الجزائــر شهــدت لأول مــرّة انخــراطا للشبـــاب والجامعيــين في العمــل السيـاســــي
* عتبة 05 بالمئة من الأصوات ستصنع مفاجآت كبيرة في التشريعيات
أكد مدير مخبر الأمن الإنساني بجامعة الحاج لخضر –باتنة 01- على أهمية الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثاني عشر جوان لإحداث التغيير، بغض النظر عن نسبة المشاركة التي يتوقع أن تكون ضئيلة بالنظر لعوامل عدة اعتبرها طبيعية، على غرار المشاركة الواسعة لأول مرة لشباب وإطارات، بعد أن ظلت الترشيحات حكرا على أحزاب ووجوه، معتبرا أن فسح مجال الترشح أثر في استقطاب الهيئة الناخبة خلال الحملة  لغياب الخبرة السياسية لدى أغلب المترشحين، وأوضح بأن المشاركة الواسعة ستشتت الأصوات وتحدث مفاجآت مشيرا إلى بروز المعيار العائلي بدل المعيار القبلي أو العرش لاستقطاب الهيئة الناخبة لكثرة عدد المترشحين، وتوقع مدير مخبر الأمن الإنساني أن يكون البرلمان القادم عبارة عن فسيفساء من المترشحين، وقال بأن ذلك لا يلغي اختيار كفاءات منه لتشكيل الحكومة المقبلة.  
* بداية ما تعليقكم عن صدى الحملة الانتخابية للتشريعيات منذ بدايتها؟
الحملة الانتخابية جاءت باهتة إلى حد ما، ومرد ذلك فتح الأبواب لأول مرة أمام الشباب والجامعيين والإطارات الذين كانوا يعتقدون في السابق أن العمل السياسي ممنوع عليهم، وأنه حكر على مجموعة معينة من الأحزاب، وحكر أيضا على بعض الوجوه التي تحتل المشهد السياسي، لهذا فإن هذه الانتخابات التشريعية الوحيدة في الجزائر التي شهدت إقبالا لشباب دون خبرة سياسية، ولا ننسى أيضا أن هذه الانتخابات شهدت إقصاء أشخاص من ذوي السوابق وكذا الوجوه التي اعتادت ممارسات سلبية سابقة، كالظفر بالمقاعد ضمن نظام الكوطة وأخرى على صلة بالمال الفاسد، وهذا عامل جعل من يترشح لأول مرة من الشباب  معزولا في الميدان دون تقاليد يمكن اتباعها، بالإضافة لضعف المورد المالي لكثير من المترشحين على الرغم من إعانة الدولة الأمر الذي جعل الحملة تكون باهتة.
جائحة كورونا وضعف المورد المالي شجعا الحملة عبر العمل الجواري
* هل يمكن أن نعتبر الإقبال على الترشح دون الخبرة السياسية للشباب بالمؤشر السلبي؟
لا على العكس تماما، فعندما نقول إن الحملة الانتخابية باهتة بسبب الإقبال الواسع للمترشحين لأول مرة دون خبرة سياسية، فهذا مؤشر إيجابي لأنه لأول مرة بالجزائر ينخرط بهذا العدد الشباب من الجامعيين والإطارات والمنخرطين في المجتمع المدني في العملية السياسية، ودعني أوضح هنا، أن الانخراط هذه المرة ليس بالانخراط الذي شهدته الجزائر بقوة في انتخابات بداية التسعينيات، لأن سيناريو تلك الفترة هو انخراط في الحياة السياسية من شكل آخر أراد خلاله الشعب الانتقام من النظام السابق، أما هذه المرة فالهدف هو المشاركة في الحياة السياسية الحقيقية، لما لمسه الشباب من تطمينات وصدق والبعد عن التزوير وتزايد للوعي.
* ما تفسيركم للمشاركة الواسعة للقوائم الحرة مقارنة بقوائم الأحزاب؟
مشاركة القوائم الحرة الواسعة، وبشكل قوي، كان أمرا متوقعا وطبيعيا بعد الحراك الشعبي الذي زعزع الطبقة السياسية والأحزاب العتيدة التي فقدت الثقة، ومع ذلك فاكتساح القوائم الحرة للترشيحات لا يعني بالضرورة فوزها، لأن قاعدة إلزامية الحصول على نسبة خمسة بالمئة من الأصوات سيشتت الأصوات المعبر عنها وسيسقط الكثير من القوائم، وهنا تكمن خطورة الأحزاب التي تعتمد في رصيدها على وعائها، لتحصيل نسبة تتجاوز الخمسة من المئة، ما سيشكل صدمة لكثير من الإطارات التي شاركت ضمن القوائم الحرة.
