لا بديل عن اعتماد الآلات الحديثة في محاربة الغش

كشف رئيس المنظمة الوطنية للذهب والمجوهرات، عيسى أمغشوش، عن شروع المنظمة بداية من السنة الجارية 2023، في دعوة الحرفيين و صناع الذهب و تجار المجوهرات، إلى تكرير الذهب المتداول، لكشف المشكوك منه والتصدي لظاهرة الغش، وأكد في حواره مع النصر  بأنه بات من الواجب تجاوز الطرق التقليدية في هذا المجال لأن الغشاشين من أصحاب الورشات السرية، يعتمدون على طرق ملتوية لتحقيق الربح السريع على حساب المهنة.

حــاوره: يـاسيـن عـبوبو

 وتحدث عيسى أمغشوش، عن جملة من المقترحات التي رفعتها المنظمة الجزائرية للذهب والمجوهرات، إلى الجهات الوصية، قصد محاربة الغش، واستغلال الذهب الذي ينقب عنه في الجنوب، بالإضافة إلى طرح آليات مناسبة في مجال الفوترة والضرائب تصب في صالح الحرفيين والتجار والخزينة العمومية في آن واحد.  
النصر: ما هي الحلول المتاحة و السريعة لمحاربة الغش في نظركم، وهل يمكن تطبيق إعادة تكرير الذهب المتداول بهدف تصفيته ؟
ـ بعد دراسة مستفيضة خلال السنوات الثلاث الماضية توصلنا إلى منهج عمل يعود بالفائدة على الصناع والحرفيين، بحيث تنطلق خطة العمل بتصفية الذهب المتداول، و أوضح هنا « بأنني لا أجزم بأن ذهب المجوهرات المتداول غير صاف»، وإنما يتضمن شوائب عادة ما تعلق خلال عملية صهره، وهذه الشوائب لا ترى بالعين المجردة، لكن بإمكاننا اكتشافها و عزلها عن طريق الآلات العصرية، لهذا قررنا في المنظمة أن نشرع بداية من سنة 2023، في تكرير الذهب من طرف الصناع و الحرفيين والتجار، حتى نصل إلى نقاوة بعيار 18 قيراطا كما هو معمول به في الجزائر.
المخالفون يتحملون مسؤوليتهم
و هل تتوقعون استجابة الحرفيين و تجار المجوهرات لعملية إخضاع الذهب للتكرير ؟
ـ ستكون هناك استجابة أكيدة، لأن إعادة تكرير الذهب للتصدي لظاهرة الغش كان  مطلبا ملحا للحرفيين والصناع والتجار، حتى يصل إلى المعيار المحدد و المطلوب من طرف المستهلك، وقد ترفض فئة قليلة الإجراء، لكنها ستكون شاذة، لأن العملية لن تخدم من ينشطون في السوق السوداء، و بائعي الأرصفة وأصحاب الورشات السرية.
 لكن استمرار الوضع على حاله بتداول ذهب مشكوك فيه يضر بالدرجة الأولى بالحرفيين والتجار، لهذا أخذت المنظمة على عاتقها هذا الانشغال كأولوية وقررت اقتراح إعادة تكرير الذهب، وهو ما أجمعت عليه المكاتب الولائية في ملتقى نظم بسطيف نهاية شهر نوفمبر من سنة 2021 عرف اتفاق الجميع على تكرير الذهب المتداول المشكوك فيه باستخدام آلات التصفية.  
أبوابنا مفتوحة أمام أصحاب الورشات السرية
نفهم من كلامكم أنكم شرعتم في العملية ؟

