الحاج محمد الطاهر أسطورة و لا أعتبر نفسي خليفته
قال الفنان القسنطيني الشاب عدلان فرقاني، بأن جده عميد المالوف القسنطيني محمد الطاهر الفرقاني دعمه كثيرا في مساره الفني منذ الصغر، و أعرب عن إعجابه و سعادته بأدائه لفن المالوف، و سلمه مشعله، لكنه لا يعتبر نفسه خليفة
لجده، الذي يعتبره أسطورة فنية لا تتكرر، مؤكدا بأنه رفع عديد التحديات، ليثبت جدارته بحمل مشعل المالوف، و سيواصل مساره بالكثير من الشغف و الوفاء لفن أكد أنه غير قابل للتجديد و خصوصيته في عراقته.

و أضاف الفنان الشاب في حواره مع النصر، بأن مواقع التواصل كشفت عن عديد الأصوات الفنية، المتخفية وراء «الروبوتيك»، خاصة بعد أن أجبرت الأزمة الصحية الفنانين، على تسجيل حضورهم في العالم الافتراضي، و التواصل مباشرة مع الجمهور، بأداء مقاطع غنائية دون موسيقى، مما أرغمهم على الاعتماد على أصواتهم فقط، دون استعمال آلات أو تجهيزات «روبوتيك»، لتحسين أصواتهم، فيما ساهمت الأزمة الصحية، حسبه، بشكل لافت، في الترويج لفن المالوف.
و أشار المتحدث إلى أنه سجل زيادة كبيرة خلال العام الجاري، في عدد متابعي صفحته الرسمية من داخل و خارج الوطن، ما شجعه على تنشيط  حساباته الرسمية و قناته على يوتيوب، و التركيز على هذا الشق الذي ساهم في التعريف أكثر بالفن القسنطيني.   
الفنان الشاب عدلان فرقاني أوضح في حواره مع النصر، أن الوضعية الوبائية، ضيقت الخناق على الفنانين لمدة تفوق السنتين، و لم يتمكن خلالها من إحياء عديد الحفلات و المناسبات المسطرة و الالتقاء بجمهوره، ما جعله يركز نشاطه بشكل كلي على البوابة الإلكترونية، التي اعتبرها السبيل الأنجع، للالتقاء بجمهوره و تلبية رغباته، من خلال تنظيم جلسات فنية مباشرة على أنغام المالوف، و أخرى على شكل مقاطع فنية مباشرة أيضا، دون موسيقى «أكابيلا»، أو بالعزف على آلة الكمان، تلبية لطلب المتابعين أحيانا، أو تقديم أبيات من قصائد تراثية، ساهمت، حسبه، في استقطاب عدد معتبر من المتابعين لصفحته، منهم شباب من ولايات مختلفة من الوطن، إلى جانب مقيمين ببلدان أجنبية، اكتشفوا لأول مرة طابع المالوف و أصبحوا من محبيه.  
محدثنا أكد بأن الأزمة الوبائية حققت له الانتشار الواسع، ليس داخل الوطن فحسب، و إنما في بلدان شقيقة عربية و حتى أجنبية، ما حفزه على بذل جهد مضاعف لتقديم المالوف بشكل أفضل، فكثف نشاطه لإحياء سهرات فنية مباشرة لمتابعيه، كما حرص على تنويع الأغاني التي يهديها لهم بشكل دوري، حيث لمس تجاوبا لافتا، حفزه على إبراز مهاراته الفنية، و إطلاق  تحديات  لكسر الروتين، و توسيع رقعة شهرته، و نشر الفن القسنطيني الأصيل.  
أطلقت تحدي أوركسترا بإيقاع و أداء فردي  
من بين التحديات التي رفعها الفنان الشاب، تحدي الأوركسترا الفردية، حيث قام بالعزف على مختلف الآلات بمفرده، و قام بتركيب المعزوفات، مشكلا جوقا بمفرده، و قال عدلان عن هذ التجربة بأنه استغل إتقانه العزف على مختلف الآلات الموسيقية كالعود و البيانو و الجواق، الذي يعتبره أصعب آلة موسيقية، و كذا  الكمان و المندولين و القيثارة، و قرر خوض هذا التحدي الصعب، و ذلك لاختبار مؤهلاته الموسيقية و الفنية، و مدى قدرته على العزف على مختلف الآلات في أغنية واحدة، و التمرن على ذلك، في ظل الظروف الوبائية التي كانت لا تسمح بالتجمع و تجبر على الالتزام بالحجر المنزلي و التقيد بكل الإجراءات الوقائية، و قال بهذا الشأن «استغليت تمكني و تحكمي في العزف على مختلف الآلات الموسيقية المرتبطة بفن المالوف، لأقدم مديح «صلوا على الهادي» و  أغنية «يدوم هناكم»، بأوركسترا فردية، و اعتبر هذا التحدي ناجح ، حسب ردود فعل متابعيه.    
