عاد المدرب البلجيكي بول بوت في حوار مع النصر، إلى تجاربه في إفريقيا التي وضعته في أكثر من مرة في مواجهة المنتخب الوطني، وقال التقني المثير للجدل في بلده، إن هزائمه أمام الخضر تبعث في نفسيته أحاسيس مختلفة رغم أن المرارة والحسرة قاسمها المشترك، فبعضها لم يستطع تقبلها مثل ما حدث في تجربته مع بوركينافاسو، في حين اعترف أن ثلاثية «كان» مصر مع منتخب غينيا، لا يستحي بها كونها كانت أمام البطل المستقبلي للقارة، كما تطرق بول بوت لتجربته مع اتحاد الجزائر، وما حدث له عندما قدم لتدريب شباب قسنطينة وأمور أخرى، تخص مغامرته الجديدة في سنغافورة.
حاوره: مروان. ب
* نبدأ معك من آخر مستجداتك ؟
بعد نهاية تجربتي مع المنتخب الغيني، الذي قدته خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019 بمصر ركنت إلى الراحة لعدة أشهر، قبل أن تصلني عروض من أندية ومنتخبات، غير أنني لم فضلت عدم الاستعجال، ما أضاع عني فرصة تدريب نوادي معروفة في القارة السمراء، لأتلقى مؤخرا اتصالا من حفريق سنغافوري، حيث سارت معي الأمور بشكل جيد، لأعيّن على رأس هذا الفريق في تجربة أراها مميزة لحد الآن، كونها الأولى لي في آسيا، إن لم أحتسب تدريبي للمنتخب الأردني، وقد لبى مسؤولو فريقي كل طلباتي، وأمتلك في صفوف فريقي بعض المحترفين من نيجيريا ودول مجاورة، وأسعى لكي يستفيدوا من خبرتي.
كتقني أحسد مدربكم على جودة ومهارات نجوم الخضر
* كان لك مرور على البطولة الجزائرية موسم 2016/2017، عندما أشرفت على نادي اتحاد العاصمة، حدثنا عن تلك التجربة وماذا حدث معك لتغادر الفريق سريعا؟
تجاربي لا تعد ولا تحصى في إفريقيا، ومروري على البطولة الجزائرية أثرى سجلي، خاصة وأنني أشرفت على أحد أفضل الفرق في القارة السمراء اتحاد العاصمة، الذي حققت معه نتائج لا بأس بها، غير أن ذلك لم يكن كاف لاستمراري لأكثر من موسم، في ظل الضغوطات التي مورست ضدي وهنا لا أتحدث عن المسؤولين، كونهم وقفوا إلى جانبي، ولم يتخلوا عني، خاصة بعد الإقصاء في المربع الذهبي لمسابقة رابطة أبطال إفريقيا أمام الوداد البيضاوي، وهناك توترت علاقتي بعض الشيء مع بعض الأطراف، حتى وإن كنت أحظى بالدعم المطلق من قبل أنصار سوسطارة الذين أحييهم بالمناسبة، حيث ساندت الفريق بكل قوة، سواء في البطولة المحلية التي لم ننهزم خلالها في أي لقاء داخل الديار أو حتى في المسابقة القارية التي بصمنا فيها على مشوار رائع، قبل أن نقصى بسذاجة مع الوداد البيضاوي، على العموم تشرفت بالعمل في الجزائر وتمنيت البقاء لفترة أطول، لأستسلم بعدها زمام العارضة الفنية لمنتخب كينيا.
