يرى الممثل علاوة زرماني أن الدراما الجزائرية الحقيقية لا تزال غائبة، و ما تعرضه القنوات التلفزيونية الجزائرية خلال الشهر الفضيل، عبارة عن أعمال مقتبسة من أعمال تركية و مصرية و غربية،  غريبة عن واقع الجزائريين و انشغالاتهم و خصائص مجتمعهم، كما أن معظم الأعمال التي توصف بالكوميدية عبارة عن تهريج، و لا ترتقي لدرجة الكوميديا، حسبه، مشيرا إلى أنه رفض كل العروض للمشاركة في أعمال رمضانية، باستثناء «طيموشة» و «بوقاطو»، لأنه يريد الحفاظ على مكانه الذي وصفه ب»الصغير» في قلوب الجزائريين، و تمكن من افتكاكه بعد أكثر من أربعة عقود من العطاء الفني في التلفزيون و المسرح و السينما .
حاورته :  إلهام طالب
. النصر: حدثنا عن دورك في الجزء الثاني من سيت كوم «طيموشة»، و هل سيحمل العمل تغييرات و مفاجآت، كما أوحت للمشاهدين حلقته الأولى؟  
ـ علاوة زرماني: أواصل في الجزء الثاني أداء دور والد طيموشة الذي يحب ابنته كثيرا و يدعمها في مسارها المهني، و هو أيضا الزوج المتقاعد الذي لا يخرج من البيت،  فتسيطر عليه زوجته، و يضطر لتنفيذ كل رغباتها و القيام بالأشغال المنزلية. عموما سيناريو الجزء الثاني لا يحمل مفاجآت و تغييرات كبيرة، مقارنة بالجزء الأول، باستثناء إدراج مشهد طيموشة في المستشفى و مشهد المقهى. و قد وافقت على هذه الشخصية التي عرضها علي المخرج يحيى مزاحم، رغم أنها ليست كوميدية محضة،  لأن السيناريو أعجبني و هو مختلف عن باقي الأعمال.
«بوقاطو» لا يمس بمهنة المحامين و ماحدث زوبعة في فنجان..
. كيف كانت أجواء العمل مع وجوه شابة بعضها معروفة و أخرى جديدة ؟
ـ  في الواقع نحن نواصل تصوير بعض مشاهد الحلقات الأخيرة، تأخرنا بسبب مرض أحد الممثلين، عموما الأجواء جيدة يسودها التفاهم و الانسجام، لم أصادف أية صعوبات مع أي واحد في طاقم العمل، و أحظى بالاحترام و التقدير من الجميع. المخرج يترك لكل ممثل حرية اقتراح إضافات و لمسات في أداء الدور الذي يؤديه، و نناقشها جميعا معا، فهذا المخرج الذي سبق و أن تعاملت معه في فيلم «لالة زبيدة»، يدعم كثيرا الشباب و يبرز المواهب الجديدة، و أتاح لي الفرصة للالتقاء بشبان بعيدين عن الغرور و متعطشين  للتعلم و صقل مواهبهم، و عندما أقدم لهم، بحكم خبرتي، توجيهات و نصائح يتقبلونها و يتبعونها.
. ما رأيك في الممثلة مينة لشطر في دور طيموشة؟
ـ بصراحة هي ممثلة كوميدية «هايلة»، مجتهدة و ذكية أبدعت في أداء دورها و أضفت الكثير عليه، و أتوقع لها مستقبلا زاهرا، على غرار العديد من زملائها في السيت كوم.
. و ماذا عن مشاركتك في «بوقاطو»؟
ـ أديت فيه دور المحامي المتقاعد والد المحامي الشاب «حقو» و هو دور كوميدي رائع، و قد منحني المخرج حرية الارتجال و وضع لمساتي الخاصة  في الشخصية. و يضم مجموعة من الممثلين المسرحيين هم بوحفص و ميلود و حقو كتبوا سيناريو السيت كوم و أبدعوا في تقمص الشخصيات، شعرت بارتياح و ألفة و انسجام و أنا أمثل مع طاقم «بوقاطو»، و كأنني أمثل إلى جانب أصدقائي الممثلين القدامى بمسرح قسنطينة.
هدفي الحفاظ على مكاني الصغير في قلوب الجزائريين
. أثار هذا العمل ضجة في أوساط المحامين و قال بعضهم أنه يمس بالمهنة، ماذا تقول بهذا الخصوص؟
ـ أقول ربي يهديهم، العمل عبارة عن كوميديا مواقف، تتحدث عن يوميات محامي شاب مع زوجته و عائلته و جيرانه و زبائنه في قالب فكاهي خفيف، هدفه التسلية و الضحك و تمرير رسائل توعوية و تحسيسية.  و بالتالي لم نمس بالمهنة و لا بمن يمارسها.. ما حدث مجرد زوبعة في فنجان.
