كشفت رانيا هدنة، عضو بشركة «فارم آل» الجزائرية الناشئة المختصة في التكنولوجيا الزراعية و المتوجة مؤخرا بالجائزة الثانية في مسابقة «التكنولوجيا من أجل الصالح العام» التي نظمتها شركة «هواوي» بالصين، بأن فريقها يحضر للمشاركة في المرحلة الثانية من ذات المنافسات، وذلك لافتكاك اللقب النهائي خاصة و أن دراسة الجدوى حول مشروعهم المتعلق بـ «صدأ القمح» كانت قريبة جدا من المرتبة الأولى. كما تتحدث للنصر، عن أولى خطوات الشركة وليدة الجامعة الجزائرية و طموحاتها المستقبلية في ميدان التكنولوجيا الزراعية و مواضيع أخرى.

          حاورتها: إيمان زياري

النصر: مبارك عليكم التتويج، عرفينا أكثـر بكم كمجموعة و كيف بدأت المغامرة في مجال التكنولوجيا؟
ـ رانيا هدنة:  شكرا جزيلا، نحن فريق متكون من طلبة جزائريين من مختلف الجامعات الوطنية، يجمع بيننا قاسم مشترك هو التفوق، بدأت قصتنا، عندما قدمت شركة «هواوي» العالمية للجامعات، دعوة للمشاركة في برنامج «بذور المستقبل»، عندها تم تشكيل فريق من أوائل الطلبة بأقسام الإعلام الآلي عبر مختلف الجامعات الجزائرية، وقد كنا سبعة طلبة وسيم حمداني و  أيمن بن كوة و عبد الرحمان حريزي و يحي زارعي و أحلام بومرزاق و محمد رياض زيان و أنا، حيث تتمحور  تخصصاتنا حول مجالات الإعلام الآلي.
 المسابقة تندرج في إطار « التكنولوجيا من أجل الصالح العام» أو «تيك فور غود» و هي جزء من البرنامج العام للشركة الشهيرة، التي استلمت في البداية سيرنا الذاتية، ثم قامت بتقسيمنا حسب التخصصات، لتشكل عدة فرق، من بينها فريقنا.
كيف باشرتم العمل و  لماذا وقع اختياركم على ميدان الزراعة ؟
ـ بعد تشكيل الفريق، بدأنا في تلقي شروحات حول كيفية إنشاء مشروع   و توظيف التكنولوجيا في ذلك، شريطة أن ترتكز الفكرة الرئيسية للمشروع حول موضوع مرتبط بالمجتمع و بالصالح العام، من خلال دراسة المشكل و محاولة إيجاد حل له عن طريق استعمال التكنولوجيا.
لاحظنا كفريق أن معظم المشاريع المشاركة في مختلف الطبعات تتمركز حول الصحة و التربية، بينما كانت رؤيتنا مختلفة باعتبار قطاع الفلاحة يشكل تحديا حقيقيا خاصة و أن العالم ككل يبحث عن سبل لتحقيق الأمن الغذائي وهو نفس التحدي الذي ترفعه الجزائر، لذلك اخترنا هذا المجال و بدأنا البحث فيه و مناقشة مشاكله و محاولة إيجاد حلول لها، ومن هنا تحديدا انتبهنا إلى مشكل «صدأ القمح» بوصفه واحدا من بين أكبر التحديات التي تواجه الفلاح الجزائري، إذ يمكن أن يخسر بسببه ما يعادل 20 بالمائة من المحصول، وقد يفقد المحصول كاملا في حال تأخر الفلاح في اكتشاف المشكل.
