علينا الاستثمار في نجاح دورة وهران للترويج  لبلدنا الجميل

خص سعيد قرني عيسى جبير مدير القرية المتوسطية والبطل السابق في سباقات 800 متر، النصر بحوار مطول، عاد فيه إلى النجاح الباهر الذي بصموا عليه كمسؤولين في دورة وهران لألعاب البحر المتوسط، خاصة من حيث التنظيم واستقبال ضيوف الجزائر، مشيرا إلى ضرورة الاستثمار في هذا النجاح، من أجل الترويج الجيد لصورة بلدنا الجزائر الذي يستحق حسبه مكانة مع الكبار، كما تحدث قرني جبير من منطلق التقني والبطل السابق عن حصيلة الجزائر الإيجابية (53 ميدالية منها 20 ميدالية ذهبية)، ومبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تجاه الأبطال، وعدة أمور أخرى تخص الألعاب المتوسطية الأخيرة.

مع إسدال الستار عن الألعاب المتوسطية بوهران، كيف تقيمون نجاح هذه التظاهرة من الناحية التنظيمية، بحكم المهمة التي أوكلت لكم كمدير للقرية المتوسطية ؟
بداية أشكر محافظ الألعاب عزيز درواز على الثقة التي وضعها في شخصي، حيث شرفني بتلك المهمة التي أنجزتها على أكمل وجه بشهادة كل المتتبعين، الحمد لله الذي وفقنا لتقديم صورة جيدة عن بلدنا الحبيب الجزائر، خاصة وأن الجميع أشاد بنجاح هذه الألعاب، خاصة من ناحية التنظيم والحضور الجماهيري، ويكفيني فخرا الرسائل التي وصلتنا من أصدقائي الأوروبيين، حيث لم يكفوا عن الإشادة بما قدمناه على مدار أيام الدورة، ومنحونا درجة الامتياز في التنظيم، كما توجد جزئية أخرى يتوجب أن أشير إليها بإسهاب، وهي أن رئيس اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية دافيد تيزانو غادر الجزائر منبهرا، فهو لم يصدق أن يكون النجاح بهذا الحجم، بالموازاة مع العراقيل التي صادفتنا خلال فترة الاستعداد للبطولة، وفي مقدمتها جائحة كورونا، التي جمدت الأشغال لفترة ليست بالقصيرة.

ما قدمناه في ألعاب وهران «معجزة» بسبب مخلفات كورونا !

كيف تخطيتم كل تلك العراقيل، ومتى أنهيتم كل الاستعدادات لاستقبال الضيوف؟
حتى نضع الجميع في صورة ما حققناه من نجاح يعتبر «معجزة»، وإن كانت مثل هذه الأشياء ليست بكبيرة على بلدنا الجزائر، القادر على تنظيم بطولات أكبر من الألعاب المتوسطية، صدقوني واجهنا العديد من المتاعب والعراقيل في فترة الاستعدادات، سيما وأن كل شيء كان مجمدا في فترة جائحة كورونا، ولم تستأنف الأشغال والتحضيرات سوى قبل ستة أشهر فقط من انطلاق الألعاب، وهو ما جعل الجميع في سباق ضد الساعة، والحمد لله تم رفع التحدي بالنجاح، بداية بتجهيز كل شيء، وأنا عن نفسي، كنت قد وافقت على المهمة التي أوكلت لي دون أن أفكر للحظة واحدة، فبمجرد الاتصال بي لشغل منصب مدير القرية المتوسطية منحت موافقتي مباشرة، وشرعت في العمل رفقة من أوكلوهم لمساعدتي، وهنا أشكر محافظ الألعاب وكل المسؤولين الجزائريين من كبيرهم إلى صغيرهم، بداية برئاسة الجمهورية التي كانت تتابع كل كبيرة وصغيرة تخص الوفود، وحتى الرئيس عبد المجيد تبون قدم تعليمات صارمة بإنجاح هذه الألعاب من كل الجوانب، كما أن والي ولاية وهران لم يبخل علينا بشيء رفقة السلطات المحلية، دون أن أنسى كل العاملين بالقرية المتوسطية، الذين ضحوا كثيرا في سبيل تقديم صورة جيدة عن الجزائر، إلى درجة أنهم كانوا لا يخلدون إلى النوم، لا لشيء سوى لوضع ضيوف الجزائر في أفضل الظروف، والحمد لله لم نتلق أي شكاوي، والنقائص المسجلة لم تكن كثيرة، واقتصرت على بعض الجزئيات البسيطة التي حاولنا معالجتها يوميا، أشكر الجميع وأنا فخور بإنجاز مهمتي على أكمل وجه.

