يرى الممثل الفكاهي عنتر هلال أن فناني جيله طبعوا مرحلة معينة كان فيها المشاهد محدود الخيارات والفنان يقدم أعمالا نوعية،  إلا أن الانفتاح الإعلامي أفرز ضوابط جديدة لآلية التفاعل مع الأعمال،  تحكمها حسبه منصات يوتيوب و تيك توك وفيسبوك، معترفا بأن الشاشة فقدت نسبة كبيرة من جمهورها ومن قدرتها على التأثير  ، ما انعكس برأيه على أذواق المشاهدين، كما انتقد النجم  في حوار للنصر تراجع المنافسة في الانتاج التلفزيوني و  تزايد استهلاك الأفكار المستوردة.  وبخصوص غيابه عن الشاشة قال عنتر هلال أنه مقل مقرا بوجود أزمة نصوص، مستبعدا فكرة إعادة بعث شخصية عيسى سطوري إن لم يكن ذلك في إطار سيناريو يلائم التغيرات الحاصلة في المجتمع، وذلك لتلافي تكرار ما حدث مع تجربة أعصاب وأوتار.
حاورته : هدى طابي 
كما يتحدث الفنان، عن إمكانيات عودة شخصية عيسى سطوري للشاشة وعن سلسلة عاشور العاشر و ينتقد من جهة ثانية، عقلية  الإقصاء التي تسير بها بعض الهيئات الثقافية في قسنطينة.
النصر: تراجع ظهورك في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ خلال المواسم الرمضانية، هل هو غياب طوعي أم تغييب؟
ـ عنتر هلال: هو تغييب فرضته متغيرات اجتماعية فجيلنا طبع مرحلة معينة كان فيها المشاهد محدود الخيارات والفنان مجبر على تقديم عمل نوعي، لكن الانفتاح الإعلامي ضاعف الإنتاج وأفرز  بالمقابل ضوابط جديدة لآلية التفاعل معه، فما يراه المشاهدون وما يتفاعلون معه أكثر هو ما يروج له عبر يوتيوب و تيك توك وفيسبوك، بمعنى أن الشاشة الصغيرة فقدت نسبة كبيرة من جمهورها ومن قدرتها على التأثير بعدما سرقت منها هـذه المنصات غالبيـــــــــــة متابعيــــــــــها، وهـــــــو أمر انعــكس على أذواق المشاهدين خصوصا في ظل ضعف المنافسة الفنية و تزايد استهلاك الأفكار المستوردة بفعل الغـــــــــــــــزو الثقافي الذي خلفته مواقع التواصل.
الشاشة فقدت نسبة كبيرة من قدرتها على التأثير
قد أكون مقلا في الظهور نوعا ما، لكنني لست غائبا كليا، بل أشارك في عدد من الأعمال وبمعدل سنوي تقريبا، هذا الموسم مثلا، قدمت عملين منفصلين أولهما هو «خوخا و الحامدي»، سلسلة من 25 حلقة  هي أول تجربة إخراجية لي، وقد عرضت على تلفزيون خاص،  أما ثاني عمل فقد عرض على كنال آلجيري وعنوانه «قط مان» أو الرجل القط، وهو نص لمغترب جزائري مقيم في فرنسا، ولعل الاختلاف في نمط العيش وفهم علاقة الإنسان بالحيوان،  هو ما أثر على نجاح المسلسل و انعكس على أداء الممثلين، رغم  مشاركة أسماء مهمة فيه على غرار فطيمة حليلو و حسين بيزا.
 ما رأيك في الأعمال والإنتاجـــــات التي عرضـــــــــــت على الشاشة خلال رمضان المنقضي؟
ـ هذا الموسم ورغم أنه عرف وفرة في الإنتاج، إلا أنه عكس غيابا كليا للمنافسة الفنية الحقيقية و ضعفا في مجال كتابة  السيناريو، يمكن القول بأننا نعاني من أزمة إبداع و أننا أصبحنا مستهلكين لا منتجين للأفكار، بعدما أدمننا استيراد كل ما هو جاهز، فجل ما عرض هذا الموسم تقريبا، كان تقليدا لبعض الأعمال التركية و المغربية، دون اجتهادات إضافية تضمن مراعاة الخصوصية المجتمعية الجزائرية.