 توصلنا من خلال بحثنا، إلى أنه لم يتم إلى غاية الآن التوصل إلى حلول فيما يتعلق بهذا المشكل لا محليا ولا في باقي دول العالم، عملنا قادنا إلى فهم مراحل تشكل المرض الذي ينتشر خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 5 أيام، كما وجدنا أنه من الصعب كشفه لأنه لا يظهر في بداياته، بسبب طريقة الزراعة التي تعتمد على استغلال كل شبر من الأراضي المزروعة، بما لا يترك مساحة للفلاح للعبور وسط الحقل و ملاحظة الأمر، كما أن المشكل لا يظهر بالعين المجردة، و الفلاح لا يقوم بزيارة الأرض المزروعة بشكل يومي و هذا ما يؤخر الوقوف على الحالة      و بهذا تمكنا من تحديد أهم المسببات.
لماذا اعتمدتم على طائرات مسيرة في مشروعكم ؟
 ـ إن محاولة استخدام الروبوت في مراقبة المحصول، ستنتهي بتضرره بسبب الحركة، لذلك قررنا الاعتماد على طائرة مسيرة تعمل وفق نظام كاميرات قائم على الذكاء الاصطناعي، يمكنها من التنقل عبر الأرض المزروعة و التقاط الصور و بعث الرسائل للفلاح عبر تطبيق يسهل وصول المعلومة وبالتالي التدخل في الوقت المناسب، لكننا و نظرا للتكلفة العالية للعملية، فقد ارتأينا أنه من الضروري الاعتماد عليها في الفترة التي يبدأ فيها المرض بالظهور فقط، بحيث يتم تشغيل الطائرة لتحديد مكان المرض بدقة والإسراع في علاجه.
ماذا عن مشكل منع استعمال هذا النوع من التجهيزات هل فكرتم فيه؟
ـ فكرنا في النظام و أتممنا الجانب النظري، لكننا لم نقم بتطبيقه بعد على أرض الواقع، بسبب منع استخدام الطائرات من هذا النوع في جميع المجالات، ما قمنا به لحد الآن هو تطوير النظام للعمل بهذه التقنية خاصة و أن التركيز في المسابقة لم يكن على شق التجسيد، بقدر الاهتمام بنوعية الفكرة و مدى الإلمام بجوانب المشروع و التوظيف الفعال والبناء للتكنولوجيا و البرمجة، فضلا عن تحديد تكلفة المشروع بدقة.
كيف استطعتم إيصال مشروعكم إلى المرحلة النهائية في مسابقة عالمية؟
ـ معلوم أن برنامج هواوي السنوي كان يقام في الصين، لكن جائحة كورونا فرضت العمل عن بعد، عبر اعتماد تكنولوجيات الاتصال، بحيث تجمع كل دولة أعضاء فريقها في نقطة واحدة و نحن اجتمعنا في العاصمة أوائل شهر سبتمبر و بدأنا العمل بعد تقسيمنا إلى فرق، أين كانت المرحلة الأولى على شكل منافسة بين دولتين، « الجزائر و إسبانيا» حيث تنافست كل الفرق ضد بعضها، بما في ذلك الفرق الجزائرية، و قد كنا 4 من الجزائر مقابل 5 من إسبانيا، ففازت ثلاث فرق، بينها فريقنا الجزائري و آخران من إسبانيا.
في المرحلة الثانية، كما نحن ضد فريقي إسبانيا بنفس المشروع و بعدها بدأت مراحل العمل و كل ما يتعلق بإتمام المشروع، عندها تمت تصفية الفرق عبر العالم و لم يتبق سوى 11 فريقا عالميا من إسبانيا و الجزائر و أذريبيجان و فرنسا و إيطاليا و إرلندا، وهي منافسات شارك فيها 12 ألف طالب عبر العالم منذ انطلاق البرنامج شهر سبتمبر.
كانت المسابقة النهائية مقسمة إلى قسمين، وقد خصصت لها جائزتان الأولى بتصويت الجمهور و الثانية بقرار من لجنة التحكيم، عندما بدأ التصويت وصلنا إلى النهائيات مع فريقين من فرنسا و أذريبيجان و فزنا نحن بالمرتبة الأولى.
