عملت كلانديستان لأمول رحلاتي و هذا سر المحتوى الناجح
كشف خبيب كواس، أشهر مدون و صاحب محتوى في الجزائر حاليا، في هذا الحوار مع النصر، الكثير من التفاصيل عن حياته و عن بداياته، كما أطلعنا على أسرار النجاح عبر مواقع التواصل، خصوصا و أن اسمه يصنع الحدث هذه الأيام، باعتباره اليوتيوبر الذي اتفق الملايين على حبه و متابعته، و الشاب الوحيد الذي تجندت كبريات الصفحات على فايسبوك لدعمه، كي يصل إلى مليون متابع على انستغرام، و هو مسعى تحقق في ظرف يومين، كان خلالهما خبيب الذي علق بأن «المستحيل ليس جزائريا»، النجم الأول عبر أغلب المنصات التفاعلية، لدرجة أن وزير اقتصاد المعرفة وليد ياسين، غرد على تويتر، داعيا إلى تشجيع المدون خريج برنامج سديم العربي سنة 2017.

حاورته: هدى طابي

أنا رحالة و مصور و منتج أفلام وثائقية
. النصر: من هو خبيب الشاب الذي اتفق على حبه و حب المحتوى الذي يقدمه أكثـر من1.8 مليون متابع على فايسبوك و مليون شخص على انستغرام، إضافة إلى أكثـر من 800 ألف آخرين على يوتيوب؟ متى بدأت مشوار السوشل ميديا  و كيف ولدت الفكرة؟
 ـ خبيب كواس:  أنا رحالة و مصور و منتج أفلام وثائقية حول الدول التي أحل بها، زرت إلى غاية يومنا هذا 38 دولة، و أطمح لزيارة المزيد من الدول، اكتسبت حبي للسفر و فكرة التجوال بين دول العالم، منذ الصغر، بفضل ذكرياتي حول رحلاتنا العائلية التي كان يخطط لها أبي كل نهاية أسبوع، كنا في كل مرة نزور منطقة جديدة، نحضر طعامنا في المنزل و نأخذه، لنستمتع بأكله على بساط نمده على الأرض عادة، تلك الصور عن  الأشجار و الأرض والطبيعة، حفرت عميقا في ذاكرتي و قد تطورت فكرة إحيائها عن طريق السفر و الترحال، عندما كبرت، فكانت وجهتي الأولى إلى الشقيقة تونس، رفقة أصدقائي، كل صائفة تقريبا.
أنا أيضا شخص يحب اللغة الإنجليزية، تستهويني فكرة إنشاء صداقات جديدة، لهذا كونت الكثير منها على مر السنوات، و اكتسبت العديد من الأصدقاء الجدد في الخارج. و كانوا يدعونني لزيارة بلدانهم. كان ذلك بمثابة حلم بالنسبة إلي، فمن الجميل جدا أن تقابل شخصا لا يتكلم لغتك، ولا يعرف عن حياتك شيئا، لكنه يتقبلك و يعاملك بلطف و بمرح و بساطة، انطلاقا من مبادئه الإنسانية.
هذه التجارب، شجعتني على العمل أكثر، حيث بدأت أشتغل لأجمع ما يكفيني من المال، لزيارة تونس أو المغرب لمدة أسبوع على الأقل، ثم سافرت إلى تركيا، أين قابلت الكثير من الأجانب، وهكذا تحديدا، بدأت شبكة علاقاتي بالتوسع أكثر فأكثر. كنت أستعمل تطبيقات على الهاتف، تساعدني على التعرف على مسافرين من شتى البلدان، وهم عموما أشخاص يمكنهم استضافتك في منازلهم بالمجان، بهدف تكوين صداقات جديدة. وفي كل مرة يستضيفون فيها شخصا من دولة أخرى، يستمتعون بوقتهم معه و يتعلمون الكثير عن ثقافته، ما يمنحهم شعورا يشبه السفر إلى تلك البلاد التي يتحدثون عنها.
