يرى بطل سباقات السرعة إسكندر جميل عثماني، بأن انتقاله للمنافسة مع ذوي الهمم، بعد أن كان برفقة الأصحاء قبل سنوات، أفضل قرار اتخذه في مسيرته الرياضية، كونه كان وراء تحوله إلى بطل أولمبي وعالمي، مشيرا في حواره مع النصر من طوكيو، بعد الفوز بميدالية 400 متر وتحطيم الرقم القياسي العالمي، بأنه كان قادرا على الظفر بذهبية سباق 100 متر أيضا، لولا الخطأ التقني الذي ارتكبه في بداية السباق.
ابن مدينة قسنطينة، الذي سبق أن زار النصر قبل سنوات، متحدثا عن أبرز طموحاته، انبهر لحجم التفاعل من طرف الشعب الجزائري، معتبرا الظفر بمحبة الناس أكبر مكسب حققه، ليعد الجميع بمواصلة حصد المزيد من الإنجازات.
بداية نهنئك على الفوز بالميدالية الذهبية في سباق 400 متر صنف T13 ..
شكرا لكم ولكل من شجعني، وقبل الحديث عن ميداليتي الذهبية، أود العودة لأسباب اكتفائي بالميدالية الفضية في سباق 100 متر، فبالنسبة لي كنت شبه متأكد  من الفوز بالميدالية الذهبية في ظهوري الأول، رغم المنافسة الشرسة من طرف المتسابق الإيرلندي الذي يعد بطلا شبه أولمبي ، حيث يهيمن على هذا السباق منذ سنة 2008، ولم ينجح أي عداء آخر في إزاحته من المرتبة الأولى، ولو أنني كنت واثقا من التغلب عليه في ألعاب طوكيو، غير أن الخطأ التقني الذي ارتكبته في بداية السباق، هو أن انطلاقتي لم  تكن جيدة وهذا سبب اكتفائي بالمرتبة الثانية، لقد كنت آمل في بدء فعاليات المنافسة بميدالية ذهبية، حتى يكون لي الدافع لمواصلة حصد المزيد من الميداليات، ولكن قدر الله ما شاء فعل، حيث خسرت بفارق جزء واحد من المائة، لقد تفاجأت بعد ذلك السباق بالدعم الكبير الذي حظيت به من طرف الجمهور الجزائري، ولذلك قطعت عهدا على نفسي، بأن لا أخيبهم في منافسة 400 متر، وأسعى لإهدائهم المعدن النفيس و  لا شيء غيره.
حدثنا عن إنجازك الأخير الذي مكنك من تحطيم الرقم العالمي؟
بالنسبة لسباق 400 متر، كان فرصة لتعويض ما خسرته في نهائي 100 متر، وهو ما صرحت به لبعض القنوات الأجنبية، أين قلت لهم بالحرف الواحد:” خسرت الميدالية الذهبية ولن أدعها تفلت مني هذه المرة”، والحمد لله حققت مبتغاي في آخر المطاف، رغم المنافسة من طرف البطل المغربي الذي تفوقت عليه بأريحية، خاصة وأنني كنت أشعر بثقة كبيرة في النفس، بعد ما قدمته في التصفيات، حيث تأهلت إلى النهائي دون عناء، مع تحقيق رقم جيد جدا، أنا سعيد للميدالية الذهبية ولتحطيم الرقم العالمي والشخصي في سباق 400 متر، الاختصاص الذي انتقلت إليه منذ 3 سنوات فقط، بعد أن كنت مكتفيا بالمنافسة في سباقي 100 و200 متر، كل الشكر يعود لمدربي أحمد معروف الذي منحني الكثير.
