأهيلية المقررة بباريس، حيث سيكون التأهل المباشر من نصيب أصحاب «البوديوم»، والثاني مرهون بالنقاط المكتسبة في دورتين بإسبانيا والمغرب، لكنني شخصيا أراهن على كسب الرهان في موعد باريس، بانتزاع إحدى الميداليات، وضمان التأهل المباشر، وأنا جد متفائلة بتجسيد هذا الهدف، لأن عودتي مجددا إلى أجواء المنافسة مكنتني من استعادة «الفورمة»، خاصة بعد التفوق على مصارعات من مصر والمغرب، الأمر الذي جعلني أنظر إلى الأولمبياد بكثير من التفاؤل، وهدفي لا يتوقف عند عتبة المشاركة، بل البحث عن ميدالية أولمبية، وهذا طموح مشروع، وقابل للتجسيد على أرض الواقع، بفضل الجدية في العمل.
• استعملت «قدراتي القتالية» في تأديب 3 شبان داخل حيهم !
*لكن توقفك عن المنافسة لمدة سنة كاملة، كان بسبب مشاكل مع الاتحادية، وكنت حينها على وشك الاعتزال،، هل من توضيحات أكثر بخصوص هذه القضية؟
تلك الحادثة تبقى من أهم المنعرجات الحاسمة في مشواري، لأنني كنت بصدد التحضير للدفاع عن ذهبية البطولة الإفريقية، لكن مسؤولي الاتحادية فضلوا تعديل تركيبة الثلاثي المعني بتمثيل المنتخب الوطني في اختصاص «الكاتا»، وهو ما لم أتقبله، وذلك لم يكن بنية فرض منطقي الشخصي، وإنما للتمسك بحظوظنا في التتويج بالذهب، من خلال المحافظة على تركيبة الثلاثي، مع إعطاء الفرصة لمصارعات شابات في دورات أخرى، والاختلاف في وجهات النظر مع مسؤولي الفيدرالية، جعلهم يقررون المشاركة في تلك المنافسة بالفريق الرديف، بينما ابتعدت عن المنافسة لمدة سنة كاملة، وقد فكرت حينها في الاعتزال، بسبب ما حدث، وقد غبت عن البطولة الإفريقية برواندا وكذا عن بطولة العالم، الأمر الذي كان وراء تراجعي في الترتيب العالمي، لكننا طوينا تلك الصفحة، وعادت الأمور إلى نصابها القانوني، وذلك بترشيد المصلحة العامة، والتفكير بجدية في الألوان الوطنية، وعودتي كانت بصورة تدريجية، من خلال انتزاع برونزية الألعاب الإفريقية، ليكون الذهب من نصيبي بعد التتويج باللقب القاري، وشخصيا فإنني أفضل وضع هذه القضية في طي النسيان، والنظر فقط إلى المستقبل.
• حققت الكثير من الانجازات لكن بطولة العالم الأقرب إلى قلبي
*وما سر اختيارك تخصص «الكاتا»، لأنك المصارعة الوحيدة التي ستدافع عن حظوظ الجزائر في هذا الاختصاص؟
بدايتي كان في الاختصاصين، وقد سبق لي التتويج بلقب البطولة الوطنية في «الكيميتي»، لكن في سنة 2009، تقرر اعتماد تخصص كل مصارع، فوقع اختيار على «الكاتا»، بحكم عزوف الأغلبية عنه، بسبب صعوبته، وشخصيا فإن هذا الاختيار مستمد من رغبتي الدائمة في رفع التحدي، وأنا اعتبر «الكاتا» قلب الكاراتي، لأنه عبارة عن تمارين متكاملة، وهذا الاختصاص يكون فيه بطل واحد، وهذا ما زاد في تحفيزي على اختياره، ولم أندم إطلاقا على هذا الاختيار، وقد تم تشكيل منتخب وطني قوي جدا، مما سمح لي بحصد الكثير من الألقاب في الفردي وحسب الفرق، وهذه الميزة الشخصية كانت سبب دخولي عالم الرياضة، لأن فكرة ممارسة الكاراتي ترسخت في ذهني منذ الصغر، لما رافقت شقيقي الأكبر أمير إلى القاعة لمتابعته في التدريبات، ولما قررت الالتحاق بالقاعة كرياضية أعرب والدي عن رفضه التام لهذا الأمر، حجته في ذلك أن «الكاراتي» رياضة مخصصة للرجال فقط، وإقناعه كان بعد إلحاح كبير من والدتي وباقي أفراد العائلة، وهذا الموقف جعلني أصر على رفع التحدي، وأحقق نتائج فاقت كل التوقعات، كانت كافية لتغيير موقف الوالد، الذي تحول إلى مساندي الأول، بعد نجاحي في إحراز أول لقب وطني سنة 2004، ليكون بعدها المشوار حافلا بالذهب، ليبلغ «العالمية»، من خلال إحراز ألهب في البطولة العالمية للشبلات سنة 2009 بالمغرب، وهنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
