- يجب الإسراع في عملية التلقيح  وتجنب التراخي    - لم نسجل أية أعراض جانبية على 40 ملقحا في مؤسستنا

أكد رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط بأن الحديث عن وجود مغناطيس في الجسم بعد تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا مجرد إشاعة تندرج في إطار الحملات المروجة لعدم جدوى اللقاحات، وقال مرابط في حوار للنصر بأن من مجموع حوالي 40 ألف شخص تلقوا اللقاح بالمؤسسة الاستشفائية بمفتاح بولاية البليدة التي ينتمي إليها لا يوجد ولا شخص واحد عاد إلى مراكز التطعيم وتحدث عن وجود آثار جانبية خطيرة للقاح، ودعا مرابط المواطنين مع فتح الشواطئ وفضاءات الترفيه إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية من أجل الخروج بأقل الأضرار من هذه الوضعية الصحية.

حاوره: نورالدين عراب

* النصر: تعيش الجزائر استقرارا في الوضعية الوبائية منذ أيام، في حين هي ليست في منأى عن موجة أخرى، كيف يمكن تفاديها؟
مرابط: وجود موجة أخرى غير مستبعدة، ولا نتحكم فيها، خاصة وأن عدة دول تعيش موجة رابعة ، ونتمنى أن لا نعيش وضعية صعبة مثل التي عشناها سابقا، كما أن الموجة الحالية هي في بداية نهايتها، والذي نؤكد عليه لتفادي وضعيات أكثر حدة قد تعود من جديد هو الالتزام  على المستوى الشخصي بالإجراءات الوقائية قدر الإمكان، وضرورة أن نتعامل مع الوباء بارتداء الكمامة لأن هذه الأخيرة تمثل 90 بالمائة من أساليب الوقاية، إضافة إلى الإجراءات الوقائية الأخرى كالتباعد الجسدي، نظافة المحيط والأيدي لأن الفيروسات تنتقل من شخص لآخر عن طريق الوسائل المشتركة التي قد تكون قلما، نقودا أو وسائل أخرى، ولهذا فإن نظافة الأيدي مهمة، وفي نفس الوقت يجب احترام البروتوكولات الصحية التي تخص النشاطات والقطاعات المختلفة  كالنقل، الجامعات، المطاعم، المساحات التجارية، وكل قطاع له بروتوكول صحي لا بد أن تتوفر له شروط  يجب تطبيقها، ونؤكد في هذا الجانب على ضرورة  المراقبة والمتابعة بعد التحسيس والتوعية وردع المخالفين والتطبيق الصارم للقانون، كما أن هناك جانبا آخر مهم وهو الإسراع في إتمام حملة التلقيح ضد الوباء، بحيث إن هذه الحملة انطلقت في شهر جانفي من السنة الجارية لكنها مرت بمراحل متثاقلة نوعا ما في البداية، وتسارعت مع تعقد الوضعية الوبائية مع نهاية شهر جوان وبداية شهر جويلية، لكن في الأسبوعين الأخيرين لاحظنا تراجعا نوعا ما في إقبال المواطنين على وحدات التطعيم وهذا يؤثر سلبا على التحكم في الوضعية الوبائية.
ودائما بخصوص التلقيح نرى أن الدول التي حققت نسبة تلقيح تفوق 50 بالمائة تعيش نوعا من الراحة، وخففت من الإجراءات الوقائية، وفيه الكثير من الأمور التي كانت ممنوعة أصبحت مرخصة اليوم، وحقق اللقاح في هذه الدول نتائج جيدة خاصة بالنسبة لتعقيدات المرض، بالرغم من استمرار تسجيل حالات جديدة من الفيروس، لكن لا توجد تعقيدات ونسبة الوفيات منخفضة بعد أن كانت بالآلاف يوميا، وهذا دليل على نجاعة اللقاحات وتضمن حماية ضد تعقيدات الفيروس.
