- أصطاد - بعدستي الظواهر الطبيعية و أروّج للسياحة والتراث  
صورة "الكابتشينو"  التي أدخلتني العالمية ضربة حظ

قرر خريج معهد الإعلام و الاتصال بالجزائر العاصمة، الشاب كريم بوشطاطة، 37 عاما، استغلال التجوال السياحي على متن دراجته الهوائية، كتجربة جديدة،  ممتعة، صحية، رياضية، و غير مكلفة، لمواصلة ممارسة هوايته، و هي التصوير الفوتوغرافي، إلى جانب تصوير فيديوهات و وثائقيات، بعيدا عن الإطار الكلاسيكي للتصوير الذي تبناه طيلة 8 سنوات تقريبا من مساره الفني، مسلطا بذلك المزيد من الأضواء على قرى و جبال و واحات و معالم  ولاية النعامة، كما قال في حواره الهاتفي مع النصر، حيث "يصطاد" بعدسته ما تضمه ولايته من كنوز ثقافية و تراثية و بيئية و سياحية، ليتحف المشاهد بصور و مشاهد حية تحمل بصمته، مشيرا إلى أن صورة "الكابتشينو" التي التقطها في ديسمبر 2016 ، و تجسد الكثبان و هي تلتحف بالثلج، سافرت عبر القارات و البلدان و قادته إلى العالمية، كما أخرجت ولايته الداخلية، الكائنة ببوابة الصحراء، من الظل، إلى الأنوار الساطعة، فحاورته كبرى وسائل الإعلام العالمية، و لا يزال يتلقى دعوات للمشاركة في عديد التظاهرات الوطنية و الدولية، و يسعى اليوم إلى الحفاظ على مكانته و ترصيعها بالمزيد من النجاحات..

