صُنف ضمن قائمة أكثـر 50 شخصية نفوذا في تورونتو خلال العام الماضي، وهو اليوم العربي الوحيد الذي يرأس جامعة كندية، إنه الدكتور محمد لاشمي خريج تخصص الهندسة المدنية بالجزائر، الذي استطاع أن يحقق نجاحات كبيرة بأمريكا الشمالية، من أبرزها تشييد أقوى جسر في العالم، وهو إنجاز يؤكد عضو مجلس الأبحاث الكندي في حوار مطول للنصر، أن وراءه مأساة زلزال الأصنام بالشلف قبل أزيد من 40 عاما، كما يعود بنا لاشمي الذي يعتبر أول رئيس لجامعة رايرسون مولود خارج كندا، إلى بدايات نجاحه ويشرح كيف استطاع أن يجعل من طريقته المبتكرة في التسيير نموذجا رائدا، ليتطرق إلى نقاط عدة بينها مشاريعه في الجزائر ورؤيته لمستقبل التعليم العالي.

حاورته: ياسمين بوالجدري

نشأت في الغرب الجزائري أين زاولت التعليم في الأطوار الثلاثة. كيف كان لهذه البيئة وللعائلة دور في تشكيل شخصيتك وحبك للعلم؟
غادرتُ الجزائر منذ أكثر من 35 سنة للدراسة في مقاطعة كيبيك. وُلدت في مدينة صغيرة غرب الجزائر في قلب الونشريس بمنطقة برج بونعامة وكان ذلك في 1962، العام الذي استقلت فيه الجزائر. وُلدت بعد أيام قليلة من التوقيع على إنهاء الاحتلال الفرنسي الغاشم للجزائر والذي استمر 132 سنة.

ثانويتي دُمرت بسبب الزلزال فكرست نفسي لإنقاذ الأرواح

كانت ولادة أمي لطفلها الأول في هذه اللحظة التاريخية بمثابة فرصة بإعطائي شيئا لم يكن متاحا لها أبدا وللآخرين تحت الاستعمار الفرنسي، وهو التعلم، فكانت رسالة طفولتي أن التعلم يفتح الأبواب ويغير حياة الأشخاص ومن خلالها استلهمت العمل الجاد والتركيز على دراستي.
عشت في أكتوبر 1980 زلزال الأصنام الذي دمر المنشآت وقتل الكثيرين من السكان في منطقتك. كيف أثرت هذه المأساة على قرارك بدراسة الهندسة المدنية؟
خلال سنتي الأخيرة من الدراسة في الثانوية، أدى زلزال هائل في مدينة الأصنام كما كانت تسمى آنذاك، إلى مقتل الآلاف وتدمير معظم المنشآت ومنها الكثير من المؤسسات التربوية، بما فيها الثانوية التي كنت أدرس فيها. لن أنس أبدا هذا التاريخ، كان في 10 أكتوبر 1980، كان يوم جمعة حوالي الساعة الواحدة و 25 دقيقة بعد الظهر. في تلك اللحظة أدركت أن المباني سيئة التصميم وبأن هذا يكلف أرواحا بشرية، فكرست نفسي للبناء والمساهمة في إنقاذ الأرواح، إذ وفي العام التالي التحقت بجامعة العلوم والتكنولوجيا بوهران وحصلت منها على بكالوريوس في الهندسة المدنية.
الحمد لله، كانت أجواء الدراسة في الجامعة ملائمة جدا واستطعت الحصول على أعلى معدل في الشعبة، ومن خلال ذلك التحقت بكندا لإتمام دراستي العليا هناك.

