كال الدولي الجزائري السابق منصور بوتابوت، الكثير من المديح لزميله جمال بلماضي، واصفا إياه في حوار مع النصر بمهندس انتفاضة الخضر، وقال لاعب سيدان الأسبق إن الحديث عن طموحات «مجنونة» في مونديال قطر يبقى أمرا مشروعا، بالنظر لمستوى المنتخب الحالي، كما تطرق في حواره لعديد النقاط منها محرز القيادي وبن سبعيني المدافع الصاعد بقوة.
حاوره :مروان .ب
*غبت عن الأنظار منذ أن وضعت حدا لمشوارك الكروي، أين يتواجد بوتابوت الدولي السابق، وماذا يفعل الآن بالتحديد ؟
بداية مرحبا بكم وبكل الجزائريين، أنا بخير والحمد لله، خاصة وأنني بت مُتفرغا أكثر لعائلتي القاطنة بمدينة تولوز، وعن جديدي فقد مرت سنوات على تعليقي الحذاء، وأنا الآن أزاول دراستي وتكويني لنيل الشهادات التي تسمح لي بالعمل كمدرب، كما أحضر لنيل «ديبلوم» في إدارة الأعمال أو ما يسمى ب»المناجمنت»، كالذي بحوزة زميلي السابق في المنتخب الوطني عنتر يحيى، أنا كنت ولا أزال أعشق عالم كرة القدم وأرفض الابتعاد عنه بأي شكل من الأشكال، وبالتالي لدي أهداف تتمثل في العمل كمدرب أو إداري، وأنا مستعد الآن للقدوم إلى الجزائر، في محاولة لمساعدة أنديتنا التي تفتقد للتسيير المحكم، رغم حيازة البعض منها على إمكانات لا بأس بها، ولكن غياب الأشخاص ذوي الكفاءة حال دون الوصول إلى الأهداف المرجوة.
روح المنتخب تعكس شخصية الناخب الوطني
*لنعد بك إلى مشوارك الدولي والتجربة التي خضتها مع الخضر، كيف تقيمها بعد مرور سنوات عن دفاعك عن الألوان الوطنية ؟
المنتخب الوطني ذكرى جميلة سأظل أحتفظ بها، كيف لا والأمر يتعلق بالدفاع عن ألوان بلدي الأصلي، لقد كانت لحظات رائعة جدا، رغم المطبات الكثيرة، وتشرفت كثيرا بإسعاد عائلتي الكبيرة بالجزائر، ولو أن الظروف لم تسمح لنا آنذاك بالتألق، في ظل الأوضاع الكارثية للاتحاد، أين كنا نفتقد أدنى الإمكانيات مقارنة بالجيل الحالي الذي تم توفير له كل شيء، لقد لعبت مع الخضر عدة لقاءات، كما شاركت في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس، وحققنا مشوار رائعا، وكنا الأقرب للوصول إلى الدور نصف النهائي، لولا ما حدث لنا في آخر اللحظات أمام المنتخب المغربي الشقيق، صدقوني تلك البطولة أتذكر أدق تفاصيلها، كوننا كنا نشكل أسرة رائعة، تضم خليطا من اللاعبين المحليين والمغتربين، ونحن لا نزال لحد الآن في تواصل دائم، وأقصد العلاقة الرائعة التي تجمعني بعنتر يحيى وبلماضي وزياني وشراد والبقية، وهو جيل كان بمقدروه أن يقدم الكثير للكرة الجزائرية، لو وفروا له الظروف الجيدة كما هو الحال الآن.