عمال القرية لم يغمض لهم جفن في سبيل إراحة ضيوف الجزائر

ألم تخش حجم المسؤولية الكبيرة التي أوكلت لك للعمل مع زوار الجزائر ؟
صدقوني لم أكن متخوفا من المهمة التي شرفوني بها، كوني أمتلك الخبرة في هذا المجال، بحكم دراستي في فرنسا لسنتين كاملتين، حيث أحوز على «ماستر» في التجارة الرياضية، وهذا ما ساعدني في مهمتي الصعبة، فكما تعلمون الرياضة تطورت كثيرا، ولم تعد مقتصرة على نفسها فقط، بل تحولت إلى منظومة متكاملة مع الإعلام والاقتصاد وحتى الثقافة، وهو ما حاولت أن أعمل عليه خلال فترة إشرافي على القرية المتوسطية، وإن كنت أعتذر عن كل تقصير بدر مني تجاه الإعلاميين، فعملي كان يجبرني على غلق كل الأبواب، خوفا على سلامة الوفود، كما أن رفضي إجراء الحوارات آنذاك ناجم عن التزاماتي الكثيرة، وعلينا تفهم بعضنا البعض، فالأمر يتعلق بتقديم صورة جيدة عن بلدنا، خاصة وأن القرية المتوسطية كانت تضم وفودا كثيرة، ولم يكن أمامنا خيار آخر سوى توفير الراحة المطلوبة لضيوف الجزائر، وأرى بأننا وُفقنا في ذلك إلى أبعد الحدود، فصدى نجاح البطولة وصل إلى جميع البلدان.
ماذا عن النشاطات الثقافية والفنية التي نظمتموها بالقرية المتوسطية على مدار أيام البطولة، للتعريف بالموروث الجزائري والترفيه عن ضيوف الجزائر ؟
لكي تكونوا في الصورة، القرية المتوسطية تم إنشاؤها في بادئ الأمر كإقامة جامعية، كما تم وضع فكرة تخصيصها كقرية متوسطية في الحسبان، ولذلك فقد كانت الأخيرة تتوفر على كل شيء، وهو ما سهل علينا العمل مع الضيوف، خاصة فيما يتعلق بتنظيم بعض النشاطات الثقافية والفنية، والتي كانت تحت توجيهات سليم دادا الذي أشرف على حفلي الافتتاح والاختتام، كما تم توكيله بكل الجوانب الخاصة بالتعريف بالموروث الجزائري، لقد كنا حريصين على التوفيق بين كل الجوانب، والحمد لله لقينا صدى إيجابيا من طرف الجميع، فلعلمكم كانت تلك المهرجانات محل متابعة كبيرة، خاصة وأن تنظيمها كان بعيدا عن مكان الإيواء من أجل السماح لكل الرياضيين بالتركيز.

الأوروبيون منحونا درجة «الامتياز» في التنظيم

لنتحدث الآن عن الجانب الرياضي وحصيلة الجزائر من حيث الميداليات، وإنهاء الدورة في المرتبة الرابعة في سلم الترتيب العام، بصراحة كبطل عالمي سابق كنت تتوقع هذا التألق لرياضيينا الذين عاني بعضهم من نقص التحضيرات ؟
كنت قد قدمت توقعاتي، خلال الندوة الصحفية التي نشطتها قبيل انطلاق الألعاب، وتحدثت عن إمكانية إنهاء الألعاب المتوسطية في المراتب الأولى، ولكن دون أن أتصور للحظة واحدة أن نظفر ب20 ميدالية ذهبية كأفضل حصيلة في تاريخ الجزائر، لقد كنت واثقا أن رياضيينا لن يدخروا أي مجهود في سبيل إعلاء راية الجزائر، سيما وأن البطولة تقام ببلدنا وفي حضور جماهيرنا، ولكن لم أضع في الحسبان أن نتفوق على بلدان لديها إمكانات أكبر، وعناصرها حظيت بتحضيرات أفضل، على العموم كل الشكر لأبطالنا، ونتمنى أن يواصلوا على هذا المنوال، على اعتبار أن هناك استحقاقات أكبر، تنتظرهم بداية بأولمبياد باريس 2024.
ماذا عن حصيلة ألعاب القوى وهل أنت راض عما حققناه في بعض الاختصاصات ؟
بخصوص ألعاب القوى، فأنا لست راض مائة بالمائة، وكان بالإمكان أفضل مما كان، خاصة في سباق 1500 متر الذي كان اختصاصا جزائريا بامتياز، على العموم الحصيلة إيجابية، وعلينا الاستثمار فيها، من أجل تحسين مراتبنا في المواعيد المقبلة، فأنا أطمح الآن للمقعد الثالث في ألعاب تورنتو بإيطاليا.

