يكشف المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية، النقيب نسيم برناوي، أن إدخال المواطنين لتعديلات على المنازل يُعد من أهم مسببات حالات الاختناق بالغاز، إضافة إلى الاستعمال الخاطئ لسخانات المياه في غياب التهوية الكافية، كما أكد برناوي لدى استضافته في بودكاست النصر، أن أجهزة التدفئة محلية الصنع مطابقة للمعايير، لكن يبقى على المواطن الاستعانة بأشخاص مختصين لدى تركيبها أو تغيير نظام صرف الغازات المحترقة.

 حاورته: ياسمين بوالجدري

من خلال تدخلاتهم لإسعاف الضحايا في حوادث الاختناق بالغاز، ما هي أهم مسببات الحالات التي وقفتم عليها؟
من أهم مسببات حوادث الاختناق بالغاز في الجزائر، هو عدم تحلي فئة من المواطنين وهم بكثرة للأسف، بتدابير السلامة والوقاية لاسيما في نظام التدفئة وما يتطلبه من تدابير وقائية في المنزل. أظهرت تدخلاتنا أن معظم الأماكن التي وقعت فيها الاختناقات تفتقر إلى نظام تهوية ثابت ودائم لاسيما عبر فتحات التهوية السفلى في الأبواب في المدخل الرئيسي والعليا على مستوى النوافذ بالمطبخ وحتى الحمام.
اختناقات بسبب مدفئات بلا أنابيب لصرف الغاز
هناك خلط وسط المواطنين بخصوص أحادي أكسيد الكربون، فهو غاز سام يختلف عن غاز المدينة، وينتج عن الاحتراق غير التام للنار في غياب التهوية والأوكسجين. يجب على المواطن أن يعي أنه عند غلق كل المنافذ وترك المدفئة أو سخان أو طابونة تشتغل أو أي عملية احتراق مهما كان مصدرها، إلا ويكون هناك غاز أحادي أكسيد الكربون.
لاحظنا كذلك عدة أخطاء جسيمة في المنازل في ما يخص مختلف وسائل التدفئة، فمنها ما هو قديم جدا ولا تتوفر فيه شروط ومعايير السلامة، ما يؤثر على عملية الاحتراق ونظام صرف الغاز، كون هذه الوسائل القديمة غير مزودة بنظام صرف الغازات وغير خاضعة للصيانة والمراقبة التي تسمح بتشغيلها في ظروف سليمة والتوقف إذا كان هناك تسرب أو رجوع للغازات المحترقة.
هكذا يجب استعمال سخان الماء
وجدنا كذلك مدخنات مسدودة بأعشاش الطيور وأخطاء كبيرة في كيفية صرف الغازات المحترقة وتوصيل الأنابيب وعدم تركيبها من طرف مختص في المجال، وهو كثيرا ما يتسبب في رجوع الغازات وعدم صرفها في ظروف سليمة.
كما وقفنا على استعمال مدفئات وسخانات مياه دون أنابيب لصرف الغازات المحترقة، وسخانات مياه مركبة للأسف في الحمام وفي بعض الأحيان داخل  المراحيض أو في رواق المنزل خاصة بالسكنات الفردية. ما لاحظناه أيضا استعمال أنابيب لصرف الغازات المحروقة مرنة وموجهة بالأساس لشطف بخار بالمطبخ، عوض أنابيب حديدية صلبة.
لو نتحدث عن سخان الماء باعتباره المسبب الرئيسي للوفيات وفق تقرير أخير لوزارة الداخلية، ما هي النصائح التي يمكنك توجيهها للمواطنين بخصوص الطرق الأكثر أمانا في استخدام هذا الجهاز؟
بالفعل، لاحظنا مؤخرا أن سخان الماء هو المتسبب الرئيسي في الوفيات وحتى في حالات التسمم التي تم إنقاذ أصحابها، حيث يتم تركيبه بشكل خاطئ بأماكن خاطئة دون تزويده بأنابيب صرف الغازات المحروقة، لاسيما في الحمام ودورات المياه. تختلف طريقة استعمال سخان الماء سواء كان بسعة 5 لترات، 10 لترات أو 11 لترا، ويُمنع منعا باتا وضعه في الحمام لأنه مكان غير مهوى بشكل كاف، والمفروض أن يوضع في المطبخ كونه مهوى دائما بصفة جيدة.
