* تراجع الإصابات في الجزائر راجع إلى انتشار الوعي بين المواطنين
يتوقع المختص في البيولوجيا السريرية ومدير مخبر للتحاليل في قسنطينة،  الدكتور حمان دوادي، بأن كوفيد 19 لن يزول، وبأنه سيتحول بعد فترة إلى مرض يتعايش معه البشر على غرار الإنفلونزا الموسمية، مضيفا في حوار للنصر، أن الفيروس المنتشر مؤخرا في بريطانيا خطير من ناحية سرعة الانتقال فقط، كما يرجع المختص، انخفاض عدد الحالات المؤكدة في الجزائر إلى ارتفاع درجة الوعي، وينتقد اعتماد عدد من مخابر التحاليل، أسعار مرتفعة للكشف عن كورونا.
حاوره: حاتم بن كحول
* بما أنكم تشرفون على تسيير مخبر للتحاليل، كيف يمكن وصف الوضعية الوبائية حاليا، خاصة وأن عدد الإصابات في انخفاض مستمر؟
تقلصت نسبة الحالات الايجابية المسجلة لدينا بنسبة 50 بالمئة مقارنة بشهر نوفمبر، أين كنا نسجل يوميا 400 شخص على الأقل خضعوا لتحاليل المستضدات الجينية و المصل «سيرولوجي»، و وقفنا على أن ما لا يقل عن 127 حالة منهم كانت إيجابية، لكن حاليا تراجع الإقبال كثيرا و وصل إلى ما بين 30 إلى 40 شخصا منهم حالات مؤكدة تتراوح ما بين 10 إلى 12 فقط، وهذا يخص الخاضعين لتحاليل المستضدات الجينية واختبار «بي سي ار» فقط، أما بخصوص تحاليل المصل فنسجل قرابة 100 تحليل يوميا.
الفيروس المنتشر في بريطانيا خطير
* إذن، لا يزال هناك إقبال معتبر على تحاليل المصل؟
«سيرولوجي» ليس معيارا لتحليل الوضعية الوبائية، بما أن هذه التحاليل أصبحت تطلب من بعض الجهات للتأكد فقط إن كان المعني مصابا، على غرار الخاضعين للعمليات الجراحية، أو من أجل الكشف عن أمراض أخرى على غرار الالتهاب الكبدي «بي» و»سي»، أي أن المقبلين عليها حالاتهم ليست مشتبه فيها.
* حسب الأرقام التي قدمتها، يتضح أن الإقبال على تحاليل المستضدات الجينية أصبح أكبر. لماذا؟
بالفعل، الإقبال على هذا النوع من التحاليل أصبح كبيرا، ومخبرنا من بين الثلاثة الأوائل على المستوى الوطني، الذين عملوا بهذا التحليل، بعد مخبرين في العاصمة، وكان ذلك في شهر أوت من السنة المنصرمة، حيث كان هذا النوع من التحليل غير معروف في تلك الفترة، وحتى من الناحية العلمية لا توجد معلومات كثيرة تؤكد دقة نتائجه ولكن بمرور الوقت أصبح ينافس «بي سي ار».
* ما مدى دقة هذا النوع من التحاليل؟
دقة تحاليل المستضدات الجينية تتراوح ما بين 60 إلى 80 بالمئة، فيما تصل نسبة دقة تحاليل «بي سي ار» 100 بالمئة.
* ما الفرق بينه و بين اختبار «بي سي آر»؟
تحاليل «بي سي ار» تكشف عن الحمض النووي للفيروس داخل الجسم، بينما اختبارات المستضدات الجينية تبحث عن البروتينات التي يفرزها الفيروس في الأنف.
* سبق وأن وقعت أخطاء في تشخيص حالات خضعت لتحاليل «بي سي ار»، كيف تفسر ذلك؟
صحيح رغم أن نسبتها ضئيلة جدا، ويرجح أن يكون ذلك راجعا إلى عدم وصول جهاز المسح إلى مكان تواجد الحمض النووي للفيروس بالأنف، حيث يؤدي عدم لمسه إلى نتائج سلبية رغم أن الفيروس قد يكون موجودا فعلا.
رغم ذلك، يظل الإقبال على تحليل «أنتيجان» أكبر
سجلنا إقبالا على تحاليل المستضدات الجينية
نعم، و أظن أن ذلك راجع للجانب المادي، حيث لا يزيد سعر تحاليل المستضدات الجينية عن 3500 دج، فيما لا تقل أسعار «بي سي ار» عن 8000 دج، رغم أنه لا يوجد قرار إلزامي يحدد الأسعار، حيث أنها ضُبطت من طرف مجموعة من أصحاب المخابر في العاصمة.