«ماستر» في الرياضة التجارية ساعدني على إدارة القرية

هل توقعت تألق بعض الرياضيين، ومن فاجأك بإنجازه ؟
هناك سباق 800 متر الذي كنت أعلق عليه الآمال لحصد الميداليات، وتكهناتي كانت في محلها، في وجود بطلين متميزين في شاكلة جمال سجاتي وياسين حتحات، وحتى سليمان مولى كان قادرا على اعتلاء منصة التتويج لو شارك في هذا الاختصاص، وإن كان محظوظا بالظفر بالميدالية الذهبية في سباق 400 متر تتابع، وهنا أهنئه على تلك الطريقة في إنهاء السباق، والتي لا يجيدها سوى الأبطال الكبار، ولذلك أنا متفائل بمقدرة هذه الأسماء على التألق في بطولة العالم المقامة حاليا بأوريغون الأمريكية، كما لا يجب أن أغفل عن إنجاز بلال طابتي في سباق 3000 متر موانع، فهذا الشاب استحق أن يظفر بالذهب لتضحياته الجسام، كما أنه لم يوفق طيلة مشواره في حصد أي ميدالية رغم كل ما يقدمه، صدقوني ألعاب القوى لطالما كانت الشجرة التي تغطي الغابة، رفقة رياضات أخرى في شاكلة الملاكمة والجيدو، والحمد لله استعادوا بعض الاعتبار في الألعاب المتوسطية، التي شهدت ميلاد رياضة جديدة متألقة ويتعلق الأمر بالمصارعة التي لم نكن نظفر فيها بالميداليات، دون أن أنسى الكاراتي دو بطبيعة الحال، وهو المدرج في الألعاب مؤخرا فقط ورغم ذلك حصيلته كانت ممتازة.

رئيس الجمهورية كان عند وعده ومبادراته رسالة مباشرة للأبطال

من تراهن عليه في بطولة العالم بأوريغون لإهداء الجزائر إحدى الميداليات ؟
في بطولة العالم سنة 1999 (كان عمري 21 سنة) دخلت المنافسة بتوقيت 1.46 دقيقة، على عكس ما يمتلكه الثلاثي سجاتي وحتحات ومولى، غير أنني اعتليت منصة التتويج في آخر المطاف، بعد أن أنهيت السباق النهائي بدقيقة و44 ثانية، ولذلك أنا أطالب جمال سجاتي ورفيقيه ياسين حتحات وسليمان مولى أن يحققوا أرقامهم المعتادة فقط (1.44)، وسيظفرون بإحدى الميداليات في بطولة أوريغون.
أنا متأكد من مقدرتنا على الفوز بإحدى الميداليات في البطولة العالمية، وما على أبطالنا سوى الإيمان بحظوظهم، فسباقات 800 متر باتت اختصاصا جزائريا، وبخصوص إقصاء بلال طابتي وهشام بوشيشة سهرة أمس الأول، فأنا أراه متوقعا، فلا يعقل أن تتنقل إلى بطولة من هذا الحجم قبل يومين فقط من انطلاق الألعاب، دون نسيان فارق الثماني ساعات الذي يؤثر دون شك على جاهزية العداء.

حصيلة الجزائر فاقت التوقعات ونطمح للمقعد الثالث في ألعاب تورنتو

ما رأيكم في التكريم الذي حظي به الأبطال بقصر الشعب من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ؟
رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان عند الوعد الذي قطعه للرياضيين عند استلامه المشعل، فأنا أتذكر بعد انتخابه مباشرة كمسؤول أول في البلاد، تعهد بإعادة الاعتبار لكل الرياضات، وهذا من خلال مرافقة الجميع دون استثناء، وهو ما وقفنا عليه مؤخرا، حيث لم يبخل على أبطالنا بشيء، سواء قبل انطلاق الألعاب المتوسطية، أو حتى بعد إسدال الستار عنها، بدليل التكريم الذي خص به المتوّجين، في رسالة مباشرة بأن الدولة ستكون خلف كل من لديه المؤهلات لتشريف الراية الوطنية، ومن هذا المنطق فلا يوجد أفضل من هكذا تحفيز للرياضيين الجزائريين المقبلين على تحديات قوية، أبرزها أولمبياد باريس 2024.

لم أسجل أرقام سجاتي ومولى وحتحات عند التتويج ببطولة العالم !

بماذا تريد ختم الحوار ؟
الجزائر برهنت في ألعاب وهران، بأنها قادرة على تنظيم أكبر البطولات والتظاهرات، في وجود دعم منقطع النظير من طرف المسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، الذي يولي أهمية كبيرة للرياضات الفردية التي لطالما كانت وراء تشريف راية الجزائر في كبرى المحافل الدولية، علينا أن نستثمر في نجاح الألعاب المتوسطية من أجل الترويج لبلدنا الحبيب، الذي يستحق مكانة مع الكبار.
حاوره: سمير. ك

الرجوع إلى الأعلى