فضلـت العمـل نادلـة و بائعة خــلال الجائحـة على التسـول الفنـي
كشفت الممثلة المسرحية والتلفزيونية الخامسة مباركية، أنها لجأت إلى الاشتغال كنادلة بمطعم و قبلها بائعة بمحل تجاري، خلال الأزمة الصحية و فترة انتشار وباء كورونا، عندما أغلقت الأبواب في وجه الفنانين و الممثلين لشح الأعمال التلفزيونية، و غلق المسارح و دور الثقافة، مضيفة أنها ستتوجه لنفس الخيار، في حال معاناتها من ظروف اجتماعية قاسية، لتوفير ما تحتاجه، حفاظا على كرامتها وشرفها، بعيدا عن التسول الفني، أو استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لكسب تعاطف المشاهدين، وجلب اهتمام المنتجين، كما تحدثت في حوارها مع النصر، عن أدائها دور الشريرة لأول مرة في مسارها الفني من خلال مسلسل «أنين الأرض» الذي بثه التليفزيون في رمضان المنصرم، كما تحدثت عن قناعاتها الشخصية بخصوص بعض القضايا في الساحة الفنية .

   حاورها: عثمان/ ب

. النصر: تابعك المشاهد في مسلسل «أنين الأرض» في  دور امرأة شريرة ..
ـ الخامسة مباركية: لا، ليس دور الشريرة !
ـ ربما دور امرأة متسلطة إذا..
ـ (تضحك) ..لابد أن أدافع عن دوري، لست شريرة، إنني أمزح فقط، أكيد أن دور الشريرة منبوذ في المجتمع، لكنه متداول و بعض الأعمال الفنية هي إسقاط لما يحدث في الواقع.
تحمست لدور الشريرة  في»أنين الأرض» ونجحت فيه
. كيف تعاملت مع هذه التجربة الجديدة،خاصة وأنك تؤدين دور الشريرة لأول مرة في مسارك؟
ـ نعم، دور جديد، لأول مرة تمنح لي الفرصة لأؤدي مثل هذه الأدوار القاسية، بعد غياب طويل عن الدراما، فقد كان حضوري على مدار السنوات الفارطة، يكاد يقتصر على المسلسلات الكوميدية، و بعد اتصال الجهة المنتجة بي، رحبت بالفكرة و تحمست لأداء هذا الدور في مسلسل «أنين الأرض».  بعد أن اطلعت على السيناريو، أعجبتني الفكرة ،خاصة وأن اختيار موقع التصوير كان بولاية برج بوعريريج، وهذا ما سهل علي العمل لأنني أقطن بهذه الولاية، وشدني الدور كثيرا، لهذا تقمصته،و ربما نجحت في تبليغ الرسالة.
. المسلسل جمع فنانين من مختلف الأجيال، و أتيحت لك الفرصة للعمل مع ممثلين كبار، لاشك أنك استفدت من هذه التجربة ..
ـ في كل أعمالي أشتغل مع ممثلين كبار، و أستغل الفرص للاحتكاك بهم و الاستفادة من خبرتهم، لأثري تجربتي في مجال التمثيل. دائما ما أبادر إلى الاستفسار وطرح الأسئلة عليهم و متابعتهم بتركيز وتمعن خلال أداء أدوارهم و كيفية تعاملهم مع المشهد ومقابلة الكاميرا.