شخصيا أتحدث كثيرا عن الجزائر، وذلك منذ أول يوم غادرتها فيه، متجها نحو وجهة جديدة، لا يفوتني أبدا التعريف بها و بتقاليدها، و ذلك من منطلق الشعور بما يشبه المسؤولية إزاء الوطن، وكأنه واجب يترتب علي القيام به، خصوصا و أن الكثير من الناس لا يعرفون عن بلادنا سوى القليل، تحديدا أسماء نجوم الكرة الجزائريين، مثل زين الدين زيدان و رياض محرز.
خبيب هو أيضا  « فري لانسر»،  أي طائر حر، يعمل لحساب نفسه، وهي استقلالية حققتها بفضل موهبتي في استخدام الحاسوب و الإنترنت، و تحكمي في  مجال التصميم الغرافيكي وتركيب الفيديوهات، كما أبرع في تصميم المواقع، وهذا هو مصدر دخلي، فقد كنت كثير المشاركة في الملتقيات التقنية، لتكوين شبكة علاقات، و مع الوقت تطورت الفكرة من التصوير والتركيب، إلى نشر قصص عن رحلاتي، كي أبسط مفهوم السفر للجمهور الذي يتابعني و أساعدهم على اكتساب مهارات التنقل. وقد أعجبهم الأمر، وهكذا تحديدا بدأت نشاطي عبر مواقع التواصل، وبدأت أيضا حساباتي في الانتشار.
تلقيت عروضا للشراكة من جهات جزائرية و كثير من الأجانب
 ـ كيف كان رد فعلك على حملة دعمك على مواقع التواصل هل كنت تتوقع ذلك يوما؟
ـ  قبلا كنت أنتج محتوى و أنشره على الانترنت، كثيرون كانوا  يسألونني لماذا لا يتناسب عدد متابعيك مع نوعية ما تقدمه من محتوى نوعي، ثم جاءت تغطية كأس العرب التي تعد نقطة فارقة في مساري، فما أنتجته من فيديوهات حينها حقق النجاح و جعل عددا أكبر من المتابعين يلتحقون بحساباتي، خصوصا بعد الدعم الذي حظيت به من بعض الأصدقاء الإعلاميين المتواجدين في الخارج، بعدها توسعت الحملة والتحقت بها صفحات كبيرة، و كان الأمر ملهما فمن الجميل والمشجع أن يلتف كل هؤلاء حول شخص واحد ويتفقون على حب ما يقدمه، هذه التجربة جعلتني أحمد الله كثيرا، وأدرك أيضا أننا بدأنا في الجزائر نفرق بين المحتوى النوعي وغيره من المحتويات الأخرى.
20ألف دج كانت تكلفة أولى رحلاتي  وتصميم المواقع هو مصدر دخلي
ـ هل يعد الانتشار على مواقع التواصل و صناعة المحتوى عموما، أسهل بالنسبة للمرأة،  مقارنة بالرجل؟
 ـ صناعة المحتوى لا تختلف عن أي مجال إنتاج آخر. صانع المحتوى يقدم منتجا نهائيا، بعد المرور بمراحل، مثله مثل نجار أو مصنع سيارات،  فهي عملية تتطلب ترتيبا وجهدا، بداية بالبحث و من ثم البحث و التدقيق  و الإلقاء و التصوير  و التركيب و النشر و التسويق الذي يعتمد على أساليب و طرق تساعد على انتشار المحتوى، وهو مسار يتطلب دورات تعلم، لكي لا تسقط من الإنسان أي مهارة، لأنها سلسلة متكاملة، فالتحكم في التصوير و إغفال الإلقاء، لن يقدم منتجا جيدا و العكس، بمعنى أنها عملية متكاملة مترابطة، تتطلب مهارة في كل شيء، بما في ذلك وصف الفيديو و الصورة و كلها وسائل نكتسبها بالتعلم.
 وعليه أعتقد أن صناعة المحتوى، لا تخضع لمعيار الجندر أو الجنس، بدليل وجود صانعات محتوى نساء، يبدعن في ما يقمن به، بما في ذلك المحتوى المتعلق بالسفر، لذلك أظن بأن للأمر علاقة بقناعات الشخص، و بطبيعة الرسالة التي يريد إيصالها.  