* النصر: قلت بأن هناك تراجعا في الإقبال على التلقيح خلال الأسبوعين الأخيرين، هل هذا التراجع مرتبط باستقرار الوضعية الوبائية وتراخي المواطنين عن التلقيح؟
مرابط:  في الحقيقة هذا التراجع مرتبط بذهنية المواطن، بحيث ما يزال هناك تعاطي سلبي مع الوباء، وهناك مواطنون ما يزالون يشكون في وجود وباء ويعتبرونه من الخيال وأمور لا علاقة لها بالصحة، وأتأسف لوجود أشخاص يفكرون بهذا المنطق، كما أن هناك جانبا آخر وهو الترويج السلبي والنقاش المفتوح على مصرعيه، وكل من هب ودب يتكلم في الفيروسات والمناعة والتطعيم، وأنا كطبيب عام رغم خبرتي وتجربتي في قطاع الصحة لمدة تفوق 31 سنة لا أسمح لنفسي بالتكلم في أمور هي من ذوي الاختصاص، وأتكلم في أمور جهاز المناعة والفيروسات وصناعة اللقاحات لأنها ليست من اختصاصي ومستواي، لكن لاحظنا أن الكل يتكلم في هذا الموضع الحساس المتعلق باللقاحات وخطورتها وأعراضها.
ونبقى دائما في موضع اللقاح، ونشير إلى أن دول غنية استحوذت على حصة أكثر من 80 بالمائة من اللقاحات المنتجة واستعملتها كأولوية لمواطنيها فمثلا أمريكا منعت خروج لقاحات فايزر و موديرنا إلى دول الاتحاد الأوربي بالرغم من دفع هذه الدول المستحقات المالية الخاص باقتناء هذه اللقاحات مسبقا، كما تدخلت السلطات الأمريكية وقررت بأن تكون الأولوية في اللقاح للشعب الأمريكي، وفي نفس الوقت فإن الدول الكبرى هي التي تتصدر اليوم نسبة اللقاحات ووصلت بعضها إلى ما بين 60 إلى 70بالمائة، وبعض الدول وصلت إلى 80 بالمائة بالنسبة للجرعة الأولى، وبالنسبة للجرعتين أغلب الدول الكبرى تخطت 50 بالمائة، ونحن ما زلنا نراوح مكاننا في نقاش عقيم لا بداية ولا نهاية له .
* النصر: وماذا عن الحديث حول الأعراض الجانبية للقاح التي قد تكون سببا في تخوف المواطنين؟
مرابط: نذكر المواطنين بأنه لا توجد أدوية ليست لها أعراض جانبية، ونفس الشيء بالنسبة للقاح، لا يوجد أي لقاح ليست له أعراض جانبية بما فيها تلك اللقاحات التي تقدم للأطفال، لكن هذه الآثار الجانبية مقبولة ولا مجال للمقارنة بين خطر المرض والآثار الجانبية التي يخلفها اللقاح، وشاهدنا كيف تحول الفايسبوك خلال الأسابيع الماضية إلى حائط بكاء وككل يوم تنشر وفيات الفيروس، ونداءات طلب الأوكسجين وغيرها، ولهذا لابد من الحفاظ على الوضعية المستقرة حاليا والتي وصلنا إليها بفضل الإجراءات الوقائية  المختلفة والحجر الصحي، ويجب أن نبقي على مستوى الوعي الذي كنا فيه والالتزام بالإجراءات الوقائية، كما يجب أن نغتنم الفرصة ونسرع من عملية التطعيم حتى نصل إلى مستوى الحماية الجماعية التي لا تقل عن 50 إلى 60 بالمائة وذلك قبل نهاة السنة الجارية.
* النصر: هل تؤيد فكرة إلزامية التلقيح ولو في قطاعات معينة كالصحة، التربية، التعليم العالي؟
مرابط: هذا الأمر وارد، كما أن الكثير من المؤسسات الصحية بدأت في هذا العمل بتطعيم كل مهنييها، وهناك برنامج واسع لتطعيم الأساتذة، ونحن لم ننتظر في المؤسسة الاستشفائية بمفتاح صدور قرار بإلزامية التطعيم، بل شرعنا في تطعيم المهنيين والأساتذة منذ أسابيع، كما يمكن تخصيص يوم بمراكز التطعيم لمهني قطاع التربية والأساتذة لتسريع الوتيرة أكثر.