الحديث عن طموحات «مجنونة» في المونديال أمر مشروع
*ما رأيك في الجيل الحالي والنتائج التي يحققها تحت إشراف جمال بلماضي ؟
كما قلت لكم آنفا، الجيل الحالي محظوظ بامتلاكه كافة الإمكانيات، وهو ما سمح لأشبال بلماضي بالتتويج بنهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، حتى وإن كنت متأكدا بأن المستويات مختلفة، فالأسماء التي تشكل المنتخب الحالي أكثر مهارة، بدليل أن جلها متخرج من المدارس الفرنسية المعروفة بالتكوين الجيد، كما أن الغالبية تنشط بفرق كبيرة في أوروبا، على عكس الفترة التي دافعت فيها على الخضر أين كان العناصر المغتربة تنشط بفرق متوسطة، على العموم هناك اختلاف كبير، كما لا يجب أن نتجاهل دور المدرب جمال بلماضي، فلولاه ما رأينا الجزائر فوق منصة التتويج في دورة مصر، ويكفي أنه نجح في ظرف وجيز في انتشال المنتخب من القاع إلى القمة، هذا المدرب أعرفه جيدا كونه لعب معي في المنتخب وشخصيته لم تتغير، فلطالما كان قياديا ولا يحب الانهزام، وهو ما انعكس على المنتخب، الذي اكتسب قوة كبيرة مكنته من البصم على نتائج تاريخية، بدليل أنه لم يتذوق مع الخضر طعم الخسارة ل20 مباراة متتالية، وهو رقم غير عادي، بالنظر لما كان يعيشه الخضر قبل سنوات قليلة، أي في فترة ماجر وألكاراز وليكنس وراييفاتس، على العموم نحن نفتخر بمنتخبنا الحالي، كونه أهدانا أغلى الألقاب، ولم يكتف بهذا بل ظل يرسم البسمة على وجوهنا إلى حد الآن.

*لعبت إلى جانب بلماضي، ماذا يمكن أن تضيف لنا حول هذا المدرب؟
أجل، كان لي الشرف أن زاملته في المنتخب، كما أن علاقتي به لا تزال متواصلة، وأنا سعيد بالعمل الجبار الذي يبصم عليه، فهو لطالما حلم بقيادة الخضر، وعمل كثيرا ليكون مستعدا لهذه التجربة، بدليل النجاحات التي حققها في قطر، لقد استطاع تشكيل منتخب لا يقهر قوامه المنافسة الشرسة على المناصب، وهو الأمر الذي وقفنا عليه خلال آخر مباريات للخضر.
*كيف وجدت أداء رفاق بن ناصر في وديتي نيجيريا والمكسيك ؟
كما هو متداول الآن، طلبنا من بلماضي عند قدومه تشكيل منتخب واحد قوي يدافع عن الألوان الوطنية بشراسة، فأهدانا ثلاث تشكيلات رائعة، وأقصد تلك التي خاضت نهائيات كأس أمم إفريقيا بمصر وتوجت باللقب الذي طال انتظاره، فضلا على الفريق الذي أطاح بتانزانيا بثلاثية كاملة في ذات البطولة، وصولا إلى العناصر التي أسالت العرق البارد لنيجيريا في النمسا، فرغم التغييرات الكثيرة التي أجراها بلماضي، لم نشعر بأي اختلاف في طريقة وأسلوب اللعب، وهو ما يؤكد العمل الجبار الذي يقوم به هذا المدرب، على العموم، استمتعت كثيرا بمتابعة وديتي نيجيريا والمكسيك، خاصة المباراة الثانية أين أكملنا اللقاء بتعداد منقوص، غير أن لا أحد أحس بذلك، بل على العكس أجبرنا المنافس على الاحتفال كثيرا بهدف التعادل الذي سجله في آخر الدقائق، شكرا لبلماضي على ما أوصلنا إليه، حيث جعلنا نقارع المنتخبات العالمية، التي ستكون مجبرة على أن تحسب لنا ألف حساب مستقبلا، خاصة إذا ما ضمنا مشاركتنا في مونديال قطر.
أسير على خطى عنتر يحيى وجاهز للعمل في الجزائر
خيار عوار رياضي وهو كاذب عندما «أشرك» كلمة القلب !