* قبل الالتحاق باتحاد العاصمة، كنت قد قدمت إلى قسنطينة لتدريب السنافر، ماذا جرى حتى تغيرت وجهتك إلى سوسطارة ؟
أتذكر بأنني كنت حرا من أي التزام بعد نهاية تجربتي مع الاتحاد الأردني، لأتلقى خلال صائفة 2016،  اتصالا من مسؤولي شباب قسنطينة، حيث اتفقوا معي على كافة التفاصيل، وكنت جد محفز لتدريب الفريق الذي دربه قبلي مدربون كبار، على غرار روجي لومير ودييغو غارزيتو وإيبارت فيلود، حيث سجلت تواجدي بقسنطينة، لأصطدم بعدها بالخلاف الحاد بين المسؤولين بخصوصي، حيث كان البعض ضد قدومي في وقت كان بوالحبيب على ما أذكر يصر على التعاقد معي، على العموم لم أكن أرغب في أن يحدث معي ذلك السيناريو، كوني لست مدربا مُبتدئا، بل الأمر يتعلق بتقني كبير يملك سجل ثري بإشرافه على منتخبات قوية في إفريقيا وحتى فرق جد محترمة في الدوري البلجيكي، لقد طلبت من مناجيري الرحيل، ولم أجد أفضل من اتحاد العاصمة، كون هذا الفريق كان يصر أيضا على خدماتي، قبل أن أعتذر من مسؤوليه بسبب اتصال الشباب.
* لو نطلب رأيك بخصوص البطولة الجزائرية، وإن كنت قد ندمت للعمل بها ؟
بحكم عملي في الكثير من البلدان الإفريقية أعرف مستوى الكرة لديكم، وصراحة البطولة الجزائرية جد محترمة، والمنافسة بين أنديتها جد قوية، فضلا عن الحضور الجماهيري المتميز في كل اللقاءات، والذي يمنح الدافع للاعبين لبذل قصارى المجهودات، لقد مكنتني تجربتي مع اتحاد العاصمة من الوقوف على جودة اللاعب الجزائري الموهوب بالفطرة، ولو أنه بحاجة لبعض الانضباط التكتيكي، حتى وإن كان يقوم بتعويض ذلك بالشراسة في اللعب والاندفاع البدني، أنا محظوظ لعملي في الجزائر، وإن تتح لي الفرصة من جديد سأعود، لأنني لست نادما على تجربتي مع نادي سوسطارة، الذي كنت معه على بعد خطوة واحدة من الفوز بأغلى الكؤوس القارية.
معجب ببلماضي وعمله أمتع الأفارقة في مصر
* ماذا عن تجاربك الكثيرة مع المنتخبات الإفريقية، ومن تراها المحطة الأفضل في مشوارك ؟
بدايتي مع عالم التدريب كانت في بلجيكا، وانطلقت سنة 1988 واستمرت إلى غاية 2006، قبل أن أخوض أول تجربة لي في إفريقيا، بعد استلامي زمام العارضة الفنية للمنتخب الغامبي، وهناك بصمت على عمل جد رائع في الفترة الممتدة ما بين 2008 و2011، لأحظى بعدها باهتمام الاتحادية البوركينابية التي عينتني مدربا لمنتخبها الوطني، وهناك حققت إنجازا غير مسبوق مع الخيول، بعد قيادتهم لنهائي كأس أمم إفريقيا، الذي خسرناه أمام منتخب نيجيريا، دون نسيان وصولنا إلى المباراة الفاصلة المؤهلة لمونديال البرازيل 2014، وأنتم أدرى بما حدث بعد الإقصاء مع المنتخب الجزائري، لأغادر بوركينافاسو صوب تحد جديد في آسيا، عندما أشرفت على المنتخب الأردني، ولكن سرعان ما عدت إلى جنتي المفضلة إفريقيا بعملي في الجزائر، وبعدها مع منتخبي كينيا وغينيا، حيث قدت المنتخب الكيني للفوز بأول لقب في تاريخه، عند الظفر بذهبية بطولة مؤتمر جمعيات شرق ووسط أفريقيا، التي تعرف اختصارا باسم»السيكافا»، لأشارك مع المنتخب الغيني في «كان» 2019، وتجاوزنا دوري المجموعات بنتائج باهرة، لنصطدم بالجزائر في ثمن النهائي، وهناك غادرنا البطولة للأسف بعد السقوط بثلاثية نظيفة، ولكنني أعتز بتلك التجربة إلى جانب تجاربي الناجحة مع غامبيا وبوركينافاسو وحتى مع منتخب كينيا.
