يعتبر الدكتور أحمد بوقردون المختص في أمراض الصدر و الحساسية، ، أن الوضعية الوبائية الحالية تعتبر امتدادا للموجة الأولى، ويتوقع انخفاضا في عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا خلال فصل الشتاء، كما أوضح الطبيب في حوار للنصر، أن مرضى السكري معرضون لمضاعفات خطيرة دون غيرهم من المصابين بالأمراض المزمنة، محذرا من استخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب لما تشكله من خطر.
حاوره: حاتم بن كحول
شهدت الجزائر ارتفاعا في الإصابات و الوفيات بسبب كورونا خلال الأسابيع الماضية، هل يمكن القول إننا عشنا موجة ثانية من الوباء؟
لا أظن ذلك، نعيش حاليا امتدادا للموجة الأولى، ولا يمكن القول إنها موجة ثانية بما أن الوباء لم يزل نهائيا، كما أننا لم نسجل 0 حالة من قبل.
تزايد الحالات ببلادنا سببه التهاون
لكن لماذا عرف الفيروس انتشارا أسرع وحصد أكبر عدد من الوفيات منذ بداية الجائحة؟
لا نملك الخارطة الجينية للفيروس، أظن أن الجينات هي نفسها، وسبب الانتشار السريع، هو تهاون المواطنين في تطبيق الإجراءات الوقائية، حيث ظن الجميع أن الفيروس قد زال بمجرد انخفاض عدد المصابين، وخاصة بالمحيط على غرار العائلات و الأصدقاء، كما ملوا من البروتوكول الصحي والحجر المنزلي.
كأخصائي ممارس في عيادتك الخاصة بقسنطينة، ما الذي لاحظته بخصوص مجال انتقال العدوى، سيما بالنسبة للمسنين الذين يشكلون نسبة كبيرة من الحالات المعقدة؟
نستقبل في عيادتنا الخاصة أهل أو أقارب المريض أولا، ونسألهم إن كانوا قد عانوا من قبل من أعراض كوفيد 19، ويتم إخطارنا أنهم أصيبوا بزكام بسيط من قبل، في حين أن الأمر يتعلق بفيروس كورونا الخطير والقاتل لأوليائهم المسنين، حيث يسبب نقص الأكسجين في الدم بالنسبة للمسنين، الذين يرفض بعضهم البقاء في المنازل ويتنقلون إلى الأماكن العامة، كما لا يطبقون الإجراءات الوقائية بسبب ذهنياتهم.
مسنّون ذهبوا ضحية تهوّر  شباب عائلاتهم 
نفهم من كلامك أن الأعراض لا تكون أكثـر حدة بالنسبة لفئة الشباب؟
نعم، الشباب الأقل من 45 سنة لا يعانون من مضاعفات خطيرة عكس المسنين لأن مناعتهم أقوى بكثير، ولكنهم ينقلون العدوى.
على ذكر المسنين، ما هي  الفئة العمرية الأكثـر عرضة للإصابة بهذا الفيروس؟
أغلب الحالات التي نستقبلها تتراوح أعمارها بين 55 إلى 60 سنة، أما ذوي الأمراض المزمنة، فيمكن القول إن المصابين بالسكري والذين يعانون من سمنة مفرطة هم الأكثر توافدا، ثم المصابون بأمراض القلب والصدر، وأظن أن حالات السكري تكون أكثر تعقيدا من غيرها، أما بخصوص الشباب فجلهم يطلب البروتوكول العلاجي دون أن يجروا الفحوصات اللازمة، ربما بسبب ارتفاع أسعار التحاليل، ومعظمهم يتعافون ولكن وجب أن يلتزموا بعزل أنفسهم عن أقربائهم المسنين.
يقول أطباء إن مضاعفات كورونا على المدخنين خطيرة، هل كل مدخن معرض للخطر ؟
المدخنون لهم خاصية إيجابية وأخرى سلبية، الإيجابية تترجم من خلال الإحصائيات التي قمنا بها إذ وجدنا أنهم أقل تعرضا للوباء مقارنة بالمصابين بالسكري أو بقية الأمراض المزمنة، والسلبي أنهم في حال  تأكد إصابتهم بكورونا فسيواجهون مشاكل صحية ويكونون عرضة للخطر، وخاصة إذا كانوا مصابين بالتهاب القصبات الهوائية والتي لا يعلم عنها العديد منهم.