قيمة الفيديوهات يجب أن توازي قيمة وقت المتابعين
ـ  ما هو سر تألقك؟ و كيف استطعت أن تصنع الاستثناء و تحتل المرتبة الأولى بين أبناء جنسك في الجزائر ؟
ـ السر يكمن في المثابرة و الإيمان بما نقوم به، والاستثمار في الفكرة و الجهد، الشيفرة تفك عبر مراحل، وقد يتطلب ذلك سنتين أو أكثر، المهم الاستمرارية.
شخصيا لم أكن أتوقف عن العمل، في بداياتي عملت « كلانديستان» في مدينتي، لأتمكن فقط من جمع مبلغ 20 ألف إلى 40 ألف دج، تمكنني من زيارة تونس صيفا، في هذه المرحلة من حياتي كنت أقل زبائني من و إلى وسط قسنطينة، مقابل 100دج للشخص و بوتيرة مكثفة لأضاعف دخلي، وبالتزامن مع  ذلك بدأت أيضا في العمل كفري لانسر ومصمم للغرافيك خصوصا في فترات تواجدي في تونس لأمول سفري إلى تركيا.
 النجاح في صناعة المحتوى، يتطلب وقتا و التزاما مطلقا،  عندما بدأت ك»فري لانسر»، بعد انتقالي إلى تركيا، كنت أعمل بكد مع عملاء أجانب، بحيث أجني ما يقارب  ألف إلى ألفين دولار شهريا، أخصصها إجمالا لتمويل رحلتي إلى بلد معين، أين أصور و أنتج القصص التي أنشرها لاحقا على مواقع التواصل، لم أفكر يوما بمنطق الخسارة ، وبأنني لا أجني من أسفاري مالا، بل كنت أعتبر الأمر استثمارا مستقبليا، يعود علي وعلي غيري بالفائدة.
في هذا المجال لا يقاس الأمر بالمراتب من الأول ومن الثاني، فالجمهور هو من يحكم، ما أعرفه هو أن السر يكمن في القيمة التي نضيفها، وفي المعلومات أو المتعة و الفرجة الإيجابية التي يتضمنها ما ننشره من فيديوهات يجب أن تساوي قيمتها، قيمة وقت المشاهد، لذلك كثيرا ما أصور فيديو مدته خمس ساعات، لكنني بعد التركيب، لا أحتفظ منه سوى بعشر دقائق إلى خمس عشرة دقيقة، أدرك أهميتها و هذا ما يصنع الفرق بين ما ينتشر على مواقع التواصل من محتوى.

تحقيق الربح السريع من الانترنت قضية مبدأ
ـ لماذا اخترت تجربة السفر تحديدا رغم كلفتها، مقارنة بأنواع أبسط من المحتوى الرائج على مواقع التواصل؟
ـ  فعلا السفر مكلف، لكنني كنت  أتدبر أموري جيدا، سافرت بأقل التكاليف و قد سبق لي أن نمت في خيمة، و في أحيان كثيرة كان يستضيفني أشخاص مجانا، كنت أتواصل معهم عبر تطبيقات السفر، حتى بالنسبة لتذاكر السفر، كنت أعتمد على العروض مثلا، فإن وجدت عروض تذاكر بخمسة أو عشرة يورو، نحو وسط أوروبا، كنت أحجز  من خمسة إلى عشرة تذاكر دفعة واحدة، بتكلفة لا تزيد عن 90 أورو، وهكذا أكون قد زرت خمس دول،  أين أبيت بالمجان و أصور مادة جيدة لحساباتي، التي بدأت تكبر تدريجيا، و تستقطب معها رعاة وممولين.
السفر علمني التعايش و الانفتاح و احترام ثقافة الآخر
. كيف غيرت هذه التجربة حياتك و ما الذي تعلمته من الترحال؟
ـ  السفر علمني  التعايش و احترام ثقافات الغير، و الانفتاح عليها بشكل أكبر، تعلمت أن أتقبل وأحترم لباس الغير و عاداتهم و معتقداتهم، تماما كما يحترمون هم، اختلافي و هويتي كمسلم، و يستضيفوني في منازلهم دون خلفيات ، هذه التجربة صقلت إنسانيتي.