ـ تدعيما لمسعى الجمعية الوطنية لحرفيي وتجار المجوهرات، التي تأسست سنة 2019 وتحولت إلى المنظمة الجزائرية للذهب والمجوهرات في بداية شهر ديسمبر من السنة المنقضية، وبناء على مخرجات الملتقى الوطني بولاية سطيف مؤخرا، فقد تقرر الشروع في استعمال الآلات الحديثة المرخصة والمعتمدة لتكرير الذهب، وذلك نظرا لعدم تمكن الحرفيين والتجار من معرفة محتوى المصوغات لاعتمادهم على الطرق التقليدية في الكشف بواسطة الحمض الكيميائي والحجر الخاص.
وبناء على توصيات ملتقيات المنظمة، تمت الدعوة إلى الشروع في العمل بالمنهج الجديد القاضي و الملزم بتكرير الذهب المتداول بين الصناع والحرفيين والتجار، باستعمال الآلات العصرية في الرسكلة للوصول إلى ذهب صاف بعيار 18 قيراط (750 جزءا من 1000)، و التخلي على الطرق التقليدية. ومن لا يستجيب يتحمل مسؤوليته.
 و قد أعلمنا في هذا الإطار، جميع التجار والحرفيين والصناع، الذين يمارسون نشاطهم بطرق غير شرعية ونقصد الورشات السرية، للاتصال بالمكاتب الولائية التابعة للمنظمة الجزائرية للذهب والمجوهرات على المستوى الوطني، لمساعدتهم وتسهيل الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتهم في أقرب الآجال.
أسلاك و حجارة تضاف إلى الذهب المغشوش
ما هي أبرز أساليب الغش التي سجلتموها؟
ـ  الأكيد أن فئة الرافضين لفكرة تكرير الذهب، تصنف في خانة الانتهازيين الذين يبحثون عن الثراء على حساب المهنة، وهم بالعموم أصحاب الورشات السرية و الناشطون في السوق السوداء، ولعل أكثر ما يكرس استمرار هذه الممارسات هو تواصل الاعتماد على الطرق التقليدية.
أشير أيضا، إلى أن الظاهرة استفحلت بشكل بارز خلال فترة الجائحة، وقد رصدت المنظمة تزايدا لها في ظل نقص الرقابة، أما بخصوص طرق الغش فهي تتعدد وعادة ما تكون خلال عملية الصهر، بإضافة مواد وأسلاك أو أحجار لأجل  الربح السريع.
كيف يمكن إخضاع الذهب للرقابة في ظل عدم توفر الآلات والتجهيزات الخاصة بذلك؟
ـ الأهم أننا شرعنا في عملية التكرير التي تعد الحل الوحيد للتصدي لظاهرة الغش و حصر الذهب المشكوك فيه، وذلك بدعوة كافة التجار والصناع والحرفيين للانخراط في العملية التي سيتوسع نطاقها بشكل تدريجي، و لهذا فقد طالبت المنظمة الدولة، بتوفير مخابر مجهزة بالآلات الخاصة بالمعادن الثمينة على مستوى كل ولاية، لأجل تفادي كل مظاهر الغش مع توفير وحدات الرسكلة، بالإضافة إلى طرحنا لمطلب إعادة النظر في نقل السلع، لرفع اللبس عن علاقة التعامل بين تجار المجوهرات والسلطات الأمنية في الحواجز و خلال التدخلات الفجائية.
المجوهرات الجزائرية تنافس ما ينتح في دول رائدة عالميا