* هل تقصد أن اعتماد أسعار التحاليل كان عشوائيا ودون إشراك المختصين في بقية الولايات؟
نعم، هذه الأسعار لم يٌتفق عليها، لا من طرف النقابة الوطنية ولا من الجمعية الوطنية للمخابر، فالسعر حددته مجموعة من البيولوجيين في العاصمة، حيث لم يشركوا بقية زملائه في القرار سواء تعلق الأمر بقسنطينة أو بقية ولايات الوطن.
أحيطكم علما، أنه حدثت ضجة كبيرة بسبب تفاوت أسعار التحاليل من مخبر لآخر ومن منطقة لأخرى، حيث وصلت أسعار «بي سي ار» في العاصمة إلى مليون و800 ألف دينار، وفي قسنطينة لم تتجاوز مليون سنتيم، فيما انخفضت في الفترة الأخيرة إلى 800 ألف دينار.
* إلى ماذا ترجع هذا الانخفاض في الأسعار؟
السبب هو تعدد مستوردي المواد المستعملة في التحاليل، عكس ما كان عليه الحال في بداية الجائحة أين كان يقوم مستورد واحد بجلب كميات قليلة، وأظن أن المنافسة ساهمت في انخفاض أسعار التحاليل.
* يعتبر مخبركم من المخابر التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف الحالات المشتبه في إصابتها بقسنطينة، ما هي الإجراءات التي قمتم بها لامتصاص الضغط الرهيب أثناء بلوغ الفيروس ذروته؟
حقيقة قمنا بمجهودات مضاعفة من أجل امتصاص الإقبال، فرغم أن مخبرنا كان يتوفر على التجهيزات المستعملة في التحاليل، إلا أننا اقتنينا أخرى لندعم بها العدد، خاصة في ظل الارتفاع المستمر لعدد الحالات في تلك الفترة، كما كنا نعمل إلى غاية الثالثة صباحا لتجهيز نتائج تخص أزيد من 1000 تحليل في مدة لا تتجاوز 8 ساعات، كما خصصنا رواقا وقاعة انتظار وقاعة معاينة لكوفيد 19، إضافة إلى تجنيد 7 أشخاص في هذه المصلحة المنفصلة، دون إغفال الأجور التي تكون مرتفعة بسبب الخطر المحدق بالعاملين في قسم كوفيد.
* هل هذا يعني أنكم ستتكبدون خسائر مادية في حالة زوال الفيروس؟
الآلة المستعملة في إجراء التحاليل تكلفنا مليار سنتيم، كما أن هامش الربح ليس كبيرا. ولكن وجب الإشارة إلى أن الجهاز المستعمل في الكشف عن الفيروس، يمكن استغلاله في مرحلة ما بعد كورونا، من أجل الكشف عن أمراض أخرى، مثل التهاب الكبد «بي» و»سي» والسرطانات ومختلف الفيروسات.
* انتشر مؤخرا فيروس ببريطانيا، يقال إنه الأخطر، هل هي سلالة جديدة من كوفيد 19 وفي ماذا تختلف عن الأولى؟
فيروس كورونا المنتشر في بريطانيا هو نفسه، ولكن تطرأ عليه عشرات الطفرات، والاختلاف يكون في البروتينات التي تتغير. خطورة النوعية الموجودة في بريطانيا تكمن فقط في سرعة الانتشار والانتقال من شخص إلى آخر، أما الأعراض وقوة الفيروس فهي نفسها.
الفيروس المنتشر في أوروبا يختلف عن الموجود بأفريقيا أو آسيا وأمريكا، و يتمثل هذا الاختلاف في البروتينات السطحية التي يفرزها، حيث تتفاوت قدرة التصاق الفيروس بخلايا الإنسان عبر بروتينات خاصة وبعد استقبالها تدخل الخلية وتلتصق ثم تسبب المرض، فيما توجد فيروسات فقيرة من حيث البروتينات واحتمال التصاقها بخلايا الجسم ضعيف.
* رغم مرور أشهر على تفشي الجائحة، إلا أن الآلاف من الأشخاص لا يعلمون طريقة انتشار الفيروس ومكانه، هل يمكن أن تمنحنا معلومات أكثـر؟
كورونا يدخل الجسم إما من الأنف أو عبر الفم، وكما سبق وأن قلت فإنه يختلف من حيث البروتينات ويوجد منه ما هو سهل وسريع الالتصاق كما يوجد ما هو عكس ذلك. هذا الفيروس يغير نفسه مثل كل الفيروسات الأخرى، وإلا بماذا نفسر تغيير لقاحات الإنفلونزا الموسمية من سنة إلى أخرى.