ـ هل فعلا يحقق مشاهير مواقع التواصل الربح السريع السهل، كما يشاع، هل يمكنك أن تشرح لنا أكثـر كيفية احتساب مداخيل الإنترنت؟
ـ  تحقيق الربح عن طريق السوشل ميديا معقد نوعا ما، لكنه يعتمد على شخصية الإنسان، فإذا كان المعني منفتحا على كل أنواع التعاملات، و مع كل  الماركات دون غربلة، فإنه سيكون قادرا على الكسب بشكل جيد، لكن إذا فرض قيودا على خياراته و تعاملاته، فان الأمر سيصبح صعبا، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يركزون على الجودة.
ـ يقول الكثيرون أن تغطيتك لكأس العرب كانت فارقة، ما الذي ميز فيديوهاتك وصورك تحديدا؟
ـ  السر يكمن في المهارة و القدرة على إيصال الحماس،  في كأس العرب استخدمت جهازين، هاتف جديد و أكشن كاميرا صغيرة، على اعتبار أن الفيفا منعت حينها دخول الكاميرات الكبيرة، ما قمت به هو توظيف مهاراتي في التصوير، مع الاستمرار في التنقل، لإثراء المحتوى عبر خلق الحركية، كنت أتوغل وسط الجماهير المختلفة، و أنقل الأجواء بكل ما تحمله من حماس.
ـ هل تلقيت عروضا لانجاز محتوى إعلامي  أو إعداد وثائقيات لقنوات جزائرية أو أجنبية، وهل يمكن أن تنتقل إلى التلفزيون ذات يوم؟
ـ  نعم  تلقيت عروضا محتشمة من الجزائر، مقابل فرص كثيرة في الخارج، بحكم طبيعة المحتوى العربي والعالمي الذي أقدمه، فقد لاحظتم ربما، بأنني أفضل الحديث بدارجة بيضاء، سهلة، مع تطعيمها بكلمات باللغة الإنجليزية، و استخدام ترجمة مكتوبة كذلك، لأخاطب شريحة أوسع من المتابعين العرب، و لعل ذلك هو ما فتح لي باب العروض في الخارج.
حاليا لم أختر بعد مع أية جهة سوف أتعامل، لأنني أفضل التأني في دراسة العروض، لتتماشى مع طبيعة شخصيتي و اسم علامتي و اسمي، أنا شخص صعب في ما يتعلق بالاختيارات، و ما يهمني ليس الجانب المادي، بقدر ما أركز على طبيعة من سأرافقه و جودة و قيمة و مستوى ما أقدمه، ربما ستكون لي في  المستقبل أعمال بمستوى عالمي، مشرف إن شاء الله.
يجب تحديد الفائدة و الهدف من المحتوى قبل نشره
. ما هي النصيحة التي تقدمها لكل شاب يتخذك قدوة و يحلم بدخول عالم صناعة المحتوى؟
ـ اليوم يمكن لأي شخص أن يدخل عالم صناعة المحتوى دون ضوابط، يكفي فقط أن يشتري هاتفا ويبدأ في النشر، لذلك لاحظنا انفجارا في عدد صناع المحتوى عقب ظهور كورونا، لكن السؤال الواجب طرحه هو ما الفائدة التي يقدمها محتوانا، و الجواب عليه، يجب أن يكون كالآتي : في كل مرة  نحمل فيها الكاميرا لتصوير فيديو، يجب أن ندرك أن هذا الفيديو سوف يؤثر في الكثيرين و بالأخص الصغار،  و بأننا محكومون بعادات وتقاليد يجب ألا نتجاوزها.
نصيحتي، هي مراجعة المحتوى الذي سننشره خمس مرات قبل إطلاقه عبر أية منصة، للتأكد من طبيعة تأثيره، أتمنى فعلا أن يكون هناك صناع محتوى جزائريون، في كل المجالات، في الطب و الميكانيك  وغير ذلك، فالطبيب اليوم مطالب بالخروج من عيادته، ليتواصل مع الجمهور الواسع، و يقدم له ما يفيده، تماشيا مع ما تفرضه تطورات العالم.

الرجوع إلى الأعلى