التكوين في الجامعات الجزائرية نوعي و تنافسي

قال سامي جبلي، الفائز بجائزة أحسن قيمة معمارية في مسابقة دولية نظمتها الأكاديمية الفرنسية للهندسة قبل أيام، إن جودة التأطير الأكاديمي في الجامعة الجزائرية تعد عاملا رئيسيا في تفوقه رفقة زميلته في المنافسة، بفضل مشروع مخطط هندسي لتهيئة جزء من حي بلكور بالعاصمة، وذك إلى جانب التكوين الذاتي و  السعي المتواصل لمواكبة مستجدات العلم و ما يقدمه أشهر المهندسين، و أكد ابن مدينة تيبازة، رغبته في تطوير مجال العمران في بلادنا  بالتركيز على العنصر الجمالي.

حاورته: أسماء بوقرن

التكوين الذاتي مهم للتقدم في أي مجال
النصر : تفوقت على طلبة من أعرق جامعات العالم في مسابقة  دولية متخصصة حدثنا عن هذا التتويج وعن المسابقة؟
ـ مشاركتي في هذه المسابقة هي الثانية من نوعها، شاركت فيها نهاية سنة 2021 عندما كنت طالبا في السنة الرابعة جامعي، و شاركت بمخطط هندسي لتهيئة حي بلكور بالعاصمة، غير أنني لم أوفق، لأن التصميم لم يتوافق مع موضوع المسابقة، كما أن فترة إنجازه لم تكن كافية و لم تتعد الشهر، حينها أنجزنا أنا و زميلتي المشروع في شهر نوفمبر و سُلم في شهر ديسمبر و لم نوفق، غير أننا تداركنا التأخير في هذه الطبعة، قدمت نفس الفكرة لكن بشكل مغاير يراعي كل الجوانب الهندسية و يوافق موضوع المسابقة.
حرصنا على إبراز الهوية الجزائرية
ـ  هي فكرتك أم أنك قمت فقط بتطوريها؟
ـ  لم أكن أعرف عن المسابقة و الفضل يعود لأساتذتي، وتحديدا الأستاذة عفيفة بن عطاء الله، التي كانت مشرفة علي رفقة الأستاذ خالد عثامنة، هما من أعلما طلبة المدرسة بأمر المنافسة و اقترحا علي المشاركة و فكرة المخطط، لم أوفق في أول محاولة فطلب مني الأستاذ المشاركة للمرة الثانية، و قدمت مع  زميلتي هالة بوشباط مشروعا مشتركا، حيث حافظنا على الفكرة الرئيسية المتعلقة بتهيئة جزء من حي بلكور، مع مراعاة الجانب البيئي و الثقافي و إبراز الهوية الجزائرية.
ـ حدثنا أكثـر عن مخطط التصميم نريد أن نعرف مضمونه؟
ـ اخترنا العمل على مخطط لتهيئة جزء من حي بلكور، من جهة المكتبة الوطنية، أين يوجد سطح واسع غير مستغل، يعزل المنطقة عن وسط المدينة، كما أنه محاذ لمساحة ممتدة على 6 هكتارات، تحولت إلى مكب للقمامة، و شوهت المنظر العام و الواجهة العمرانية. و فكرة مشروعنا ترتكز على ربط حي بلكور و السطح المحاذي للمكتبة، بوسط المدينة، حيث اقترحنا إنشاء محاور و ممر للراجلين و فضاءات ثقافية، مع ربط شارع روشي بوعلام بحديقة الحامة و استغلال المساحة الشاغرة المحاذية للمكتبة، لإنجاز أكشاك و مقهى و مبان خدماتية أو تعليمية، و تخصيص فضاء لبيع الكتب و مساحات خضراء.
مراعاة الجانب البيئي من عوامل التتويج
ـ ما هي المعايير التي اعتمدت في عملية الانتقاء ولماذا اختير مشروعكما تحديدا ؟
ـ كانت المنافسة صعبة و مفتوحة أمام طلبة العالم، و  تحقيق الفوز يعود لعوامل عدة تتعلق أساسا بجودة التأطير على مستوى المدرسة متعددة التقنيات للهندسة و العمران بالجزائر العاصمة و تفاني أساتذة الورشة، فالأستاذ خالد عثامنة أجرى مسبقا دراسة معمقة حول حي بلكور، و ساعدنا ذلك كثيرا و مكننا من ضبط فكرة المشروع جيدا و دراستها من كل الجوانب، فضلا عن دعم الأستاذة عفيفة، التي تمتلك خبرة عمرها 40 سنة في مجال الهندسة، كما استلهمنا أفكارا من تصاميم مهندسين كبار.   