انتخابات هذه المرة لا تشبه انتخابات حقبة التسعينيات
* ما معايير حظوظ المترشحين علما أن معيار العرش يعرف هذه المرة انقسامات؟
صحيح ما ذهبت إليه، أن معيار العرش المعول عليه كثيرا في المواعيد الانتخابية، يعرف هذه المرة انقسامات بالنظر لكثرة عدد المترشحين من داخل العرش الواحد، ولنا في ولاية باتنة مثال التي تبرز بها حوالي ستة أعراش كبيرة ومعروفة، ترشح عنها الكثير من المنتمين إليها، وهو ما أدى إلى بروز فرق وعائلات ففرضت هذه الانتخابات التشريعية الانتقال من معيار العرش أو الجهة أو المعيار القبلي، الذي كان عادة ما يستفيد منه الشخص المترشح الواحد في السابق، إلى معيار الفرق أو المعيار العائلي، كما أن معايير استقطاب الهيئة الناخبة، لن تستند إلى البرامج هذه المرة بقدر ما ستستند إلى نزاهة وكفاءة المترشحين.
* لماذا تعتقدون أن معيار الوجوه الجديدة يغلب على معيار البرامج؟
الانتخابات التشريعية هذه المرة لها خصوصياتها، فهي جاءت للتغيير بعد الحراك الشعبي، وما هو ملاحظ أن جميع المترشحين سواء أحزاب أو قوائم حرة يشتركون في البرامج، والهدف من التشريع في النهاية، هو حل المشاكل الكبرى من الدفع بالتنمية الاقتصادية والقضاء على البطالة وأزمة السكن، ثم إن المشكلة في تحقيق الأغلبية البرلمانية لأنه حتى وإن كنت تحوز على برنامج فبدون أغلبية لا يمكنك تطبيقه، كما أن الكثير من المترشحين في الأحزاب الجديدة هم ليسوا بمناضلين وإنما اتخذوا من تلك الأحزاب غطاء للترشح فقط.
* كيف تتوقعون الإقبال على صناديق الاقتراع في الثاني عشر جوان؟
الإقبال في الانتخابات التشريعية عادة ما يكون محتشما، وهو أمر طبيعي وهذه المرة ستتحكم فيه عدة عوامل نظرا لتغيير آلية الانتخابات عما كانت عليه. ففي السابق كان متصدر القائمة ومن يليه أكثر شغفا في تنشيط الحملة الانتخابية لحصد الأصوات، ناهيك عن اعتماده نظام الكوطة، وهذه المرة آلية الانتخاب تختلف وجل القوائم يتواجد بها مترشحون تم إدراجهم في القوائم من أجل ملء القائمة فقط، وهذا عامل مؤثر في استقطاب الهيئة الناخبة، بالإضافة إلى ما تحدثنا عنه في البداية حول غياب الخبرة السياسية هذه المرة لدى أغلب المترشحين ولا بد ألا ننسى أن حملة الانتخابات تجري في ظروف استثنائية لانتشار فيروس كوفيد، ما يجعل الحضور في القاعات محتشما، وهو ما جعلنا أيضا نشاهد تركيز أغلب المترشحين على العمل الجواري عبر الأحياء والبلديات ومن أسباب هذا ضعف المورد المالي.
* كيف تتوقعون شكل البرلمان القادم وهل يمكن أن تكون فيه كتلة أغلبية؟
كما أشرت لك سابقا حول إحداث قاعدة إلزامية حصد خمسة بالمئة من الأصوات، لمفاجآت أمر وارد ما يعني إسقاطها لقوائم لعدم بلوغها الحد الأدنى، وهنا فإن البرلمان القادم سيكون عبارة عن فسيفساء دون كتلة أغلبية، وأتوقع أن تحصد الأحزاب التقليدية إلى جانب الأحزاب الإسلامية ما نسبته 15 إلى 20 بالمئة من المقاعد في حال تجاوز القوائم الحرة لعتبة الحد الأدنى المقدرة بخمسة من المئة، وفي حال عدم تجاوزها للعتبة فإن حظوظ الأحزاب ترتفع إلى حدود حصد خمسين بالمئة من المقاعد. وإذا كنا أمام برلمان فسيفساء فهذا يعني تكريس اعتماد برنامج رئيس الجمهورية، الذي يتعين عليه تعيين وزير أول وليس رئيس حكومة.
احتمال عدم تشكل كتل برلمانية لا يلغي اختيار نواب ضمن الحكومة المقبلة
* في حال كان البرلمان «فسيفساء»، هل يمكن اختيار نواب منه كأعضاء في الحكومة المقبلة؟
اختيار أعضاء من الحكومة المقبلة من البرلمان، حتى وإن كان الأخير عبارة عن فسيفساء دون كتل أمر وارد جدا، فالمترشحين ضمن القوائم الانتخابية هذه المرة جلهم جامعيين من الإطارات التي تتوفر فيهم الكفاءة والسمعة الجيدة، وهو أمر يشجع على تشكيل الحكومة من أعضاء بالبرلمان الجديد حتى ولو لم تكن هناك أغلبية برلمانية، لأن برنامج الحكومة في نهاية المطاف سيعرض للتصويت على البرلمان، إذن عدم تحقيق الأغلبية لن يلغي احتمال اختيار نواب لتشكيل الحكومة المقبلة.      
حاوره: يـاسين عبوبو

الرجوع إلى الأعلى