* يتوقع علماء زوال الفيروس في السنة الجارية. ما رأيك؟
اللقاح الصيني هو الأفضل لهذه الأسباب
أتوقع أن كوفيد 19 لن يزول إلى الأبد، وهذا رأيي الشخصي. سيصبح كورونا من الفيروسات التي سنتعايش معها مثلها مثل الإفلونزا، وأظن أن القضاء عليه بنسبة مئة بالمئة أمر مستحيل الحدوث.
* لكن الجزائر على سبيل المثال، تشهد حاليا انخفاضا معتبرا في عدد الحالات، ما يراه كثيرون على أنه مؤشر على اقتراب زوال الوباء؟
الانخفاض راجع إلى الوعي لدى المواطنين، ورغم أنه ليس مطلقا، إلا أن غالبية الناس أصبحوا يأخذون احتياطاتهم سواء من حيث ارتداء الكمامات أو مسافة التباعد الاجتماعي. انخفاض عدد الحالات المؤكدة لا علاقة له بضعف الفيروس أو قوته ولا بفصل الشتاء أو الصيف، وفي الجزائر الفيروس هو نفسه لم يتحول أبدا. أظن أن ارتفاع الحالات في فترة ماضية، راجع لتهاون المواطنين وإلى بعض المناسبات التي أدت لحدوث تجمعات واحتكاكات، وبكل دول العالم حدثت موجة ثانية.
* على ذكر الموجة الثانية، ما هي الأسباب التي أدت لتغير الأعراض على المصابين؟
الأعراض لم تتغير هي نفسها وهو ما وقفنا عليه في مخبرنا، والفرق أن العدد كان كبيرا في بداية الجائحة عكس ما هو عليه مؤخرا. نستقبل حاليا مرضى يعانون من أعراض تتمثل في ضيق في التنفس وحرارة شديدة وإسهال وغيرها من الأعراض المعروفة.
* ومن بين هذه الحالات، هل يمكن أن توضح لنا ما هي الفئة الأكثـر إصابة بالفيروس؟
أغلب الحالات الايجابية تتمثل للأسف في كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة، كما أنهم معرضون للخطر أكثر من غيرهم. لاحظنا أيضا أن أغلب الحالات أصيبت جراء عدوى انتقلت إليها من أقاربها. عموما 50 بالمئة من المتوافدين إلينا أعمارهم تتراوح بين 30 إلى 50 سنة، أما الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة فنسبة إجرائهم للتحاليل لا تتجاوز 5 بالمئة.
* ما هي الإجراءات الواجب اتخاذها لتخفيض عدد المصابين أكثـر؟
نتمنى مواصلة التحلي بالوعي واستقرار الوضعية الحالية التي يمكن السيطرة عليها، والأمل في تقليص عدد الحالات يكمن في استعمال اللقاح، رغم استحالة إخضاع الجميع له.
* ما مدى صحة ما يشاع عن تسبب اللّقاح في تشوهات خلقية ووفيات ببعض الدول؟
هي معلومات خاطئة، لا يوجد شخص توفي وكان اللقاح سببا مباشرا في وفاته.
انخفاض عدد المصابين راجع لوعي المواطنين
* ما هو اللّقاح الذي ترونه الأنسب للاستعمال في الجزائر؟
لو طُلب مني الاختيار من بين اللقاحات المتاحة حاليا، لفضلت اللقاح الصيني.
* لماذا؟
لأنه لقاح يشبه اللقاحات السابقة التي سبق وأن عملنا بها، إذ يتمثل في فيروس ميت يحقن في الجسم، ويتم التعرف عليه ما يؤدي إلى إفراز المضادات الحيوية، وأؤكد أن هذا الفيروس الميت لا يشكل أي خطورة ومفعوله إيجابي وكأن المصاب سبق له وأن أصيب بالمرض.
* مع وصول أول شحنة من اللقاح الروسي للجزائر، تتساءل شريحة واسعة من المجتمع الجزائري عن الأعراض التي قد تظهر على مستعمليه، هل لكم أن تقدموا لنا شروحات أكثـر؟
حاليا لا يمكن الحديث عن الأعراض التي قد تظهر بعد استعمال اللقاح، إلا بعد مدة زمنية طويلة قد تمتد لسنوات. لقد تم صنع هذه اللقاحات في فترة لا تتجاوز 10 أشهر، بينما من المفروض أن تكون أقل مدة لتطوير أي لقاح هي 18 شهرا، ولكن الوضعية الوبائية العالمية تتطلب السرعة في تجريب اللقاحات لأن الفيروس يحصد يوميا آلاف الأرواح.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى