يرى عالم البيولوجيا و الفيروسات، البروفيسور يحيى شبلون، أن الجزائر تعيش الموجة الثانية من الجائحة منذ شهر أكتوبر، و يُبدي حذرا بخصوص لقاح «فايزر» المعلن عنه مؤخرا، حيث يؤكد أن جميع المعطيات العلمية لم تتوفر حوله بعد، لاسيما أنه «لا يحمي من الإصابة»، ليضيف الباحث الجزائري، أن التجارب السريرية الخاصة بلقاحه المضاد لجميع الفيروسات التاجية، و الذي يشتغل عليه بمخبره في جامعة غرونوبل الفرنسية، قد تبدأ العام المقبل، كما يتطرق إلى نقاط أخرى تطالعونها في هذا الحوار مع النصر.
حاورته: ياسمين بوالجدري
rطرأت على فيروس كورونا طفرات جينية جعلته أقل خطرا في الفترة الأخيرة وفق ما أكده علماء. هلا شرحت لنا آلية هذه التحولات؟
لست متأكدًا من أن الفيروس صار أقل خطورة، فهو يتطور بشكل أسرع من الفيروس الأصلي. من المؤكد أن انخفاض معدل الوفيات الذي لوحظ يرجع إلى الطبيعة المختلفة لتكوين السكان المصابين، فمن قبل أصيب بكوفيد 19، العديد من كبار السن و الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مثل مشاكل القلب و مشاكل الجهاز التنفسي، السمنة و السكري، و الآن أصبح الفيروس ينتشر بشكل رئيسي وسط  الفئات العمرية الأصغر سنا و التي لم تتعرض من قبل لمشاكل صحية كثيرة.
التطعيم قد يُسرع في ظهور طفرات أكبر
rرغم تضارب الآراء العلمية بين كون ما نعيشه اليوم موجة أولى أو ثانية، إلا أن هناك اتفاقا على حدوث ذروة جديدة في الإصابات. ما الذي حصل بالضبط؟
في الجزائر، نعيش حاليا موجة ثانية للوباء منذ نهاية شهر أكتوبر، لكنها أقل حدة مما هو مسجل بالعديد من البلدان الأخرى، لأن الحدود مغلقة و أيضا لعدم وجود حركة للسياح أو الأشخاص القادمين من أوروبا و الولايات المتحدة و غيرها.
الفيروس المتحور الذي ظهر في إسبانيا والذي يحمل اسم 20A.EU1، موجود بنسبة تصل إلى 80 بالمئة في أوروبا و الولايات المتحدة لأنه اكتسب سرعة انتشار أسرع من السلالة الأصلية التي جاءت من ووهان الصينية.
rفي مواجهة هذا الوضع، ما هي الاحتياطات الجديدة التي ينبغي على شعوب و حكومات العالم اتخاذها؟
حكومات معظم البلدان نفذت بالفعل تدابير جديدة تتراوح من إعادة الحجر إلى ارتداء الأقنعة الإجبارية و إغلاق الأماكن العامة بما في ذلك المدارس و الجامعات و ما إلى ذلك.
rمتى تتوقع أن يكون لقاح «فايزر» المُعلِن عنه حديثا، جاهزًا للاستخدام؟
ما قامت به «فايزر» يعتبر بالتأكيد تقدما غير مسبوق نظرا للسرعة التي تم بها تطوير هذا اللقاح الجديد، لكن في الوقت الحالي ليست لدينا الكثير من البيانات العلمية اللازمة حول فعالية اللقاح و سلامته بصرف النظر عن الإعلانات الصادرة عن دوائر الاتصال الخاصة بالشركات و كذلك العدد القليل جدًا من الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح.
الصحة العالمية أوصت باعتماد «ديكساميثازون» ومضادات التخثر
ما يجب أن نعرفه أيضًا هو أن لقاح «فايزر» ليس لقاحًا مثل أي لقاح آخر يمنع الفيروس من دخول الجسم، بل هو يقلل من خطر الإصابة بمرض كوفيد 19. لذلك يجب الحذر لأننا لا نعلم  ما هي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأشخاص اللذين لديهم تاريخ من الأمراض. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا اللقاح يتطلب جرعتين بفاصل 3 إلى 4 أسابيع، و بالتالي فإننا لسنا محصنين بين الحقنتين و خطر الإصابة يبقى بذلك قائما. في الوقت الحاضر لا نعرف المخاطر المحتملة لهذا اللقاح.
إضافة إلى ذلك، فإن إحدى المشاكل الرئيسية لهذا اللقاح هو أنه يتطلب درجات حرارة منخفضة للغاية لنقله و تخزينه، تقل عن 70 درجة مئوية، بالمقابل، قلة قليلة من البلدان لديها هذا النوع من المجمدات تحت تصرفها لنقل اللقاحات و الاحتفاظ بها حتى الاستخدام. أحد المنافسين المباشرين لشركة “فايزر” و الذي ينتج نفس النوع من اللقاح، قال إن تركيبة ذات فعالية مماثلة طورها أيضا، تتطلب فقط النقل و التخزين في ثلاجة من النوع المنزلي.
rماذا عن باقي اللقاحات، لماذا لا يسمع الرأي العام العالمي الكثير من التفاصيل عنها؟
ما تزال معظم نماذج اللقاح الأخرى في مراحل التجارب السريرية أو ما قبل السريرية. ما يجب ذكره هنا، هو أنه في الأوقات العادية تستغرق هذه الاختبارات ما لا يقل عن عشر سنوات من أجل ضمان الفعالية و خاصة أيضًا سلامة اللقاحات على المدى القصير و المتوسط ​​و الطويل، لكن في حالات الجائحة كالتي نعيشها اليوم، تم تقليص هذه المدة بشكل كبير حتى نتمكن من مكافحة انتشار الفيروس بسرعة كبيرة.