هل يقتصر نشاط المنظمة على التصدي لظاهرة الغش في الذهب والمجوهرات؟
ـ المنظمة الوطنية لحرفيي و تجار المجوهرات، بدأت نشاطها كجمعية مهنية جاءت استجابة لمطالب مجموعة من الحرفيين و التجار وصناع المجوهرات على المستوى الوطني، وكانت انطلاقتها الفعلية كجمعية محلية على مستوى ولاية باتنة سنة 2006، حيث حققت عدة أهداف وأزاحت بعض العراقيل منها تخفيض مبلغ الدمغ من 160 دج للغرام الواحد من الذهب إلى 40 دج، و سعت إلى تنظم النشاط بالتنسيق مع مختلف المصالح بما في ذلك الأمنية.
تقرر تحويل التنظيم إلى جمعية وطنية، بعد اتساع رقعة المطالب المتعلقة بتنظيم نشاط تجار وحرفيي المجوهرات حيث تمت الموافقة على ذلك، خلال جمعية عامة عقدت نهاية شهر ديسمبر من سنة 2017، و عقد أول اجتماع تأسيسي بتاريخ 24/04/2019، أين تمت المصادقة على القانون الأساسي للجمعية الوطنية وانتخابي كرئيس لها فضلا عن الاعتماد الرسمي للجمعية الوطنية من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية في الرابع من سبتمبر 2019، واستطاعت المنظمة فتح 34 مكتبا ولائيا والعملية متواصلة إلى غاية تعميم التواجد عبر كافة ولايات الوطن.
هل تغيّرت الأهداف تماشيا مع هذه المعطيات؟
ـ بعد تأسيس الجمعية الوطنية، سعينا إلى تجسيد عدة أهداف على رأسها إعداد مشروع قانون لعرضه على البرلمان والحكومة بهدف تنظيم قطاع المجوهرات وتحيين القوانين المنظمة له، وكذا طرح المشاكل التي يعاني منها منتسبو القطاع، مع تقديمنا لجملة من الاقتراحات والحلول الممكنة بالاستعانة بمكاتب دراسات في التخصصات ذات الصلة بالمجوهرات والمعادن الثمينة على غرار الجباية والرسكلة والقانون والتصاميم بالأبعاد الثلاثية، بهدف مواكبة التطور الحاصل على المستوى الدولي.
 وبعد تجديد المكتب الوطني للجمعية  في أفريل 2022 تقرر تعديل التسمية إلى المنظمة الجزائرية للذهب والمجوهرات ومقرها الرئيسي بالجزائر العاصمة، وهذا من شأنه رفع سقف الآفاق إلى النطاق الدولي و المساهمة في الاقتصاد الوطني، من خلال الانفتاح على قارة إفريقيا لاستقطاب الزبائن كون المجوهرات الجزائرية باتت اليوم، تنافس ما ينتج في دول رائدة في المجال مثل تركيا و إيطاليا و بأسعار تنافسية، وهو ما وقفت عليه شخصيا في معارض دولية، ولنا أهداف عدة في المنظمة لتنظيم نشاط تجار وحرفيي المجوهرات، منها المساهمة في امتصاص البطالة وتوفير مناصب عمل لخريجي الجامعات ومعاهد التكوين.
توظيف خريجي التخصصات التقنية في صناعة الذهب
كيف يمكن توظيف خريجي الجامعات و مراكز التكوين المهني في مجال المجوهرات ؟
ـ من أهدافنا إشراك هؤلاء في النشاط وتوسيع الآفاق أمامهم لتطبيق مذكراتهم ميدانيا في عدة مجالات ذات صلة بالمجوهرات، على غرار خريجي الهندسة المعمارية بتكوينهم، وإدماجهم في مجال التصميم ثلاثي الأبعاد للمجوهرات، حيث بالإمكان تكوين مختصين في تصميم أشكال من معدن الذهب بطريقة عصرية، كما يمكن الاعتماد على خريجي تخصصات الميكانيك، لإعداد دراسات تطبيقية لكيفية عمل الآلات العصرية الخاصة بتصنيع الذهب، وكيفية تركيبها وصيانتها، كما تبرز الحاجة إلى تخصص الكيمياء لتجهيز المخابر، و من أهدافنا أيضا التنسيق مع مراكز التعليم والتكوين المهنيين لتلقين المتربصين دروس تطبيقية بورشات تصنيع المجوهرات.
ما دور منظمتكم في مشاريع التنقيب عن الذهب في الجنوب ؟   
ـ شكرا على السؤال، فأهداف المنظمة لا تقتصر على مكافحة الغش في الذهب فقط، بل تتعداها إلى توفير المادة الأولية كذلك، وفي هذا الصدد طالبنا بإعادة النظر في دفتر الشروط المتعلق بعملية التنقيب عن الذهب وإتاحة أولوية المشاركة لأصحاب الاختصاص، باعتبارهم أصحاب خبرة في المجال، مما سيعطي نفسا جديدا للتجارة و يدعم الخزينة العمومية.
 اقترحنا أيضا، إعادة بيع الذهب المستخرج من عمليات التنقيب للمهنيين في المجوهرات من تجار وحرفيين، ومن بين مقترحات المنظمة كذلك، تجميد العمل بالنظام الضريبي الحقيقي وتحويله إلى النظام الضريبي الجزافي مؤقتا، مع اقتراح بديل يتمثل في نظام ضريبي جديد قائم على الفوترة بدلا من النظام المعمول به مع كل المتعاملين في الدائرة التجارية من الزبون إلى تاجر الجملة، وهو مقترح تم عرضه على وزارة السياحة والحرف التقليدية باعتبارها طرفا في المعادلة، و نأمل أن تأخذه بعين  الاعتبار.

الرجوع إلى الأعلى