كما حاز مشروعنا على المرتبة الثانية، بفضل قرار لجنة التحكيم و عادت المرتبة الثالثة لإرلندا و الأولى لفريق من إيطاليا، و فزنا بمبلغ مالي قدره 15 ألف دولار يقسم بين أعضاء الفريق.
ماذا بعد هذا التتويج؟
ـ  لم نصل بعد إلى النهاية، فالمنافسة مستمرة إلى غاية شهر فيفري المقبل، أين ستتنافس الفرق على ضبط إستراتيجية لتمويل كل مشروع بحيث تتواجه الفرق الأولى، لافتكاك جائزة أفضل إستراتيجية مشروع  أو دراسة مشروع من كل الجوانب، خاصة الجانب المالي للحصول على تمويل قدره 100 ألف دولار.
ما هي حظوظكم للفوز بالمسابقة و التمويل؟
ـ نأمل في ذلك بإذن الله، لأن مشروعنا هو أهم مشروع اقتصادي من بين المشاريع الثلاثة المتنافسة لحد الآن، و حتى خلال المرحلة الأولى كنا قريبين جدا من المرتبة الأولى، التي ذهبت لفريق إيطاليا في النهاية  نظرا للبعد الإنساني لمشروعهم الخاص بفئة ذوي الاحتياجات، لكن من حيث النجاعة الاقتصادية فإننا نعد الأقرب،  للفوز لأن الأمن الغذائي العالمي يبقى أهم ما تكابد لأجله البشرية حاليا.
كيف كانت أجواء العمل ضمن هذا الفريق المشكل من نخبة طلبة من مختلف ولايات الوطن؟
ـ  كانت أجواء العمل رائعة، بالرغم من أن الوقت كان قصيرا جدا واجهتنا صعوبات كثيرة و كنا لا ننام ليلا من أجل إتمام المشروع، لكن ساعدتنا الجامعة و شركة هواوي، وقدموا لنا تسهيلات مهمة.
هل بدأتم التحضير  للمرحلة الثانية من المسابقة؟
ـ لا  لم ننطلق بعد، نحن حاليا في مرحلة امتحانات و الكل مشغول، لكن و فور الانتهاء منها، سنقوم بتسجيل المشروع لتفادي سرقة الفكرة، ثم نبدأ بالتجريب خاصة و قد تلقينا وعودا بالحصول على تصريح باستعمال الطائرات دون طيار.
هل تتوافق إمكانيات الفلاحين في اعتقادكم مع مستوى هكذا برنامج متطور و مكلف؟
ـ  سبق لنا أن فكرنا في هذه النقطة، بالنسبة لاستغلال الطائرات، فإن الدولة الجزائرية يمكن أن تقدم تسهيلات لاستغلال التكنولوجيا بشكل إيجابي، ولذلك فإن الترخيص بتوظيف الطائرات المسيرة ليس مشكلتنا الرئيسية، أما بالنسبة للفلاح فيمكن أن يكون الأمر سهلا و متاحا بما يتوافق مع إمكانيات الفلاح المتعلم و غير المتعلم و الملم بالتكنولوجيا ومن لا يفقه فيها أيضا، لأن النظام يعمل باستخدام تطبيق بسيط يتم تحميله عبر الهاتف النقال، بحيث نقوم بشرح العملية ككل للفلاح، وهي أكثر بساطة مما تبدو عليه و يمكن لأي شخص استعمالها، حتى الطفل الصغير.
ماذا بعد هواوي  و ما هي مشاريع فريقكم للمستقبل؟
ـ سنواصل العمل في إطار نفس الفريق، و بعد نجاح فكرة «صدأ القمح» سنركز على دعم قطاع الفلاحة من أجل تقديم أفكار ومشاريع من شأنها أن تدعم القطاع و تنهض أكثر بالفلاحة و الفلاح الجزائري.               
إ.ز

     

الرجوع إلى الأعلى