وفاة لوكار مصيبة والقدر شاء  أن يفارق الحياة في الملعب
استغرب رئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم للهواة علي مالك، الطريقة التي تعاملت بها مواقع التواصل الاجتماعي مع وفاة لاعب مولودية سعيدة سفيان لوكار، خاصة بعد الإقدام على افتعال الكثير من «السيناريوهات»، والتي اتضح فيما بعد بأنها بعيدة كلية عن حقيقة الميدان.

حاوره: صالح فرطاس

مالك، وفي حوار خص به النصر، أوضح بأن هذه الحادثة الأليمة أدخلت الأسرة الكروية الجزائرية في حداد، دون تحميل المسؤولية لأي طرف، لأن القدر شاء أن تكون وفاة الشاب لوكار في الملعب.
كما أوضح علي مالك بأن هذه الحادثة «مؤلمة»، لكنها لا تعني بأن الدولة الجزائرية مقصرة في متابعة النشاط الرياضي، وقد ذهب إلى حد إبداء ارتياحه الكبير للظروف التي ميزت المنافسة على مدار الثلث الأول من الموسم الجاري، كما جرد الرابطة من مسؤولية اتخاذ القرار، القاضي بتعميم إجراءات السماح للأنصار بالدخول إلى الملاعب، وأكد بأن هذا القرار يبقى من صلاحيات اللجنة العلمية.
في البداية، ما تعليقكم على حادثة وفاة اللاعب سفيان لوكار أثناء مباراة من بطولة الرابطة الثانية؟
خبر وفاة الشاب لوكار نزل علينا كالصاعقة، ليس لأن اللاعب ينشط في فريق تابع للرابطة الوطنية للهواة فحسب، ولكن «الإنسانية» تجعل المشاعر تهتز لكل حادثة «شاذة»، بدليل أن العالم بأكمله، كان قد تفاعل مع ما وقع للاعب المنتخب الدانماركي إيريكسون في دورة «الأورو» الأخيرة، وشخصيا فإنني مازالت تحت الصدمة منذ أن تم إشعاري بالخبر، ودرجة التأثر تجاوزت الحدود عند وقوفنا على الظروف الاجتماعية القاسية جدا التي تعيشها عائلة المرحوم، لأن تنقلنا إلى سعيدة لتقديم واجب العزاء وحضور مراسيم الجنازة زاد في تعميق جرحنا، على اعتبار أن الشاب لوكار كان يعيل أسرته، لأن والده متوفي، وكان يتخذ من كرة القدم كمصدر رزق، والعائلة تعيش ظروفا اجتماعية عسيرة، والفقيد كان يحمل على عاتقة كامل المسؤولية في توفير لقمة العيش لوالدته وإخوته، وهذه الظروف لم تسمح له بالتفكير في الزواج، وبالتالي فإن كل ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، وهنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
تفضل... ما هو؟
لقد استغربت لطريقة تعامل رواد «الفايسبوك» مع هذه الحادثة، لأن التجرأ على تصوير مقطع فيديو لمساعي الإنقاذ التي قام بها الطاقم الطبي، في الملعب في محاولة لتمكين اللاعب من تجاوز النوبة المفاجئة التي تعرض لها يهز المشاعر، أمر غير مقبول لأنه مشهد مرعب، سيما بعد التأكد من وفاة الشاب لوكار في طريقه إلى المستشفى، كما أن هذه الحادثة، كانت الفرصة التي عملت بعض الأطراف على استغلالها للتهجم على المنظومة الكروية الوطنية، سيما الهيئات المشرفة على تنظيم المنافسة، وذلك بافتعال «سيناريوهات» مغايرة لحقيقة الميدان، لأن هذه المقابلة جرت بحضور 3 أطباء، مادام كل فريق كان قد أحضر طبيبه، إضافة إلى مناجير كوفيد التي تعيّنه الرابطة، فضلا عن طاقم الحماية المدينة الذي حضر بسيارة إسعاف مجهزة بكل المعدات، وكان ضمن تركيبته طبيب تابع للسلك، وبالتالي فمن غير المعقول أن توجه أصابع الإتهام لأي طرف، بل أننا مسلمون، ويجب أن نؤمن بالقدر الإلهي، وحادثة وفاة لاعب أثناء مقابلة كروية ليست الأولى، بل وقعت في كل بلدان العالم، وفي ملاعب بدول أوروبية، في لقاءات دولية بين المنتخبات، والكل يتذكر وفاة اللاعب الكاميروني فوّي بفرنسا، لكن في الجزائر هناك أطراف تسارع إلى محاولة الاستثمار في مثل هذه الوضعيات، لإشهار سهامها دون التأكد من المعطيات الحقيقية.
