عـــدد جرائـــم الاتجــــار بالأشخــــاص في الجزائر ضئيل جدا ولا يدعو للقلق
أكد رئيس اللجنة الوطنية للوقاية من الاتجار بالأشخاص ومكافحته، لمين الحاج، بأن وضعية الاتجار بالأشخاص في الجزائر لا تدعو للقلق، وعدد الحالات المسجلة ضئيل  جدا، وكشف في حوار خص به «النصر» عن مشروع قانون متعلق بمحاربة هذه الجريمة سيصدر في شهر جانفي القادم.

حاوره: نورالدين عراب

النصر : كيف تقيم وضعية الاتجار بالأشخاص في الجزائر؟
لمين الحاج: بحسب المعطيات الحالية في الجزائر وعدد الحالات المسجلة على مستوى القضاء فوضعية الاتجار بالأشخاص لا تدعو للقلق، بحيث عدد الحالات المسجلة ضئيل جدا، ولم تسجل سوى خمس حالات في سنة 2019، وحالة واحدة العام الماضي، ومقارنة بدول أخرى فالحالات المسجلة في الجزائر كما ذكرت قليلة جدا، في حين قد لا تكون انعكاسا للواقع، لهذا يجب تكوين الفاعلين في الميدان خاصة القضاة، أعوان الضبطية القضائية والإعلاميين من أجل أن تعكس الأرقام المسجلة الواقع.
النصر: قد تكون هناك حالات أخرى لكن غير معروفة ؟
لمين الحاج: نعم ممكن أن تكون هناك حالات أخرى غير معروفة، ولهذا نحن نسعى لتكوين الفاعلين في الميدان من أجل تسليط الضوء على هذه الجريمة، لكن بالنظر للأرقام الحالية فجريمة الاتجار بالأشخاص لا يمكن اعتبارها في الجزائر لا ظاهرة ولا آفة، كما أن كل الحالات المسجلة حاليا هي جرائم فردية، وأهمية التكوين كما قلت تسمح باكتشاف حالات أخرى وتكون الأرقام المصرح بها تعكس الواقع بدون تهويل ولا تهوين.
النصر: كيف تساهم اللجنة الوطنية للمكافحة والوقاية بالاتجار بالأشخاص في محاربة هذه الجريمة؟
لمين الحاج: اللجنة الوطنية أسست على أساس التزامات الجزائر بعد مصادقتها على بروتوكول «باليرمو» المخصص لمنع وقمح وردع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، وتضم اللجنة 20 قطاعا، وهدفها هو تكوين الفاعلين في الميدان وتحسيس المجتمع المدني والجمهور بهذه الجريمة ومحاربتها، خاصة وأنها جريمة عابرة للأوطان، والنقطة الأهم هو التفريق بين تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص، وقد تكون هناك علاقة بين شبكات تهريب المهاجرين بغية استغلالهم، وقد لا تكون هناك علاقة، وهناك بروتوكول إضافي للأمم المتحدة خاص بالاتجار بالأشخاص وبروتوكول آخر خاص بتهريب المهاجرين، وبالتالي هما جريمتان مختلفتان.
النصر: هل تتوفر الجزائر على قاعدة قانونية خاصة بمحاربة هذه الجريمة ؟
لمين الحاج : نعم هناك مشروع قانون أعدته اللجنة الوطنية للوقاية من الاتجار بالأشخاص، وينتظر أن يصدر في شهر جانفي القادم، وهذا القانون سيأتي شاملا ويضم الجانب الردعي الذي أخذ بعين الاعتبار في قانون العقوبات وينص على معاقبة مرتكبي هذه الجريمة، لكن فيه إطار آخر خاص بحماية ضحايا هذه الجريمة في هذا القانون.
النصر: هناك عمال أجانب و أفارقة يعملون في ورشات البناء بطريقة غير قانونية، هل يمكن استغلالهم في جرائم الاتجار بالأشخاص؟
لمين الحاج: نعم بعض الأجانب والأفارقة الموجودين في الجزائر وضعيتهم هشة، ويعلمون بأنهم في بلد غير بلدهم، ولهذا يمكن استغلالهم، ويسهل على أي شخص لديه نوايا إجرامية استغلالهم في العمل الذي يريده، ويمكن للمشكل أن يتطور ويصبح خطيرا ويندرج في الإجرام كالاعتداءات والسرقة، وفيهم من يعمل في ورشات البناء والفلاحة ولكن يمكن للأمور أن تتطور إلى استغلالهم في بيع المخدرات والسرقة والاعتداءات المختلفة، لكن لا يمكن أن نخلط بين جريمتي تهريب الأشخاص والاتجار بهم.