البوغي فشل في تصوير البيئة القسنطينية
 ثقافة الاستهلاك طغت فنيا في الشاشة و  حتى في المسرح، و الاعتماد بات شبه مطلق على النسخ واللصق و الاقتباس، الذي يعد في نظر البعض نوعا من «الاختلاس» خصوصا إذا ما تعلق الأمر بتقديم الفكرة الأصلية دون تعديلات أو تحوير.
 في اعتقادي هناك مشكل حقيقي فيما يخص حقوق التأليف، ويجب أن تتدخل الجهات المسؤولة لإعادة تنظيم عملية الإنتاج  وفرض الهوية الجزائرية على ما يقدم للمشاهد، شخصيا تابعت بعض الأعمال على غرار مسلسل « مشاعر» مثلا، وقد فوجئت بالقصة الدخيلة تماما عن الواقع الجزائري.
أسماء كثيرة طرحت كبدائل لصالح أوقروت الذي انسحب هذا الموسم من دور عاشور العاشر، هل تواصل معك المخرج جعفر قاسم لأداء الدور وهل تمنيت المشاركة في هذه السلسلة؟
ـ  صراحة لم يتواصل معي أحد لأخلف أوقروت أو لأشارك في العمل في حد ذاته، مع ذلك أقر بأن جعفر قاسم مخرج مبدع حتى وإن لم أتفق معه في جانب الحوار أو لغة الحوار تحديدا، فلست ممن يميلون إلى إدخال الدارجة اليومية على الأعمال الفنية، لأن حديثنا اليومي يتضمن كلمات و تعابير سوقية نوعا ما، و لا أعتقد بأنها ترقى لمستوى يسمح بتوظيفها فنيا حتى وإن كان ذلك لغرض الفكاهة، أنا لا أنتقد لكنني مع التقيد بلغة الفن، العمل في حد ذاته جميل من ناحية الإخراج و الأزياء و الديكورات، لكن الحوار نقطة سلبية تحسب عليه.
مواقع التواصل سرقت المشاهد  من الشاشة
ماذا عن شخصية عيسى سطوري، هل يمكن أن تعود إلى الشاشة مجددا؟
ـ  لا أعتقد، بالنسبة لي شخصية عيسى سطوري انتهت كليا، و أفضل حقا أن أحافظ على صورتها جميلة في ذاكرة المشاهد، وذلك لأنني تعلمت من تجربة سابقة، ففكرة التجديد و العودة قد تكون جيدة و واعدة، لكن المونتاج قد يفسد العمل و يتسبب في فشله، وهو تحديدا ما حصل مع سلسلة «أعصاب وأوتار وأفكار» لحازورلي، فرغم أن المخرج قدم جهدا كبيرا و حاول جمع كل طاقم أعصاب و أوتار فيما يشبه احتفالا بلم الشمل، إلا أن النتيجة النهائية لم تكن في مستوى التطلعات، لأن الجهة المنتجة آنذاك، خفضت مدة العرض من 26 دقيقة إلى 10 دقائق و بالتالي أخلت بترتيب الأفكار و أساءت للعمل ككل وهو أمر يجهله المشاهدون.   
عاشور العاشر وقع في فخ الحوار
 ربما يصح أن نقدم شخصية عيسى سطوري مجددا، لكن ضمن قالب مختلف يأخذ بعين الاعتبار مرور السنوات و تغير الظروف وغير ذلك من المعطيات، لكن شريطة الاعتماد على سيناريو مختلف تماما بعيدا عن اجترار الفكــــــرة القديمة المستهلكة.
 سينمائيا كانت لك مؤخرا مساهمة بسيطـــــــة في فيلم البوغي، فهل سنراك قريبا في عمل آخر؟ وكيف ترد على من انتقدوا هذا العمل وقالوا بأنه فشل؟

ـ في البوغي، كانت لي مشاركة بسيطة، و لكي أكون صريحا لست مقتنعا بالنتيجة النهائية التي قدم بها العمل، فما شاهدناه ليس بمستوى ما كنا نتطلع إليه أو ما اعتقدنا بأننا سنشاهده، منذ البداية لم أقتنع فعليا بتوزيع الأدوار و السينوغرافيا، كما أن المنتج لم يقدم المال الكافي لتحقيق معادلة الحرب والحب في تصوير الأحداث.
 حتى من خلال الأزياء و المشاهد، لا أعتقد بأن الفيلم وفق كليا في تصوير البيئة القسنطينة في ذلك الوقت،فقد ركز على تصوير الحياة البورجوازية لعائلة البطلة « نجمة»، في حين أن الفقر كان يطبع معيشة غالبية القسنطينيين آنذاك، في رأي الأعمال التاريخية عموما يجب أن تتصالح مع الواقع وتقدمه دون تجميل، وهو أمر ينسحب حتى على الدراما الحديثة وبالأخص الرمضانية.
في ما يتعلق بمشاريعي القادمة، فأنا أملك الكثير من العروض و النصوص، لكن المشكل في الإنتاج، وتحديدا في ثقافة الإنتاج التنفيذي التي انتشرت مؤخرا، فهؤلاء يفكرون بمنطق مادي محض بعيدا عن التصور الفني المطلوب، وعليه  أشدد على أهمية الانتباه أكثر للكتاب الجزائريين و العودة للاقتباس من الأدب الجزائري لإثراء الإنتاج و تحفيز الإبداع.
طريقة تسيير اللجنة الثقافية لبلدية قسنطينة خاطئة
لنختم بالحديث عن لجنة النشاطات الثقافية لبلدية  قسنطينة، هل تعتقد بأنها قادرة على إعادة المدينة إلى الواجهة الفنية والثقافية من جديد؟
ـ لا أعتقد بأن اللجنة تقوم بعملها كما يجب، هناك خلل اتصالي حقيقي فيها، وذلك بسبب العقلية المسيطرة على تسييرها والتي تكرس المحسوبية، أنا شخصيا همشت مرارا  والتواصل معي من قبل أعضائها، لا يكون سوى عند الحاجة إلي وليس من منطلق المشاركة الفنية. لذا أعتقد أنه من الواجب على مسؤوليها تجديد النفس و اعتماد الفكر التشاركي في العمل بعيدا عن أية خلفيات، مع التركيز أكثر على شق
 الإعلام.                                    هـ /ط

الرجوع إلى الأعلى