شقيق الشاب حسني فتح لي أبواب الشهرة بـ - بابا موسى جا -
* جائحة كورونا أخرت طرح ألبومي الجديد
تعتبر ابنة تاغيت بولاية بشار، نورة قناوة ، سفيرة الأغنية الجزائرية الصحراوية و أول مؤدية للطابع القناوي في الجزائر، و تحدثت في الحوار الذي خصت به النصر، عن تحضيرها لألبوم جديد، هو الثالث في مسارها الفني الممتد على مدار ثلاثة عقود كاملة، مشيرة إلى أن تبعات وباء كورونا أدت إلى تأخرها في طرحه، و عادت بذاكرتها إلى بداياتها في الساحة الفنية و ما بذلته من جهود و صمود  للحفاظ على فنها و مواصلة مسارها خلال فترة العشرية السوداء، و كذا تعاونها مع شقيق الشاب حسني في فيديو كليب أغنية « بابا موسى جا» الذي فتح لها أبواب الشهرة، كما تحدثت عن جوانب من رحلاتها لتمثيل الجزائر في تظاهرات دولية، مضيئة زوايا كانت سرية، في مشوارها الفني.

حاورها: عثمان / ب

النصر: غبت طويلا عن الجمهور، بعدما تربعت على عرش الأغنية القناوية لسنوات، هل لنا أن نعرف السبب ؟
ـ نورة قناوة: ليس غيابا، ربما لم يعد لي حضور كبير عبر الشاشة، لكنني لا أزال وفية  لفني و جمهوري، و لعلم القراء الكرام، بدايتي لم تكن بالطابع القناوي، رغم أنني أول امرأة أدت هذا الطابع في الجزائر، لكن بدايتي كانت سنة 1992 بطابع الحيدوس، الطابع الفني و الموسيقي الذي كان منتشرا ببشار و تاغيت، لكنه لم يكن منتشرا بشكل واسع في الوطن.
لم يكن سهلا أن ألج حينها عالم الفن و الموسيقى، لكن شغفي بالغناء دفعني لذلك و أنا لم أتجاوز 14 سنة من عمري، و لا أخفي عليكم أن أبواب الشهرة فتحت لي من خلال فيديو كليب سنة 1994 ، في ركن «خرجة جديدة» من حصة «بلاد ميوزيك» التي كانت تعرض آنذاك عبر التلفزيون الجزائري، حيث شاركت بأغنية «الدار العالية»، ولاقت نجاحا و كان يرددها الكبار و الصغار عبر مختلف ولايات الوطن، و كان الجمهور يتجاوب معي في الحفلات التي أحييها أو أشارك فيها، و يردد الأغنية معي و هو من شجعني على مواصلة أداء هذا الطابع.
بعد سنة تزوجت، و زادت التزاماتي المنزلية، فقد أصبحت ربة بيت و مسؤولة عن عائلة، رغم ذلك لم أستسلم و قررت مواصلة مشواري الفني، حتى في فترة التسعينات التي كانت تعاني فيها الجزائر من أزمة أمنية، و كان حينها من الصعب على الرجال الخروج من منازلهم ليلا، و تنظيم حفلات، قررت أن أقاوم، و كنت أحيي الأفراح و الأعراس  لإدخال  الفرحة في نفوس الجزائريين، و لم أنقطع عن الغناء، بينما قلصت ظروف  الحجر و الوباء من ظهوري و نشاطي خلال العامين الأخيرين.
انطلاقتي الفنية كانت بطابع الحيدوس
بدأت مسارك الفني بطابع الحيدوس، فهل كانت انطلاقتك الحقيقية بالطابع القناوي من مهرجان موسيقى الديوان؟
ـ لا أعتقد ذلك، فقد بدأت في أداء الطابع القناوي قبل مشاركتي في المهرجان، و كنت أول من أدته في الجزائر، و أشير هنا إلى أن فنانين أصبحوا مشهورين في موسيقى القناوي، كانوا يتحينون الفرص لحضور حفلاتي في العاصمة، من أجل تعلمه مني و هذا بشهادتهم.
بالعودة إلى سؤالك، فإن مشاركتي في  مهرجان موسيقي الديوان (القناوي) كانت سنة 2009، أتذكر أن مدير الثقافة لولاية بشار و محافظ المهرجان اتصلا بي، وطلبا مني المشاركة في  المهرجان، آنذاك كانا يعتبراني «المعلمة» في هذا الطابع الموسيقي، وهذه الصفة تمنح لكبار المغنيين و محترفي هذا الطابع بالخصوص .. تحصلت آنذاك على المرتبة الثانية في المهرجان، و لا أخفي عليكم أنني تعرضت لما يشبه الاحتيال ( تضحك).. هذا ليس كلامي، بل بشهادة لجنة التحكيم، فقد أكد لي بعض أعضائها، أن مقترح منحي المرتبة الأولى قوبل بالرفض من قبل المنظمين، لقد رفضوا أن تكون المرتبة الأولى من نصيب امرأة، و لا بد أن تسند لرجل.
تقبلت الأمر بصدر رحب، لأنني على علم بعادات وتقاليد المنطقة، كما أن من تحصل عليها فنان، ابن بلدي، و لا تهم في مثل هذه الحالات المراتب، بقدر ما يهمنا تطوير الفن و ترقيته.
أود أن أشير أن أول فيديو كليب برصيدي في هذا الطابع، هو لأغنية «بابا موسى جا»، اشتغلت عليه مع هواري، شقيق المرحوم الشاب حسني، كان  يشتغل بمحطة وهران، قمنا بتصوير فيديو كليب للأغنية ببشار، أديت بعد ذلك أغنية ثنائية «ديو» مع مغني بالإنجليزية، كما شاركت في عديد المهرجانات و التظاهرات داخل و خارج الوطن.