* قابلت الجزائر عندما كنت مدربا للخيول البوركينابية، حيث حرمك رفاق بوقرة من الوصول إلى مونديال البرازيل، حدثنا عن مقابلتي الذهاب والإياب؟
كنا نمر بفترة زاهية، وحققنا نتائج باهرة لنصل إلى المباراة الفاصلة، ولم يعد أمامنا سوى إزاحة المنتخب الجزائري للتواجد بالمونديال، وكنا نؤمن بمقدرتنا على تحقيق ذلك، في ظل التركيبة الرائعة التي كنا نمتلكها، وبدأنا لقاء الذهاب بملعبنا بشكل جيد، غير أننا أضعنا فرصة الفوز بنتيجة مطمئنة، عقب نهاية اللقاء ب(3/2 ) لصالحنا، لننهزم بهدف لصفر في ملعب تشاكر في الإياب، ولو أننا لم نكن نستحق ما جرى لنا، كون الهدف المسجل من مجيد بوقرة مشكوكا في صحته، كما أن الأخير كان يستحق الطرد بالبطاقة الحمراء مبكرا، بعد تدخله العنيف ضد أحد عناصري، الجميع كان شاهدا على تلك المهزلة التحكيمية، ولكننا تجاوزنا ذلك، كون مثل هذه الأمور تحدث في عالم الكرة، والدليل أنني شجعت الخضر في المونديال، وتفاعلت كثيرا بإنجازهم الكبير في دوري المجموعات، وحتى عند مقابلة المنتخب الألماني، أين كان بالإمكان الفوز عليه.
* هل تدري بأن الخضر وبوركينافاسو يتواجدان في نفس مجموعة التصفيات المؤهلة لمونديال قطر 2022، ما رأيك في ذلك ومن ترشحه للعبور للمحطة الأخيرة ؟
أجل أنا على دراية بنتائج القرعة، وأرى بأن المنتخب البوركينابي غير محظوظ بتواجده مع أبطال إفريقيا، حتى وإن كان الخيول يمتلكون جيلا جديدا ومتميزا، على اعتبار أن غالبية اللاعبين ينشطون في نوادي كبيرة في أوروبا، على غرار أجاكس وأستون فيلا وغيرها، أنا أرشح أشبال بلماضي للعبور، كونهم أكثر خبرة وانسجاما، ناهيك عن امتلاكهم لمدرب رائع يقوم بعمل جبار.
غريب ما جرى لي في قسنطينة وكنت قريبا من لقب مع سوسطارة

* كنت قد واجهت الخضر أيضا في «كان» مصر، غير أنك عجزت من الثأر منهم، بعد السقوط بثلاثية كاملة مع منتخب غينيا، ما تعليقك ؟
أجل، الحظ أوقعني مجددا في مواجهة الجزائر ولكن مع منتخب آخر، ويتعلق الأمر بغينيا التي كانت تعلق آمالا كبيرة على كان 2019، من أجل البصم على إنجاز كبير، وبدأنا البطولة بشكل رائع بعد التأهل للدور ثمن النهائي، غير أن الأمور لم تسر معنا بالشكل المطلوب عند مواجهة الخضر، حيث انهزمنا بثلاثية كاملة، واستغل المنتخب المنافس غياب أبرز لاعب في صفوفنا، ويتعلق الأمر بنجم ليفربول الانجليزي نابي كايتا، ناهيك عن عدم تواجد لاعب نابولي وروما الحالي دياوارا في أفضل أحواله، رفقة لاعب باناتينايكوس اليوناني، كونهما عادا من الإصابة التي أبعدتهما عن عدة لقاءات مهمة، لست أبرر الهزيمة، ولكنني أتحدث عن بعض الجزئيات الصغيرة التي صنعت الفارق، حتى وإن كان فوز الجزائر بالبطولة، قد أنسانا بعض الشيء ألم الإقصاء، على اعتبار أن الأحسن في البطولة، من حجز تذكرة التأهل، وأهنئ الخضر ومدربهم الشاب بلماضي، الذي لولاه لما رأينا منتخبا بمواصفات عالمية في مصر، لقد فاجأني حقا بالتطور الذي أدخله على المنتخب، خاصة وأنه لم يمر آنذاك على استلامه زمام العارضة الفنية للخضر، الكثير من الوقت.