تشخيص «سكانير» قد يخطئ لهذه الأسباب
هل كل مصاب بمرض مزمن  معرض للعدوى أكثـر؟
مرضى السكري يواجهون صعوبة كبيرة في مقاومة الفيروس، حيث يسهل إصابتهم بالوباء مقارنة بمرضى الصدر والحساسية والقلب، وربما هذا راجع لجينات كوفيد 19.
كيف يمكن تحديد إن كان السعال ناتجا عن الحساسية و الأنفلونزا الموسمية أو أحد أعراض الإصابة بكورونا.
من الصعب التفريق بين سعال الانفلونزا و سعال كورونا، وخاصة في الفترة الباردة بين فصلي الخريف والشتاء، ولكننا كمختصين نفرق بينهما من خلال الأعراض التي تظهر على مريض الانفلونزا دون أن تظهر في الحالة المشتبه في إصابتها بكوفيد 19، على غرار فقدان حاستي الشم والذوق وكذا حرارة الجسم المرتفعة أو آلام عضلية ووهن وغيرها من الأعراض التي لا تظهر على المصاب بالحساسية، كما أن كورونا تتسبب في انخفاض نسبة الأكسجين في الدم لأقل من 90 بالمئة في زمن قياسي وهو ما لا تحدثه الإنفلونزا.
هل لاحظت من خلال المعاينات تغيّرا في أعراض كورونا مقارنة بما كانت عليه منذ أشهر؟
التغيير الكبير هو عدم معاناة المريض من ارتفاع في درجة حرارة الجسم، حيث يمكن أن تكون حالة مؤكدة دون حدوث هذا العرض، إضافة إلى السعال الجاف، فيما تعاني 60 إلى 70 بالمئة من الحالات المؤكدة من فقدان حاستي  الذوق والشم.
استخدام «زيتروماكس» دون استشارة طبيب  خطير
ما هي الحالات التي تستدعي نقل المريض إلى المستشفى؟
كل الأعراض التي سبق وأن ذكرتها لا تشكل على صاحبها خطرا وهي مؤشرات على أن الفيروس ضعيف، إذ تتطلب أن يعزل المريض نفسه، ولكن هناك أعراض تتطلب نقل المصاب إلى المستشفى من أجل تلقي عناية خاصة، وأهمها مشاكل التنفس وذلك بسبب انخفاض نسبة الأكسجين في الدم وهنا تكون الحالة خطيرة.
يلجأ بعض  من تظهر عليهم الأعراض للتطبيب الذاتي  باقتناء أدوية  ومضادات حيوية قوية قد تشكل خطرا على غرار «زيتروماكس»، بماذا تنصح كطبيب مختص؟
صراحة هذه مشكلة كبيرة، جل الحالات المشكوك في إصابتها تستعمل المضادات الحيوية بشكل عشوائي، فمثلا «زيتروميسين» تستخدم مع دواء «كلوروكين»، ولكن استخدامها فقط يحولها إلى مضاد فعال ضد البكتيريا وليس ضد الفيروس، كما أن استعمال هذا المضاد يتسبب في أعراض جانبية على غرار إسهال أو آلام في البطن، وبعد زوال الوباء سيعجز جسم مستعملي المضادات الحيوية قبل التأكد من إصابتهم،   عن مقاومة البكتيريا كما تضعف كثيرا لديهم المناعة.
  نلاحظ وجود تضارب  بين الأطباء حول اكتساب حصانة كاملة من  فيروس كورونا عند الإصابة به، بدليل معاودة العدوى للبعض.  
لا يوجد إثبات علمي يؤكد أن المريض يصاب مرة ثانية رغم حداثة الوباء، ولكن هذا لا يمنع  القول بوجود  احتمال لحدوث ذلك، بما أن الوباء انتشر في بلدنا في شهر مارس ونحن حاليا مقبلون على سنة جديدة، حيث يمكن للمناعة أن تضعف مجددا، ولكن هذه الحالات لم تمر علي كطبيب. أؤكد أن نسبة إصابة المريض بكوفيد 19 مرتين تبقى ضئيلة جدا، حتى أن تجاربنا مع الحالات المؤكدة تكشف أن  الأجسام المضادة تبقى إيجابية، أي استمرار مقاومة الأجسام الغريبة لفترة تتجاوز 4 أشهر.