فنانو المسرح يعانون التهميش أكثر من غيرهم
 كنت محظوظة بالمشاركة في مسلسل «أنين الأرض»،مع ممثلين كبار و معروفين ولهم رصيد وأسماء وازنة في الساحة الفنية، وهذا ما زاد من سعادتي وحماسي، ليس من السهل أن تؤدي دورا تكون فيه الفنانة القديرة نجية لعراف أما، و كمال بن زرارة أبا، و مشاهد مع ممثلين يملكون تجربة قيمة من أمثال الممثلة فتيحة سلطان و خديجة مزيني وعبد الحليم زريبيع و محمد بن بكريتي وغيرهم من نجوم التمثيل في الجزائر.
. كانت لك فرصة التعامل مع مخرج من الجيل القديم في حجم مسعود العايب، ما الذي أضافه لتجربتك ؟
ـ قبل دخولي إلى عالم التمثيل التلفزيوني، كنت أتابع أعماله ومسلسلاته وكان حلمي أن أشارك في عمل من أعماله، و سعيت لذلك من خلال المشاركة في كاستينغ خاص بمسلسل من إخراجه، لكنني لم أوفق و لم ألتق به حينها، لكن حلمي تحقق بعد سنوات، و كان لي الشرف أن أكون ضمن طاقم و فريق التمثيل في مسلسل «أنين الأرض» و ألتقي به في أول عمل، أين اكتشفت طيبته وحنكته في مجال الإخراج، و لا يخفى عنكم أنه قامة و مخرج رصين، و اسم له حضوره ومكانته.
. وهل تحقق حلمك في العمل مع ممثلة تأثرت بها منذ الصغر و تعتبرينها قدوة لك؟
ـ جل الممثلات أحبهن، وكانت لي أدوار معهن، لكن أريد أن أكون مميزة بأدائي و شخصيتي الفنية، بعيدا عن التقليد، لا أريد أن أتقمص شخصية ممثلة أخرى أو تقليدها، لأن ذلك يقتل روح الإبداع و يقضي على طموحي لفرض أسلوبي و وضع بصمتي في مجال التمثيل.
أبحث عن التميز بأدائي بعيدا عن التقليد
. أنت من الممثلات اللائي يزاوجن بين العمل في المسرح و التلفزيون، أين تجدين نفسك و أيهما مربح ماديا للممثل ؟
ـ لا أجد فرقا بينهما، حتى في الجانب المادي، المؤكد أن بدايتي كانت في المسرح و فتحت لي أبواب العمل التلفزيوني، لهذا أجد راحتي في المسرح، كما في التلفزيون،  أنا فنانة مهمتي التمثيل أينما وجدت نفسي في السيناريو، و كلما كنت مقتنعة بتقمص الدور، لا أمانع وأجد متعة كبيرة في مقابلة الجمهور، وأنا على خشبة المسرح، كما أسعد كلما تلقيت دعوة للعمل في أي مسلسل أو برنامج تلفزيوني، للقاء الجمهور العريض عبر الشاشة .
 . بالعودة إلى كلامك، تحدثت عن تصوير مسلسل «أنين الأرض» بولاية برج بوعريريج، ما حفزك على المشاركة به، كما أن هذه الولاية تحولت إلى قبلة للمنتجين والمخرجين، لتصوير أعمال سينمائية و مسلسلات، هل ساعدك ذلك على افتكاك أدوار، بحكم أنك ابنة هذه الولاية و مقيمة بها ؟
ـ بالنسبة إلى مسلسل «أنين الأرض» لم يتصلوا بي لأني ابنة البرج، بل اتصلوا بي كممثلة، في حين هناك بعض الأعمال التي صورت هنا في البرج و لم أتلق أي اتصال للمشاركة فيها، على غرار «باب الدشرة» و أفلام سينمائية، و بالتالي  مكان إقامتي ليس معيارا لانتقائي، و توجيه الدعوة إلي للمشاركة في الأعمال، لكن هذا لا ينفي افتخاري بانتسابي لهذه المدينة و الولاية، وسعادتي باهتمام المنتجين والمخرجين بها.
. أكيد، لكن ربما هذا الاهتمام سيزيد من حظوظك لقربك من مواقع التصوير، و أنت تدركين حسابات المنتجين المادية..
ـ ربما إذا تعلق الأمر بشركات الإنتاج الخاصة، لكن التلفزيون العمومي لا أعتقد أن المشرفين عليه يضعون مثل هذه الحسابات في الحسبان، بقدر ما يفكرون في نجاح العمل و توفير الظروف المساعدة على ذلك، فهي مؤسسة عمومية وأي فنان أو ممثل، يستحق المشاركة في العمل تمنح له الفرصة .
تشرفت بالعمل مع المخرج مسعود العايب 
. الملاحظ في رمضان هذا العام، تنوع المسلسلات والبرامج التلفزيونية، و بروز ممثلين كثـر، خلافا لفترة وباء كورونا، هل هذا يعني تحسن وضع الممثل؟
ـ لاحظ في مسلسل «أنين الأرض»، أغلب الفنانين، ممثلون مسرحيون، منهم من لم يشتغل منذ ظهور وباء كورونا أي لأزيد من سنتين، و الاهتمام بهم و إشراكهم في أعمال ومسلسلات تلفزيونية أمر مستحب، وهو اعتراف بجهود هؤلاء الفنانين ودورهم في إثراء الساحة الثقافية والفنية، و لهم الحق في العمل لإعالة أسرهم و تحقيق مشاريعهم، و انتشالهم من مرارة الواقع المزري للفنان، خاصة وأن منهم من عانى من شح، إن لم نقل انعدام الأعمال الفنية، طيلة فترة كورونا، و قس على ذلك الانعكاس السلبي، لتدني المداخيل، على وضعهم الاجتماعي والمادي، فمنهم من يعتمدون حصرا على التمثيل والفن لإعالة أسرهم، وأصبحوا بطالين خلال فترة الوباء والأزمة الصحية، حتى أنا تأثرت، كان يبث مسلسل واحد فقط، لكن في هذا العام أغلب الممثلين تحصلوا على أدوار، بما في ذلك ممثلين كان يقتصر ظهورهم على العروض المسرحية، حيث برزوا في أدوار مختلفة وبرامج تلفزيونية خلال شهر رمضان لهذا العام .
 نتمنى أن يكون الانتاج التلفزيوني وفير مثل هذا العام، و هذا لا يعني أننا ندعو للسقوط في فخ الاستسهال والرتابة، بل نطمح لزيادة الإنتاج، مع الاهتمام بالتنويع و جودة العمل من الناحية التقنية و الإبداع الفني، و حتى من ناحية الإخراج، لأننا نشاهد بعض الأعمال التي لا ترقى للعرض و البث، لما بها من قصور في الرؤية  الإبداعية و الفنية .

