لا توجد موجة جديدة في الراب الجزائري
أوضح مغني الراب عبد الكريم مدوري المعروف في الأوساط الشبابية باسم كريم الغانق، بأنه يعمل على تهذيب أغنية الراب وجعلها مقبولة اجتماعيا، من خلال كلمات أغانيه التي تصر على مخاطبة عقول المستمعين بلغة دارجة تقترب إلى العربية، وتتجنب استعمال الكلمات الأجنبية خاصة منها الفرنسية.

حاوره حمزة دايلي
وأضاف كريم الغانق الذي التقيناه مؤخرا في حفل فني كبير أحياه في قاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة ومن تنظيم الديوان الوطني للثقافة والإعلام، بأن أغنية الراب تشهد تطورا من حيث محاولتها التأقلم مع تغيرات المجتمع، لكنها بقيت في نفس الوقت صوتا حقيقيا لا يجامل أحدا وينتقد بلغة صريحة و واضحة.
* النصر: اشتهرت في أوساط الشباب في السنوات الأخيرة من خلال أغانيك التي صنفت كأغان مقبولة ويمكن سماعها على مستوى العائلة، هل كانت لديك خطة لتهذيب كلمات أغنية الراب ؟.
- كريم الغانق:هي في الحقيقة نتيجة عفوية لهدف نبيل، ألا و هو، أن نجعل من أغنية الراب أداة لخدمة مصالح المجتمع، حيث أنني أسعى لتكريس المعاني السامية في الأغاني التي أديتها، حتى وإن كانت هناك انتقادات فإن ذلك يدخل ضمن عملية التفاعل والتواصل، إذ أن لكل فنان تجربته الغنائية الخاصة، حيث يتلقى عليها الثناء و أيضا النقد، لكن لا يجب أن يكون هذا النقد كسرا لعملية الإبداع الفني.
*ساعدتك اللهجة العنابية للوصول إلى جمهور عريض في الجزائر؟.
- نعم فاللهجة العنابية مفهومة بنسبة كبيرة في القطر الجزائري ولتقرير الحقائق، فإن الفضل في ذلك يعود لمغني الراب لطفي دوبل كانون في تكريسها، لكن بالحديث عما أؤديه من أغاني فأنا أتجنب استعمال الكلمات الأجنبية فيما أؤديه وأحرص على أن تكون الأغنية ذات كلمات لها معاني سامية.
*تتميز أغانيك بجرعة الأمل التي تحاول تمريرها كل مرة في عمل غنائي جديد، حدثنا عن ذلك؟
- صحيح فأنا اعتبر بأننا نحيا بالأمل ويكفينا ما نعيشه من تشاؤم يومي، لذلك أتعمد في كل أغنية من الأغاني التي أؤديها بأن تكون هناك نافدة أمل تطل على المجتمع بهدف تكريس التفاعل الإيجابي.
*هل تعتبر توجه أغنية الراب في الجزائر إلى التفاؤل والايجابية هو موجة جديدة تهدف لتغيير أسس هذه الأغنية ؟
- أنا لا أعتبرها موجة جديدة بل هي استمرارية لعمل أجيال كاملة من الجزائريين ساهمت بشكل كبير في تطوير أغنية الراب، وما عمل الجيل الحالي من مغني الراب في الجزائر على أغاني قد تنصف كأنها موجة جديدة، سوى استجابة لضروريات المرحلة و استمرار لرؤى بنيت من قبل، حيث أن تجارب الجيل القديم من فرق راب جزائرية ساعدت الجيل الجديد على عدم تكرار نفس الأخطاء والاستفادة بشكل كبير من التراكمات الفنية.
*ألا ترى بأن مبالغة في أغنية الراب في الجزائر، بتوجهها لأغاني توصف من قبل متتبعين بالعنيفة نظرا لاستعمالها ألفاظا  قد تكون جارحة و تشوه هذا الطابع ؟.
- يجب أن لا ننسى بأن طبيعة الراب ثورية لكن ذلك لا يجب أن يبرر أي تشهير للعنف، و إن كان هذا العنف الذي تحدث عنه الخبراء مبالغ فيه فأنا أراه في بعض الأحيان أداة تنفسية عن عنف حقيقي لو لم يعبر عنه من خلال أغنية الراب أو طرق التعبير الأخرى فإنه سيتحوّل إلى عنف ملموس في مجتمعنا.
*في العالم الغربي وخاصة أمريكا توجه مغنو الراب إلى إدخال الفلسفة والأفكار العميقة في كلماتهم حتى أنه أصبح أغنية تعليمية أكثر منه أغنية للتنفيس عن الغضب؟.
- الراب الجزائري هو ضمن راب مجتمعات العالم الثالث التي لديها مشاكلها الاجتماعية ولا يعيش أفرادها الرفاهية التي يعيشها جمهور الراب في أمريكا أو أوروبا الغربية، لذلك فإن الراب الجزائر في مرحلة تعبيرية عن الهموم التي يعيشها مجتمعه ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نطالبه بالتنكر لهذه المشاكل والتوجه إلى الأفكار الفلسفية العميقة ،فمثلا في أمريكا كان الراب في مرحلة التمييز العنصري رابا اجتماعيا بالدرجة الأولى ويوجه كلماته إلى نبذ العنصرية، ولما وصل رئيس أسود لرئاسة أمريكا لاحظنا نقص نسبة الراب الذي يؤديه السود في نبذ العنصرية وتوجهوا إلى مواضيع أخرى.
*اقترن تطور أغنية الراب في الجزائر بالانتشار الكبير لشبكة الانترنت لما يرجع ذلك ؟
- أنا شخصيا عرفت من خلال شبكة الانترنت و الفيديوهات التي كنت أضعها على موقع اليوتوب، فرغم غنائي قبل ظهور الانترنت فإنني لم أعرف ولم أشتهر بشكل موسع وذلك لظروف كثيرة منها غلق الميدان السمعي البصري في مرحلة زمنية معينة في الجزائر، مما أثر بشكل سلبي على تطور أغنية الراب التي تحتاج للترويج والتعريف بمغنيها بغية خلق جمهور متخصص ومتابع لهذا الفن.
*طغت مؤخرا ظاهرة أغاني الكلاش على أغنية الراب في الجزائر ، فما قراءتك لذلك؟
- نعم فالكلاش هو عبارة عن أغاني لاستعراض المواهب والعضلات ولديها حكايات في التاريخ العربي على غرار التنافس الشعري الكبير ما بين الفرزدق وجرير، فلولا التنافس المحموم ما بين الشاعرين لما عرفت قصائد جملية في الهجاء وغيرها من الأغراض الشعرية في تلك المرحلة، الحال نفسه في أغنية الراب في الجزائر حيث ظهرت عدة أغاني جميلة وفيها روح التجديد من خلال التنافس ما بين مغنين اثنين يتحدى أحدهما الآخر.
* إذا سمحت لي بإثارة نقطة قد تكون حساسة ألا وهو المستوى التعليمي المتدني لمغني الراب في الجزائر، فقلما  نجد مغني أكمل تعليمه وهو ما أثر على سمعة الراب الجزائري؟.
- هذه القضية نسبية إلى حد ما، لكن في بعض الأحيان ونظرا للظروف الاجتماعية المعروفة فإن الكثير من مغني الراب لم يكملوا دراستهم وتوجهوا لحل مشاكل الحياة في سن مبكرة وهو ما جعلهم يميلون لفن الراب، نظرا لرغبتهم الكبيرة في التعبير عن ما عايشوه من مشاكل.

الرجوع إلى الأعلى