يؤكد طبيب الأطفال الدكتور محمد سامي بوقصة، أن الأطفال هم من أسباب انتشار فيروس كورونا بالجزائر، ويُرجع ذلك إلى عدم حرص بعض الأولياء على اتخاذ الإجراءات الوقائية من خلال تجنب احتكاكهم بالأشخاص الآخرين، وفي حوار للنصر، يُجيب الناشط الجمعوي بسطيف والطبيب الشاب الذي يتابعه آلاف الأشخاص بمواقع التواصل الاجتماعي، على العديد من الأسئلة المتعلقة بكيفية تعامل المرأة المصابة مع مولودها ومدى صحة انتقال الفيروس من الحامل للجنين وغيرها من التساؤلات.

حاورته: ياسمين بوالجدري
• رغم أن مرض كورونا ظهر في العالم منذ 5 أشهر، إلا أن العديد من الأولياء ما زالوا يطرحون أسئلة من قبيل “هل يصيب كوفيد 19 الأطفال؟”. كيف تجيب عليهم؟
كورونا يصيب الطفل مثل كل الناس، لكن لكل خصوصيته، فغالبية الأطفال لا تظهر عليهم الأعراض وحتى لو ظهرت فإنها تكون خفيفة. لم نقف على حالات لأطفال تدهورت حالتهم، وفي مستشفى سطيف الذي أعمل به لم نسجل وفيات.
• ما هي هذه الأعراض؟
سعال وارتفاع في درجة الحرارة يمكن أن يتعدى 38 درجة مئوية، وقد يحدث عطس وسيلان في الأنف وأحيانا إسهال وتقيؤ.
• في حال ظهرت على الطفل ما الذي ينبغي على الأولياء فعله؟
من الأفضل إبقاء الطفل في المنزل عوض إخراجه و جعله يتسبب في نقل العدوى للأطباء والممرضين. يمكن أن يُقدم له علاج في المنزل.
في حال قلِق الأولياء كثيرا عليهم الاتصال بطبيب مع احتمال أن يتعلق الأمر بمرض آخر. أكثر ما نخشاه في هذه الحالات هو تعرض الطفل لصعوبة في التنفس.
• ما هي فئات الأطفال المعرضة أكثر لتدهور صحتها بسبب كورونا؟
الأطفال الذين يعانون من ضعف المناعة، والتليف الكيسي وأمراض نقص المناعة و الأطفال مرضى الربو الذين يكون وضعهم الصحي غير مستقر رغم تناول الدواء، وكذلك مرضى السكري الذين يكون معدل السكر في الدم لديهم غير معتدل. رغم ذلك لاحظنا أنه حتى لو أصيبت هذه الفئات بالفيروس فإن الإصابات لديها تكون خفيفة.
• ما تزال الدراسات جارية لمعرفة «اللغز» وراء عدم تسبب كورونا في إلحاق ضرر بالأطفال كما نراه عند البالغين. إلى أين توصلت آخر الأبحاث في هذا الشأن؟
لحد الآن هناك فرضيات فقط، فهناك من يقول إن للأمر علاقة بتلقيح الأطفال و هناك من يربطه بالمناعة المكتسبة من الأمهات، لكن لا يوجد سبب واضح يفسر حقيقة أن الطفل يقاوم كورونا أكثر من البالغين.
• أثارت إصابة طفل بمرض «كاوازاكي» بالجزائر قلقا خلال الأشهر الماضية، خصوصا أنها تزامنت مع الجائحة. ما علاقة هذا المرض بكورونا؟
«كاوازاكي” التهاب في الأوعية الدموية و الصغيرة يعرفه المجتمع الطبي في الجزائر و العالم من قبل. قد ينتج هذا المرض عن تدهور ذاتي للمناعة للطفل، أو بسبب دخول فيروسات للجسم و من بينها طبعا فيروس كورونا، كما أنه غير مُعد بخلاف فيروس كورونا المستجد.
• ما هي أعراضه؟
عدم انخفاض درجة حرارة الطفل حتى لو شرب الدواء، وذلك لمدة تصل إلى أسبوع، احمرار العينين و الفم من الداخل و كذا اللسان، ظهور بقع حمراء على الجلد تشبه الحساسية، و انتفاخ الأيدي و الأرجل و احمرارها ثم تقشرّها.
• ماذا عن الكمامات، هل يجب إلباسها للطفل أم أنها تشكل خطورة عليه لاحتمال تعرضه لضيق في التنفس مثلما يحذر البعض؟
الآراء مختلفة بخصوص هذه النقطة تحديدا. بالنسبة لي أرى أن ارتداء الطفل الذي يقل عمره عن 3 سنوات للكمامة غير ضروري، لأنه في هذه السن يكون كثير الحركة ولا يعي النصائح الموجهة له فيلوث الكمامة، كما لا أعتقد أن القناع يمكن أن يسبب صعوبة في التنفس.
• رغم تحذيرات الأطباء والسلطات، ما يزال الكثير من الآباء والأمهات يتركون أبناءهم يلهون في الشارع مع أطفال وأشخاص آخرين قد ينقلون لهم العدوى. ما هي النصائح التي يمكن أن تقدمها في هذا الخصوص؟
فعلا، لاحظت أن بعض الأولياء يتركون أولادهم يلعبون مع أشخاص آخرين يوجد احتمال كبير أن يكونوا مصابين بكورونا. الأطفال هم من بين مسببات الانتشار الكبير لكورونا في بلادنا، كما أعتقد أن الخطر الكبير آت من الشباب حاملي الفيروس. أشاهد في الشارع أولياء لا يضعون هم أنفسهم الكمامة فكيف سيعي الطفل أهمية إجراءات الوقاية.