. ربما مررت بظروف صعبة ، و لم يوفر لك الفن، عائدات مادية كافية، هل ستلجئين إلى مواقع التواصل لتوجيه نداء استغاثة، مثلما يفعل بعض الممثلين؟
ـ لا أعتقد ذلك، لكن الفنان بحاجة إلى اهتمام أكبر من الجهات الوصية، و بالأخص الممثلين المسرحيين الذين يعانون من التهميش وفي بعض الأحيان لا يجدون ما يقتاتون به، و أغلبهم يلجأ إلى امتهان حرف أخرى.
صعب على الفنان أن يكون مهمشا، فالملاحظ أن عديد الفنانين يعانون من مشكل السكن ويشتكون من تكاليف الاستئجار و تردي الوضع الاجتماعي والمادي، فمثلا كنت أتابع تطورات الوضع الصحي للفنان حزيم، لم يكن سيصل لهذه الحالة لو كان وضعه المادي يسمح بتوفير تكاليف العلاج .
نتمنى وفرة الإنتاج دون السقوط في الاستسهال والرتابة
. لكنه استفاد مؤخرا من التكفل الصحي التام بأمر من رئيس الجمهورية، أليس هذا اهتمام من السلطات العليا؟
ـ نعم، أتحدث من قبل، لو كان وضعه المادي مريح، لما بلغ به الأمر انتظار سخاء الدولة، كذلك صويلح تكفلت بعلاجه الدولة، لكن على الأقل كان لديه امكانيات للفحص والكشف عن المرض و المتابعة الصحية، و كان دعم الدولة إضافة، ما أردت قوله أن هناك ممثلين كبار في المسرح مهمشون، شاهدنا ممثل مسرح منتج و مخرج يبيع قلب اللوز والزلابية .
أنا أيضا مررت بهذه الظروف و لا أزال، لقد اشتغلت من قبل بائعة بمحل تجاري، و نادلة بمطعم، ما يهمني أن أوفر ما احتاجه بشرف، بعيدا عن التسول الفني أو التخلي عن كرامتي، مقابل المشاركة في أعمال فنية.                                                 
ع/ ب

الرجوع إلى الأعلى