ملزمون بتوضيح أسباب الوفاة للرأي العام
وهل هناك إجراءات تعتزمون اتخاذها بعد هذه الحادثة؟
ما وقفنا عليه من معاناة أسرة الفقيد، جعلنا ننظر إلى مخلفات هذه الحادثة من الجانب الإنساني، بعيدا عن الميدان الرياضي، لأن سفيان لوكار رحل في عز شبابه عن عمر لا يتجاوز 30 سنة، وترك وراءه أسرة لا تتوفر على مصدر رزق، وهذا هي هذه حقيقة المأساة، لذا فقد فكرنا على جناح السرعة، في كيفية تقديم مساعدات لأسرة المرحوم، رغم أن الجرح عميق، ولا يمكن تضميده مهما كانت قيمة وحجم المساعدات التي سيتم تقديمها، لأن الفقيد كان بمثابة الركيزة الوحيدة التي تستند عليها أسرته، والفاف قررت تقديم إعانة مالية لعائلة لوكار، وكذلك الشأن بالنسبة لرابطة الهواة، والجزائريون متعودون على روح التآزر في مثل هذه الحالات.
تفكيرنا في الوقوف إلى جانب أسرة الفقيد، لا يعني بأننا نريد حجب الرؤية عن حيثيات الحادثة، بل أن الأمور يجب توضيحها للرأي العام، ووفاة اللاعب لوكار كانت قد نتجت عن تصادم وقع بينه وبين زميله حارس المرمى، وقد أبدى إصراره على مواصلة اللعب، بينما تم تعويض الحارس، لأنه كان فاقدا للوعي، وعند سقوط لوكار مجددا على أرضية الميدان، كانت كل وسائل الإنقاذ حاضرة في الملعب، في وجود 3 أطباء، وسيارة الإسعاف، والتي كانت مجهزة بجهاز ضبط رجفان القلب، لكن القدر شاء أن تكون وفاة اللاعب في هذه الحادثة، وعلينا أن نؤمن بقضاء الله.
الأكيد أن هذه الحادثة كان لها انعكاس كبير على الظروف التي تجرى فيها البطولة بعد انقضاء الثلث الأول من الموسم الجاري؟
لا يمكننا أن نوجه أصابع الإتهام لأي طرف، لأن الظروف بملعب بوعقل كانت تسمح بإجراء المقابلة، وعليه فإن انعكاسات هذه الحادثة «الشاذة» كانت كبيرة على الجانب المعنوي لكل الجزائريين، بعيدا عن شؤون كرة القدم، والمتابعة الميدانية للمنافسة، تظهر بأن أجواء البطولة تغيرت نحو الأحسن هذا الموسم، وذلك بالمقارنة مع ما كانت عليه الموسم الفارط، سواء من الجانب التنظيمي أو حتى المستوى الفني، لأن النظام المعتمد حاليا يعطي البطولة نكهة «وطنية»، باللعب بمجموعتين، بينما كان نمط المنافسة للموسم المنصرم استثنائيا، والأفواج كانت بطابع إقليمي، وتركيبة مقلّصة، والجولات العشر التي جرت إلى حد الآن سارت على العموم في ظروف حسنة، لأن كل الأطراف أصبحت تحس بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها، على اعتبار أن الأمر يتعلق بالدرجة الثانية في الهرم الكروي الوطني، والبطولة لها مكانتها من التغطية الإعلامية، وهذا العامل ساهم بشكل كبير في ترسيخ الروح الرياضية في كل اللقاءات.
