العلاقـات الجـزائرية السعــودية دخلت مرحلة نشطة جدا

أشاد سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر، الدكتور عبد الله بن ناصر البصيري، بالمستوى الذي بلغته علاقات التعاون والشراكة السعودية الجزائرية، وقال إن هذه العلاقات واعدة وهي في تطور مستمر ودخلت مؤخرا في مرحلة نشطة جدا، مؤكدا بأن فرص تطوير العلاقات التي تربط  البلدين، كثيرة وفي مختلف المجالات.

أجرى الحوار: عبد الحكيم أسابع

وأشار السفير في حديث صحفي خص به، النصر، أن المملكة والجزائر دولتان كبيرتان على الصعيد السياسي، ''كلٌّ في إقليمها ومحيطها الجغرافي مشددا على أنه من الضروري توظيف هذا الثقل في خدمة مصالح البلدين ودعم مواقفهما وسياساتهما.
و اعتبر الدكتور عبد الله بن ناصر البصيري استضافة الجزائر للقمة العربية، في هذه الظروف الاستثنائية هو في حد ذاته نجاحا، معربا عن أمل المملكة العربية السعودية في خروج القمة بالكثير من النتائج الإيجابية.

من الضروري توظيف ثقل البلدين في خدمة مصالحهما

النصر: بداية كيف تقيمون سعادة السفير واقع العلاقات الجزائرية السعودية؟ وما هي برأيكم الفرص القائمة لتطوير علاقات التعاون والشراكة بين البلدين في مختلف المجالات؟
سعادة السفير: أودّ في البداية، أن أرحب بصحيفة النصر الجزائرية، وبكم كممثل عنها، أما فيما يتعلق بسؤالك عن واقع العلاقات السعودية – الجزائرية، فيمكن وصفها بأنها واعدة جداً خاصة في ظل قيادة مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والقيادة الجزائرية الشقيقة ممثلةً في سيادة الرئيس عبد المجيد تبون، يحفظهم الله جميعاً. ربما الفترة الأخيرة أكبر شاهد على تطور العلاقات الثنائية ودخولها في مرحلة نشطة جداً ، فقد زارت الجزائر شخصيات رسمية سعودية رفيعة المستوى ومنها معالي وزير السياحة ومعالي النائب العام وأصحاب المعالي أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية السعودية – الجزائرية، كما أن هناك كثيرا من الزيارات المتبادلة في الأفق بمشيئة الله تعالى.

استضافة الجزائر للقمة العربية في هذه الظروف الاستثنائية هو في حد ذاته نجاح

أما فيما يخص الفرص لتطوير علاقات التعاون والشراكة بين البلدين، فهي كثيرة وفي مختلف المجالات سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الثقافية. فعلى الصعيد السياسي، فإن المملكة والجزائر دولتان كبيرتان كلٌّ في إقليمها ومحيطها الجغرافي ومن الضروري توظيف هذا الثقل في خدمة مصالح البلدين ودعم مواقفهما وسياساتهما. على الصعيد الاقتصادي، هناك أيضاً تشابه كبير بين البلدين بحكم ما حباهما الله به من موارد اقتصادية ضخمة تجعل كلاً منهما قوة وازنة في الاقتصاد الدولي تؤهلهما لمواقع ريادية في حفظ الأمن الاقتصادي وسلامة إمدادات الطاقة واستدامتها. وعلى الصعيد الثقافي، فإن الشعبين السعودي والجزائري من الشعوب التي تملك هوية ثقافية ثرية وهناك الكثير مما يمكن سبر أغواره في الموروث الثقافي في كلا البلدين.
النصر: ما هي مجالات الاستثمار التي تستقطب اهتمام الأشقاء السعوديين في الجزائر، وكيف تقيمون الحضور السعودي الحالي في مجال الاستثمار بالجزائر وهل ثمة آفاق لتوسيع هذه المشاريع؟
سعادة السفير: المستثمرون السعوديون كانوا من السَّباقين إلى دخول السوق الجزائرية حيث أطلقوا العديد من المشاريع التنموية في شتى المجالات من أبرزها (الإسكان، الزراعة، صناعة الأدوية، السياحة، الصناعة الغذائية، المجال الطبي، البُنى التحتية، الكيماويات، الصناعة التحويلية ...وغيرها)، كما فاق عدد الشركات السعودية العاملة في السوق الجزائري حالياً (16) شركة.