للأسف يحدث ذلك في ظل تغير أنماط تهيئة المنازل ونزع النوافذ القديمة والحطب والزجاج وتركيب الألمنيوم و»بي في سي» وغيرها، وهي مواد عازلة لا تسمح بوجود تهوية مع غلق كل المنافذ. من المفروض أن سخان الماء ذي سعة 5 لترات يستعمل فقط لأغراض المطبخ مثلا لغسل الأواني وذلك في مطبخ كبير أو متوسط مهوى بصفة دائمة عن طريق فتحة في أسفل الباب وأخرى في النافذة، ويجب استخدامه لمدة لا تتعدى 8 إلى 10 دقائق، لأنه بتجاوز هذه المدة ينبعث أحادي أكسيد الكربون خاصة عندما يكون المطبخ غير مهوى.
أجهزة التدفئة المحلية تتمتع بجودة عالية
أما في حال استعمال سخان الماء للمطبخ والحمام كذلك من أجل الاغتسال، فيجب تزويده بقناة صرف الغازات المحروقة عن طريق الأنابيب الصلبة. للأسف نرى حرفيين يقومون بأخطاء عند تركيب السخانات، وهم بالنسبة لنا ليسوا حرفيين، لذلك ندعو المواطن إلى الاتصال بالمؤسسات الخاصة بالترصيص وليس الأشخاص الذين لديهم معارف قليلة ولم يتقلوا التكوين اللازم، عوض تسببهم في الوفيات، فمنذ بداية السنة سجلنا ما يفوق 960 شخصا تم إنقاذهم، وفي جانفي أحصينا 56 وفاة، و12 حالة في فيفري.
كيف يمكن للمواطن التحقق من أن أجهزة التدفئة والتسخين التي يستخدمها آمنة؟
حاليا ومنذ أكثر من 4 سنوات قامت وزارة التجارة بمنع استيراد أجهزة التدفئة، وكل الأجهزة الموجودة هي لعلامات جزائرية ممتازة خاضعة للمراقبة في مخبر المراقبة بقسنطينة، وهي بذلك ذات جودة عالية، بالإضافة إلى أن هذه الوسائل تحتوي على شهادة ضمان ولها ميزات مثلا لقياس درجة الحرارة والتوقف عن حدوث تسرب وغيرها.
يمكن للمواطن التأكد من سلامة جهاز التدفئة باقتنائه من نقاط بيع معتمدة، مع الحصول على شهادة الضمان وخدمة ما بعد البيع، كما أن هناك مؤسسات تضمن المراقبة وما شابه ذلك.
أزيد من 60 حالة وفاة منذ بداية السنة
برأيك، كيف يمكن غرس ثقافة الاستعمال الآمن لأجهزة التدفئة لدى الجزائريين، وما هي الحلول التي تقترحها للحد من هذه الظاهرة الخطيرة؟
يتم غرس ثقافة الوقاية بالعمل التحسيسي وفق مخطط اتصالي وعمل موجه وفق الشرائح، على سبيل المثال الحماية المدنية في مخططات اتصالها السنوية للوقاية من الحوادث لموسم الشتاء والأخطار المتعلقة به في شق اختناقات الغاز، توجه لكل شريحة مخططا خاصا بها، فتحسيس التلاميذ يختلف حسب الطور التعليمي، كما نستهدف مرتادي المساجد أيام الجمعة بين المغرب والعشاء.
ويختلف التحسيس أيضا في الجامعات ومعاهد التكوين التي تضم مرصصي المستقبل، كما أن الإعلام الجواري مهم، إضافة إلى الدخول للبيوت وتنبيه المواطنين إلى الأخطاء بخصوص نظام التدفئة وتوصيلات الغاز والأنابيب المستعملة التي يجب أن تكون نحاسية وليس بلاستيكية، وزجاج المدفأة الذي ينبغي تغييره إذا كان مكسورا، وكذلك فتحات التهوية في الأبواب والنوافذ.
نعمل على غرس ثقافة الوقاية عبر التحسيس
يجب على المواطن أن يتابع هذه العمليات التحسيسية وأن يسأل أهل الاختصاص، وألا يقتصد في المال على حساب أمن العائلة والجوار. هناك كثير من الفاعلين والمؤثرين في المجتمع الذين لديهم دور كبير في وصول الرسالة وغرس ثقافة الوقاية لدى المواطنين، الذين أدعوهم من خلال منبركم إلى التقرب من مراكز الحماية المدنية للانخراط في برنامج الإسعافات الأولية ضمن برنامج مسعف لكل عائلة.
ي.ب

الرجوع إلى الأعلى