. انتقد من قبل بعض الممثلين من جيلك، استعانة مخرجين و منتجين بوجوه قديمة لها وزنها و مكانتها في الساحة الفنية لإعطاء قوة و شهرة لأعمالهم و الاكتفاء بمنحها أدوار ثانوية و منح الأساسية لممثلين صاعدين.. ما رأيك؟
ـ بدأت الظاهرة منذ حوالي ثلاث سنوات، و يتصل عادة مخرجون أو منتجون بوجهين أو وجه واحد قديم و معروف، في حين يختارون ممثلين جدد لأداء معظم الأدوار الأساسية.  و أنا أعتبر الظاهرة جيدة بالنسبة إلي  و للوجوه  الجديدة، لأنها تعكس ضمنيا رغبة المخرج أو المنتج في الاستعانة بخبرتي كممثل محترف له مكانة في الساحة الفنية، و لا يهمني حجم الدور و لو كان ثانويا، بقدر ما أركز على نوعية و قوة الدور و السيناريو، و أحرص على تقديمه على أكمل وجه. عموما أنا ضد الرداءة و لن أوافق مقابل كل أموال الدنيا على عمل لا أقتنع بمضمونه. و أؤكد عبر النصر، أن التعامل مع الجيل الصاعد من الممثلين يسعدني، و أحب مساعدتهم و توجيههم، لكي ينجح العمل الذي نقدمه معا. و أشير هنا إلى أن الكثير من الزملاء يفتقدون لهذه الطريقة في التفكير، فلا يقدمون للشباب إلا القليل، و لا يتعاملون معهم بصدق، فبإمكان الممثل المحترف إذا أراد أن يطمس الجديد، أن يعتمد على نمط كلام معين و طريقة وقوف معينة أمام الكاميرا، فيتفوق عليه.
.  ما هو شرطك الأساسي لقبول دور يعرض عليك؟
ـ لدي عدة شروط لا علاقة لها بالجانب المادي، أولها أن يكون العمل نظيفا و راقيا، يمكن لكافة أفراد العائلة مشاهدته دون حرج، و أن يكون مستوى السيناريو جيدا، يعالج قضايا من صميم واقعنا الاجتماعي،  و الدور الذي يسند إلي يناسبني و يعجبني و يقنعني. علما بأنني رفضت عدة أدوار عرضت علي لأعمال تلفزيونية رمضانية، و كنت أبرر رفضي أحيانا، بأنني مريض، حفاظا على اسمي و سمعتي و  مكانتي في الساحة الفنية، فالشيء الوحيد الذي فزت به خلال مساري الفني الطويل مكان صغير بقلوب كل الجزائريين، و هو لا يقدر بثمن بالنسبة إلي و لا أريد أن أفقده.
الكوميديا المعاصرة سيرك كبير
. استطاعت الكوميديا الجزائرية أن تعيش عصرها الذهبي و تحتل مكانة مرموقة قبل عشريات، بفضل أسماء فنية قديرة و أعمال نحتت في ذاكرة الجزائريين، هل ترى أنها استطاعت أن تحافظ على مكانتها و وهجها اليوم؟
ـ في الماضي كنا كفنانين نعيش واقعا صعبا للغاية، فالإمكانيات لم تكن متوفرة مثل اليوم، لكن الإرادة كانت قوية، و المواهب متعددة و حبنا للفن لم يكن له حدود، فكنا نبحث في واقعنا الاجتماعي و نفكر و نحلل و نتناقش حول كل موضوع أو قضية نريد تجسيدها في عمل كوميدي، و ندرس كل موقف أو مشهد  أو جملة في حوار، كما كنا نحدد الأهداف و الرسائل التي نريد تمريرها من خلال أي عمل نقدمه في المسرح أو التلفزيون، لكي نجعل المشاهد يفكر و يستخلص العبر، كم تعبنا و ضحينا، لكننا نجحنا بعفويتنا و صدقنا ومثابرتنا.
 أما اليوم فقد تحولت الكوميديا إلى سيرك كبير، يهيمن عليه التهريج و الضحك من أجل الضحك، دون بذل جهد أو البحث عن النوعية، فهناك استسهال لهذا النوع من الفن، فاقتحمه دخلاء و غرباء عاثوا فيه فسادا، في حين كرس المخرجون و المنتجون جهودهم لجمع المال، لكن هناك بعض الاستثناءات و هي قليلة جدا، خاصة من الشباب خريجي المسرح.