نثمّن عاليا اهتمام القيادة الجزائرية بإحياء مبادرة السلام العربية

ومن المنتظر أن ينتقل التعاون الاستثماري بين البلدين إلى آفاق أرحب خلال الفترة القادمة (أي ما بعد جائحة كورونا)، وذلك من خلال تجسيد مشاريع كبرى في شتى المجالات ومنها الطاقة، والسياحة، والإسكان، والصناعة، والنقل.  
النصر: هل تعتقدون أن القمة العربية المقررة في غرة نوفمبر المقبل بالجزائر، تحوز وسائل نجاحها، سيما وأن جدول أعمال القمة، سيتمحور، حول الأولويات التي يقتضيها الظرف الحالي، بمختلف رهاناته و تحدياته وخاصة فيما يتعلق بتعميق التضامن العربي و ترسيخ القيم المشتركة و إعادة دفع القضية الفلسطينية إلى الواجهة كقضية مركزية في الاهتمام العربي المشترك و معها إعادة تحيين مبادرة السلام العربية بعد عقدين من إطلاقها؟
سعادة السفير: اعتدنا كعرب على تميز الجزائر في استضافة القمم العربية وسعيها لتحقيق التضامن العربي، ومن المؤكد أن تمكن الجزائر من استضافة القمة في هذه الظروف الاستثنائية هو في حد ذاته نجاح، ولكننا بالطبع نعول على خروجها بالكثير من النتائج الإيجابية وأعلى مستوى من التنسيق المشترك لمواجهة التحديات المصيرية. كذلك، أثمّن جداً اهتمام القيادة الجزائرية بإحياء مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة منذ عقدين، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على توحد الرؤى بين المملكة والجزائر تجاه قضية العرب المركزية وسبل مقاربتها بالطريقة المُثلى التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.

متفائلون بتحقيق مخرجات قوية لاجتماع القمة العربية

النصر: وهل تعتقدون ، أن هذه القمة ستكون سانحة للم الشمل العربي ورأب الصدع بين الأشقاء و تجاوز خلافاتهم، وأنها ستكون موعدا فارقا وغير مسبوق لتحقيق هذا المبتغى بعد أن كان مآل القمة العربية التأجيل ثلاث مرات متتالية و معه حدوث شروخات كبيرة في الصف العربي و العلاقات البينية بين الدول العربية؟
سعادة السفير: الحديث عن النتائج هو أمرُ في علم الغيب، إلا أنه يمكننا الحديث عن المقدمات لهذا الحدث وما نراه يتحقق على أرض الواقع الآن، فالذي نراه هو جهود مكثفة من قبل الدبلوماسية الجزائرية لتقريب وجهات النظر، ولذلك أنا أدعو إلى التفاؤل بتحقق مخرجات قوية لاجتماع القمة العربية بمشيئة الله ثم بتكاثف جهود الأشقاء العرب.

القمة مرشحة للخروج برؤية اقتصادية جماعية لمواجهة الأزمات

النصر: ماذا تتوسم المملكة العربية السعودية، من اجتماع القادة العرب بالجزائر و من مخرجات قمتهم خاصة في الشق الخاص بالملفات المتعلقة بالأوضاع الأمنية في بعض دول المنطقة أو تلك الناجمة عن فراغات دستورية في البعض الآخر  و أيضا فيما يخص القضية الفلسطينية ؟
سعادة السفير: المملكة موقفها ثابت من جميع القضايا التي ذكرتها ومقاربتها لها معروفة للقاصي والداني، فهي أولا تعتبر العمل العربي المشترك ضرورة وليس ترفاً، وثانياً هي تؤمن بأن الأمن الإقليمي أولوية وأنه مسؤولية كل الأطراف وذلك عبر التنسيق الأمني على أعلى المستويات وعدم دعم الجماعات المتطرفة ونبذ كل ما من شأنه إذكاء نار الإرهاب والفتنة في المنطقة. فيما يخص القضية الفلسطينية، ترى المملكة أن الحل الأمثل هو كما جاء في مقررات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

الموارد الضخمة تجعل الجزائر و السعودية قوة وازنة في الاقتصاد الدولي

النصر: بعيدا عن الملفات السياسية و المسائل التي تعرف تجاذبات عربية و إقليمية و دولية ستكون الملفات الاقتصادية حاضرة ولا شك في ظل أزمة عالمية خانقة، هي من مخلفات وباء كوفيد 19 ونتائج الحرب الروسية الأوكرانية...هل  تتوقعون أن يتم لجوء  القادة العرب في قمتهم لتعزيز الشراكة العربية و تشجيع الاستثمارات و الرفع من حجم المبادلات البينية ...لامتصاص الصدمة الحاصلة في الاقتصاد العالمي و تجنيب بعض الدول العربية،  غير النفطية - تحديدا - من أزمات تهدد أمنها الغذائي؟
سعادة السفير: هذا صحيح، أعتقد أن القادة العرب مدركون للآثار السلبية اقتصادياً وغذائياً والتي نجمت عن أزمة وباء كورونا والصراع الأوكراني الروسي، وحسب متابعتي الشخصية مثلا لاهتمام المملكة والجزائر – على سبيل المثال- بتحقيق نهضة اقتصادية عبر تشجيع الاستثمار والتنسيق المشترك فيما يتعلق بإمدادات الطاقة العالمية وتحديد السياسات التّسعيرية العادلة، فإني يمكنني القول أن الهم الاقتصادي سيكون حاضراً في القمة العربية، وإنني أتطلع فعلا إلى أن نشهد خلال هذه القمة انطلاق رؤية اقتصادية عربية جماعية لمواجهة الأزمات التي تعصف بالعالم والمنطقة العربية على حد سواء.
ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى