علينــا طــي صفحـــة الخلافـــات فالمونديــــال علـــى الأبــــواب

لخّص الحارس الدولي السابق عبد المالك سلاحجي، المشاكل التي تتخبط فيها كرة اليد الجزائرية في الآونة الأخيرة، والتي تسببت في مرورها جانبا في آخر البطولات، مطالبا السلطات العمومية بضرورة الإسراع في التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وموجها رسالة خاصة إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي يولي أهمية كبيرة لمختلف الرياضات منذ استلامه مقاليد الحكم، كما تحدث الحارس الأسطوري للمنتخب الوطني عن المونديال المقبل، وضرورة طي صفحة الخلافات والمشاكل، إذا ما أراد أشبال رابح غربي البصم على نتائج مشرفة.

بصفتك دوليا سابقا قدم الكثير لكرة اليد الجزائرية، ما هي أسباب تراجع الرياضة الجماعية الأكثـر تتويجا في الجزائر ؟
سأكون صريحا معكم، هناك عدة مشاكل وراء تقهقر اليد الجزائرية، وفي مقدمتها مُخلفات جائحة كورونا التي أثرت بشكل مباشر على استعدادات لاعبي المنتخب الوطني، فكما تعلمون لقد توقفت البطولة المحلية لسنتين كاملتين، في وقت كانت دوريات أخرى تزاول النشاط بشكل عادي، على غرار الدوري القطري، أين كنت أنشط آنذاك، يضاف إلى كل هذا ما حدث على مستوى الاتحادية، وهو ما انعكس بالسلب على المجموعة التي فقدت الكثير من قوتها.

الديركتوار «فشل» وتدخل السلطات لإنقاذ الكرة الصغيرة ضروري

بصراحة، هل كنت تنتظر إنهاء البطولة الإفريقية في المرتبة الخامسة؟
مهما تحدثت عن مشاكل اليد الجزائرية لن أنجح في ذكرها جميعا، وبالتالي الانتكاسة كانت متوقعة، خاصة وأن التحضيرات لم ترق إلى مستوى التطلعات، فالاستعداد لمنافسات بحجم الألعاب المتوسطية والبطولة الإفريقية، يجب أن يكون ببرمجة معسكرات مغلقة خارج الوطن، ومواجهة منتخبات قوية بإمكانها أن تعطيك نظرة عن مستواك الحقيقي، وهو ما لم يقم به المنتخب، إذا استثنينا تربص إيطاليا الوحيد، ولذلك وجدنا صعوبات بالجملة في ألعاب وهران، كما عانينا الأمرين في القاهرة قبل افتكاك التأشيرة الأخيرة المؤهلة للمونديال، في وقت كنا نُنجز ذلك بسهولة، ونركز أكثر حول كيفية حصد اللقب القاري، الغائب عن خزائننا منذ فترة.
تبدو حزينا لما آلت إليه كرة اليد الجزائرية ؟
تحسرت كثيرا للنتائج المحققة في البطولة الإفريقية الأخيرة، كوننا كنا أمام فرصة ذهبية للوصول إلى المباراة النهائية، فالمنتخب الوطني لأول مرة منذ سنوات طويلة، كان أمام طريق مفتوح للوصول إلى المحطة الختامية، لولا السقوط المفاجئ أمام منتخب غينيا في دور المجموعات، ما اضطرنا لمواجهة البلد المستضيف مصر الذي يمر بفترة زاهية، وبات رقما صعبا على المستوى العالمي، على العموم أضعنا الميدالية الفضية على الأقل، ولو أن هناك ما يبرر ذلك، في غياب عدة ركائز، في صورة هشام داود وأيوب عبدي والحاج صدوق وياسين جديد.

