السفر إلى معقل الرياضات القتالية ضاعف قيمة ألقابي

استطاع وليد ملالة، ابن حي الزمالة الشعبي بمدينة باتنة، أن يصبح مصارعا محترفا في الرياضات القتالية « أم أم أي» و«المواي تاي»، و افتك تتويجات و حصد ألقابا بدولتي تايلاندا وماليزيا، أين سافر بإمكانيات محدودة ليتعلم فنون القتال و يفجر طاقته و يحقق حلم الحصول على أحزمة البطولات، مؤكدا بأن طموحه هو معانقة العالمية، وكشف عن تفاصيل رحلته في عالم الفنون القتالية هو و عدد من الشباب الجزائريين المتواجدين في دول آسيا.

النصر، قابلت البطل على هامش تكريمه بالنادي الرياضي ميرميدونس الذي انطلقت منه مغامرته و نما فيه عشقه للرياضات القتالية، أين حظي بتكريم من السلطات العمومية، وقال بأن رسالته للشباب الجزائري هي عدم اليأس والبحث عن الأمل حيثما كان لرفع العلم الوطني والافتخار بالانتماء.
ـ  كيف كانت بدايتك قبل خوض تجربة الاحتراف في الخارج؟
وليد ملالة: بدايتي كانت في سن 25، بقاعة «ميرميدونس» بحي الزمالة مع المدرب فيصل بلعريبي، الذي يعود إليه فضل كبير فيما بلغته بعد السفر إلى تايلاندا وماليزيا، أنا ابن هذه المدرسة التي انطلقت منها وسط حي شعبي أفتخر بالانتماء إليه، تعلمت بهذه القاعة أبجديات الفنون القتالية لرياضتي «أم أم أي» و»المواي تاي»، وهما تخصصان لا يتمتعان بصدى كبير في الجزائر لعدة اعتبارات.
التقيت بشبان كثر من الجزائر بتايلاندا وماليزيا
ـ  لماذا برأيك لا تحظى الرياضتان بشعبية في الجزائر؟
ـ الأم أم أي، أقرب إلى قتال الشوارع مثلما يراه البعض، وتمارس داخل ما يشبه الأقفاص، و المواي تاي أو الملاكمة التايلاندية رياضة يستعمل فيها المصارعون الأطراف بالإضافة إلى تقنيات الكيغ بوكسينغ وهو تخصصي الذي أمارسه، و هذا النوع من الرياضات غير معروف في الوقت الراهن في الجزائر لأن نشأتها وتاريخها مرتبط بتايلاندا منذ قرون خلت وهناك يمكن إجراء مباريات احترافية بمقابل مادي لكن في بلادنا تقتصر الممارسة على التدريب بشكل هاو فقط، الأمر الذي جعلني أخطط لأسافر إلى آسيا لخوض غمار الاحتراف والمنافسات.
ـ  نفهم من كلامك أنها رياضة عالية الخطورة ؟
ـ ممارسة الرياضتين في عالم الاحتراف له مخاطر أكيدة، على عكس الهواة الذين تستعملون وسائل الوقاية فالاحتراف يلزمك بالمواجهات المباشرة دون ارتداء وسائل الوقاية من الضربات، مع ذلك فقد علمني التدريب كيف أستشعر الخطر، وهو مكتسب تحققه الرياضات القتالية عموما، حيث يكون التغلب على الخوف بالتحضير النفسي.
توجت في ظرف سنة بحزامين وفزت أمام بطل ماليزيا
يرى البعض هذه الرياضات بعين الخطر، لكنها تحمل إيجابيات كثيرة أيضا، وشخصيا أتعلم في كل مرة أمرا مهما سواء خرجت من المنازلات منتصرا أو منهزما و يمكنني أن أجزم من منطلق خبرتي بأن عقلية المقاتل الجزائري تتماشى مع هذا النوع من الرياضات القتالية وهو ما عايشته من خلال تجربتي في تايلاندا وماليزيا.
ـ  حدثنا عن تجربتك الاحترافية في تايلاندا وماليزيا ؟
ـ بعدما تمرنت تحت إشراف المدرب فيصل لعريبي بباتنة، كان من الضروري أن أسافر إلى موطن الرياضات القتالية التي تدربت عليها، كي أتمكن من الاحتراف وهو خيار لا رجعة فيه. في تايلاندا التي هي بمثابة قبلة لمحبي هذه الرياضات، أتيحت لي الفرصة لاكتساب خبرات أفادتني كثيرا في الحياة ناهيك عن المباريات التي كنت أخوضها، حيث التقيت بشباب طموح محب للرياضات القتالية من مختلف دول العالم.