* تبدو معجبا بعمل الناخب الوطني جمال بلماضي ؟
سبق أن صرحت قبل مواجهتي الخضر في مصر، بأن هذا المدرب يقوم بعمل جبار، بعد متابعتي لرفاق رياض محرز خلال دوري المجموعات، أين حققوا العلامة الكاملة، ولم يكونوا بحاجة لبذل الكثير من المجهودات، كما أنهم أطاحوا بأفضل منتخب في القارة السنغال بالأداء والنتيجة، غير أن فوز بلماضي بعدها بالتاج القاري، جعل أسهمه ترتفع أكثر لدي، إلى درجة جعلتني أسعد له بعد ظفره بلقب أفضل تقني في القارة السمراء، إلى جانب مزاحمته للكبار في جائزة الفيفا، هذا المدرب غيّر ملامح منتخبكم بشكل كبير، وغرس لدى هذا الفريق روح انتصارية لقلما نراها، والدليل الشراسة التي يلعب بها الجزائريون، فضلا عن الانضباط التكتيكي والفعالية، وكلها ساهمت في الوصول إلى 22 لقاء دون هزيمة، وأنا أتوقع المزيد.
نكساتي أمام الجزائر كثيرة ولا أستحي بثلاثية «الكان»
* هل تابعت لقائي زيمبابوي والهدف الرائع الذي سجله القائد رياض محرز؟
للأسف لم أتابع لقاءي زيمبابوي ضمن التصفيات المؤهلة ل»كان» الكاميرون، غير أنني على علم بالنتيجتين، وكذا بالهدف الرائع المسجل من قبل رياض محرز، حيث قرأت عنه في الكثير من الصحف والمجلات، وأنا لست مُتفاجئا، بالنظر إلى المؤهلات التي يمتلكها هذا اللاعب، كما أؤكد لكم بأن انشغالاتي فقط من حرمتني من متابعة المقابلتين، ولولا ذلك فأنا لا أضيع مباريات المنتخبات الإفريقية، فما بالك بأبطال إفريقيا، في ظل ارتباطي بالقارة السمراء، وكنت قد أعجبت كثيرا بمردود أشبال بلماضي، في ودية كولومبيا وكذا لقاءي نيجيريا والمكسيك.
* لو نطلب رأيك بخصوص تعداد الخضر وأسماء في شاكلة محرز وبن ناصر؟
جُل المنتخبات الإفريقية باتت تمتلك عديد النجوم في أوروبا، والجزائر لديها عديد الأسماء اللامعة في القارة العجوز، يتقدمهم القائد محرز الناشط في مانشستر سيتي، فضلا عن أفضل لاعب في الكان الأخير بن ناصر المحترف مع ميلان، هما لاعبان بارزان، وبمثل هؤلاء بالإمكان تحقيق ما تريد، وأنا أحسد بلماضي على العمل مع لاعبين من هذا الطراز، كونهم قادرين على صنع الفارق في أي لحظة، كما فعل محرز في نصف نهائي «الكان»، بعد تسجيله مخالفة رائعة في مرمى نيجيريا جلبت التأهل للنهائي.
* ما رأيك في المنتخب البلجيكي الذي يتصدر ترتيب الفيفا لعدة أشهر ؟
أفتخر بأنني بلجيكي، وأحاول قدر المستطاع خلال عملي كمدرب أن أكون أفضل سفير لبلدي، رغم كل ما يقال عني، وعن رأيي بخصوص منتخب بلدي، فأنا سعيد للنتائج المحققة، وأرى بأن هناك أوجه تشابه كثيرة بين المنتخبين الجزائري والبلجيكي، فهما وجهان لعملة واحدة، في انتظار أن يؤكدا ما أقول خلال مونديال قطر 2022.             م. ب

الرجوع إلى الأعلى