* نقوم بتطوير علاج يركز على الاستجابة المناعية
يوضح الدكتور أمير بوفنزر، الباحث بشركة التكنولوجيا الحيوية المتخصصة في علاج الالتهابات الحادة والمزمنة بفرنسا “إينوتريم”، بأن السلالات المتحورة لفيروس كورونا تنتشر بسرعة كبيرة جدا، لكن أعراضها ليست خطيرة مثلما هو مسجل مع السلالة الأولى، ويؤكد الباحث الجزائري الحاصل على دكتوراه في العلاج المناعي من جامعة لورين أن الأشخاص الملقَّحين معنيون أيضا بالإجراءات الوقائية، كما يرى أن 60 بالمئة من السكان، على الأقل، بحاجة للتطعيم، ليكشف في حوار للنصر أنه يشارك حاليا في تطوير علاج لكورونا بلغ مرحلة التجارب السريرية.
حاورته: ياسمين بوالجدري
بعد استقرار نسبي دام لأسابيع، عادت إصابات كورونا لترتفع ما جعل حكومات العالم تقرّ إجراءات جديدة للحد من تفشي الفيروس. هل نحن أمام موجة جديدة من الجائحة؟
لا أعتبر ما يحدث موجة جديدة، فالموجة الجديدة تعني أن فيروسا جديدا ظهر. ما يحدث برأيي هو انتعاش لفيروس «سارس كوف 2» تُرجم في تحولات، حيث انتشرت الطفرات بسرعة كبيرة مقارنة بالسلالة الأولى التي ظهرت في ووهان الصينية.
يجب تطعيم 60 بالمئة من السكان
كيف تفسر هذا الارتفاع رغم الشروع في حملات التطعيم منذ أشهر؟
هناك عوامل كثيرة تفسر هذا الأمر، ومن بينها نسب التطعيم. نعلم أن معظم البلدان لم تصل إلى نسبة 30 إلى 40 بالمئة في التلقيح، و منها فرنسا و أوروبا عامة. هناك بلدان قليلة نجحت في هذا الأمر وهو ما يفسر منح حرية أكبر لسكانها في الحركة.
الفرضية الثانية، هي أن إجراءات التباعد و الوقاية لا تطبق بشكل جيد، و قد أظهرت دراسات أن الحجر المطبق في أوروبا و خارجها، غير مفيد لأن الشخص المصاب بالعدوى سيظل في منزله مع أفراد عائلته و سينقل الفيروس إليهم بسهولة، و حتى لو كان هذا الشخص في غرفة بمفرده سيكون لزاما تقديم الطعام و الدواء له، فسينتشر الفيروس بسرعة كبيرة.
ما يزال سباق اللقاحات متواصلا بعد أن حصدت الجائحة أزيد من 3 ملايين شخص توفوا طيلة عام. في تقديرك ما هي نسب التطعيم التي يجب بلوغها للقضاء على فيروس كورونا؟
ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، و من يعتقد أنه يمكنه الإجابة عليه بصورة صحيحة بنسبة 100 بالمئة سيكون مخطئا. عملنا كباحثين لا يدخل في مجال العلوم الدقيقة بل هو بحث علمي والبحث العلمي يكون دائما محل شك، لكن ما أظنه هو أنه يجب الوصول إلى تطعيم 60 بالمئة على الأقل من السكان ليتوقف الفيروس عن الانتشار، موازاة مع الاستمرار في تطبيق إجراءات التباعد و الوقاية، فهناك دراسة بينت أن المصاب بسلالة فيروس "سارس كوف" التي ظهرت سنة 2003، يمكن أن ينقل العدوى لشخص آخر حتى لو كان يبعد عنه بمسافة 20 مترا.
التحور الذي شهدته السلالة البرازيلية مختلف
صحيح أنه يجب الوصول إلى نسبة تلقيح كبيرة تتراوح من 60 إلى 70 بالمئة لتحصين السكان ضد فيروس كورونا على الأقل، لكن هذا الأخير ذكي جدا فمجرد أن يُقابَل بمقاومة لدى الانسان، يتحول عن طريق طفرة و يحدث تغييرا في قراءة جينومه فيقاوم داخل الجسم. نظرا لكل هذا، يجب الالتزام بالوقاية و التباعد الاجتماعي بين الأشخاص.
إلى أي درجة يعتبر الشخص الذي أخذ اللقاح محميا من الإصابة مجددا؟
أظهرت الأبحاث أن كل شخص أخذ اللقاح ضد كورونا، محمي بشكل أكبر من الفيروس لكن ليس بنسبة 100 بالمئة. شخصيا، أعرف أناسا أصيبوا بالعدوى بعد التلقيح، و قد نفسر هذا الأمر بأن التطعيم لم يساعد على إنتاج الجسم لكمية كافية من الأجسام المضادة، فيكون المريض معرضا للإصابة مرة ثانية.
الجيد في الأمر هو أنه و حتى لو انتقل الفيروس مجددا للشخص الملقَّح، فإن الأعراض الخطيرة للمرض لا تظهر عليه بصفة عامة، و لا يتم إدخاله لمصالح الإنعاش، إذ تكون الأعراض بسيطة مثل آلام الرأس و الحمى و ذلك لمدة تتراوح من 3 أيام إلى أسبوع.