من جهة أخرى و في سياق حديثه عن تأثيرات الأزمة بشقيها الايجابي و السلبي على الفنان، أشار عدلان  إلى أن تركيز الفنانين نشاطهم على مواقع التواصل، أين يحضر في كثير من الأحيان الصوت و تغيب الموسيقي، استجابة لطلب الجمهور، أبرز حقيقة بعض الفنانين، الذين صنعوا نجوميتهم بفضل «الروبوتيك»، ، خاصة الذين ركزوا نشاطهم على مواقع التواصل و قدموا مقاطع غنائية مباشرة دون موسيقى، بينت مستواهم الفني و صوتهم الحقيقي، فيما ساهمت الأزمة في إبراز أصوات شابة جميلة حقا تؤدي الفن النظيف و لم تكن لتكتشف في الظروف العادية، في ظل هيمنة الموسيقي الهابطة و تردي الذوق العام.    
و في رده على سؤال النصر، حول المواهب الغنائية الشابة في فن المالوف، أكد بأن عدد مغنيي هذا الطابع بقسنطينة، وفق أصوله، قليل جدا، معتبرا ذلك من بين الأسباب التي حفزته على استغلال الفضاء الافتراضي أحسن استغلال، لاستقطاب الشباب و تعريفهم أكثر بهذا الفن العريق، ما قد يساعد من يمتلك منهم موهبة غنائية و مؤهلات، لأداء هذا الطابع .
بدأت العزف على آلة الإيقاع و الدربوكة و أنا في سن السابعة
بخصوص أول فرد في عائلته، اكتشف موهبته الفنية قال عدلان  «اكتشف موهبتي والدي و جدي محمد الطاهر رحمه الله، و اقتحمت المجال الفني و أنا صغير، حيث بدأت أعزف على آلة الإيقاع و الدربوكة، ثم تعلمت العزف على مختلف الآلات الموسيقية التي تستعمل في أداء المالوف. لقد دعمني جدي كثيرا و كان فخورا بي، بعدها تعلمت قواعده تدريجيا، إلى أن أصبحت متمكنا من أدائه بمفردي،  أتذكر أنني أديت أول أغنية على الركح بمفردي، مع فرقة موسيقية و أنا في سن15».
و عن سر تلقيبه بخليفة محمد الطاهر الفرقاني، قال «جدي رحمه الله كان يقول لي بأني خليفته في المالوف و كان فخورا جدا بي، و أهداني آلتي الكمان و العود اللتين كان يملكهما، لأنه كان سعيدا بما أقدمه، لكنني لا أحبذ مناداتي بخليفة محمد الطاهر الفرقاني، لأن الحاج رحمه الله، أسطورة و لا أملك ما يملكه من مقومات، و لا يمكنني أن أضع نفسي في مقامه، فصوته لا يمكن أن يخلفه أي كان، لكنني أقول بأن هناك استمرارية و استلام للمشعل،
و سآخذ بوصيته  بالحفاظ على هذا الفن و مواصلة مساري فيه، باعتباري أمثل الجيل الرابع لعائلتنا الفنية، و سأسعى جاهدا لنقل الإرث الغنائي القسنطيني، لضمان انتقاله إلى الأجيال القادمة».

جدي أهداني كمانه و عوده
عن نشأته في بيئة فنية،  و مدى مساهمة ذلك في تمهيد الطريق أمامه و صنع نجوميته، قال بأن الفن موهبة ربانية، و لا يمكن للبيئة الفنية أن تنبت فنانا، في ظل غياب الموهبة،  مشيرا إلى أن هناك من ترعرعوا في بيئة فنية خالصة، أبا عن جد، غير أنهم لم يسيروا في هذا الركب، و رسمت لهم طموحاتهم مسارا مختلفا، و أوضح عدلان « اخترت هذا المجال لأني أمتلك موهبة و  أعشقه و قد غذى عشقي لأنغامه العيش في بيئة فنية»، معتبرا ذلك عاملا مساعدا، غير أنه مسؤولية، لأن محاولة البروز وسط عائلة فنية مشهورة،  قدمت الكثير لهذا الفن على رأسهم عميد المالوف الذي تمكن من إيصال الفن القسنطيني إلى مراتب عالية، ليس بالأمر السهل، قائلا بأنه وجد نفسه أمام تحد كبير، وهو « إثبات وجوده» ، ما جعله يواجه صعوبات أكثر. و عن سؤالنا إذا كان يرغب في تقديم أغان بطبوع أخرى،   قال « أنا اشتهرت بالمالوف، لكن بإمكاني تقديم أغان بطبوع أخرى، كما يمكنني أن أقدم أغان بطابع مغاير، و وضع لمسة المالوف عليها، لكن لا يمكنني المساس بخصوصية المالوف، و أنا ضد تجديده، لأن خصوصيته في عراقته». و يستعد الآن الفنان الشاب، بعد رفع الحجر المنزلي الجزئي، لتجسيد مشاريعه الفنية، التي اضطر لتعليقها خلال الأزمة الوبائية و التركيز على العالم الافتراضي.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى