ارتفاع الإصابات لا يعني بالضرورة أننا بلغنا ذروة الموجة الثالثة
أكد البروفيسور رضا جيجيك، رئيس مصلحة مخبر المناعة الطبية بمستشفى بني مسوس، في حوار مع النصر، صعوبة  الوضعية الوبائية التي تمر بها الجزائر هذه الأيام،  مؤكدا أننا أمام موجة وبائية ثالثة، لكن لا يمكن القول إننا بلغنا ذروتها ، لأننا أمام فيروس متحور شرس و خطير و سريع الانتشار.

حاورته: وهيبة عزيون

و يدعو البروفيسور جيجيك المواطنين إلى الالتزام بالحجر و إجراءات الوقاية، وحذر من التجمع في طوابير ا بمراكز التلقيح التي من شأنها أن تزيد من انتشار العدوى، لكن يبقى التلقيح هو الحل الأمثل، كما أكد، لتجاوز الأزمة ، مؤكدا أن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين، و بعدهما يمكن رفع وتيرة التلقيح بعد انخفاض أرقام الإصابات.
حسب المتحدث، فإن بلوغ  المناعة الجماعية في الجزائر سيكون مع نهاية  السنة الجارية، بتلقيح نصف عدد سكان البلاد.
النصر : كيف تصف الوضعية الوبائية حاليا في الجزائر؟
– رضا جيجيك : الوضع صعب جدا ، و الأرقام دليل قاطع على أننا دخلنا  الموجة الثالثة من الأزمة الوبائية  ، التي تتطلب تجنيد كل الإمكانيات و تكاثف جهود كل  فئات المجتمع، من ممارسي الصحة و كذا المواطنين،  للتصدي لهذا الفيروس القاتل ، الأرقام ترتفع يوما بعد آخر، و الوضع حساس جدا .
 هل بلغنا ذروة الموجة و هل ستواصل الأرقام الارتفاع أم أنها ستنخفض خلال الأيام المقبلة؟
– لا نستطيع أن نؤكد أننا بلغنا ذروة الموجة ، الفيروس المتحور يمكنه أن يفاجئنا في أية لحظة، لكن لا يمكن أن نقول أن الأرقام ستواصل الارتفاع،  أم أنها ستستقر و تنخفض بعد ذلك ، فلكل موجة خصوصيتها، حسب طبيعة الفيروس ، و نحن الآن أمام فيروس متحور،  يمكن أن يحمل معه مفاجآت كثيرة، لكن المعروف علميا، أن كل موجة في بدايتها، تعرف تصاعدا محسوسا في المنحنى الوبائي ، و بعد أسبوعين يحدث  الاستقرار، ثم ينزل المنحنى و تنخفض الإصابات.
مقارنة بالموجتين السابقتين، ما هي خصوصية هذه الموجة ؟
– خصوصية هذه الموجة تتعلق بمتحور «دلتا»، دون غيره  من  الفيروسات المتحورة لكورونا ، التي انتشرت مؤخرا ، و دلتا  معروف بسرعته الكبيرة في الانتشار و العدوى ، وهو سبب تسجيل أعداد كبيرة من المصابين من مختلف الأعمار،  فهناك عشرات الآلاف من المصابين في الجزائر.
و كلما تزايدت الإصابات، تزايدت معها حالات الاستشفاء، ما سبب الاكتظاظ في المستشفيات، خاصة في ظل تزايد عدد الحالات الحرجة التي تحتاج للإنعاش كما سجل عجز في الأسرة ، و تزايد الحاجة للأوكسجين، ما أدى إلى  ظهور مشكل الأوكسجين في المستشفيات، و مشكل اختبارات كورونا في المخابر ، حاليا لا توجد عائلة في الجزائر لا تخلو من مصاب أو أكثر بالوباء.
بعض الأطباء أكدوا على أهمية الخضوع لفحص كوفيد 19 قبل أخذ اللقاح ، هل ترى أن هذا الإجراء ضروري؟
– إلى غاية  الساعة لا توجد توصيات علمية  تبرز أهمية أو إلزامية الخضوع لاختبار كوفيد19 قبل أخذ اللقاح.
 الحل الوحيد اليوم  لتجاوز الأزمة الوبائية، هو التلقيح، لكن ما أطلبه من المواطنين حاليا، هو تجنب الطوابير التي ستصبح في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه من أهم سبب انتشار المتحور دلتا .