ألا يفتح ذلك الباب لتشريح المشاكل التي تتخبط فيها النوادي، خاصة وأن العديد من الفرق تبقى عاجزة ماديا، بدليل الاصطدام كل موسم بقرارات غرفة المنازعات لاستخراج الاجازات؟
هذا الأمر غير منطقي، وعلاقتنا برؤساء النوادي وطيدة، لأننا نعمل على كسب ثقة مسيري الفرق، بتلبية رغباتهم مقابل الحرص على التقيّد بالنصوص القانونية، ومصدر هذه الثقة نابع من اقتناع الجميع بأن المهمة الرئيسية لطاقم الرابطة تكمن في تطبيق للقوانين، والتسهيلات التي نبادر إلى القيام بها تبقى في حدود القوانين، وقضية عدم حصول العديد من الفرق على الإجازات في الجولات الأولى من الموسم، تتجاوز صلاحيات رابطة الهواة، لأننا نبقى ملزمين بتنفيذ القرارات الصادرة عن الغرفة الفيدرالية للمنازعات، والإجراءات المعمول بها في هذا الشأن واضحة، لأن الهيئة المعنية تشعرنا بقائمة النوادي المعنية بعقوبة المنع من الاستقدامات في «الميركاتو»، بمرحلتيه، الصيفية والشتوية، وما علينا سوى التقيّد بهذه الإجراءات، من خلال تعليق تأهيل اللاعبين إلى غاية حصول الفريق المعني على شهادة تسوية الوضعية، والتي يبقى تسليمها من صلاحيات غرفة المنازعات فقط، وعليه يمكن القول بأن رابطة الهواة ليس لها أي ضلع في قضية تعليق الإجازات.
وهل من توضيح أكثـر بخصوص مخطط استفادة الأندية من «سبونسور» وفق اتفاقية أبرمتموها مع شركة سونلغاز؟
التشريح المعمق للوضعية الراهنة للمنظومة الكروية الوطنية، يكشف بأن الأزمة المالية الخانقة للنوادي تبقى السبب الرئيسي في المشاكل التي تتخبط فيها البطولة الجزائرية، لأن نفس «الأسطوانة» تتكرر كل موسم، مما دفع بنا إلى التحرك، في محاولة للوقوف إلى جانب النوادي، لأننا كمسؤولين على الرابطة يجب أن نكون شريكا مباشرا لمسؤولي الفرق، وذلك بالسعي لإيجاد حلول تكون بمثابة جرعة أوكسجين، فكانت مفاوضاتنا مع مسؤولي مؤسسة شركة سونلغاز، قد أثمرت باتفاق يقضي باستفادة كل فريق ينشط هذا الموسم في الرابطة الثانية من دعم مالي بقيمة 200 مليون سنتيم، والكرة الآن في مرمى رؤساء النوادي، لاستكمال الإجراءات الإدارية المقترنة بهذه العقود، لنكون قد قطعنا خطوة أولى في المسار الذي نراهن من خلاله إلى التفكير بجدية في المستقبل، والسعي لإعطاء دفع إضافي لكل الفرق، وبالتالي توفير الأجواء المساعدة على تطوير الممارسة الكروية.
وماذا عن قضية السماح للأنصار بدخول المدرجات وسبب استفادة فرق دون غيرها من هذا الإجراء؟
هذا الأمر يبقى من صلاحيات اللجنة العلمية، المكلفة بمتابعة تطورات الأزمة الوبائية، وهي هيئة تعمل بالتنسيق مع الولاة وكذا وزارة الشباب والرياضة، وقد شهدنا دخول قرار الحظر عن الأنصار بداية من الجولة الثالثة، لكن تطبيقه يبقى مقترنا بالحالة السائدة في كل منطقة، وبالتالي فإن القرار يبقى بيد السلطات الولائية، وهذا بناء على معطيات اللجنة العلمية.
من هذا المنطلق، فإن الكثير من المباريات أصبحت تجرى بحضور الجمهور، شريطة التقيّد بالتدابير المعمول بها في هذا الشأن، والتي يتصدرها شرط حيازة دفتر الجواز الصحي، والرابطة تتخذ إجراءاتها على أساس أن كل اللقاءات تلعب أمام مدرجات شاغرة، على أن يتم التنسيق على الصعيد المحلي بين إدارة النادي والوالي، بخصوص قرار السماح للأنصار بالدخول، مع تحديد الحصة المرخص لها، وهي المعطيات التي تجرد الرابطة من أي مسؤولية في هذه القضية، ولو أن تعميم قرار رفع الحظر عن المناصرين يبقى من الصعب اتخاذه في الوقت الراهن، سيما وأن مؤشر الإصابات اليومية أخذ في الارتفاع من جديد، وأملنا أن يختفي فيروس كورونا نهائيا حتى تعود الحرارة إلى الملاعب.