أسسنا حاضنة الأعمال الأولى عالميا

لماذا اخترت الوجهة الكندية التي لم تكن رائجة في ذلك الوقت وكيف تجاوزت التحديات البيئية والثقافية في هذا البلد؟
بعد الحصول على شهادة الهندسة من جامعة وهران، واصلت التطلع إلى المزيد من المعرفة لبناء هياكل مصممة لمقاومة الكوارث الطبيعية وقوة التحمل. في سنة 1986 انتقلت إلى كندا وبالتحديد إلى مدينة شيربروك بمقاطعة كيبيك  لمتابعة دراسة الماجستير والدكتوراه في الهندسة الإنشائية. لم تكن الوجهة الكندية رائحة وقتها لكنني تحصلت على إمكانية الدراسة هناك وكانت لدي فرصة جيدة للتأقلم مع البيئة هناك في أمريكا الشمالية والتي تختلف من ناحية الجو والثقافة. في البداية كان التعود صعبا، لكن مع الوقت استطعت التأقلم بفضل التعاون مع الجالية الجزائرية التي كانت صغيرة جدا آنذاك.
بعد سنوات قليلة من وصولك إلى كندا حققت إنجازا كبيرا بمساهمتك في تشييد أقوى جسر في العالم في ذلك الوقت بمدينة شيربروك. حدثنا عن هذه التجربة؟
بعدما تحصلت على الدكتوراه وبلغت دراسات ما بعد الدكتوراه، عقب 10 سنوات من وصولي إلى كندا، تشرفت أن أكون ضمن الفريق الدولي الذي صمم و بنى جسرا في مدينة شيربروك من نوع خرسانة جديدة تسمى خرسانة البودرة التفاعلية. كان هذا الجسر الأقوى في العالم من حيث قوة التحمل.

التحقت بعدها بجامعة راريسون الواقعة في مقاطعة أنتيريو الأنجلوساكسونية، كأستاذ مساعد ومنذ قرابة 24 عاما تدرجت في المناصب إلى أن أصبحت سنة 2016 أول شخص مولود خارج كندا يشغل هذا المنصب في تاريخ الجامعة، والعربي الوحيد الذي يرأس حاليا جامعة في كندا. ما الذي يمثله هذا بالنسبة لك؟
التحقت عام 1998 بجامعة رايرسون التي كانت تسمى تورونتو ميتروبوليتن أونيفرسيتي وهي واقعة في أكبر مقاطعة كندية هي أونتيريو الانجلوساكسونية. بدأ مشواري هناك كأستاذ مساعد ثم تدرجت في المناصب. منذ البداية ساهمت في بناء ثقافة البحث وجودة البرامج والشراكات الإستراتيجية وفرص التعلم المبتكرة، وساهمت كذلك على المستويين الإداري والتربوي.
ربما من أهم الإنجازات، أن وقع اختياري منذ أكثر من 6 سنوات من قبل مجلس أمناء الجامعة لأكون الرئيس التاسع في تاريخ جامعة رايرسون، فأنا الآن العربي الوحيد على رأس كل جامعات كندا. وبالنسبة لتاريخ رايرسون الذي يمتد لأكثر من 70 سنة، أنا أول رئيس لها مولود خارج كندا.

بحوث رائدة لتطوير طرق بناء صديقة للبيئة

رغم مهامك الإدارية والتدريسية الكثيرة، لم تتوقف عن البحث العلمي ونشرت عشرات الأبحاث التي يتعلق بعضها بتطوير تقنيات بناء صديقة للبيئة. ما مدى أهمية هذه التقنية خاصة في ظل التحديات المناخية التي يعيشها كوكبنا؟
على مستوى البحث العلمي، أشرفت على أكثر من 70 طالبا في الماجستير والدكتوراه وما بعد الدكتوراه ونشرت أكثر من 300 بحث في مجال تخصصي. لقد أسهمت بحوثنا الرائدة في تطوير مواد وطرق بناء جديدة صديقة للبيئة، عن طريق تحويل كميات كبيرة من النفايات إلى مواد بناء مفيدة، وقد أظهرت الأبحاث العالمية واسعة النطاق التي أجريناها أنه يمكن أن يؤدي استخدام النفايات الصناعية إلى بناء مستدام، مع انخفاض كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري واستهلاك الطاقة.
شاركت منذ 10 سنوات في تأسيس منطقة الوسائط الرقمية المصنفة كحاضنة الأعمال الأولى في العالم. ما هي المنهجية التي اعتمدت عليها ليصبح لهذه المنصة دور فاعل في المحيط الاقتصادي؟
هدفنا هو أن يكتسب جميع الطلاب المعرفة والمهارات ليكونوا المبتكرين الذين يصنعون التغيير الإيجابي في المجتمع، وتشمل سمات صانع التغيير التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع والتعاون والفضول، إلى جانب المثابرة والعزيمة والقدرة على التكيف.
كذلك، يجب أن يكون هناك استعداد للفشل، والتعلم من هذا الفشل، وقد أثبتت تجربتنا من خلال التعلم التجريبي الذي يدمج روح المبادرة والابتكار، أنه طريقة فعالة يمكن للطلاب من خلالها تطوير هذه السمات.
نقوم بإتاحة التوجيه من قبل ذوي الخبرة والداعمين، ضمن بيئة تعاونية منظمة للطلاب لتطوير سمات ومهارات القرن الواحد والعشرين. بالطبع لن يرغب جميع الطلاب في بدء شركة خاصة بهم أو إخراج منتج وتسويقه، لكن يمكن الاستفادة من مهارة رجال الأعمال وهم من يصنعون الزملاء المبدعين والمتعاونين، وصناع التغيير الاجتماعي والمبتكرين الذين يحلون المشكلات والمدراء الخلاقين، وذلك من خلال الاستماع والتمكين.