ويجب الحذر لأن طوابير المواطنين لأخذ اللقاح التي نراها عبر كل الولايات، قد تشكل خطرا على صحتهم ، كما يجب أن يعلم الجميع أن اللقاح لا يحمي من خطر الإصابة إلا بعد مرور أسبوعين من أخذ الجرعة الثانية ، و هناك أفكار خاطئة منتشرة بين المواطنين، مفادها  أن اللقاح يوفر لهم الحماية من الفيروس منذ أخذ الجرعة الأولى .
فعالية اللقاحات تتضاءل في مواجهة متحور دلتا
هل هذا يعني أن اللقاحات لا توفر الحماية  الكاملة خاصة من الفيروسات المتحورة؟
– علميا  كل اللقاحات الموجودة تحمينا من فيروس كورونا، و سلالاته المتحورة ، و نسبة الحماية مرتفعة جدا ، غير أن فعالية هذه اللقاحات تقل نوعا ما ، في مواجهة متحور « دلتا» الذي يعد الأخطر و الأشرس،  لأنه أسرع انتشارا من غيره أضعاف المرات، عموما فعالية اللقاح تظهر بعد أسبوعين من أخذ الجرعتين الأولى و الثانية.
يدور حديث مؤخرا في العالم ، عن إمكانية إضافة جرعة ثالثة للتصدي للسلالات المتحورة ، أو في حال ظهور أنواع جديدة..
– من المحتمل جدا الذهاب إلى جرعة ثالثة، في حال حدوث تغيرات جينية جديدة في هذه الفيروسات،  لكن التكهن حاليا غير مطروح  و غير وارد ، نحن  نعيش حقيقة صراع  بيولوجي بين الفيروس و العلم ، وكل المخابر العالمية حاليا على درجة عالية من التأهب.
الوفيات ناجمة عن مضاعفات الفيروس و تتعلق بأشخاص غير ملقحين
هل تم تسجيل وفيات بين الملقحين، كما تروجه بعض المواقع؟
– لا.. أنفي نفيا قاطعا هذه الأخبار و  أعتبرها إشاعات ، فمثلا نحن في مستشفى بني مسوس، كل من ماتوا جراء الفيروس اللعين أو من هم في المستشفى حاليا في العناية المركزة هم غير  ملقحين ، و أكرر مرة أخرى أن التلقيح يحمينا بنسبة مئة بالمئة من المضاعفات الخطيرة عند الإصابة، و من احتمال الموت.
انتشار السمنة بين الشباب زادت من احتمال الموت بمضاعفات الفيروس
بما تفسر تزايد الإصابات و الوفيات وسط الشباب ؟
– تزايد عدد الإصابات وسط شريحة الشباب هو تفسير منطقي للأرقام المرتفعة المسجلة يوميا في الجزائر، حيث أننا نشهد إصابات كل الفئات العمرية دون استثناء، بما فيها الأطفال و الحوامل، خلافا للموجة الأولى و الثانية.
أما بخصوص الوفيات المسجلة بين الشباب، فهي تعود أساسا إلى مشكل السمنة ، و  أغلب من قتلهم الفيروس من هذه الشريحة يعانون من زيادة في الوزن.
تحدثت عن تسجيل إصابات بين الأطفال هل سيؤدي ذلك إلى خفض سن التلقيح ؟
– كل هذا مرتبط بالكميات التي تقتنيها الجزائر من اللقاحات، فهناك فئات  معينة يوجه إليها اللقاح، حسب الإستراتيجية الوطنية للتلقيح ، لكن ما يمكن تأكيده من الناحية العلمية، أن ما تغير في فيروس كورونا المتحور بكل أصنافه، هو سرعة الانتشار فقط ، أما الأعراض  فهي نفسها ، و الإصابة عند الأطفال ليست بهذا التهويل الذي نراه على مواقع التواصل الاجتماعي، إنها  حالات منفصلة و قليلة جدا .
ماهي الأمراض التي لا تمنع المصاب بها من أخذ  لقاح كورونا؟
–كل الأشخاص الذين لهم حساسية من مكونات اللقاح يمنعون من التلقيح ، لكن الأمر ليس له علاقة  مثلا بنوع معين من الحساسية ، كالحساسية من القطط أو الغبار، بل من المكونات الكميائية للقاح.