  حاورته: إلهام طالب

دخلت التصوير من بوابة الهواية
. النصر: بعد الشهرة الوطنية و العالمية التي حققها كريم بوشطاطة، ابن مدينة عين الصفراء، بولاية النعامة،  بفضل صورة "الثلج و الكثبان" أو "الكابتشينو"، هل يصنف نفسه كمصور فوتوغرافي محترف أم هاو؟
ـ كريم بوشطاطة: لا أزال أمارس التصوير الفوتوغرافي من بوابة الهواية، التي أكسر بها رتابة الحياة اليومية، و أعتبره متنفسا لي من الوظيفة الإدارية التي تعتبر مصدر رزقي، و أفجر من خلال عدستي، طاقاتي الإبداعية في التقاط الأشكال و الألوان و تجسيد جمال الأمكنة و المشاهد  و المعالم و العادات و التقاليد و التراث و الفنون، مع إضفاء بصمتي الفنية الإبداعية الخاصة عليها، و أسعى دوما لتحسين نوعية أعمالي، و الارتقاء بها، حفاظا على الاسم الذي صنعته بكدي و جهدي، و مكانتي كمصور عالمي.
هل درست التصوير الفوتوغرافي؟
ـ لا .. لم أدرس التصوير الفوتوغرافي، أنا خريج معهد الإعلام و الاتصال، تخصص سمعي بصري، بجامعة الجزائر دفعة 2009،  لكنني لم أعمل في مجال الصحافة، و التحقت بوظيفة إدارية، كما قلت لكم آنفا، و قد خدمتني موهبتي و تخصصي الجامعي، في ممارسة هوايتي، و هي التصوير الفوتوغرافي و أيضا تصوير الفيديوهات، فتجد صوري ذات بعد إعلامي و فني. و أذكر في ذات السياق، أن ميولي الفنية و الثقافية بزغت منذ صغري، فقد كنت أمارس المسرح منذ كنت في الابتدائي، كما كنت أمارس التنشيط الثقافي في المخيمات الصيفية.
ما ذا تعني لك الصورة؟
ـ الصورة يجب أن تؤثر على المشاهد و تشده، و تكون ذات عمق  و هدف و دلالة سيميولوجية، ما يجعله يتوقف أمامها و يتأملها، و يبذل جهدا بصريا و ذهنيا لقراءتها و التركيز على تفاصيلها، و فهم ماذا يريد المصور أن يقول من خلالها. أغلب الصور التي التقطها و أنشرها عبر مواقع التواصل، أتركها "تتحدث" عن نفسها بنفسها لتمرير رسالتها، فالصورة التي لا تمرر رسالة إلى المشاهد تعتبر فاشلة و جوفاء، لهذا أغلب صوري لا أضع لها عناوين، رغم أن عديد المتابعين طلبوا مني عنونتها.   
دراجتي وسيلتي الجديدة للاستكشاف  
. ما هو جديدك في هذا المجال؟
ـ قررت منذ شهر تقريبا، الخروج عن الإطار الكلاسيكي للتصوير الذي تبنيته منذ انطلاقتي في هذا المجال، و ذلك باستغلال التجوال السياحي على متن دراجتي الهوائية، في قلب الطبيعة، لالتقاط صور و تصوير فيديوهات و أشرطة و أفلام وثائقية، لتضاريس المنطقة و جبالها و قراها و قصورها و كنوز تراثها. آخر خرجة قمت بها، قطعت خلالها 9 كلم، بدراجتي لأزور قرية تيركنت، المجاورة لمدينتي عين الصفراء، لألتقط صورا و فيديوهات لعرس تقليدي، أحياه أصحابه بالفانتازيا، و الرقصات و الملابس و الأغاني التراثية، و قبلها توجهت إلى واحة تيوت، على متن دراجتي و خلدت رحلة صيد السمك التي قمت بها، إلى جانب المناظر الطبيعية هناك بالصور.. و قبلها قمت برحلة جبلية، و أخرى إلى محمية جبل عيسى، و قد حضرت قائمة للمناطق التي سأزورها و أضرب بذلك عدة عصافير بحجر واحد، ممارسة الرياضة، و أنا أقود دراجتي، و ممارسة هوايتي و الاستمتاع   بالطبيعة و رحلات شيقة غير مكلفة ماديا، و الترويج السياحي و التراثي، و أتمنى أن يقتدي بتجربتي الشباب، و أساهم  في إبعادهم عن الآفات الاجتماعية و دفعهم لاستغلال أوقات فراغهم في أمور مفيدة.  
هل قمت برحلات إلى مناطق أخرى عبر الوطن، للترويج لها سياحيا؟
ـ  نعم.. قمت برحلات إلى ولايات أخرى، و   سلطت   الضوء   عليها          ثقافيا و سياحيا، لكنني أركز أكثر على الترويج لولايتي، و مدنها و قراها و قصورها و معالمها و مقوماتها، فهي شديدة البهاء و الثراء من الناحية التراثية و السياحية و البيئية، و هناك أسرار و خبايا لم نكشف عنها بعد.. هذا هو مشروعي الراهن..و أتلقى الدعم من قبل شخصيات إعلامية و فنية و ثقافية، تتصل بي  أو تحضر لاستكشاف المنطقة..
أين تنشر أعمالك حاليا؟
ـ أنشر أعمالي الجديدة و القديمة في حسابي عبر موقع    فايسبوك و كذا أنستغرام، و يتم تشاركها من قبل المشرفين على عدة صفحات ولائية و وطنية،  أشير هنا إلى أن عدد متابعي حسابي الفايسبوكي يفوق 4 آلاف متابع و عبر انستغرام أكثر من 5 آلاف متابع من مختلف ولايات الوطن و عديد الدول.
و ماذا عن الأشرطة و الأفلام الوثائقية؟

