الجزائري بحاجة إلى الضحك بعدما أنهكته السياسة
يستعد الممثل المسرحي فوضيل عسول لتقديم عرض جديد من نوع الـ « وان مان شو» بعنوان « زو سطوري» أو قصة حديقة الحيوان،  سيتناول من خلاله قضية العلاقات الاجتماعية ،و مشكل غياب الاتصال و التواصل بمجتمعنا ، في إطار كوميدي ساخر، و أكد للنصر، بأن المواطن الجزائري الذي أنهكته مشاكل الحياة و السياسة أصبح بحاجة ماسة للضحك و الترفيه.
الممثل المسرحي، أوضح  بأن  التجارب الأولى للعرض الجديد ستنطلق بداية من شهر مارس القادم، على ركح مسرح بجاية الجهوي، على أن يقدم   بشكل رسمي  للجمهور، قبل نهاية السنة.

. النصر: حدثنا أكثر عن « فوضيل زالاميت» لما هذا التشبيه بالذات؟

ـ فوضيل عسول : فوضيل زالاميت، هو أنا، لأنه صورة عن شخصية الجزائري سريع الانفعال ،والاشتعال تماما ،كعود الثقاب، لكنه أيضا المواطن الذي يشتعل بسبب البيروقراطية ،و الحقرة ،ليحرق نفسه غضبا ،قبل أن يسارع إلى الانطفاء و يعود لتقبل واقعه.
العرض من إنتاج مسرح بجاية الجهوي في 2013،و  يعد أول تجربة لي ،بعد تخرجي من معهد الفنون الدرامية بالعاصمة سنة 2004. تطلبت مني كتابته حوالي خمس سنوات كاملة، وهو عرض من نوع الـ «وان مان شو»، تطرقت من خلاله إلى كافة تفاصيل حياة المواطن الجزائري، فقد تناولت موضوع البيروقراطية، الحرقة، و حتى السياحة ،و التسمم الغذائي ،و كذلك الانتحار ،كتظاهرة لا ترتبط  فقط بالمواطن البسيط ،بل حتى بالمثقفين و تنتشر بقوة في منطقة القبائل ،مسقط رأسي.
يحكي هذا العرض قصة شاب جزائري لا يرتاح إلا داخل  حمام منزله، أين يمكنه أن يفكر، و يعبر بكل حرية، بعيدا عن ضغوطات حياته المليئة بالتناقضات و المشاكل، التي أجبر على عيشها  بحكم تواجده الجغرافي، قبل أن يخلص إلى الاستنتاج بأن « السياسي «  ليس هو سبب محنته، كما كان يعتقد، بل إن وضعه هو حصيلة لمجموعة من الرواسب الاجتماعية و الاقتصادية و حتى الثقافية و الفكرية التي توارثها طيلة سنوات.

 الـ» وان مان شو» تحول إلى ظاهرة عالمية مؤخرا ،فهل نجح في الجزائر؟

ـ صحيح ، الـ « وان مان شو»  أو فن العرض الفردي ، يمكن  الفنان من تقديم موضوعه بنفسه،دون ديكور أو شركاء.لقد ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال اعتماد الفنانين هناك، على الارتجال في المقاهي والفضاءات العامة،و هو فن  يعتمد على  شد فضول الجمهور،و  يضعه داخل سياق الأحداث، و يجعله يتفاعل مع كل فقرة جديدة.
 بدأ في الجزائر منذ سنوات عديدة مع المرحوم عز الدين مجوبي، وهو بالمناسبة قدوتي في الحياة، ثم محمد فلاق ،و بعدها حكيم دكار، غير أنه توقف لفترة شهدت بالمقابل نجاحا باهرا له ، كتوجه مسرحي مهم في دول أخرى، مثل فرنسا و المغرب و الأردن.
 مع ذلك فإن هذا الفن المسرحي لا يزال يملك جمهورا واسعا بالجزائر، كونه  يحمل في طياته رسالة عميقة هدفها معالجة تناقضات المجتمع و مشاكله.
كما أن الجزائر تمتلك طاقات كبيرة قادرة على العطاء في هذا المجال، و الدليل هو نجاح مشاركاتنا في المهرجانات و التظاهرات العربية، و الدولية الخاصة، التي تقام سنويا هنا وهناك، مؤخرا صنعنا الحدث في الأردن ،من خلال عروض قدمتها وجوه شابة.
يبقى الإشكال المطروح حاليا هو ضعف التكوين، و هنا أتحدث تحديدا عن التخصص. معاهدنا مثلا ،تركز على تكوين الطلبة بشكل عام ، فنحن نفتقر لوجود أساتذة متخصصين في بعض الألوان المسرحية مثل الـ «وان مان شو». دون تكوين يمكنني أن أجزم بأننا لن نرقى إلى المستوى المطلوب ،مقارنة بدول أخرى حققت الشهرة في هذا المجال.

  . مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في رواج هذا الفن ،فهل المرور في التلفزيون ضروري للنجاح؟

 ـ قطعا، حتى وإن كان العرض ناجحا و متميزا، و استطاع الصمود طويلا، إلا أنه يبقى بحاجة إلى دعم الإعلام من أجل التوسع، و كسب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، كما أن عرض الأعمال المسرحية على الشاشة ،من شأنه إعادة العلاقة بين الجمهور الجزائري و المسرح.
الفضائيات الجزائرية على اختلافها ، سواء كانت عامة ،أو ثقافية و متخصصة، مطالبة بتوفير مساحة أكبر لعرض الأعمال المسرحية، و بالأخص عروض الـ «وان مان شو»، تشجيعا للفنان ، و كذا من أجل كسر روتين الحصص السياسية التي أصبحت تشكل 90 بالمائة من مادتها اليومية. لقد ساهمت برامج اكتشاف المواهب الفكاهية التي بثتها بعض القنوات في بروز طاقات تستحق التشجيع ، استطاعت أن تحقق لها جمهورا، و تشق طريقها نحو النجاح من خلال بوابة الشاشة الصغيرة، لذلك فإن الظهور في التلفزيون ضروري لتعريف الجمهور أكثر بالفنان.
الفنانون الجزائريون يواجهون عوائق كبيرة في تسويق أعمالهم للفضائيات بعد تسجيلها ، رغم النجاح الكبير لهذه العروض على الخشبة، بالمقابل استطاع فنانون آخرون في دول أخرى، الانتشار عالميا عن طريق تقديم عروضهم عبر التلفزيون، ما  رفع نسبة  تحميل عروضهم و مشاهدتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 .بين الأمازيغية الفرنسية و العربية، أي لغة هي الأقرب لنص المونولوغ؟

 ـ  كتابة نصوص الـ « وان مان شو»، مهمة صعبة و معقدة قد تتطلب منك سنوات عديدة،  فهذا الفن  يركز على النكتة، و إضحاك الناس ليس بالأمر الهين، خصوصا و أن هذا النوع من المسرح يحاكي فيه الممثل ذاته، و يحاول أن يعبر من خلال ذلك عن انشغالات كل من يشاهد عرضه، و عليه فإن اللغة العامية أو « الدارجة» تعد  الأسهل، و الأكثر تأثيرا و تعبيرا.كما أنها لغة حرة تمنحك إمكانية الاسترسال و الارتجال أحيانا، فضلا عن أنها تصل إلى كافة شرائح المجتمع، و هي لغة سلسة للوصف و التعبير ،لأنها مستمدة من عمق المجتمع في حد ذاته.
أما عن الأمازيغية ،فأنا استعملها أيضا ،ففي  أحيان كثيرة أدرج بعض كلماتها في عروضي. في النهاية أنا أمازيغي، إبن مدينة بجاية، كذلك الأمر بالنسبة للفرنسية.

. حدثنا أكثـر عن عرض» قصة حديقة الحيوان»؟

ـ « زو سطوري» يعد جديدي هذه السنة، هو ثاني عرض لي بعد « فوضيل زالاميت»،النص للكاتب المسرحي الأمريكي ايدوارد ألبي،  وهو صديق لي ، أما الإخراج فللزميل وليد بوشباح من مسرح بجاية.
 يتناول هذا العرض تفاصيل العلاقات الاجتماعية ،و مشكل التواصل بين الأفراد، في إطار فكاهي يروي قصة شخصين يعيشان في أمريكا ،و  رغم اختلاف ظروفهما المعيشية ،إلا أنهما يصطدمان بنفس العوائق الاجتماعية الناجمة عن مشكل التواصل، فكرته الرئيسية تتمحور حول نقد الحلم الأمريكي في بناء مجتمع قوي و مترابط.   

حاورته : نور الهدى طابي  

الرجوع إلى الأعلى