رئيس الجمهورية وحده القادر على إعادة الهيبة لمعشوقتنا الأولى

كيف كانت ردة فعلك بعد السقوط المفاجئ أمام منتخب غينيا ؟
هناك تطور كبير لليد الإفريقية مؤخرا، فعلى سبيل المثال منتخب غينيا، فاجأني كثيرا خلال هذه الدورة، فلا أخفي عليكم لأول مرة أشاهده في بطولات من هذا الحجم، ولقد كانت عناصره مميزة إلى أبعد الحدود، كما أن منتخب الرأس الأخضر كان رائعا أيضا، إلى درجة جعلتني أخشى مواجهته في الدور نصف النهائي، وإن لم يتحقق ذلك، بعد خسارتنا المفاجئة أمام المنتخب الغيني في دور المجموعات، صدقوني هناك تغيّر كبير في خارطة كرة اليد الإفريقية، والفضل في ذلك يعود إلى استنجاد المنتخبات الإفريقية التي كانت تعد مغمورة، بمزدوجي الجنسية الناشطين في أوروبا، وحتى الكونغو التي فزنا عليها بضربات الترجيح في المقابلة الترتيبية، باتت تمتلك منتخبا قويا يضم في صفوفه أسماء لامعة، على غرار الأخوين لوكاس، اللذين مثلا المنتخب الفرنسي الأول في وقت سابق.

كنا أمام طريق مفتوح للعب النهائي ولكن...

العناصر الوطنية ردت الدين للغينيين في اللقاء الفاصل، أليس كذلك ؟
الخسارة أمام غينيا لم تكن متوقعة، بعد التقدم بفارق أربع إصابات كاملة، ولكنها كرة اليد لا تؤتمن، وقد تخسر مباراة كاملة لمجرد فقدان التركيز لبعض دقائق، وهو ما حدث معنا للأسف، وإن كانت عناصرنا الوطنية في الموعد خلال اللقاء الفاصل، حيث ردت «الدين» للغينيين واقتطعت على حسابهم تأشيرة المونديال،

ماذا حدث بالضبط لمنتخبنا في البطولة الإفريقية الأخيرة ؟
خسارة غينيا فرضت ضغطا رهيبا على المجموعة، وحولت كل اللقاءات إلى نهائيات، ما جعلنا نقف على حالات الارتباك الكثيرة، ولو أن ذلك كان منتظرا، كون بعض العناصر تخوض البطولة الإفريقية لأولى مرة، غير أنها لم تبخل بشيء فوق الميدان، وحققت الأهم في آخر المطاف، بعد التأهل للبطولة العالمية التي وجب التحضير لها بشكل جيد، وهذا بوضع النتائج السابقة طي النسيان.
في ظل كل هذه المشاكل، هل تتطلع لمشاركة مشرفة في البطولة العالمية ؟
آمل أن يكون الاستعداد للمونديال بشكل جيد، من خلال مواجهة منتخبات كبيرة تسمح لك بالاستفادة من عديد الجوانب، عكس التباري مع فرق من مستوى الدرجة الخامسة، ما قد يمنحك انطباعا خاطئا عن مدى جاهزيتك لهكذا مواعيد عالمية، صدقوني لدينا شبان بإمكانهم أن يقدموا الكثير شريطة العناية بهم أكثر، فما قدموه في لقاء غينيا الفاصل، يؤكد بأن ما جرى في دور المجموعات مجرد كبوة جواد.

كنت متخوفا من لقاء منتخب جزر الرأس الأخضر !

تبدو متفائلا، ولكن ما هي الحلول  في اعتقادك ؟
هناك حلول قد تنقذ كرة اليد الجزائرية، بداية بتدخل وزير الشبيبة والرياضة الذي أتمنى أن يخطط للمرحلة المقبلة، خاصة وأن المنتخب مقبل على تظاهرة بحجم المونديال، صحيح أنه لن يكون بمقدوره برمجة جمعية انتخابية مستعجلة، ولكن على المسؤول الأول أن ينظر في هذا «الديريكتوار» الذي لم يوفق حسب وجهة اعتقادي في المهمة، التي أوكلت له.
إذن إنقاذ كرة اليد الجزائرية مرتبط بتدخل السلطات العمومية؟
بطبيعة الحال، فلا يعقل أن يكون القسم الأول مشكلا من 25 فريقا، فهذا كفيل بالتأثير سلبا على طبيعة المنافسة، وبالتالي أنا أنصح ببطولة بثمان أو عشر فرق لرفع المستوى، كما أوجه رسالة خاصة إلى أعضاء الجمعية العامة، بضرورة التفكير في مصلحة كرة اليد الجزائرية والمنتخب الوطني، وهذا بانتخاب الرئيس الأفضل القادر على إعادة الاعتبار للرياضة الجماعية الأكثر تتويجا في الجزائر، فصراحة ما وقفنا عليه في السنوات الأخيرة هو أن الجميع في الجمعية العامة يفضل انتخاب الرئيس الذي يستجيب لكل طلباتهم، ويقوم بمنحهم الامتيازات.