نتواصل مع باحثين في الجزائر ونطمح لتطوير الشراكة

من خلال تجربة الحاضنة، نشجع ريادة الأعمال والابتكارات والتخصصات ودمج ريادة الأعمال في مجموعة واسعة من فرص التعلم التجريبي. تشتهر حاضنة الإبداع المصنفة في المرتبة الأولى بين حاضنات الجامعات في العالم، بتمكين الطلبة من فرص لا توجد في جامعات أخرى، وذلك في اختصاصات من خلال نشاطات ريادة الأعمال، بما في ذلك الهندسة الطبية الحيوية والتقنيات الصحية والأزياء والتكنولوجيا وكذلك الابتكار الاجتماعي والطاقة والإعلام والقانون والتصميم والعلوم بمختلف أنواعها.
تنتهج جامعة رايرسون سياسة الانفتاح على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وقد فتحت فروعأ بعدد من هذه البلدان. هل هناك مشروع مشابه في الجزائر وما هي فرص التبادل والتعاون المستقبلية مع الجامعات الجزائرية؟
الكثير من المؤسسات العلمية الكندية لديها شكل من أشكال التعاون مع بعض البلدان العربية، وبالنسبة لجامعتنا قمنا ببناء شراكات إستراتيجية مع بعض المؤسسات والجامعات في المنطقة العربية، على غرار شراكة مع الجامعة الكندية في دبي والتي تتيح للطلبة هناك متابعة برامج الكلية الإبداعية بجامعة رايرسون، وكذلك برنامج في الأردن تموله الحكومة الكندية ويهدف إلى تغذية بيئة تغرس التفكير الإبداعي و ريادة الأعمال
أما المثال الثالث فهو الشراكة الاستراتيجية مع الجامعة الكندية في مصر، والتي من خلالها افتتحنا هذه السنة فرعا لجامعتنا بالمدينة الإدارية الجديدة في القاهرة، وسيكون بإمكان كل الطلبة من الوطن العربي وإفريقيا مزاولة دراستهم به ابتداء من سبتمبر القادم في بيئة أكاديمية شبيهة بالتجربة الموجودة هنا في تورونتو.
بالنسبة للجزائر، هناك حاليا تبادل على مستوى البحث العلمي ومعظمه يتم مع الأفراد والباحثين، إذ أن هناك مجموعة من الباحثين التي استفادت من تجربتنا في مجال اختصاصي، وعددهم منهم زاروا تورونتو ومكثوا معنا لأشهر. نحن في تواصل معهم حاليا ونأمل أن تكون هنالك إستراتيجية أحسن في المستقبل من ناحية التبادل الاستراتيجي بين جامعتنا والجامعات في الجزائر.
أشارت تقارير إلى أن عدد الجزائريين في كندا يفوق 100 ألف، أكثـر من نصفهم بمدينة مونتريال لوحدها، وقد أصبح هذا البلد يستقطب أعدادا أكبر من الكفاءات الجزائرية. كيف تُقيّم اليوم مساهمة جاليتنا في التطور الذي حققه المجتمع الكندي؟
من المؤكد أن الاعتماد على المؤهلات البشرية خلال القرن الواحد والعشرين موجود أكثر من أي وقت مضى، خاصة في الحقل العلمي والتكنولوجي، وكلنا يعرف جيدا الدور الذي يلعبه العرب الكنديون في هذا المجال، خاصة من ناحية التواجد الكثيف للجزائريين في مقاطعة كيبيك ومدينة مونتريال، لهذا يجب على الكل العمل دون هوادة على توفير المعاملة المنصفة العادلة لجميع أفراد المجتمع، من خلال خلق الفرص وإزالة الحواجز التاريخية للفئات المهمشة والممثلة بشكل ضئيل.

