كشف الفنان محمد رضا بودباغ، في لقاء مع النصر، عن تحضيره لعرض فني جديد سيقدم خلال أفريل القادم وهو عرض فريد من نوعه، اختار له عنوان «حضرة و ديوان»، حيث سيجسد من خلاله تاريخ و تقاليد  الطريقة العيساوة، و يجمع بفضله عددا من الفنانين القسنطينيين، كما سيخصص  محطة لتخليد أرواح من غيّبهم الموت.

حاورته / أسماء بوقرن

ـ عدت إلى الوطن بعد طول غياب فهل تحمل في جعبتك الجديد؟
ـ محمد رضا بودباغ: صحيح أنني كنت غائبا جسديا، لكنني لم أنقطع يوما عن مدينتي فنيا، بدليل تحضيري لعرض فني ضخم، من كلماتي و تلحيني، يعد الأول من نوعه في قسنطينة و الجزائر قاطبة، اشتغلت عليه لمدة أربع سنوات، وأردت من خلاله أن أوثق لفن العيساوة، منذ بداية إقامة «الزردة» في سيدي سليمان» و «بولجبال»، مع التركيز على إبراز عادات النهج العيساوي، عبر عروض فنية تحاكي الفكرة و تجمع بين الغناء و المسرح و السينما، وهو عرض سيجمع قامات فنية قسنطينية على غرار أحمد عوابدية  و مالك فقيرة و عمي مولود كمختص في طابع الوصفان، وقد أوليت أيضا اهتماما لشخصية « القوال»، الذي سيؤدي دور القاص حيث سيتبع كل حقبة أو قصة عرض راقص و أغنية ذات صلة، ليعكس العمل ككل التراث الغنائي القسنطيني الثري.
أفريل  موعد عرض «حضرة و ديوان»
ـ أي عنوان اخترته للعرض؟
ـ عنوان العرض هو « حضرة و ديوان»، سنستهله بمدخل شعبي يقول: «يا ناس جيتكم من مدينة قديمة بلاد قسنطينة جبت فيها حضرة و ديوان، الليلة تسمعوا لخبار»،  مع تخصيص شاشة عملاقة ثلاثية الأبعاد لتقديم صور قديمة توثق لكل مرحلة، وهو عمل جاهز تقريبا.
ـ متى سيعرض أمام الجمهور؟
ـ نعتزم  تقديمه شهر أفريل القادم، في ليلة القدر تحديدا، لا يزال أمامنا نحو شهر تقريبا لإتمام آخر اللمسات، التي سنتحدث عن تفاصيلها خلال ندوة صحفية قبيل العرض.
ـ لماذا تفضل العروض الأوبرالية على الإصدارات الغنائية عكس غيرك من الفنانين وما الهدف تحديدا من هكذا أعمال؟
ـ يحز في نفسي الوضع الذي آلت إليه المدينة و فنها، لذلك أعمل جاهدا لإحياء تراثها الغنائي، وإنعاش الذاكرة المحلية من خلال إعادة تصوير محطات الزمن الجميل، فأنا لا أزال أتذكر «القعدات» التي كنت أحضرها مع كبار المشايخ، في سيدي سليمان و بولجبال و لغراب، لهذا أسعى لإحياء كل ما عشته و لجمع مختلف الطبوع كالوصفان و الفقيرات و العادات الفنية المرتبطة بها في عروضي، بما في ذلك اللباس و المأكولات التقليدية.
 في هذا العرض سأعتمد موسيقى جديدة، كما ستكون هناك التفاتة تكريم خاصة لمن غادرونا من فناني قسنطينة.
سوف  نحيي الذاكرة
ـ هل لنا بمعرفة أسماء الراحلين الذين سيحيي العرض ذكراهم؟
ـ سأكرم وجوها فنية عديدة، من أمثال الفنان زين الدين بن عبد الله و عبد الرحمن قرعيشي و مراد عايب، حيث خصصت نصا في السيناريو، للتذكير  بالمحطات المهمة في مساراتهم الفنية، حتى أننا ستعيد تصوير جزء من يومياتهم لنبرز الجانب الإنساني من شخصياتهم.
ـ ما سر التجديد الموسيقي في عرض يهدف لإحياء التراث؟
ـ عصرنا يفرض التجديد، و التماشي معه يوجب مراعاة جانب الذوق العام، بما في ذلك الميولات الفنية للشباب، لأجل تحقيق الهدف الأسمى و هو تسليم المشعل للجيل الصاعد من الفنانين، وتوجيههم بشكل صحيح، لأن الحفاظ على الموروث الفني والثقافي للمدينة لا يكون سوى من خلال تلقين أصوله للشباب من أبنائها والتجديد هنا وسيلة لمد جسر تواصل بين الماضي و الحاضر لتهذيب الذوق العام.

ـ  هل تؤمن فعلا بقدرة الجيل الجديد على حمل الشعلة و تمريرها؟
ـ نعم هناك فنانون شباب يملكون مستويات المستوى المطلوب فنيا وحتى أكاديميا، المشكل الوحيد هو أنهم يفتقرون للتوجيه و التأطير، وهنا تحديدا يأتي دوري حيث أعمل على تلقينهم أصول الفن بطريقة تتوافق مع معطيات عصرهم.  
ـ ما موقفك من جدل الأصالة و العصرنة هل أنت من دعاة التجديد؟
ـ توجد أمور لا تقبل التجديد في المالوف حقيقة، و لا يمكن فعلا تشويهها أو المساس بها، لكنني مع ذلك أنسج خيوط قصة عشت أحداثها وأجمع بين فصولها، بين الأصالة و العصرنة، فعرضي القادم مثلا، توليفة متكاملة من تلحيني و كلماتي، تطلب مني العمل عليها أربع سنوات كاملة حيث استغليت فترة الجائحة و تواجدي لسنتين في بريطانيا لأركز علي إتمام السيناريو وحده.
هؤلاء هم شيوخي وأساتذتي
ـ من أورثك حب الفن ومن علمك أصوله؟
ـ  مشايخي وأساتذتي هم بلقاسم عبيد الشارف و زين الدين بن عبد الله و عبد الرحمن قرعيشي حصروري، تأثرت كثيرا بما قدموه خلال فترة احتكاكي بهم، و كل الفضل في نجاحي يعود إليهم.  
ـ كيف تقيّم واقع الفن القسنطيني اليوم وأنت الذي عايش عصره الذهبي ؟
ـ الوضع كارثي، لا يمكن أن أحمل المسؤولية لأحد، لكني سأكتفي بالقول، بأن الفن القسنطيني بحاجة لإرادة حقيقية كي  ينهض من جديد وكي يمرر لجيل يحفظه حقا، المسعى يتطلب تضافر جهود كل الفنانين بعيدا عن الصراعات و المنافسة غير الشريفة.
 شخصيا أحاول تقديم الأفضل رغم بعدي عن الوطن، حتى أني استغليت الحجر الصحي كما سبق وأن ذكرته، لأتمكن من إتمام العرض القادم في موعده، معتمدا على مواقع التواصل لتقريب المسافات بيني وبين المشاركين في العمل، خصوصا و أن بينهم من يقيمون في أمريكا و تونس وفرنسا.
ـ حدثنا عن تجربة التسجيل
 عن بعد كيف كانت؟
ـ اعتمدنا على تطبيقات التواصل للعمل كمجموعة واحدة، سجل كل واحد منا مقطعه الخاص جمعنا الشريط معا لنشكل أغنية واحدة عنوانها « يا رب عبدك طالب رجاك ارفد علينا هاذ الوباء» أطلقناها على صفحة مشروع حضرة وديوان على مواقع التواصل الاجتماعي وقد  لاقت النجاح.
أ ب 

الرجوع إلى الأعلى