صرحت للنصر من قبل، أن التأهل إلى طوكيو أكبر أمانيك، ماذا الآن بعد تحولك إلى بطل شبه أولمبي؟
أتذكر قدومي لمقر جريدتكم قبل سنوات، أين أجريت معكم حوارا مطولا، تحدثت فيه عن أهم طموحاتي المستقبلية، وأخبرتكم آنذاك بأن حلمي هو  المشاركة في أولمبياد طوكيو، غير أن المعطيات تغيرت طيلة هذه الفترة، حيث تحولت من المنافسة مع الأصحاء إلى ذوي الهمم، وهو ما اعتبره “رب ضارة نافعة”، فبفضل هذا التحول أصبحت الآن بطلا أولمبيا و عالميا، ففي وقت من الأوقات أثبت بأنني رياضي من المستوى العالي، بعد تحطيمي الرقم الوطني الصامد ل30 سنة كاملة، ولكن للأسف لم أجد الدعم المطلوب من قبل المسؤولين، وكانت موهبتي مهددة بالضياع، غير أن انتقالي للمنافسة في نوع آخر، جعلني أرفع التحدي، سيما وأن مدربي وعائلتي لم يتخلوا عني، وظلوا خلفي وآمنوا بمؤهلاتي.
يبدو أن التحول إلى المنافسة مع ذوي الهمم أفضل قرار اتخذته، أليس كذلك؟
صحيح أن هناك من يعتبر ما حدث معي مضرة، ولكن من وجهة نظري هي منفعة، ويكفي ما حققته مع ذوي الهمم، فبالإضافة إلى تتويجي بميداليتين في طوكيو إحداهما فضية وأخرى ذهبية، حققت رقما عالميا لا يستهان به، وتمكنت من تقديم صورة جيدة عن الرياضي الجزائري، خاصة بعد خيبة الأصحاء.
كيف كان شعورك وأنت تستمع للنشيد الوطني يُعزف بملعب طوكيو؟
صدقوني سماع النشيد الوطني يدوي بملعب طوكيو،  أكبر من كل مكافأة سأحصل عليها بعد هذا الإنجاز، وكنت أفكر في الموضوع منذ عدة أشهر، وحتى منذ دخولي عالم الرياضة، غير أنني لم أتوقع بأن هذا الإحساس جميل لهذه الدرجة، فإن ينظر إليك الجميع بذلك الاحترام والتقدير، فهذا وحده قد يدفعك لمواصلة التضحية، في سبيل تكرار مثل هذه الإنجازات، التي شرفتني وعائلتي وبلدي الجزائر، الذي هو بحاجة للفرح في هذه الفترات الصعبة، بسبب فيروس كورونا.
حظيت بتفاعل منقطع النظير من الشعب الجزائري، ما تعليقك ؟
تفاعل الشعب الجزائري معي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبهرني منذ ظهوري الأول في سباق 100 متر، ولذلك فعلت المستحيل لإهدائهم الذهب في سباق 400 متر، أنا أشكر كل من شجعني، خاصة وأن رسائل التهنئة لم تتوقف، كما أن صوري جابت كافة الحسابات والمواقع، مما يؤكد بأن الجمهور الجزائري عاشق للرياضة، ويساند كل من هو قادر على رفع راية بلده عاليا، أنا أهديهم رفقة بقية زملائي المتوّجين هذه الميداليات، ونعدهم بمواصلة تشريف الجزائر.
بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
الفوز بالميدالية الذهبية كان له طعم خاص بالنسبة لي، كوني حققت بالموازاة مع ذلك عديد المكاسب الأخرى، أبرزها الفوز بمحبة الناس وهو ما لا يقدر بأي ثمن، وبالتالي يمكن القول بأن التحاقي بفئة ذوي الهمم أفضل قرار اتخذته في مسيرتي الرياضية، التي أود  أن تكون حافلة، كوني أمتلك كافة الإمكانيات، بفضل التضحيات التي قدمتها منذ دخولي هذا العالم، لقد تعبت كثيرا، والحمد لله تمت مكافأتي من المولى عز و جل، وكما يقال “ إن الله لا يضيع أجر المحسنين”.
حاوره: سمير. ك

الرجوع إلى الأعلى