كشف الممثل المسرحي والتلفزيوني جمال دكار بأنه سيشرع قريبا في كتابة بعض القصص القصيرة التي تخمّرت أفكارها لديه ولم يتبق سوى تجسيدها على الورق لتخرج إلى العلن، ففترة مرضه كانت فرصة للتفكير في هذه الخطوة لولوج عالم الكتابة التي أحبها منذ الصغر.

حاورته: وهيبة عزيون

دكار أثنى في حوار للنصر على الأعمال التي يقدمها بعض الممثلين الشباب في التلفزيون والسينما و حتى المسرح ، فكل  شروط النجاح متاحة لديهم - كما قال - بينما هناك الكثير من الدخلاء ممن يستغلون  الفن من أجل النجومية،
و عن حال المسرح الجزائري فإن دعم الدولة لم ينقطع يوما عن هذه المؤسسة العريقة لكن انتشار الفكر الاستهلاكي في وقت مضى  كان وراء  تراجع المسرح عن مساره الصحيح و  فقد حينها مكانته  داخل المجتمع.
أنا في تحسن مستمر و سأعود قريبا للظهور
النصر: بعد انقطاع لسنوات بسبب المرض، كيف هو وضعك الصحي حاليا؟
جمال دكار: في حقيقة الأمر تعرضت لجلطة دماغية، أقعدتني لفترة طويلة خضعت خلالها لعلاج مكثف، و حاليا تجاوزت مرحلة الخطر و الحمد لله أنا أتعافى تدريجيا، ولم تبق سوى بعض الآثار السلبية للجلطة التي أسعى جاهدا لتجاوزها و العودة إلى التمثيل.
*هل أبعدك المرض أيضا عن ممارسة الكتابة ؟
* لا ليس لوقت طويل ،  فلقد عدت للكتابة منذ فترة  هناك بعض المشاريع التي أخطها أحيانا على الورق في انتظار تجسيدها على أرض الواقع في القريب العاجل ، و أغلبها كتابات للمسرح ، و كتابة  القصص القصيرة وهو المجال الذي أنوي التوجه نحوه قريبا جدا ، و أخصص له من وقتي الكثير .
 هل سنقرأ قريبا مؤلفات للممثل جمال ذكار؟
* بإذن الله، هو شغف يسكنني منذ الصغر، فأنا مولع بقراءة الكتب التاريخية و السير، و حقيقة أن التمثيل سرقني لسنوات طويلة لكنني متحمس كثيرا لأدخل عالم الكتابة عن قريب.
الجيل الحالي محظوظ بتوفر كل شروط النجاح
 بالحديث عن التمثيل و الإنتاج الفني، و بعين فنان و متابع كيف يصف جمال نوعية الأعمال المنتجة السنوات الأخيرة؟
*  للأسف الإنتاج الفني منذ الجائحة يشهد ركودا كبيرا ، منذ مدة لم يتصل بي الأصدقاء ليخبروني عن مشاريعهم  في المسرح أو التلفزيون ، عكس ما كانت عليه الأمور قبل الأزمة الوبائية بسنتين أو ثلاثة  حينها كانت هناك وفرة و  نوعية  في المسلسلات التلفزيونية و عودة الحياة إلى المسرح ، و برزت وجوه شابة لها بصمتها الخاصة سواء من ممثلين و مخرجين و كتاب، إضافة إلى توفر المناخ الملائم و الإمكانيات المتاحة التي تساعد على النجاح وهو ما كنا نفتقر إليه نحن في الماضي.
 يعني هذا أن جيل اليوم محظوظ أكثـر منكم، لكن ذلك لم ينل من تميّزكم؟
*جيل اليوم محظوظ جدا تتوفر لهم كل ظروف النجاح، هذا لا ينفي وجود طاقات و مواهب صنعت الفارق و منهم من يسعى حقيقة لإثبات ذاته تحت الشمس ، لكن هناك فوضى كبيرة في المجال و دخلاء أنصحهم بالبحث عن مهنة أخرى غير التمثيل .
أما نحن جيل الماضي فرغم شح الإمكانيات و انكماش العروض ، كانت لنا  إرادة قوية و حب العمل ، فالممثل آنذاك هدفه الوحيد إبهار  الجمهور عند تقمص الدور و ليس حب الظهور و البحث عن النجومية، كما هو شائع اليوم، هذا لا ينفي وجود طاقات حقيقية و نجوم شباب حققوا  انتشارا و نجاحا كبيرين.
الكتابة الكوميدية ضعيفة انعكست على نوعية الإنتاج المقدم
 عكس الدراما، مستوى الكوميديا في الجزائر في تراجع و الأعمال المقدمة كثيرا ما تكون محل سخط، لماذا؟
* هذا مؤسف ، هناك من يرجع السبب إلى غياب مواهب حقيقية قادرة على تقديم أعمال كوميدية ناجحة ، لكن حسب رأيي المتواضع فإن هناك  عوامل  كثيرة وراء تراجع مستوى الأعمال الكوميدية ، بداية بالسيناريو فالكوميديا لا تعتمد أساسا على الممثل الذي يسعى لإضحاك الجمهور بأية طريقة ، بل قبل ذلك هو طريقة كتابة المشهد الذي يساعد الممثل على إضحاك الناس ، لماذا نحمل دائما الممثل  المسؤولية بينما نتجاهل بقية الأطراف فأي عمل ناجح يتطلب نص جيد و مخرج جيد مع توفر المناخ الملائم إلى جانب ممثل بارع ، و هو سر نجاح  عملاقة الكوميديا في الجزائر ممن سبقونا، و أعمالهم لليوم  تضحك الجمهور بعد عشرين أو ثلاثين سنة من إنتاجها.
مركزية الإنتاج السمعي البصري قلصت حظوظ قسنطينة
لم نعد نرى الأعمال القسنطينية حاضرة على الشاشة كما كانت عليه في الماضي ، ما هو السبب في رأيك ؟
* ربما الأمر يتعلق ببعض الظروف، ففي الماضي كان الإنتاج التلفزيوني مقسم بين المحطات الجهوية للتلفزيون العمومي،  غير أن  مركزة الإنتاج قلصت حظوظ المحطات الجهوية  عند تقسيم الأعمال،  رغم وجود مقترحات و مشاريع يتم تقديمها سنويا من كل ولاية ،و انعدام كلي لشركات الإنتاج الخاصة في قسنطينة و  تمركزها غالبا في العاصمة ووهران ، فأصبح الإنتاج القسنطيني الذي أبهر الجمهور الجزائري لسنوات محتشما جدا و في العموم هو غائب تماما لفترة طويلة ، بينما هناك طاقات  تمثيلية رائعة من أبناء الولاية.