تسجل دولا افريقية ومنها الجزائر معدلات إصابة  بكوفيد 19  أقل بكثير من تلك المسجلة بدول أخرى خاصة بقارتي أوروبا وأمريكا ، هل يعود ذلك لنمط الحياة أو لمعطيات  جغرافية أو جينية؟
كل دول العالم تجد صعوبة في الإحصاء الدقيق لعدد الحالات والوفيات، وفي الجزائر يمكن أن يكون العدد أعلى، لأن الأرقام تخص من قاموا فقط بالتحاليل، كما يوجد أطباء أكدوا أن من  أخذوا لقاح السل يكونون أقل عرضة للوباء أو تكون المضاعفات لديهم أقل  حدة ،  أيضا نجد عامل نمط الحياة مختلف، فالتجمعات عندنا تكون أقل مما هو موجود في أوروبا، على غرار التدفق الكبير المسجل  هناك على المطاعم والمراكز التجارية وغيرها، فمثلا السويد لم تطبق أي حجر أو بروتوكول صحي، بسبب محدودية التقارب  الاجتماعي   نتيجة   برودة الطقس، حيث تلزم العائلات   منازلها منذ فترة المساء عكس الحركية التي نجدها في دول أخرى.
المدخن عرضة لمضاعفات أخطر 
 أرجع الكثير من الأطباء ارتفاع معدل الإصابات ببلادنا إلى التجمعات التي تحدث في المناسبات العائلية، هل تؤيد هذا الرأي  ؟
بطبيعة الحال، فجل الحالات التي مرت علينا في العيادة، سبق وأن حضرت أعراسا أو جنائز، لكن أتوقع انخفاضا في عددها أكثر خاصة وأننا شهدنا في آخر أسبوع  تراجعا في عدد المقبلين على العيادة، كما أن المناسبات العائلية عادة ما تقل في فصل الشتاء.
عدد كبير من المصابين يتساءلون كيف انتقلت إليهم العدوى رغم  التزامهم الشديد بالإجراءات الوقائية، و يتساءلون هل ينتشر الفيروس أكثـر باللمس أو التنفس؟
اختلفت الدراسات في تفسير طريقة انتشار الفيروس، فالمدرسة الألمانية تؤكد أن كورونا لا ينتشر باللمس بل عن طريق التنفس، فيما تقول المدرسة الفرنسية العكس، وأظن أن الانتشار يكون عبر الاثنين، فمثلا يمكن لشخص مصاب أن ينقل الفيروس لآخر يرتدي كمامة، كما أؤكد أن الكمامات الجراحية المزودة بثلاث طبقات تقي أكثر من غيرها، فيما تكون الكمامات القماشية نافعة شرط ألا تكون من طرف واحد.
ما هي الآثار التي يخلفها فيروس كورونا  في الجسم بعد التعافي منه؟ وكم تدوم ؟
توجد آثار نجهلها وأخرى نعرفها، وأهمها معاناة الشخص من التهاب في القصبات الهوائية، إضافة إلى السعال في الأسبوع الثالث من الشفاء، و وهن بعد تعرض العضلات للالتهاب العام، وأحيانا الربو والحساسية، وتدوم هذه الآثار ما بين 20 إلى 45 يوما وذلك حسب قوة الفيروس، كما نمنح مرضانا مضادات للالتهابات ونخضعهم لأشعة صدرية للتأكد من حالتهم.
المناسبات العائلية ساعدت على تفشي الوباء
يتأرجح الرأي الطبي بين حتمية اللجوء لفحص « بي سي آر» و «سكانير»  لتحديد الإصابة، أيهما أنجع؟  وما هو هامش الخطأ في التشخيص؟
أظن أن تحاليل «بي سي آر» تكون صحيحة بنسبة 70 بالمئة أي أن الخطأ وارد بنسبة  30 بالمئة، لأن الطبيب أو المشرف على التحليل عند وضعه الجهاز، قد لا يصل إلى مكان وجود الفيروس أعلى الأنف وبالتالي تكون النتيجة سلبية رغم أن الحالة مؤكدة، فأحيانا الفيروس يكون في الأسفل ولا يتم لمسه، ويمكن أيضا أن يزول بعد 7 أيام في حال كانت لدى المريض  مناعة قوية، أما جهاز  «سكانير» فإنه لا يحدد الفيروس ويمكن أن يُظهر الإصابة رغم أن الفيروس ليس كورونا بل مشابها له فقط، وعن طريق هذا الجهاز تظهر كل الحالات مؤكدة بالنسبة لمرضى الحساسية والتهاب القصبات الهوائية.