أما الأشخاص الذين يعانون من التهابات و  أمراض المناعة الذاتية، عليهم استشارة الطبيب المعالج قبل التلقيح ، لكي  يشرف على متابعتهم، لتفادي حدوث مضاعفات.
طرحت مؤخرا فكرة استصدار بطاقة التلقيح لدخول الأماكن العامة ، هل أنت متمسك بهذا الطرح مع تزايد الإقبال على التلقيح؟
صحيح طرحت الفكرة على الجهات المسؤولة في الدولة  في وقت سابق، بهدف دفع وتيرة التلقيح ، بعد العزوف الكبير الذي سجلناه في مراكز التلقيح ، لكن الحمد لله حاليا هناك وعي جماعي بأهميته.
تلقيح 50بالمئة  من الجزائريين مع نهاية 2021
متى ستصل الجزائر إلى المناعة الجماعية؟
– حسب الأرقام، الجزائر بعيدة حاليا عن العتبة المرجوة من التلقيح لتحقيق المناعة الجماعية ، حيث تم لحد الآن تلقيح حوالي 4 ملايين جزائري فقط، بينما نحن بحاجة إلى تلقيح أزيد من 70 بالمئة ، أي حوالي 24 مليون نسمة، و بهذه الوتيرة ، فإننا مع نهاية 2021  سننجح في تلقيح 50 بالمئة من السكان، لهذا نحن بحاجة إلى  تكثيف الجهود.
كمختص في علم المناعة، هل من نصائح لتعزيز الجهاز المناعي إلى جانب التلقيح؟
– إن جهاز المناعة له فعالية كبيرة، تحديدا عند الإنسان السليم الذي لا يعاني من أي مرض و يتبع نمط عيش صحي، و في حال تعرض هذا الجهاز  لخلل ما،  يجب الخضوع للمتابعة الطبية عند مختص يقترح علاجا طبيا ملائما لكل حالة .
أما ما يتم الترويج له من خلطات و وصفات لتقوية المناعة، فلا فائدة لها في تقوية الجهاز المناعي حتى عند الأصحاء،  لأنه جهاز يعمل وفق نظام معين، و له فعاليته في حماية الجسم.
التزايد المرعب للمصابين وراء ظهور مشكل الأوكسجين
مع تفاقم الإصابات ظهرت أزمة الأوكسجين و حتى مخابر التحاليل تعاني اليوم من نفاد كواشف التحليل ، كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة ؟
– نحن لا نعاني من أزمة أوكسجين ، ما يحدث طبيعي جدا ، و يمكن أن يحدث في أي منظومة صحية، حتى في الدول المتقدمة ، فلا يمكن لأي منظومة في العالم مواجهة و احتواء كل هذه الأعداد الكبيرة من المصابين،  بأي شكل من الأشكال، و لا يمكن لأي احتياطي أوكسجين أن يكفي كل هذه الحالات .
علينا التفكير بعقلانية و إضعاف سرعة انتشار الفيروس بالعودة بقوة إلى الحجر و إجراءات الوقاية، لتخفيف الضغط على المستشفيات، حتى يتسنى للعاملين في قطاع الصحة علاج و الاهتمام بالحالات الماكثة حاليا في المستشفيات.
الحجر الكامل و الصارم هو الحل الأمثل
كيف يمكن إضعاف سرعة انتشار الفيروس، بما أنك قلت سابقا يجب تفادي الطوابير  للتلقيح ، هل هذا يعني العودة إلى الحجر ؟
– نحن كعلميين نرى أن الحل الأمثل و الفعال لتجاوز الأزمة الوبائية، يكمن في الحجر الصارم  و الكلي لمدة عشرة أيام، حتى تتراجع الإصابات و يخف الضغط على المستشفيات ، لكن اتخاذ قرار مماثل،  لا يتم دون أخذ بعين الاعتبار عدة جوانب اقتصادية و اجتماعية ، و القرار الأخير يعود للجهات العليا في البلاد ، لكن ما يمكن أن نؤكده كمختصين،  أن المنظومة الصحية في الجزائر، لا يمكنها الاستمرار على هذا المنوال إذا بقيت الوتيرة الوبائية على حالها خلال الأسبوعين القادمين .
و . ع

الرجوع إلى الأعلى