*ماذا تقول لنا عن القائد رياض محرز وما يقدمه مع الخضر منذ قدوم بلماضي؟
سؤالكم وجيه وإلا لما حددتم فترة معينة فقط، وهنا أبدأ حديثي عن محرز منذ ظهوره الأول في مونديال 2014، أين كان لا يزال شابا، وأمامه الوقت للانسجام والتطور أكثر، ولكن مع مرور الوقت، اتفق الجميع على القيمة الفنية الكبيرة لهذا اللاعب، ولو أنه مر بفترات عصيبة مع المدربين السابقين، كونهم لم يحسنوا استغلال مؤهلاته، فضلا على أن خطابهم لم يكن يصل إليه بشكل جيد، لتتغير الأمور بشكل كلي بقدوم المدرب بلماضي الذي أعطانا نسخة رائعة لمحرز الذي ساهم بقسط وافر في تتويج مصر، خاصة بعد مخالفته الرائعة في مرمى نيجيريا، والتي قادتنا لنهائي «الكان»، دون أن ننسى أهدافه في مرمى كل من كينيا وغينيا وكذا تمريراته الحاسمة على مدار البطولة ككل، على العموم، رياض لاعب من طينة الكبار، ويكفي أنه ينشط بأحد أفضل الفرق في أوروبا، وأقصد مانشستر سيتي الانجليزي، الذي يضم في صفوفه خيرة اللاعبين في العالم، ولذلك نحن ننتظر الكثير منه عند قدومه للمنتخب، وأعتقد بأن رياض لا يبخل علينا بشيء، بدليل أهدافه الرائعة في مرمى كولومبيا، إضافة إلى هدفه في مرمى المكسيك، ومثل هذه الأهداف لا يسجلها غيره، وهي باتت تُنسب إليه.  
خيار عوار رياضي وهو كاذب عندما «أشرك» كلمة القلب !
*رغم كل ما يقدمه محرز، إلا أن وضعيته في السيتي ليست على أحسن ما يرام، لماذا من وجهة اعتقادك ؟
قلت لكم بأن محرز ينشط ضمن أحد أفضل الفرق في العالم، وبالتالي المنافسة كبيرة جدا على المناصب، حتى وإن كنت لا أشاطركم الرأي، على اعتبار أن المدرب غوارديولا يثق كثيرا في مؤهلات قائد منتخبنا، بدليل أنه يشركه بانتظام منذ الموسم الماضي، ويريحه في بعض المناسبات مجبرا، على العموم نتمنى حظا موفقا لمحرز الذي استطاع أن يشق طريقه نحو النجاح رغم المصاعب الكثيرة التي صادفته، ونحن نفتخر بامتلاكنا لاعبا بمواصفاته.
*كيف ترى مستقبل التشكيلة الوطنية، وهل من حق الجمهور الرياضي، أن يحلم بمشوار كبير في مونديال قطر 2022 كما سبق أن صرح بلماضي؟
المنتخب الوطني تطور بشكل مذهل، وأكد بأن تسيّده القارة السمراء لم يأت من محض الصدفة، كما أن مُجاراته لكبار المنتخبات العالمية، يجعلنا نحلم بالكثير في مونديال قطر، حتى وإن كان الحديث عن ذلك سابق لأوانه، على اعتبار أن التصفيات المؤهلة لم تنطلق بعد، ولو أن مجموعتنا تبدو في المتناول، في ظل وقوعنا إلى جانب كل من بوركينافاسو والنيجر وجيبوتي، على العموم بلماضي يعرف عمله جيدا، وإن قال شيئا مشابها، ما علينا سوى أن نسانده، كونه قادر على صنع العجب بهذا الجيل المتميز.

*نشرت صورة لك مع المدافع الدولي رامي بن سبعيني، كيف تقيم مستواه، وهو الذي فاجأ الجميع بتطوره الكبير، إلى درجة أنه بات من أعمدة المنتخب الوطني ؟
الصورة تعود إلى ثلاث سنوات خلت، بعد أن التقيته بمدينة رين بواسطة صديق لي يلعب إلى جانبه، أين أهدى ابني قميصا أسعده كثيرا، وأنا بالمناسبة أجدد تشكراتي لرامي الذي لم يفاجئني تطوره المذهل، كونه يحوز على إمكانات كبيرة جدا، هو الآن من أفضل لاعبي المنتخب الوطني، ويكفي أنه صاحب هدف الانتصار في لقاء نيجيريا، كما أنه صاحب التمريرة الحاسمة في الهدف الثاني الذي سجله محرز في لقاء المكسيك، أنا فخور لما يبصم عليه سواء مع الخضر أو ناديه الألماني، وإن واصل بهذا المستوى أنا على يقين بأنه سيظفر بعقد احترافي أكبر.
بن سبعيني شرف ابني بقميصه وأتنبأ له بمفاجآت جديدة
*لنتحدث الآن عن تعيين صديقك مجيد بوقرة على رأس المنتخب المحلي...
لا يختلف اثنان في حب وتعلق مجيد بالجزائر، وأنا على يقين بأنه لن يبخل على المحليين بشيء، وسيحاول جاهدا أن يقودهم نحو المنتخب الأول، خاصة في ظل الثقة التي يحظى بها من قبل بلماضي، الذي ضمه إلى طاقمه خلال التربص الأخير، صحيح أن مجيد لم تكن تجربته الأخيرة في عالم التدريب ناجحة، بعد العراقيل التي صادفته مع نادي الفجيرة الإماراتي، ولكن هذا الشخص يمتلك من المؤهلات، ما يسمح له بتشكيل منتخب قادر على تشريف الجزائر أيضا، كما هو الحال بالنسبة للمنتخب الأول.
*قضية أسالت الحبر كثيرا مؤخرا، وتتعلق بتفضيل حسام عوار المواصلة مع المنتخب الفرنسي، ماذا يمكن أن تقول لنا بخصوص اختيارات مزدوجي الجنسية، خاصة وأنها باتت تأخذا حيّزا هاما من اهتمامات الجماهير الجزائرية؟
عوار كاذب، إن قال أن اختياره هو اختيار القلب، لأن الانتساب إلى  «الديكة» يعود لأسباب رياضية بحتة، كما حدث مع كل من بن زيمة وناصري وكمال مريم، فهؤلاء فضلوا المنتخب الفرنسي، في ظل اقتناعهم بأنه طريقهم نحو نجاح أكبر في مسيرتهم الرياضية، لأن جميعنا يعلم بأن صفة دولي فرنسي، كفيلة بالسماح لأي لاعب بالانضمام لأي نادي كبير، على عكس صفة دولي جزائري، التي تفرض على لاعبنا أن يكون أفضل بكثير، حتى وإن اختلت الأمور قليلا في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحنا نمتلك لاعبين ينشطون في مستويات عالية، مثل بن ناصر في الميلان ومحرز في السيتي، ولكن ذلك لم يكن بالسهولة التي يعتقدها البعض، علينا أن نقر بأن أبناءنا في المهجر متعلقون ببلد الأجداد، ولكن هناك أمور تدفعهم أحيانا للبقاء مع فرنسا.
بلماضي «أخرج» بروعة نسخة محرز الفعال

*رئيس الفاف السابق روراوة كان له الفضل في خطف عدة مواهب من فرنسا، في شاكلة بن ناصر وبن رحمة ووناس، ما رأيك فيما كان يقوم به، مقارنة بسياسة الاتحادية الحالية التي تمتلك استراتيجية مغايرة تماما؟
معرفتي بروراوة جيدة مقارنة بزطشي، الذي لم تكن لي الفرصة أن التقيه، وبالتالي سأكتفي بالحديث عن «الحاج»، الذي قدم الكثير للمنتخب الوطني، حيث أعاده إلى الواجهة من جديد بالتأهل إلى مونديالي جنوب إفريقيا والبرازيل، وكل هذا بفضل قانون الباهاماس الذي كان وراء سنه، على العموم منتخبنا بحاجة إلى كل من لديه الرغبة في تمثيله، سواء كان محترفا بأوروبا من أبنائنا بالمهجر أو العناصر المحلية، التي تمتلك المستوى الذي يرشحها للدفاع عن الخضر، أنا واثق بأنه مع بلماضي سيكون كل شيء على ما يرام، حتى أنني متفائل كثيرا بعد رسائله الأخيرة إلى المغتربين.
*ما هي رسالتك إلى الشعب الجزائري في هذه الأوقات العصيبة في ظل عدم زوال وباء كورونا ؟
الحمد لله أن الأوضاع في الجزائر أفضل بكثير مما هو موجود بعديد بلدان العالم، أين استطاعت حكومتنا التحكم في هذا الوباء، بدليل أن الأرقام لا تستدعي الخوف، ولكن على شعبنا أن يواصل التحلي بالحكمة والرزانة، للمساهمة في إنقاذ الأرواح، أنا أتمنى كل الخير لأبناء بلدي، كما أن قلبي معهم في هذا الظرف، خاصة وأن والداي هناك، كونهما يقطنان بالجزائر.
م/ب

الرجوع إلى الأعلى