• ملحمة أم درمان أتبعت بانتصار آخر على المصريين في الكاراتي
*تفضلي... ما هو؟
تحدياتي مع الوالد كانت كبيرة ومتعددة، وكلها كانت مقترنة بالرياضة، لأنه كان قد تخوف أيضا من تأثير الكاراتي على مشواري الدراسي، لكنني كنت من المتفوقات، وقد حصلت على البكالوريا في شعبة الآداب واللغات الأجنبية، وميولاتي منذ الصغر كانت لعالم الصحافة، لأنني كنت أحلم بأن أصبح صحفية رياضية، الأمر الذي جعلني ألتحق بمعهد الإعلام والاتصال، وحزت على شهادة الليسانس، بعد تصدري الدفعة، والرياضة لم تكن بتاتا عائقا للتألق في الدراسة، غير أن مشواري الرياضي حال دون تجسيد حلمي المهني، لأنني اشتغلت بعيدا عن عالم الصحافة، بينما كان التحدي الآخر مع الوالد من نوع خاص، لأنني استعملت «الكاراتي» في الدفاع عن نفسي في الشارع ذات مرة، حيث استفزني 3 شبان في موقف الحافلات، فصبرت قليلا، ثم كان رد فعلي عنيفا، لما أظهرت قدرات بطلة العالم، فكان مصيرهم ضرب مبرح أمام الملأ، ومن شدة غضبي لحقت بهم إلى الحي، الذي يقطنونه بضاحية دالي إبراهيم وضربهم مرة ثانية قبل تقديمي شكوى إلى الجهات الأمنية، وهذه التحديات مكنتني من إقناع الوالد باختياري، إلا أنني بالمقابل أحسست بشعوره لما أصبحت أما، لأنني قررت أن تبتعد ابنتي مينيسيا عن الكاراتي، وأفضل أن تتوجه إلى كرة السلة، رغم أن هذا الحديث سابق لأوانه، لأنها تبلغ من العمر 3 سنوات.

*وكيف تنظرين إلى مستقبل الكاراتي النسوي في الجزائر؟
الرياضة الجزائرية عرفت تفتحا كبيرا في السنوات الأخيرة، الأمر الذي تجلى في اقتحام العنصر النسوي للرياضات القتالية، دون مركب نقص، بعد كسر كل «الطابوهات»، لأن مفتاح النجاح يبقى بالإيمان بالقدرات وتسطير الأهداف والطموحات، مع التسلح بروح المسؤولية وتسيير الحياة الشخصية والمشوار الرياضي بجدية، والواقع الميداني أثبت بأن «الكاراتي» الجزائري، يتوفر على مؤهلات فردية عالية، تحتاج إلى قليل من الدعم، لأن تطوير القدرات يتطلب المشاركة في أكبر عدد ممكن من الدورات ذات المستوى العالمي، لأن هذا النوع من الرياضة يبقى مهمشا بالمقارنة مع الأموال الكبيرة، التي تصرف على أندية كرة القدم، رغم أنه لا يوجد أي مجال للمقارنة بين الاختصاصيين من حيث النتائج.
• درست لأصبح صحفية رياضية لكن لم أمارس مهنة المتاعب بعد
*وماذا عن أهم اللحظات التي تحتفظين بها في ذاكرتك من المشوار الحافل بالألقاب؟
الأكيد أن ذهبية بطولة العالم للشبلات تبقى من بين الإنجازات التاريخية، لكن اللحظة التي تبقى أغلى كانت في نوفمبر 2009، لأننا كنا في مواجهة منتخب مصر في النهائي، وذلك بعد 24 ساعة فقط من موقعة أم درمان، حيث تسلحنا بالروح الوطنية من تلك الملحمة، وفزنا على المنتخب الأقوى في القارة الإفريقية، دون نسيان تتويجي بذهبية الألعاب العربية في 2011، على حساب مصارعة مصرية كانت تحتكر اللقبين العربي والإفريقي لفترة طويلة، إضافة إلى المرتبة الخامسة التي انتزعتها في أول مشاركة لي في بطولة العالم كبريات، وكذا الذهبيتين الأخيرتين بالمغرب، للتأكيد على العودة مجددا إلى الواجهة، ليبقى وفائي إلى نادي الشراقة مميزا، لأنني لم أتمكن من تغيير الألوان على مدار 17 موسما، ردا لجميل النادي وكذا مدربي أوديرة، قبل التحاقي سنة 2015 بجمعية الأمن الوطني.

الرجوع إلى الأعلى