مظاهرات 17 أكتوبر  تركت بصمة في الثورة وبيّنت تلاحم الجزائريين
 أكد المؤرخ والأكاديمي محمد الأمين بلغيث، أمس، أن  مظاهرات 17 أكتوبر تعد من بين المحطات التي تركت بصمة في الثورة الجزائرية، و بيّنت تلاحم الجزائريين داخل وخارج الوطن، وقال إن الهجرة الجزائرية كانت سباقة في الوعي السياسي و ساهمت مساهمة كبيرة جدا في تمويل الثورة التحريرية بالأموال وتشجيع الجزائريين من مختلف المستويات الاجتماعية على الالتحاق بالثورة.
النصر :  تحيي الجزائر اليوم ذكرى مظاهرات 17 أكتوبر 1961 والتي كانت من أهم المحطات في تاريخ الثورة،  ارتكبت خلالها فرنسا الاستعمارية جرائم  في حق  جزائريين أبرياء عزل تظاهروا سلميا، ماذا تقولون في هذا الشأن؟  
محمد الأمين بلغيث: الذكرى تزامنت مع وضع عالمي جديد يتعلق بما أحدثته كورونا كوفيد   19 في جميع أنحاء العالم، حيث تأثر العالم تأثرا كبيرا على المستوى الاجتماعي والثقافي والصحي والديموغرافي، حيث تجاوزت الوفيات المليون في العالم ، وهناك الملايين المصابين بهذا المرض، في هذه الظروف والمحيط تحتفل الجزائر بيوم الهجرة 17 أكتوبر 1961 ، كما أن الاحتفال بهذه الذكرى هذا العام مميز جدا، لأنه يوجد نوع من صحوة الضمير عند النخب السياسية والثقافية الفرنسية، حيث طالبوا في أكثر من مظاهرة وفي أكثر من عمل احتجاجي في باريس، أولا من أجل اعتراف فرنسا بجرائمها في التفجيرات النووية التي حدثت ذات يوم في 13فبراير 1960 وأيضا السعي من أجل تنقية وتنظيف المكان والمحيط الذي قامت فيه فرنسا بتجارب نووية تفوق 3 إلى 4 مرات قنبلة هيروشيما ونكازاكي، وهذا يعتبر صحوة ضمير، رغم أنني أتخوف من الفرنسيين، لأنهم لا يطالبون بشيء لصالح الجزائريين إلا ومن ورائه شيء ما ، قد يكون تجسس أو معرفة مدى آثار التفجيرات النووية بعد سنوات، حوالي 6 عقود، على البيئة ، الماء ، الحيوانات ، الإنسان .
واليوم يحتفل الجزائريون بذكرى يوم الهجرة ، هذه الذكرى المتميزة  التي عبرت عن أمرين، أولا  عبرت على أن الهجرة كما كانت من مطلع القرن ال20 سباقة في الوعي السياسي، لها قدرة على الاستفادة من وعي الشعوب المتحضرة ولها القدرة على الاحتكاك بالشعوب التي تعاني مما عانته الجزائر كالفيتناميين والسوريين واللبنانيين ،  والأمر الثاني، أن الهجرة الجزائرية و للأمانة والتاريخ ولا أبالغ، أنها ساهمت مساهمة كبيرة جدا في تمويل الثورة بالأموال وتشجيع الجزائريين من مختلف المستويات الاجتماعية على الالتحاق بالثورة، كما فعلت مع الرياضيين وكل الشخصيات التي كانت تدخل الفرحة على الفرنسيين في الفرق الرياضية  والذين كانوا وراء تأسيس فريق جبهة التحرير .
كما أن الهجرة، كانت أقرب إلى النخب اليسارية والرافضة للظاهرة الاستعمارية، مما أدى إلى التعجيل بالاستفادة من شخصيات متميزة جدا ساندت الثورة، مثل حملة الحقائب أو شبكة جونسون التي كانت قد ساعدت جبهة التحرير في نقل الأموال من فرنسا إلى بلجيكا أو سويسرا أو هولاندا أو ألمانيا  وإيطاليا وبعد ذلك إلى تونس أو القاهرة  أو إلى أي مكان يمكن أن تسلم فيه هذه  الأموال والتي كانت هي الوسيلة المتميزة، بالإضافة إلى الأموال التي كانت تتبرع بها الدول العربية من أجل شراء السلاح .
النصر: مظاهرات 17 أكتوبر 1961 محطة سوداء في تاريخ فرنسا الاستعمارية،  كما أنها بيّنت تلاحم الجزائريين، ما ذا تقولون بهذا الخصوص؟
محمد الأمين بلغيث: مظاهرات 17 أكتوبر 1961  في المتروبول، لم تفرج السلطات الفرنسية المدنية والعسكرية إلى اليوم عن وثائقها وملفاتها، رغم أن القانون يقول إنه بعد سنة يفترض أنه يفرج عن الملفات حول ما وقع في 16 و17 و18 أكتوبر 1961 ، مثلما يفترض أنه هذا العام ستفرج عن الوثائق والملفات المتعلقة بالتفجيرات النووية التي حدثت في 13 فبراير 1960 حسب القوانين الداخلية الفرنسية.
وتدخل مظاهرات 17 أكتوبر في سياق العمل الشعبي الكبير الذي عرفته الجزائر تقريبا من مظاهرة الأغواط إلى مظاهرات الجزائر العاصمة ، وعين تموشنت و تلمسان والبليدة في  1960 وبعدها جاءت مظاهرات 17 أكتوبر 1961 والتي بينت تلاحم الجزائريين داخل وخارج الوطن
النصر : ما هو المغزى من الاحتفال اليوم بذكرى  مظاهرات 17  أكتوبر 1961؟
محمد الأمين بلغيث: الاحتفالات بالمواسم الدينية والأعياد والمناسبات الوطنية، هو دائما لتذكير الجزائريين، ألا ينسوا تاريخهم ومحطات تاريخ الجزائر عبر العصور، وطبعا أنه من بين المحطات التي تركت  بصمة في الثورة الجزائرية  هي مظاهرات 17 أكتوبر  1961 ، لذلك يجب التأكيد من طرف المحاضرين و الإعلامين والصحفيين  في مختلف الوسائل الإعلامية، المرئية والسمعية والمقروءة  أن يقوموا على شحن الجزائريين بهذه الثقافة التاريخية ، صحيح أن هناك تذمر ومشاكل اجتماعية وظروف خاصة بالشباب، لكن علينا ألا ننسى أنه من واجبنا أن نتذكر هؤلاء الرجال والنساء  والفتيات والفتيان الذين ضحوا ذات يوم وألقي بجثامينهم الطاهرة في نهر السين .
ويجب أن لا نسمح للفرنسين، ونذكر أبناءنا يوميا أن هؤلاء قتلوا منا 10 مليون من سنة 1830 إلى 1962 ، ويجب أن لا ننسى أنهم في مظاهرة سلمية بسيطة جدا، كان فيها الجزائريون، نساء ورجال وفتيات وفتيان ولا يملكون أي سلاح ومع ذلك قتلوا بقمع أكبر جزار للشرطة الفرنسية  المجرم موريس بابون .
مراد -ح

الرجوع إلى الأعلى