ـ كانت بداياتي في 2014 من خلال تصوير أعمال وثائقية، حيث أخرجت وثائقي عنوانه "بداية النهاية" حول آفة المخدرات، و الثاني تاريخي ثوري عنوانه "شهيد لم يمت" و الثالث ثقافي و تراثي عنوانه "فرسان البارود".  و شاركت بهذا الأخير في العام الماضي في البوابة الرقمية للمهرجان العربي لفيلم التراث و مهرجان القدس السينمائي الدولي.. و أبعدتني بعد ذلك الوظيفة الإدارية عن هذا المجال، فهو مجال أصعب من التصوير الفوتوغرافي، إذ يتطلب بذل جهد أكبر، و تخصيص وقت أطول، و التنقل، و كذا الإمكانيات المادية، لكنني كلما وجدت فكرة مناسبة سأعود إليه ..  
هل شاركت في تظاهرات و معارض للصور الفوتوغرافية ؟
ـ في شهر مارس الفارط، مثلت الجزائر أنا و مصور آخر، في  ملتقى التراث و الفوتوغرافيا الدولي بالشارقة في الإمارات العربية، بخمس صور، و تم انتقاء صورتي "رقصة القوارير"التراثية و تلقيت شهادة تقديرية من معهد الشارقة للتراث، و تم اختياري ضمن أفضل 10مصورين عرب و هذه ثاني مشاركة لي بالشارقة، ففي العام الماضي توجت هناك ببرونزية الغاف عن صورة "الفارس الجزائري". كما شاركت في ماي 2022 في تظاهرة "الفن في ظل الجائحة" بضواحي بوردو بفرنسا، و مثلت الجزائر بين 53 دولة، و هذه ثالث مشاركة لي بفرنسا، و قد حققت صوري و فيديوهاتي صدى كبيرا، عبر وسائل الإعلام، خاصة صورة "الكابتشينو" أو الكثبان و الثلج"، و صورة "كريستال" أو "الكثبان و الصقيع"، و كذا صورة "الفارس العربي" و غيرها.
علما بأن أول تتويج لي كان في بلادي في 2015 ، فقد حصلت على المرتبة الثانية لأفضل صورة فوتوغرافية في معرض بالأغواط، و بحكم عضويتي في مجموعة شفق الصورة التي تضم مصورين محترفين، أشارك في مختلف المعارض المحلية و الوطنية، كما شاركت في معارض في تونس و العراق و تم تتويجي بجوائز، و لدي الآن ثلاث مجموعات أو كتالوغات للصور على المستوى الوطني، و اثنتين على المستوى العربي.
قصة الصورة التي أخرجته إلى أنوار الشهرة
ما هو سر صورة "الكابتشينو" أو "الكثبان و الثلج" التي جابت أصقاع المعمورة و أوصلتك بسرعة إلى العالمية، قبل أن تحقق الشهرة وطنيا، هل ترى أنها ضربة حظ أم ماذا؟
ـ لم يسقط الثلج بمدينتي عين الصفراء، ولاية النعامة، منذ عقود، و عندما سقط   في  ديسمبر 2016، امتزج  برمال الصحراء، استقطب المنظر عديد المصورين الذين التقطوا الكثير من الصور لتخليد الحدث، و وصلت أنا متأخرا و وجدت الثلج بدأ يذوب في قلب الكثبان، فالتقطت صورا  لمزيج الثلج و الرمل، ما جعل الصحف الإيطالية تطلق على الصورة اسم "الكابتشينو".  لم أكن أعلم آنذاك أن صورتي هي الأفضل، لكنني نشرتها كالعادة في حسابي في فايسبوك، مع تعليق باللغة الإنجليزية "اليوم من مدينتي". في البداية اتصلت بي صحفية من بولونيا متخصصة في الطقس، في قناة تليفزيونية كبرى، و استأذنتني في نشر صوري مع ذكر اسمي، ثم أرسلت لي المقطع.. فكانت الشرارة الأولى. اتصل بي إعلاميون من صحف و قنوات تليفزيونية بمختلف القارات و البلدان، مثل "بي بي سي" و "سي بي سي" و روسيا اليوم" و قنوات يابانية و كرواتية و ألمانية و إيطالية و فرنسية و غيرها،  طبعا يتحدثون مختلف اللغات، و بحكم أنني درست اللغة الإنجليزية منذ صغري، و أتقنها، لم أجد صعوبة في المداخلات و الحوارات، كما اتصل بي صحفيون من بلادي،
و لا يزالوا يتصلون و يساهمون في إبراز أعمالي.  أؤكد هنا أن صورة "الكابتشينو" فعلا ضربة حظ، و بأنني محظوظ بما حققته، و قد خدمني تخصصي الجامعي في السمعي البصري، في البحث دوما عن الجديد و المميز و اختيار توقيت التصوير و الحرص على جودة نوعيته و إضفاء بصمتي الجمالية على صوري، من بينها صورة أخرى مرفقة بفيديوهات، لا تزال تتداولها وسائل الإعلام العالمية، فالثلوج لم تتساقط مجددا بمنطقتي، في حين تميز شتاء 2018  بتراكم الصقيع فوق الكثبان، فبدت متجمدة كالزجاج أو الكريستال، في مشهد نادر و ساحر.. لقد أصبحت ألقب بـ"صائد الظواهر الطبيعية"..
حدثنا عن مشاريعك..
ـ إلى جانب مواصلة الترويج لولايتي سياحيا و بيئيا، أتمنى أن أوفق في تشكيل المزيد من مجموعات الصور، و يبقى مشروعي الأهم ليس مواصلة المشاركة في معارض دولية أو وطنية جماعية، بل أن يتم تنظيم، بصفة رسمية، معرض خاص بي في بلادي، أعرض فيه أعمالي باسمي، كعلامة مسجلة.

الرجوع إلى الأعلى