.يرى الكثير من الفنانين و المخرجين أن الأعمال المشتركة تساهم في الارتقاء بالدراما الجزائرية، ما رأيك؟
ـ شاركت في مسلسل «الرايس قورصو»، و هو جزائري تركي مشترك، و رفضت  إتمام تصوير دوري بتركيا، بعد بتر جزء من السيناريو الأصلي في مرحلة ما، و تقليص عدد الممثلين المشاركين بدعوى نقص الميزانية. أرى أنه بدل التوجه إلى تونس أو تركيا أو بلدان أخرى، لتصوير أعمال جزائرية بأموال جزائرية و الترويج لسياحة و فنانين بلدان أخرى، علينا أن نروج لبلادنا و هي أستوديو كبير بما تضمه من مناظر طبيعية و سياحية، كما أن الكفاءات الجزائرية متوفرة، و إذا احتجنا لمتخصصين في مجال فني أو تقني معين، بإمكاننا أن نجلبهم من تونس أو إيطاليا و غيرهما، للعمل لفترة محددة و الاستفادة من خبراتهم في تكوين جزائريين ميدانيا، و اذا تطلب سيناريو عمل ما، التصوير في بلد آخر، بإمكاننا تصوير لقطات فقط و العودة إلى بلادنا لإكماله.   
. لم تكن حاضرا  في تظاهرة الربيع المسرحي لمدينتك قسنطينة رغم أنك من علامات الركح بالولاية ..
الكوميديا المعاصرة سيرك كبير
ـ تلقيت دعوة و اتصل بي زملائي بمسرح قسنطينة للمشاركة، لكنني كنت منهمكا في تصوير عملين لرمضان، فاعتذرت عن الحضور.
.  بعد إحالتك على التقاعد من مسرح قسنطينة، توجهت إلى الجزائر العاصمة، هل كان هدفك البحث عن فرص أخرى لمواصلة مسارك الفني؟
ـ  الإحالة على التقاعد من المسرح، كان يمثل لي و لزملائي بقسنطينة البطالة و التهميش و الفراغ، ففرص العمل كانت منعدمة، بينما الفنان ليس موظفا إداريا و عمره الفني يمتد طوال حياته. في العاصمة، حيث أقيم منذ حوالي 13 عاما، وجدت ضالتي، فهناك حظيت بعديد العروض و بالكثير من التقدير و العرفان.
. ماذا يشاهد علاوة زرماني في التلفزيون خلال سهرات رمضان، و ما هو رأيه في الأعمال التي تبث عبر القنوات الجزائرية؟
ـ أولا أنا لا أتابع العملين اللذين شاركت بهما، حتى لا أنتقد أدائي، ثانيا أتابع  برامج قنوات أجنبية و بعض الأعمال التي يبثها التلفزيون الجزائري العمومي،  و أرى  أنها لا تمت بصلة إلى واقعنا و مشاكلنا، معظمها مقتبسة من أعمال تركية و مصرية و غربية، صورت في فيلات فخمة و تبرز حياة غريبة عنا، كلها بذخ و رفاهية و سيارات فارهة و أزياء فاخرة، و بعضها تنقلنا إلى قصور و يوميات السلاطين.. بينما لدينا قرى و مداشر و تراث، يمكن أن تستغل في تقديم أجمل الأعمال.
الجزء الثاني من «طيموشة» لا يحمل مفاجآت كبيرة
. هل سنراك مجددا في عمل من إنتاج مسرح قسنطينة مع زملائك القدامى؟
ـ لا أعتقد أنني سأقف على المدى القريب و المتوسط على خشبة المسرح في عمل جديد، و لو أن أب الفنون هو حبي الأول و مدرستي الحقيقية في التمثيل، و أدين له بالكثير، للأسف مسرح قسنطينة فقد وهجه و تراجع كثيرا، و أصبح بمثابة دار شباب، يقدم   اسكاتشات يتم إعدادها في وقت قياسي و تعرض مرة أو مرتين، ثم تختفي، فلا مسرحيات ذات نوعية جيدة و لا جولات فنية عبر مختلف أنحاء الوطن.
. لو عرض عليك تصوير مسلسلات أو أفلام يتم إنتاجها بقسنطينة، هل توافق؟
ـ تم الاتصال بي من طرف زملائي بقسنطينة من أجل تصوير فيلم «ريح تور2» للمخرج عزيز شولاح، و وافقت، كما عرضوا علي المشاركة في مسلسل جديد من 30 حلقة، للمخرج علي عيساوي و وافقت أيضا.
. حدثنا عن يومياتك في رمضان..
انتظروني في فيلم و مسلسل بقسنطينة
ـ أواصل هذه الأيام تصوير سيت كوم «طيموشة 2 « في النهار، و أقضي سهرات رمضان في بيتي، أحن كثيرا لقسنطينة التي لم أزرها منذ ثلاث سنوات، فلرمضان بها نكهة خاصة لا يمكن أن يجدها المرء في أي مكان آخر. أحن إلى أطباق مدينتي التي تعتبر الأفضل في الجزائر، دون منازع، خاصة جاري الفريك و الشخشوخة و الكسكسي..                                       
إ/ ط

الرجوع إلى الأعلى