• لكن كما تعلم، العديد من العائلات الجزائرية تعيش في بيوت يقطن بها الجد والجدة والأعمام. كيف يجب التصرف في مثل هذه الوضعيات؟
لن يكون التصرف صعبا إذا حرص الأولياء على عدم ترك أبنائهم يخرجون للشارع و يحتكون بأشخاص مجهولين قد يحملون المرض، فينتقل إلى الأولياء الكبار في السن. عموما يجب ألا يكون هناك اتصال كبير بين الصغير وبين الجد و الجدة، ومن الأحسن أن يبقى بعيدا عنهما بمسافة متر إلى متر ونصف، مع غسل يديه بصفة دائمة.
• في حال أصيبت المرأة الحامل بفيروس كورونا، كيف يجب عليها التعامل مع المولود وما هي الاحتياطات التي يتعين عليها اتخاذها؟
يجب أن يكون التعامل طبيعيا وهذه من الأمور التي شددت عليها في صفحتي على موقع «فيسبوك». على الأم ألا تغير عادات الرضاعة الطبيعية ولا تتوقف عنها، وتمتنع عن وضع حليبها في قارورة ثم تقدمه للطفل. بالمقابل، على الأم غسل يديها باستمرار و المحاولة قدر المستطاع وضع كمامة عندما تكون شديدة القرب من المولود، كاحتياط في حالة السعال أو العطس.
• لكن هناك أمهات يخشين نقل الفيروس إلى مواليدهن عبر الحليب، ماذا تقول لهن دكتور؟
لحد الآن تقول الدراسات إن الفيروس حتى لو انتقل عبر الحليب فإنه ينتقل بنسبة خفيفة كما أنه لا يسبب خطورة على الطفل أكثر مما يمكن أن يحصل له في حال لم يحظ بالرضاعة الطبيعية.
• هل يمكن أن ينتقل كوفيد 19 من الحامل إلى الجنين؟
الدراسات أظهرت أن الفيروس ينتقل من الأم إلى الجنين في حالات نادرة عن طريق الدم.
• ما هي الأدوية التي يُسمح للحامل بتناولها لعلاج كورونا، دون إلحاق ضرر بالجنين؟
معلوم أنه لا يوجد لحد الآن علاج واضح لفيروس كورونا، لكن يمكن للحامل تناول المضادات الحيوية وكذلك الفيتامينات دون إفراط في هذه الأخيرة، إذ نرى حوامل يتناولن الفيتامين «سي» و منقوع الأعشاب والعصائر الطبيعية بصورة مبالغ فيها تجعل الجسم يحصل على الفيتامينات بأكثر من حاجته.
يمكن للحامل شرب الفيتامين “سي” و الزنك لكن بنسبة قليلة، وأنصح كطبيب بالتغذية الصحية فهي كافية لوحدها، من خلال استهلاك الخضر والفواكه، ونسبة معتدلة من الحليب واللحوم و تفادي الأغذية المصنعة.
• استحدثت صفحة على موقع «فيسبوك» يتابعها اليوم أزيد من 260 ألف مستخدم وتنشر فيها فيديوهات توعيوية بانتظام. ما الذي دفعك لخوض هذه التجربة؟
في الواقع، بدأت العمل التطوعي منذ 2010 مع فريق من المتطوعين، ثم أسست سنة 2017، جمعية اسمها “الأيادي المتضامنة” و التي كانت لها صفحة على «فيسبوك» كنا ننشر عبرها نصائح للمواطنين حول بعض الأمراض، ومن هنا قررت أن أوسع هذه الفكرة من خلال صفحة خاصة بي أقدم من خلالها نصائح حول الأمراض الشائعة لدى الأطفال، و كذلك عن الأمراض النادرة لكي أعرّف الموطنين بها وأساعد الصغار المصابين.
أنشأت أيضا بيت جمعية الأيادي المتضامنة المخصص للأطفال المرضى، و اليوم أصبحت هناك قاعات ألعاب و غرف للمطالعة و الدراسة ومطبخ، وحاليا نقوم بإنشاء حديقة، كما أعدنا تأهيل مصلحة أمراض سرطان الأطفال  بمستشفى سطيف وكذلك القاعة المخصصة للأطفال الذين يعانون من مشاكل حركية.
• لكنك تهتم أكثر بالأطفال مرضى السرطان
بالفعل، في البداية كانت نشاطات الجمعية مختلفة و تشمل حتى الأشخاص المسنين، لكن بما أنني طبيب أطفال، كنت أحتك مع الأطفال مرضى السرطان ولاحظت خلال الخرجات التي كنا نقوم بها، أنهم هم من يبقون  لمدة طويلة في المستشفى و ينتظرون دائما من يزورهم و يخفف عنهم.
أطفال السرطان يعانون 4 مرات، بسبب المرض، العلاج الصعب جدا، ثم بسبب الظروف التي يعيشونها وأيضا عندما يرون أولياءهم في حالة سيئة نتيجة مرضهم. لقد نسينا أنهم صغار أيضا ومن حقهم أن يلعبوا و يضحكوا كغيرهم.
• ما هي النصيحة التي توجهها للأولياء؟
يجب الحرص على الوقاية، من خلال حث الأطفال على التباعد الاجتماعي وغسل أيديهم باستمرار وعدم إيقاف الرضاعة الطبيعية. بعد ذلك يمكنهم أن  يلعبوا و يعيشوا حياتهم، إذ لا يجب للمرض أن يوقفنا عن ممارسة الحياة.
ي.ب

الرجوع إلى الأعلى