هل صحيح أن الممثل في الجزائر يتم استبعاده بعد تجاوزه مرحلة الشباب،
و تشح العروض المقدمة له؟
* لم يكن يوما عمر الممثل الفني مرتبطا بسنه الحقيقي، الممثل لا يمكن استبعاده من المجال إلى آخر يوم من حياته وهو ما نلاحظه في الكثير من الدول التي تزدهر بها الصناعة السينمائية و التلفزيونية، فالممثل لا  ينقطع عطاءه  إلا برغبة منه لكن يجب أن يفهم بعض الممثلين أن أدوارهم تكون محدودة  بحكم السن و الأدوار، لا  يمكن أن نمنح دور بطل شاب لممثل كبير في السن، كما أنه لا يعقل استبعاد هؤلاء الممثلين بعد سنوات من العمل.
انتشار الفكر الاستهلاكي وراء تراجع المسرح
 يصارع المسرح الجزائري من أجل البقاء ولم نعد نشاهد تلك العروض القوية التي كانت تقدم في السابق، ما المشكلة في نظرك ؟
* قبل ظهور الجائحة كانت هناك عودة محتشمة للمسرح، هي حتمية فرضتها سياسة الدولة المنتهجة الرامية إلى دعم هذه المؤسسة العريقة، ما سمح بتضاعف عدد المسارح في الجزائر من أربعة مسارح إلى قرابة 18 مؤسسة مسرحية، إلى جانب التعاونيات و الجمعيات المسرحية ، هناك عمل جبار و برنامج عمل كبير تم وضعه بدعم من الدولة و ميزانيات تصرف ، أما مسألة غياب المسرح عن الواجهة لسنوات  سابقة فهو لا يرتبط  بالضرورة بالتسيير و الإدارة ، فحتى الممثلين يتحملون جزءا من المسؤولية ، بعدما تخلى الكثير منهم في وقت ما   عن رسالتهم كمسرحيين و ساد الفكر الاستهلاكي و حب الظهور، فانتشرت  الرداءة في بعض الأعمال المقدمة و السطحية، مع  نفور و هروب  للجمهور، لكن الحمد لله اليوم المسرح بدأ يستعيد جمهوره و عادت الأمور إلى مجاريها ولو ببطء،  وهو ما ظهر جليا قبل الجائحة في انتظار زوالها لمواصلة العمل و البرامج المسطرة.
هل نجاح الممثل في التلفزيون مرهون بمروره على ركح المسرح؟
هناك صراع قديم  بين من  يعتبرون المسرح محطة أساسية في مشوار الممثل و من لا يؤمنون بهذا الطرح ، لكن الحقيقية من حيث الممارسة  أن المسرح مدرسة كبيرة تصقل موهبة الممثل تمنحه آليات العمل و التمثيل أمام الكاميرا بسلاسة ، فخشبة المسرح تجعلك تتخطى حاجز مواجهة الجمهور و تجاوز تلك الرهبة ، و حتى المخرج يلمس الفرق عند التعامل مع ممثل مارس المسرح و ممثل مبتدئ ، و من خلال تجربتي أنصح كل الممثلين بالمرور عبر  المسرح .
 هل سنراك قريبا في عمل فني؟
* مع تحسن حالتي الصحية الأمر لم يعد مستبعدا ، و هناك بعض العروض و المقترحات أفضل عدم الكشف عنها حاليا إلى حينها.                           و.ع

الرجوع إلى الأعلى