التصميم الجرافيكي الذي قدمناه هو أيضا من أهم عوامل تفوق مشروعنا، فأنا شخصيا ملم جيدا بتقنيات التصميم بفضل الدورات التكوينية و التربصات التي قمت بها في إطار التكوين الذاتي، ولذلك سمح تصميمنا بإبراز مقومات المشروع العمرانية و أعطى صورة واضحة و تفاصيل دقيقة عنه، أبرزت جماله و أهميته. أذكر كذلك عوامل أخرى تتعلق بالموقع الاستراتيجي للمشروع و  إصرارنا على إبراز الهوية  العمرانية الجزائرية و الاهتمام بالجانب البيئي.  
أنجزت تصميما ثلاثي الأبعاد و أنا تلميذ
ـ  أنت من الطلبة الأوائل في البكالوريا هل كان ذلك حافزا لك لمواصلة التفوق و هل ساعدك محيط البحث و التكوين في الجامعة الجزائرية على ذلك؟  
ـ  بالحديث عن الجامعة أقول، فعلا الجو العام فيها محفز جدا، و الطالب الذي يجد مناخا للإبداع سيسعى لتقديم الأفضل دون تردد، و هو ما وجدته على مستوى المدرسة متعددة التقنيات للهندسة و العمران.      
أما عن البكالوريا و تكريمي من قبل رئيس الجمهورية، فأعتقد بأنها من العوامل التي صنعت شخصيتي كطالب مجد، و شجعتني على السعي للريادة و التفوق في كل مسابقة أخوضها، كما أن حبي للتخصص جعلني أبرع أيضا، فالهندسة كانت حلمي منذ الصغر وقد كنت أرسم وأنا في الطور الابتدائي مخططات للبناء و أضع تصورات لمشاريع عمرانية          وكنت أجيد ذلك بفضل موهبتي في الرسم، و في المرحلة الثانوية، زاد شغفي بالهندسة            وتعلمت استخدام البرامج الرقمية لرسم مخططات هندسية، و نجحت في إنجاز مخططات ثلاثية الأبعاد، كما تكونت في التصميم الجرافيكي و تعلمت طرق عرض المخططات      وبمجرد حصولي على البكالوريا بتقدير ممتاز التحقت بالمدرسة متعددة التقنيات للهندسة و العمران.
لم أكتف بالتكوين الجامعي، بل حرصت طيلة خمس سنوات، على تعلم برامج رقمية جديدة لمسايرة كل التطورات، حيث أستغل فترة العطلة للتربص في مكاتب دراسات، و أقضي الوقت في البحث و المطالعة، و هذا ما أثرى معارفي خلال ظرف وجيز.
أهدف لإضفاء  جمالية و خصوصية ثقافية على العمران
ـ ما هي تصوراتك لمستقبل العمارة في بلادنا و ما هي الإضافة التي يمكن أن تقدمها؟
ـ العمارة فن، و يجب الوعي بضرورة الاهتمام بالعنصر الجمالي في التصميم الهندسي للعمران الجزائري، كما يجب مراعاة الخصوصية المجتمعية عند وضع مخططات البنيات و المدن الجديدة، فلكل ذلك انعكاس على نفسية السكان.
يتعين علينا أيضا، إبراز الهوية الجزائرية في التصاميم التي يجب أن تتماشى مع البيئة المحلية، في الجزائر نفتقد لمشاريع تراعي مناخ المدينة، وقد نرى هذه الجزئية في البنايات الفردية أكثر من الجماعية، لذلك أود أن أكرس الجانبين الجمالي والبيئي في مشاريع البناء.
ـ هل من تفاصيل عن مشروع تخرجك؟
ـ أنا طالب سنة خامسة تخصص تقني رياضي هندسة مدنية، و مشروع تخرجي عبارة عن محطة خدمات تضم أربعة مطاعم و مقهى أدبيا و فضاء تجاريا و محطة بنزين و إقامة سكنية و مشروع في الشريعة على ارتفاع  1415 مترا، يراعي خصوصية المنطقة سيكون تصميمه في منحدر، وهو مشروع أنجزته رفقة الزميلة روزا أفتان .
أ ب 

الرجوع إلى الأعلى