شاركت في عدة مهرجانات داخل و خارج الوطن
على ذكر المشاركات، كيف كان تجاوب الجمهور مع أغانيك و أنت تمثلين الجزائر في التظاهرات العالمية؟
ـ كنت سفيرة للأغنية و الفن الجزائري، و لاحظت أن أغاني و موسيقى القناوي  تشد   الأجانب، شاركت في تظاهرات عالمية كبرى كمهرجان «ماما أفريكا» في العاصمة سنة 2012 ، كما كانت لي فرصة لتمثيل الجزائر فنيا في أديس أبابا في تجمع الوحدة الإفريقية، بالإضافة إلى مشاركتي في تظاهرات فنية بفرنسا و تحديدا بستراسبوغ في سنة 2014، و تلقيت آنذاك عروضا للإقامة في فرنسا و عروضا لمشاريع فنية مشتركة، لكن بعض الشروط لم تكن تخدمني و لم أرض بها.
اختفيت نوعا ما بعد فترة، هل يعود ذلك إلى التزاماتك العائلية ؟
ـ ربما، لرعاية عائلتي و تدبير شؤون منزلي، لكن ذلك لم يقف عائقا في مساري الفني، خاصة و أن زوجي فنان، ملحن وعازف، فهو يعزف على جميع الآلات تقريبا، وعازف ماهر على آلة القمبري و ابني أيضا شغوف بالعزف على هذه الآلة، فمن ناحية عائلتي لا أجد أي عائق، بل بالعكس أجد التفهم والدعم والتشجيع، لكن الظهور الإعلامي في بشار نادر، إن لم نقل أنه منعدم.
اشتغلت في بشار و في عدة ولايات ، بالأخص في إحياء  حفلات الأفراح.
أؤدي دائما الفن النظيف و لا أعمل في الأماكن غير المحترمة، لهذا أغلب حفلاتي مع العائلات، و كلما تنقلت إلى العاصمة أجد صحفيين في انتظاري، فعادة ما يوجهون لي دعوات للحضور في البلاطوهات التلفزيونية، و حتى في الإذاعات بأغلب الولايات التي أزورها.
 هل نفهم من كلامك أن البعد عن العاصمة يقلل من الحضور الإعلامي للفنان؟
ـ ليس هذا تحديدا، جغرافيا لا نعاني من العزلة الفنية، بل قد يعود الأمر إلى القائمين على شؤون الفن و الثقافة،  أستغرب كيف لفنانة مثلي، مثلت الجزائر في تظاهرات دولية، و شاركت في عدد من المهرجانات الوطنية، على غرار مهرجاني جميلة و تيمقاد، و لاقت حفلاتي بالعاصمة إقبالا كبيرا من الجمهور و كللت بالنجاح، و رغم كل هذا الرصيد لم أتلق أي دعوة من الوزارة الوصية أو الديوان الوطني للثقافة و الإعلام، لإقامة حفلات كبرى، خاصة في قاعة الموقار أو غيرها من القاعات المخصصة للحفلات في العاصمة، في وقت يتم استقبال فنانين من الخارج بباقات الورود.
أحمل رسالة و مشروعا للحفاظ على الأغنية التراثية
و أشير هنا إلى أنني مغنية تحمل رسالة و مشروعا للحفاظ على هذا الفن و التراث الشعبي من الاندثار، إذ عادة ما أتمسك بتقديم الأغنية التراثية باستعمال آلات تقليدية، على غرار القرقابو و القمبري، سواء في حفلاتي داخل الوطن أو خارجه، كما أزاوج في أغان أخرى بين الآلات التقليدية والعصرية.
و أحييت حفلات مع عازفين عالميين من أمريكا و هما فانسون و سيباستيان، و كانا يعربان دائما عن سعادتهما بالعمل معي، و أكدا لي أنهما يستمتعان بالعزف في حفلاتي، تماما كما يستمتعان مع  الفنان القدير حميد القصري.