«كوفيد 19» اكتسب سرعة الانتشار في إسبانيا
rألا تعتقد أن الطفرات والتحولات التي تحدث في الفيروس ستحد من فعالية اللقاح، خصوصا أن تسويقه لجميع دول العالم سيستغرق وقتا؟
بالفعل، قد لا يكون اللقاح الحالي كافياً للحماية من الفيروس المنتشر حالياً و في نفس الوقت الحماية من أي طفرات ستظهر خلال الفترة التي تسبق التغطية الكاملة. لا يُستبعد أيضا أن التطعيم سيسرع من ظهور الطفرات بأعداد أكبر لأن اللقاح كما أشرت سابقًا، لا يمنع الإصابة بالفيروس بل الإصابة بالمرض.
إضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتحور الفيروس أكثر بين الجرعتين عندما تكون المناعة غير قوية بالشكل الكافي. في الوقت الحالي ليست لدينا بيانات تسمح لنا بالإجابة على عدد كبير من الأسئلة، و هي بيانات ستكون متاحة بالتأكيد في نهاية التجارب السريرية وأيضًا بعد التطعيمات الأولى للسكان المعرضين للخطر.
rإلى أين وصل اللقاح النموذجي الذي تقومون بتطويره ضد فيروس كورونا على مستوى مخبركم بجامعة غرونوبل الفرنسية؟
اللقاح الذي نطوره مختلف تمامًا لأنه على عكس اللقاحات التي يتم تطويرها حاليًا ضد كوفيد 19، سيكون مضادا لجميع فيروسات كورونا حتى ضد تلك التي لم تظهر بعد. الصعوبة التي واجهتها هي أنه في فرنسا من الصعب للغاية إنفاق الأموال كما حدث في الولايات المتحدة للتحرك بسرعة كبيرة و اختبار عدة نماذج أولية في نفس الوقت.
rمتى تعتقد أن لقاحكم سيكون جاهزا؟
من الصعب تحديد تاريخ محدد لذلك، لكن نأمل في إجراء تجارب إكلينيكية سنتي 2021 و 2022.
rقلتم في حوار سابق مع النصر، أنكم بصدد العمل على علاج مبتكر ضد “كوفيد 19” سيكون من الممكن استخدامه ضد العديد من الأمراض. ما جديده؟
هناك أيضًا تقدم في هذا العلاج، لكن لدينا منافسون يحاولون وضع استراتيجيات مماثلة! الأفضل و الأسرع هو من سيفوز.. إنه قانون البحث العلمي!
الأمراض المعدية هي الحرب الأشد ضراوة ضد الإنسانية
rهل توجد في الأفق أدوية أخرى سيتم اعتمادها لعلاج كورونا بعد «الهيدروكسي كلوروكين» و «رمديسيفير»؟
لقد منعت منظمة الصحة العالمية استخدام هذين الدوائين في العلاج ضد فيروس «كوفيد 19»، لأن العديد من الدراسات خلصت إلى أنهما غير فعالين، والأسوأ من ذلك أنهما قد يرتبطان بارتفاع معدل الوفيات وسط المصابين الذين يعانون من قبل من أمراض القلب. إلى حد الساعة، العلاج الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية هو تقديم “ديكساميثازون” للمريض مع مضادات التخثر و الفيتامينات لتعزيز المناعة. في الولايات المتحدة، سيتم البدء في استخدام مزيج من الأجسام المضادة التي تنتجها شركة أدوية، حيث تم حقنها في الرئيس دونالد ترامب لدى إصابته بالعدوى.
اللقاح الذي أعمل عليه مضاد لجميع فيروسات كورونا
rما هي توقعاتك بخصوص مستقبل الأزمة الوبائية؟
على الصعيد العالمي، آمل أن تدرك الدول أن الأمراض المعدية ما تزال هي الحرب الأشد ضراوة ضد الإنسانية، و بأن الالتزام بالقواعد و الأنظمة الدولية ضروري للغاية من أجل تقليل ظهور هذا النوع من مسببات الأمراض.
آمل أيضا أن تتعلم دول مثل الجزائر، وضع النظام الصحي على نفس مستوى الحاجة الغذائية، سواء من حيث الجودة أو السلامة، كما أتمنى أن تقيم هذه البلدان استثمارات بشكل مختلف عما كان معمولا به سابقا، لتطوير تعليم جيد على حساب الكم، قصد تطوير البحث العلمي القادر على التعبئة في حالات الأوبئة و الجوائح.
لقاح «فايزر» يقلل خطر الإصابة لكنه لا يمنع دخول الفيروس
rهل ستتغير نظرة العالم لكيفية التعامل مع الأوبئة والفيروسات بعد هذا الوباء؟
للأسف أنا متشائم في هذا الصدد، لأن إدارة العالم الحالي في العديد من البلدان، تهيمن عليها الشركات والبنوك الكبيرة و شعارها «تحقيق الأرباح» و تشجيع الاستهلاك المفرط و تعديل النظام البيئي. في ظل هذه الظروف، سنعيش في مرحلة ما بعد الجائحة، سباقا مرة أخرى على كل هذا.                          ي.ب

الرجوع إلى الأعلى