وفي الإطار ذاته يمكن أن يدرج التسول والعمل المنزلي وكذا الاستغلال الجنسي ضمن الاتجار بالأشخاص، لكن لا نعرف هذه الوضعيات ويمكن أن تكون من هذا الصنف   وشكل من أشكاله، وبما أن المجتمع الجزائري محافظ من الصعب اكتشاف هذه الأمور، ولكن لا يعني أن الاتجار بالأشخاص غير موجود ضمن الأشكال المذكورة سابقا.
النصر: ما هي الآليات التي تعتمد عليها لجنتكم في محاربة هذه الجريمة؟
لمين الحاج: هناك مؤشرات يعتمد عليها الصحفي أو رجال الضبطية القضائية أو القضاء أو مفتشيات العمل للوصول إذا ما كان فيه جريمة تتعلق بالاتجار بالأشخاص من عدمه، مثل تفتيش تقوم به مفتشيات العمل، تعتمد على مؤشرات ظروف العمل والإيواء وغيرها للتأكد إذا ما كان فيه اتجار بالأشخاص أم لا.
النصر: اللجنة الوطنية للوقاية من الاتجار بالأشخاص سترفع تقريرا لرئيس الجمهورية، ما فحوى هذا التقرير؟
لمين الحاج: بمقتضى  المرسوم الرئاسي 16/249 اللجنة الوطنية ملزمة بتقدم تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية حول وضعية الاتجار بالأشخاص في الجزائر، التقرير يتضمن كل الأعمال التي قامت بها اللجنة، وكل الحالات التي سجلت  خلال السنة، وأيضا قد يتضمن التقرير بعض الاقتراحات التي ترفع إلى رئيس الجمهورية من أجل تحسين المجهود الوطني للوقاية ومكافحة الاتجار بالأشخاص.
النصر: إلى أي مدى تساهم اللجنة في تحسين صورة الجزائر في الخارج ؟
لمين الحاج: الجزائر ملزمة باتخاذ التدابير الضرورية بحكم أنها صادقت على بروتوكول «باليرمو» لقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، ولهذا ما نقوم به من خلال اللجنة الوطنية وعملها يفرض على الجزائر باعتبارها دولة طرف في هذا البروتوكول، وبالنسبة للتقارير الدولية هناك تقرير يصدر عن هيئة الأمم المتحدة كل سنتين، لا توجد فيه ملاحظات خاصة بالجزائر، وفيه تقرير أمريكي أيضا حول حالات الاتجار بالأشخاص في العالم ويصنف هذا التقرير كل الدول، ومؤخرا الجزائر جاءت في تصنيف لا يعكس المجهود الحقيقي الذي تقوم به، لكن ننتظر أن يكون إصدار للقانون الخاص بالاتجار بالأشخاص، وأظن أنه سيكون لبنة أساسية في المجهود الوطني، ويكون شاملا لأنه لا يشمل الجانب الردعي فقط، بل يأخذ بعين الاعتبار أيضا العناية التي يجب أن توفر لضحايا الاتجار بالأشخاص، وكذلك جانب التعامل القضائي الدولي بحكم أن الاتجار بالأشخاص جريمة عابرة للأوطان.
النصر: كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تساهم في مكافحة هذه الجريمة ؟
لمين الحاج: وسائل الإعلام والصحفي عموما هما جزء من المجتمع المدني، والهدف الأساسي المرجو منهم هو تحسيس المواطنين حول هذه الجريمة والتوعية ليكونوا حذرين ويقظين اتجاه حالات الاتجار بالأشخاص.وعلى وسائل الإعلام أن تؤدي دورا تحسيسا وتوعويا والمساهمة في التكوين لمواجهة هذه الجريمة، وكانت اللجنة الوطنية للوقاية من الاتجار بالأشخاص ومكافحته قامت منذ أيام بتكوين مجموعة من الصحفيين في مجال الوقاية من الاتجار بالأشخاص والهدف من هذه الدورة التكوينية هو تحسيسهم وتكوينهم تكوينا صحيحا يسمح لهم بإدراك الإطار القانوني وكذا التعريف القانوني للاتجار بالأشخاص، وتقنيات العمل الصحفي الاستقصائي واحترام أخلاقيات المهنة خصوصا في التعامل مع ضحايا هذه الجريمة، إلى جانب التفريق بين الاتجار بالأشخاص وتهريبهم.
و التكوين لم يقتصر على الصحفيين فقط، بل نظمت اللجنة دورات مماثلة للفاعلين في الميدان كالقضاة وأعوان الضبطية القضائية، وفي نفس الوقت سطرت اللجنة مخطط عمل يرتكز على حملات التحسيس
 المختلفة.                                 
ن ع    

الرجوع إلى الأعلى