* النصر: مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى فضاء مفتوح لنشر الإشاعات التي تطعن في نجاعة اللقاحات، ألا تعتقد أن الأطباء والنخبة بصفة عامة مقصرون في استغلال هذا الفضاء والرد على هذه الإشاعات؟
مرابط: بالطبع، لما يكون النقاش علميا من طرف أهل الاختصاص وأهل العلم وموجه لنخبة معينة، فهذا أمر عادي، لكن لما يكون النقاش مفتوحا للجميع في شبكات التواصل الاجتماعي، والحسابات في هذه الشبكات مفتوحة في بعض الحالات بأسماء مستعارة، وبهذا فإن تدخل الطبيب يكون من أجل تقديم الإرشادات والنصائح ويجيب على التساؤلات، لكن الكارثة لما تكون حسابات لأشخاص هم ليسوا من قطاع الصحة ويتكلمون في مواضيع اللقاحات وكأنها اختصاصهم بالدرجة الأولى، كما يتكلمون في أمور غير مدعمة بدراسات وبحوث غير موثقة، وهناك عمل في مواقع التواصل الاجتماعي يروج لعكس ما نصبوا إليه ويروجون لعدم جدوى اللقاحات، لكن الملايين الذين تم تلقيحهم في دول أوربية وتراجع الحالات المعقدة والوفيات تبقى كدليل على نجاعة اللقاح، فمثلا بريطانيا شرعت في التلقيح في نوفمبر2020 وإلى غاية جانفي 2021 كان معدل حالات العدوى ما بين 20 إلى 30 ألف وألفي حالة وفاة، لكن بعد 7 أشهر ومع تلقيح أكثر من 50 بالمائة من السكان انخفضت الوفيات إلى أقل من 120 حالة يوميا، ولا يوجد أي إشكال على مستوى المستشفيات ومصالح الإنعاش، كما أن الضغط  اختفى  والحالات المعقدة تراجعت بصفة كبيرة بالرغم من تسجيل حالات مرضية بالآلاف يوميا لكنها حالات خفيفة ومتوسطة لا تستدعي تحويل المصاب إلى المستشفى، وهذا دليل قاطع ويؤكد نجاعة اللقاحات، كما أن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والرياضية رجعت إلى أمورها العادية وحتى الملاعب في بريطانيا فتحت للجماهير التي يدخلونها دون ارتداء الكمامات، لكن الذي يجمع الجماهير في الملاعب هو  تلقي اللقاح، ولهذا فالكلام الموثوق موجود في الميدان، أما باقي الكلام فهو خرافي ومبني على فيديوهات مفبركة و شهادات مزيفة.
ولدعم أيضا ما قلناه بخصوص اللقاح فمثلا نحن في المؤسسة الاستشفائية بمفتاح قمنا بتلقيح حوالي 40 ألف شخص ولا توجد ولا حالة واحدة عادت إلى مراكز التطعيم تتحدث عن آثار جانبية خطيرة للقاح بالرغم من أننا استعملنا كل أنواع اللقاحات، ولا توجد ولا حالة واحدة تتحدث عن آثار جانبية بما فيها تلك الآثار التي تتحدث عن وجود مغناطيس بعد تلقي اللقاح أو غيرها، وكل هذه الأمور يجب أن تستند على دليل نقاش علمي وتستند إلى أدلة دامغة وميدانية لا على كلام فارغ.
* النصر: ما هي الرسالة التي تقدمها للمواطنين خصوصا مع الدخول الاجتماعي وفتح الشواطئ وفضاءات الترفيه؟
مرابط: نصيحتي هي ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية خاصة استخدام الكمامة، وهذه المرحلة تستدعي تحسيس أكبر ويكون حس مدني رفيع للتقيد بالإجراءات الوقائية حتى نصل إلى نهاية الفيروس، بحيث كل سلوك سوي لدى المواطن يجعلنا نتقدم للخروج من هذه الوضعية بأقل الأضرار، والأمر الثاني الذي نؤكد عليه هو ضرورة إقبال المواطنين على مراكز التلقيح خاصة ونحن في وضعية مستقرة  للوباء، ولا يوجد أحسن من تسريع وتيرة التلقيح من أجل الوصول إلى نسبة تصل إلى مابين 50 إلى 60 بالمائة وتوفير حماية جماعية ضد الفيروس.
كما ننصح  المهنيين في الوسط الصحي برفع وتيرة التلقيح  أكثر رغم أنها تسارعت في الأسابيع الأخيرة، لكن يجب أن يكون هناك إقبال أكبر من أجل توفير الحماية ضد الوباء لأن المهنيين في قطاع الصحة أكثر عرضة من غيرهم لخطر الإصابة وتعقيدات المرض.  
ن ع 

الرجوع إلى الأعلى