تصوير وبث عملية إنعاش الفقيد عمل غير مقبول
نعرج الآن عن دورة الانتخابات الأخيرة، ما  سر تواجدكم كمرشح وحيد لرئاسة رابطة الهواة؟
ليس هناك أي سر، وأنا لم أقطع الطريق أمام أي عضو للترشح لمنصب الرئاسة، وترشحي لعهدة جديدة كان نزولا عن رغبة الكثير من رؤساء النوادي، لأن جس نبض أغلبية أعضاء الجمعية العامة، يبقى خطوة ضرورية قبل ترسيم الترشح، وعليه فقد قررت دخول المعترك الانتخابي، لكن باب الترشيحات كان مفتوحا لكل من يحوز على صفة العضوية في الجمعية العامة للرابطة، مع مراعاة الشروط المحددة للعملية، واللجنة المكلفة بتنظيم العملية الانتخابية، كانت قد حددت آجال إيداع ملفات الترشح، إلا أنني في نهاية المطاف وجدت نفسي وحيدا في قائمة المترشحين، وهذا الأمر نابع من الثقة الكبيرة التي نحظى بها في أوساط أعضاء الجمعية العامة.
لكن معطيات المشهد الانتخابي في رابطة الهواة تختلف كلية عن تلك الخاصة بالرابطة المحترفة أو رابطة ما بين الجهات؟
مما لا شك فيه أن لكل رابطة خصوصياتها، والرابطة الوطنية للهواة تبقى ميزتها الأساسية الاستقرار على جميع الأصعدة، وهي الميزة التي امتدت حتى إلى الجمعيات العامة، بدليل أنها تنعقد في هدوء تام، وقد حاولنا إسقاط ذلك على العملية الانتخابية، بضبط تركيبة المكتب التنفيذي بالتشاور مع الأغلبية الساحقة من الأعضاء، سيما وأن عضوية الهيئة التنفيذية تبقى من نصيب ممثلين عن كتلة النوادي، وهذا ما يعني بأن التنسيق والتلاحم بين كل الأطراف يبقى أمرا حتميا وضروريا، وبالتالي فإننا نسعى لتثمين هذا المكسب، بتوطيد علاقاتنا مع مسيري الفرق، موازاة مع العمل على تحسين تسيير الشؤون الإدارية للرابطة، دون أن نجري مقارنة مع باقي الرابطات.
بصفتكم رئيسا لهذه الرابطة على مدار عشرية، ما هي نظرتكم للتسيير الحالي لسلك التحكيم ومطالبة رؤساء الفرق بضمه إلى الرابطة؟
ملف التحكيم يبقى غير قابل للنقاش على مستوى رابطة الهواة، لأن القوانين المعمول بها واضحة، وتسيير هذا السلك يبقى بنظام «مركزي»، على مستوى الفاف، ولو أن التعديلات التي أدخلت على القانون الأساسي ألحقت ممثلا عن اللجنة الفيدرالية للتحكيم، باجتماعات مكتب الرابطة، حاله حال مندوب المديرية الفنية الوطنية، وهي الفرصة التي تسمح لنا بإيصال انشغالات رؤساء الفرق، رغم أننا نعمل بتنسيق كبير مع اللجنة الحالية، التي تأخذ بعين الاعتبار العديد من الملاحظات التي نقدمها بشأن التعيينات، لأن متابعة بطولة الرابطة الثانية، تستوجب تعيين حكام من المستوى العالي، واحتجاجات رؤساء الفرق من حين لآخر تعد منطقية، لكنها لا تخرج عن نطاق القانون، لأن نكهة المنافسة الكروية تكمن في الأخطاء المرتكبة، وما عشناه في كأس العرب الأخيرة، يعد بمثابة درس يجب أن نقف من خلاله على الحقيقة، لأن العنصر البشري، يبقى الحلقة الأبرز في التحكيم، وتقنية «الفار» قد لا تكون كافية لانصاف النوادي.
ص.ف

الرجوع إلى الأعلى