يجري السباق على أشده لتوفير لقاح ضد كورونا، وقد يستغرق تسويقه عدة أشهر، كيف يجب التعامل مع العدوى إلى أن يصل اللقاح، سيما وأن موسم البرد فترة  تزداد فيها الفيروسات شراسة؟
شخصيا اعتبرت اللقاحات دون فائدة ولا حاجة لها، وخاصة بعد انخفاض عدد الحالات في الجزائر، ولكن بعد ارتفاع الاصابات مجددا، فإن اللقاح أصبح ضرورة للقضاء على الجائحة ، وخاصة بالنسبة لفئة معينة من المرضى، كما أؤكد أن مواجهة الفيروس ليست بالأمر الجديد  علينا كأطباء، ولكن خصوصية كورونا جعلت منه خطيرا مقارنة ببقية الفيروسات، وذلك لسببين هما سرعة انتشاره وكذا تسببه في الوفاة.
ما هي توقعاتك بخصوص  الوضعية الوبائية  سيما وأننا في بداية فصل الشتاء؟
أتوقع انخفاضا في عدد الحالات، خاصة وأننا سجلنا تراجعا في إقبال المرضى على العيادات الخاصة، أما في المستشفيات فالوضع مغاير، إذ  ما تزال تستقبل عشرات الحالات يوميا، وتتعلق بحالات حرجة . مع الأجواء الباردة في فصل الشتاء ومكوث المواطنين في منازلهم أتوقع استقرارا في الوضعية الوبائية بعد أسابيع.
 و في انتظار وصول اللقاح وجب علينا الالتزام بارتداء الكمامات واحترام مسافة التباعد الجسدي، والتعايش مع كوفيد 19.
كشفت الجائحة عن وجود نقص في بعض التخصصات الطبية في مجال الفيروسات والأمراض سريعة الانتشار وأيضا الطب الوقائي،  ما الذي يجب مراجعته حتى يمكن مواجهة جائحة أو وباء؟
لسنا الدولة الوحيدة التي تواجه صعوبة في السيطرة على الوباء، ولكن لما نشاهد دول شرق آسيا وتمكنها من السيطرة على الفيروس، نتيقن أنها استعدت من قبل لمثل هذه الوضعيات، فقد استعدت منذ سنة 2003 بعد ظهور فيروس انفلونزا الطيور ثم الخنازير وقامت بانجاز مخابر «بي سي آر»   ما جعلها اليوم تجري ملايين التحاليل أسبوعيا، أظن أن دولا مثل الصين، اليابان، سنغافورة، كوريا الجنوبية و تايوان، تحصد اليوم ما زرعته قبل 17 سنة.
احتمالات الإصابة مرتين ضئيلة جدا
الوضعية الحالية تستدعي إعادة مراجعة بعض الأمور من أجل التطور أكثر في هذا المجال، ومنها إنشاء تخصصات في البيولوجيا تمكن الطلبة من مواكبة التطور الحاصل في القطاع.  لكن وجب التنويه أن كورونا كشفت لنا ضرورة الاهتمام بتقوية المناعة، فالأطفال الصغار لا يصابون بالفيروس لأن مناعتهم قوية. ينبغي علينا التوجه لتناول الفيتامينات وتفادي السكريات والأملاح، خاصة وأن الدراسات أثبتت أنها تضعف المناعة، وحتى السمنة تجعل صاحبها عرضة للمرض، لذلك أصيب أطفال بالفيروس بسبب وزنهم الزائد، لذا أنصح بممارسة الرياضة وعدم التدخين على أمل أن يزول الوباء سريعا.        
      ح.ب

الرجوع إلى الأعلى