اللغة الفرنسية عائق ويجب الخروج من عباءتها

أكيد أن الميدان العلمي والتكنولوجي بحاجة ماسة إلى تنوع المعرفة و وجهات النظر العالمية والخبرات التي تأتي من مجموعات مختلفة، والإسهام الذي يقدمه التنوع في التعليم والمعرفة والبحث العلمي وبيئة العمل، هذا أمر مهم جدا
تعمل الحكومة الكندية والحكومات المختلفة في المقاطعات على أن يكون الباب مفتوحا لأعداد المهاجرين الكبيرة التي تأتي إلى كندا، وخاصة الجزائريين الذين يمتلكون كفاءات راقية جدا، أتمنى أن تكون هنالك فرص أكثر واهتمام أكبر بهذه المؤهلات البشرية التي تنفع المجتمع في كل جوانبه.
يشهد قطاع التعليم العالي تغيرات متسارعة تفرضها التحولات الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد العالمي. ما هي التخصصات التي تبرز أهميتها بشكل أكبر؟
علينا أن ندرك أننا نعيش في عصر المعرفة، حيث كل شيء مترابط، كما أن التكنولوجيا في تقدم دائم والتغيير ثابت وسريع جدا، لذلك فإن القدرة على التكيف والتفكير النقدي والابتكار والعمل الجماعي والتواصل بشكل فعال، ستكون كلها أمور حاسمة لتحقيق النجاح، وهذا يتطلب مهارات خاصة، مثل تعلم اللغات الحية والخروج من عباءة اللغة الفرنسية، التي هي عائق في وجه الكثير من الأشخاص في الجزائر.
قد تكون للفرد مهارات كثيرة، لكن إذا لم يتقن اللغة التي تساهم في تقدم هذه المهارات، فلن تكون هناك نتائج إيجابية. نصيحتي، خاصة على المستوى العلمي والتكنولوجي، هي أنه يجب علينا في الجزائر الخروج من عباءة اللغة الفرنسية.

لا ترغموا أبناءكم على دراسة تخصصات لأنها تناسبكم

ستزداد أهمية انترنت الأشياء والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وستخلق فرصا ومهنا جديدة لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة فقط. بشكل أكثر تحديد، ستكون هناك اختصاصات في إدارة الرعاية الصحية والبيئة والتكنولوجيا الحيوية، وجميع مجالات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات الصحية والأمن السيبراني والاتصالات بحيث ستكون لها أهمية بالغة في المستقبل.
معلوم أن التكنولوجيا واقتصاد المعرفة مهمان في المستقبل، وتسريع التقدم التكنولوجي يمس كل صناعة وقطاع ويمس كذلك الطريقة التي نعيش ونعمل بها.
في سياق مشابه، يجد العديد من الطلبة الناجحين في امتحان شهادة البكالوريا صعوبة في تحديد التخصص الجامعي، بين من يتبع نصائح الأهل والمعارف ومن يلحق شغفه وبين من يترك الأمر في الأخير للحظ أو الصدفة. من منطلق تجربتك الكبيرة في المجال، ما هي النصائح التي يمكنك توجيهها لهؤلاء الطلبة على بعد أيام من انطلاق التسجيلات؟
نصيحتي أقدمها بالدرجة الأولى للأولياء، فدوركم توجيهي ويقتصر على النصح لا ترغموا أبناءكم على تخصص يناسبكم أكثر من أبنائهم. شاهدت أولياء كثر أرغموا أبناءهم على أن يكونوا أطباء ومهندسين ومحامين. أقول للطالب استفت قلبك، فكل طالب خلقه الله سبحانه وتعالى بمميزات تسمح له بالتوجه إلى الاختصاص الذي يناسب طبيعته.