هل يمكن للشخص الملقَّح أن يتسبب في نقل العدوى للآخرين؟
أجل، لكن من المهم كذلك أن نعلم بأن الشخص المُلقًّح أقل نقلا للعدوى مقارنة بغير المُلقًّح، و هو ما أثبتته العديد من الدراسات العلمية. مبدأ التطعيم هو حماية المُلقًّح وكذلك حماية الأشخاص الآخرين.
ما الذي يجب فعله بعد أخذ التطعيم ضد كورونا؟
مواصلة احترام تعليمات التباعد الجسدي و ارتداء القفازات إلى غاية القضاء على الجائحة، و أوضح هنا أن الشخص المُلقَّح يُحقَن بمستضدات الفيروس فيطور ذاكرة و في حال وصول الفيروس إليه، فإن جسمه يستجيب بسرعة.
هذا ما يجب فعله بعد أخذ اللقاح
ظهرت السلالتان النيجيرية و البريطانية لكورونا في عدد من دول العالم و منها الجزائر. و قبل أسابيع قليلة سمعنا عن سلالة جديدة قادمة من البرازيل. ما مدى خطورة هذه الفيروسات المتحورة؟
لقد ظهرت السلالتان البريطانية و الجنوب أفريقية و السلاسة البرازيلية، هذه الأخيرة التي تعد الأهم حاليا فالتحور الذي حدث بالنسبة إليها مختلف مقارنة بالأولى و الثانية. ما نعلمه حاليا هو أن هذه الفيروسات المتحورة تنتقل بسرعة كبيرة جدا مقارنة بالسلاسة الأولى و هو ما يفسر ارتفاع عدد حالات الإصابة بها، لكنها و في حال انتقلت لشخص، تسبب أعراضا أقل خطورة مما هو مسجل في السلاسة الأولى التي كانت تحدث أعراضا خطيرة باحتمال يصل إلى 50 بالمئة عند كل شخص.
تسببت سلالة جديدة لكورونا ظهرت في الهند في وفيات قياسية خلال الساعات الأخيرة وسط مخاوف عالمية من انتشارها بباقي البلدان. ما الذي يميز هذه الطفرة؟
بالفعل، الأمر يتعلق بالمتغير الهندي «بي.617.1» حيث شهد عدة طفرات بينها طفرتان مستا البروتين «سبايك» و هو المفتاح الذي يسمح لفيروس «سارس كوف 2» بالدخول للخلية و إعطاء الشكل التاجي لها.
ما نعيشه ليس موجة جديدة من الجائحة
لقد تعرّف العلماء على هذين الطفرتين و يتعلق الأمر بـ “أل.452.آر” التي اكتشفت من قبل في الفيروس المتحور في الولايات المتحدة الأمريكية، و الطفرة “إي.8.4.كو” و التي تشبه المتغير المكتشف في جنوب أفريقيا و البرازيل.
العلماء و المختصون في علم الأوبئة يؤكدون أن هذه السلالة قوية و معدية أكثر، لهذا أصبحنا نتحدث عن المتحور المزدوج، لكن من المبكر جدا القول إن هذه السلاسة مميتة أكثر.
تقومون على مستوى مخابر شركة «إينوتريم” بفرنسا، بأبحاث لإيجاد علاجات لكورونا، و قد تكللت بالشروع في تطوير دواء. ما هي آلية عمل هذا العلاج؟
الدواء دخل مرحلة التجارب السريرية و ميكانيزم عمله يتمثل في تعديل الاستجابة الالتهابية لدى الشخص المصاب بكورونا، فعلى عكس الأنواع الأخرى من الأدوية، نستهدف في هذا العلاج مستقبِلا آخر هو البروتين «تي.آر.آم.1» فهو يلعب دور تضخيم الاستجابة المناعية بوساطة المستقبلات الشبيهة بالتول «تي.آل.آر”. الجيد في هذا العلاج هو أنه يعدل الاستجابة المناعية مع الحفاظ على التوازن بين نسبة السيتوكين المؤيد للالتهاب و السيتوكين المضاد للالتهاب.
لا نعلم بعد كيف سيؤثر كورونا على مناعة البشر
متى سيكون هذا الدواء متاحا في السوق؟
لم نصل بعد لمرحلة التسويق إذ لا نزال في المرحلة الثانية في التجارب الإكلينيكية أي أننا جربنا الدواء على عدد محدد من الأشخاص بين 50 و 100 مريض، و للمرور إلى المرحلة الثالثة يجب رفع عدد المرضى للحصول على نتائج ذات معنى من الجانب الإحصائي. ما نقوم به حاليا هو المرحلة «2.ب» بعد أن أتممنا المرحلة «2.أ».
الحديث عن نتائج إيجابية يستدعي المرور إلى المرحلة الثالثة و التي تتوقف على تجريب هذا الدواء على عدد أكبر من السكان يتراوح من 300 إلى 3 آلاف مريض.
الأشخاص المُلقَّحون معنيون أيضا بإجراءات الوقاية
في الأخير، كيف سيؤثر فيروس كورونا على مناعة البشر مستقبلا؟
سؤال جيد جدا. في الوقت الحالي لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال لأن ذلك يتطلب وقتا، لكن ما نعلمه هو أن كورونا أحدث تغييرات في الجانبين الاقتصادي و الاجتماعي و حتى طريقة تفكير الأشخاص، كما أنه أحدث تغييرات في الجانب النفسي.
ي.ب

الرجوع إلى الأعلى