وبمرور الوقت أصبح لدي أصدقاء كانوا بمثابة أسرتي هناك، خاصة الشباب من الدول العربية و الإسلامية وتعرفت كذلك، على شباب من الجزائر استطاعوا أن يصنعوا لأنفسهم أسماء لامعة، بينهم طارق مرزوقي وحميد وفريد و وليد وعثمان، الذين جمعتني بهم الرياضة القتالية و الأخوة في الغربة، و اكتشفت هناك أن عقلية الجزائري تتناسب مع هذه الرياضات القتالية ويمكن لنا النجاح والذهاب بعيدا.
انطلاقتي كانت من حي شعبي بباتنة
ـ  كيف بدأت رحلة التتويجات ؟
ـ كنت أجري لقاءات في اختصاص المواي تاي تباعا وفي البداية أجريت منازلات لتحديد المستوى أولا وتمكنت من إنقاص الوزن  من ما يزيد عن قنطار إلى 75 كلغ، وبعد مرور سنة توجت بلقب ماليزيا في المواي تاي دون قفاز، وكنت  قبلها قد خسرت مباريات أخرى لكن في كل مرة كنت أسعى إلى التطور بشكل أحسن، وهو ما تحقق و فزت مرة أخرى أمام بطل ماليزيا بحزام ثان، وأؤكد بأن الأمر لم يكن سهلا، كان يتطلب إيمانا بالنفس و ثقة للمضي نحو الحلم والفضل كله يرجع لمدربي بالجزائر فيصل بلعريبي ولزملائي بقاعة ميرميدونس.
ـ كيف خدمك التدريب في قاعة صغيرة بحي شعبي ؟
ـ  للمدرب دور كبير وقد اختصر الطريق أمامي، ليس من حيث التدريبات فحسب، و إنما لأنه ساهم في صقل شخصية وعقلية المقاتل بداخلي، تمكنت بفضل توجيهاته من اتباع الخطوات الصحيحة لتحقيق أهدافي.
احتراف الرياضات القتالية يعلم استشعار الخطر
في الجزائر لدينا طينة من المقاتلين الجيدين، و يمكن الاستثمار فيهم بشكل كبير خاصة في مجال الرياضات القتالية، وما أظهره الفريق الوطني الجزائري للهواة في المواي تاي، بعد إدراج التخصص في المنافسات الدولية، دليل على إمكانية الذهاب بعيدا في هذه الرياضة القتالية، و أذكر هنا، بأن الاحتراف أمر مختلف لأنه يتضمن عقدا و تحفيزا ماليا وهو ما يشجع هذه المنازلات في تايلاندا وماليزيا.
ـ  ألم يشكل عامل السن عائقا أمامك خاصة و أنك احترفت بعد الثلاثين؟
ـ يطرح علي هذا السؤال كثيرا، و أؤكد دائما على أن أي هدف في حياة الإنسان لا يرتبط بالعمر، فأنا الآن في 33 من العمر، وقد قادني الشغف إلى الرياضات القتالية للتدرب في سن 25 ولايزال طموحي كبيرا، وسأعود إلى تايلاندا لمواصلة المغامرة بعد أن أقضي أياما مع عائلتي ورفاقي، وأغتنم الفرصة عبر جريدة النصر لأتوجه برسالة للشباب الجزائري، لدعوته إلى التحلي بالأمل و التشبث بالوطن والسعي دائما لتحقيق الأهداف وقد التقيت شخصيا في تايلاندا وماليزيا، بشباب من بلادنا استطاعوا أن يبرزوا مواهبهم.
ـ  ما هي طموحاتك، وهل تنوي نقل تجربة الاحتراف إلى الجزائر ؟
ـ  لا أزال شغوفا ومتطلعا إلى تحقيق الألقاب ونيل أحزمة أخرى بعد عودتي مجددا إلى تايلاندا، ولما لا تحقيق بطولات عالمية، وتشريف الراية الوطنية ولا أخفي عليكم أن عالم الاحتراف على الرغم من خطورته يمنحك المال وهو محفز أيضا للاستمرارية، وأنا فخور بما حققته وفخور بوطني الذي أسعى لتمثيله أحسن تمثيل في هذه التخصصات الرياضية بالخارج.
عقلية الجزائري تتلاءم والرياضات القتالية
أما فيما يخص نقل خبرتي وتجربتي مع الاحتراف، فأنا على اتصال دائم مع مدربي فيصل ونقوم بدورات تدريبية وتلقين الأطفال الصغار حب الرياضة ونسعى مستقبلا إلى إنشاء فضاءات لاستقطاب الشباب لممارسة الرياضة ودعوتهم للتعرف على الرياضات القتالية وأوضح أن الانخراط في الرياضات القتالية لا يعني بالضرورة توجه الشباب إلى عالم الاحتراف الذي يبقى خيارا شخصيا.
حاوره: يـاسين عـبوبو       
         
    
  

الرجوع إلى الأعلى