 أصدرت ألبومين ألا تفكرين في إصدار ألبوم جديد ؟
ـ لدي ألبومان في السوق الأول طرحته في سنة 2012 بعنوان «البوهالة» و لاقت أغنية «بابا  موسى جا» التي تضمنها هذا الألبوم رواجا واسعا، والثاني سنة 2017 كان يحمل عنوان « إلا كنت فقير أنا»، أملك حاليا ألبوما جاهزا و مجموعة من الأغاني،  لكن التوقيت غير مناسب لطرح الألبوم في السوق، في ظل الأزمة الصحية التي أثرت بشكل كبير على الفنانين و نشاطهم، خصوصا خلال فترات الحجر التي يمنع فيها إقامة الأعراس و الحفلات.
نتفهم هذه القرارات، لأن ما يهم في الظرف الراهن هو أن نحافظ على استقرار الوضع الصحي، لكن هذا الوضع أثر علينا كفنانين، خاصة و أنه لا يوجد  أي دعم على المستوى المحلي، كما أن في الجزائر لا توجد شركات ترعى الفنان، و لا بد أن يستثمر فنيا من ماله الخاص، لهذا نجد صعوبة في التوفيق بين متطلبات الحياة و العمل الفني.
كلمة أخيرة؟
ـ أتمنى أن نحظى بالاهتمام ليستعيد الطابع القناوي مكانته في الساحة الفنية التي أصبحت مزدحمة بالأغاني الهابطة و الساذجة، كما أتمنى كفنانة اتخاذ قرارات و إجراءات على أعلى مستوى، لتطوير الفن وحماية الفنان و إخراجه من العزلة المفروضة بسبب وباء كورونا. و آمل أن نتجاوز هذه المحنة بسلام و نستعيد أجواء الحياة العادية، بعيدا عن الخوف من العدوى و القلق على الأهل و الأحباب من الفيروس القاتل.                               ع/ب

الرجوع إلى الأعلى