متضامن مع كوري ولا خوف على حراسة المرمى

هل لك ما تضيفه حول هذه الجزئية ؟
لعلمكم مستوى البطولة الجزائرية بات في الحضيض في السنوات الأخيرة، والنوادي أصبحت تعاني على كل المستويات، وهنا أؤكد لكم بأن فريقي الحالي المنتمي إلى القسم الثالث في فرنسا، بإمكانه الفوز على الجميع دون أي عناء.
ماذا تقول عن مستوى الحارسين غضبان وزموشي ؟
أوجه تحية خاصة للمتألق خليفة غضبان الذي أسهم بقسط وافر في التأهل للمونديال، بفضل تصدياته المتميزة في اللقاء الفاصل أمام منتخب غينيا، وحتى البديل زموشي لم يخيب وكان ظهوره موفقا عند الاستنجاد بخدماته، كما أتمنى حظا موفقا للحارس الثالث هاشمي الذي أنصحه بالعمل لافتكاك مكانة أساسية، وهنا أؤكد لكم بأنه لا خوف على حراسة المرمى، وعلى القائمين على شؤون المنتخب تعديل الأوتار على مستوى الخط الخلفي الذي مر جانبا في آخر بطولتين، ولولا تألق بركوس وبعض عناصر الخبرة لانهزمنا في كل المباريات، فلا يعقل أن نتلقى الأهداف بتلك الطرق الساذجة، ولذلك آمل أن يتفطن الناخب الوطني رابح غربي لذلك، ويقوم بمعالجة الإشكال قبيل السفر إلى المونديال.

اليد الجزائرية تراجعت ولم تواكب تطور باقي المنتخبات

هل لديك رسالة خاصة تريد توجيهها للفاعلين في محيط كرة اليد ؟
كرة اليد الجزائرية لديها سبعة ألقاب إفريقية، تشرفت بالظفر بإحداها في 2014 ، عندما اقتنصنا اللقب عن جدارة واستحقاق، مقدمين أداء متميزا أكسبنا احترام الجميع، وكما يقال بالعامية «نحبو ولا نكرهو»  كرة اليد الجزائرية لديها تاريخ ومكانة لدى الجمهور، ولكن مشاكلها الداخلية وقلة الاهتمام، تسببا في تراجعها بشكل مخيف، في انتظار تدخل المسؤولين لإعادة الاعتبار لمعشوقتنا الأولى.
كما لدي رسالة أخرى، سأوجهها عبر جريدتكم المحترمة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المتتبع لكل الرياضات والمرافق الرائع لكل الأبطال، فما قام به من مبادرات تشجيعية مؤخرا يؤكد اهتمامه بالرياضة، ولهذا أنا واثق بأن رسالتي ستصله، وستلقى آذانا صاغية لديه، فوحده القادر على إعادة هيبة الكرة الصغيرة.

غربي مطالب بالتفطن لمشكلة الدفاع قبل موعد المونديال

بماذا تريد ختم هذا الحوار ؟
في الأخير، لا يجب أن أغفل على نقطة استوقفتني تتعلق باللاعب مختار كوري، الذي تعرض لانتقادات غير مقبولة من بعض الأطراف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فعوض مساندته على الشجاعة التي تحلى بها لتعويض نجم بحجم عبدي رأينا العكس، رغم إنهائه البطولة ثاني هدافا برصيد 25 إصابة، أنا متضامن معه، وأتمنى له التوفيق في مشواره، وأنصحه بعدم الالتفات لما يحبط معنوياته، فأداؤه كان جد مقبول، مقارنة بمشاركته الأولى في بطولة إفريقيا.
حاوره: سمير. ك

الرجوع إلى الأعلى