هذه رسالتي للشباب

أقول للطلبة الذين سينجحون في البكالوريا، أننا نفتخر بكم وما عليكم القيام به، هو جمع معلومات والنصائح من الأهل والأصدقاء وأهل العلم في الجامعات وخارجها، ثم فكروا في الأمر بطريقة شخصية تناسبكم. من خلال تجربتي في المجال لأكثر من 40 سنة، صادفت طلبة غير سعيدين بمجالهم التعليمي لأن اختصاصات معينة فُرضت عليهم.
ساهمت جامعتك من خلال جمع التبرعات، في هجرة عائلات سورية إلى كندا، كما تقوم بمساع لتحقيق المصالحة مع «السكان الأصليين». إلى أي مدى صارت جامعات العالم مطالبة اليوم بالانفتاح أكثـر على محيطها الاجتماعي؟
تعتبر المشاركة المجتمعية سمة مميِّزة لجامعتنا في برامجها التي تعتمد على التعليم التجريبي والشراكة المجتمعية. هذا المنهج يتيح لنا العمل مع من حولنا والاستفادة منهم ويفتح طرقا لخلق تغيير إيجابي في المجتمع كما يساهم ذلك في خدمة سمعة الجامعة كجامعة لبناء المدن والمجتمعات، وفي دعم ثقافة التعاون والتكامل والتفاعل الإيجابي بجميع المجالات الإنسانية.
هناك أمثلة كثيرة عن الخدمات الإنسانية التي قمنا بها خلال جائحة كورونا لمساعدة المحتاجين في مدينة تورونتو، والدور الريادي الذي قامت به جامعتنا منذ سنوات لجمع تبرعات بلغت أكثر من 5 مليون دولار لمساعدة أكثر من 75 عائلة سورية للمجيء والاستقرار في كندا، وهي أمثلة عن تفاعلنا مع المجتمع ومع سكان المدينة الموجودين حولنا.

نواجه الإسلاموفوبيا بالتأثير الإيجابي

تُعرف كندا بأنها مزيج مجتمعي متعدد الثقافات والديانات، لكن الأعوام الأخيرة شهدت تزايدا مخيفا لظاهرة الإسلاموفوبيا. كيف تقرأ المشهد اليوم وما الحلول المناسبة لتقديم الصورة الحقيقية المشرفة للمسلمين والعرب في كندا؟
أتابع باهتمام شؤون الجالية العربية في كندا، بكل أطيافها، ومن خلال تعاملي مع الأفراد وخاصة الشباب في ميدان الإبداع والابتكار، وجدت أن الجالية العربية تزخر بمواهب شابة كثيرة بإمكانها تحويل أفكار واعدة إلى حلول أو منتجات أو خدمات ملموسة من شأنها إحداث تأثير إيجابي وهادف في المجتمع، وهذا بالنسبة لي أهم ما نقوم به في المجتمع الكندي المتنوع ومتعدد الثقافات والديانات.
الجالية العربية والإسلامية تقوم بأمور رائدة، وهذا في اعتقادي، الطريقة المثلى لجلب التعاطف من المجتمع الكندي، خاصة من خلال أحداث الاسلاموفوبيا التي وقعت في السنوات الماضية، وأرى أن هذا التأثير إيجابي وهادف. تواصلي مع هذا الشباب الواعد عن طريق الجهات العلمية والمجتمعية يُظهِر أنهم بصدد اكتساب الثقة والمعرفة لبناء مهنهم وإطلاق مشاريعهم الخاصة وخلق فرص و وظائف للجالية وللمجتمع.
بعد مسيرة علمية ومهنية حافلة، ما هي الرسالة التي قد ترغب في توجيهها للشباب الجزائريين الطامح إلى بلوغ النجاح؟
رسالتي اليوم هي رسالة تفاؤل وفرص بمناسبة ستينية استقلال الجزائر، وأول نصيحة هي أنه على الشباب أن يكونوا مرنين، فالرحلة إلى النجاح لا يُقصَد لها أن تكون سهلة، بالطبع ستواجهون تحديات، وإياكم أن تستسلموا لهذه التحديات، ولو أن الشعب الجزائري استسلم لها لما حقق الاستقلال.

الجزائريون يمتلكون كفاءات عالية جدا

ثانيا، فكروا في الابتكار كأداة لتطوير حياتكم بغض النظر عن مساركم الدراسي والوظيفي، إذ يمكن أن تجعلوا الابتكار والقدرة على الإبداع طريقة لتحسين فرصكم في النجاح في الحياة. النقطة الثالثة، هي أن تكونوا إيجابيين، لا تقعوا في فخ السلبية، و في اعتقادي، الأمل أداة قوية وأفضل أداة لديكم كشباب طموحين للمستقبل، وأخيرا، كونوا دعاة للتقدم والتغيير لبناء مستقبل عظيم للجزائر والعالم.                                                                          ي.ب

الرجوع إلى الأعلى