كنــت أسافر برا من أوروبــــا للانضمـــام إلى معسكـــرات الخضـــر
حميد مراكشي لاعب صاحب شخصية مميزة و"كاريزما" فريدة من نوعها في عالم كرة القدم، ومن سوء حظ هذا اللاعب ذي الإمكانات الكبيرة أنه برز في مرحلة كانت الكرة الجزائرية تعاني فيها من آثار العشرية السوداء، نجم الخضر السابق خص النصر بهذا الحوار الذي يكشف فيه كل شيء عن مسيرته الكروية، كما يتحدث عن جديده، وعدة أمور أخرى.
حــاوره: مــروان. ب
مراكشي دولي سابق ترك بصمته في تاريخ الكرة الجزائرية، ما جديدك؟
أقيم بفرنسا رفقة عائلتي منذ سنة 2000 ، خاصة بعد ابتعادي عن عالم كرة القدم، الذي غادرته مرغما، بعد تعرضي لإصابة خطيرة على مستوى الركبة عجلت باعتزالي. أنا أعيش حياة هادئة، وهمي الوحيد إسعاد أسرتي، التي وقفت إلى جانبي وقت الشدة، ولم تتخل عني كما فعل البعض.
ماذا تفعل الآن، ومن أين تقتات ؟
كرة القدم أعطتني كل شيء، صحيح أنها لم تجعلني غنيا كما يحدث الآن مع لاعبي الجيل الحالي، ولكنها منحتني حب الناس، صدقوني هذا كل ما يهمني، وأنا سعيد بمسيرتي الكروية، سواء تلك التي كانت بالجزائر أو في الاحتراف الخارجي، دون نسيان تجربتي المميزة مع الخضر، التي تعد الأحسن في مشواري، كيف لا والأمر يتعلق بالدفاع عن الألوان الوطنية. أعيش الآن بفرنسا منذ 16 سنة، حيث أتكفل عائلتي، التي أسعى لتوفير كافية حاجياتها، ولم لا أرد جزءا من دين زوجتي التي وقفت إلى جانبي وقت الشدة.
لماذا اخترت الإقامة بفرنسا؟
أحب بلدي، ولكن وضعيتي الصحية جعلتني أقرر الاستقرار بفرنسا، بالنظر إلى معاناتي من إعاقة على مستوى اليد تعرضت لها بمسقط رأسي بعين تيموشنت السنة الماضية، حيث حاول أحد الأشخاص الاعتداء علي بهدف اختلاس الأموال، قبل أن يوجه لي طعنات بالسلاح الأبيض جعلتني أعاني الآن على مستوى أصابع اليد. أنا الآن أعالج بفرنسا، وكلي ألم وحزن، خاصة وأن الجاني لم يتعرض للعقاب، كونه حر طليق الآن، كما أني أعاني أيضا على مستوى الركبة، واضطررت لاستعمال ركبة اصطناعية. ظروفي الصحية وراء استقراري بفرنسا، خاصة وأنني أحظى بالعلاج المناسب، الذي لن أجده في الجزائر.
ماجر تلقى تعليمات فوقية بحرماني من لقاء فرنسا الاستعراضي
هل تعرضت للتهميش بعد تجربتك الطويلة مع الخضر؟
لست نادما على حمل ألوان المنتخب الوطني، الذي كنت سعيدا بالتجربة التي قضيتها معه، لقد عشت سنوات رائعة مع الخضر رغم صعوبة الفترة التي لعبنا فيها، كونها تزامنت مع العشرية السوداء، التي انعكست بالسلب على كافة المجالات، ولكن عزيمتنا آنذاك جعلتنا نتحدى كل شيء، أنا فخور بما قدمته، ولا أنتظر أي مقابل، رغم التهميش الذي نتعرض له الآن، اعتقد بأن اللاعبين القدامى منسيون ولا أحد يهتم بأحوالهم، وخير مثال زميلي مصابيح الذي أصبح سجينا.
تبدو ممتعضا من اللامبالاة التي تعيشها الأجيال الماضية، أليس كذلك؟
كيف لا أكون مستاء والأمر يتعلق بأشخاص قدموا الغالي من أجل إسعاد الجماهير الجزائرية في أعز الأزمة، لقد كنت أضحي من أجل تلبية دعوة الخضر، وكنت أضطر في الكثير من المناسبات للالتحاق برا بالمعسكرات قادما من أوروبا، وهنا أحدثكم عن قدومي من تركيا بالسيارة من أجل المشاركة في المباراة المصيرية للمنتخب الوطني أمام نظيره الغامبي. صدقوني لم أكن أهتم بشيء وكان هدفي الوحيد المساهمة في قيادة الخضر إلى الانتصارات، لا أريد جزاء ولا شكور، ولكن على المسؤولين أخذ تلك التضحيات بعين الاعتبار، خاصة وأننا في الجزائر لا نولي أي اهتمام للاعبين القدامى، على عكس ما يحدث في بقية البلدان، الذين يقدرون الأسماء التي مرت عليهم، ويعملون باستمرار على تكريمها، ولا أتحدث عن الأوروبيين فقط، بل علينا أن ننظر إلى جيراننا، وأعني بالذكر المغاربة والتوانسة والمصريين. نحن لا نملك سوى قرابة 500 دولي سابق، ولو كانت الأمور تسير بالمنطق لتواجدت غالبية هذه الأسماء على رأس أكاديميات بالجزائر.
هل لك أن تخبرنا عن أجمل وأسوأ ذكرى لك مع المنتخب الوطني ؟
تجربتي مع الخضر اعتبرها مميزة، غير أن هناك محطات هي الأفضل مقارنة بالبقية، وأعني بالذكر مباراتي أمام غامبيا، حيث كنت صاحب الفضل في التأهل إلى “كان” غانا، عقب نجاحي في تسجيل هدفين من أصل ثلاثة، وأتذكر بأننا كنا نبعد بستة نقاط كاملة عن المتصدر، وكانت حظوظنا شبه منعدمة، ولكن نجحنا في العودة بقوة، وتمكنا من الظفر بتأشيرة التأهل، ما جعلنا ندخل البهجة إلى الجماهير الجزائرية، التي كانت تمر بأسوأ الظروف، وفقدت الثقة في المنتخب، لقد كانت تلك المواجهة خاصة، كونها جعلتني أرد على الانتقادات التي طالتني بعد لقاء تونس، الذي اتهمني فيه الجميع بالتقصير، عقب تضييعي لفرصتين أمام المرمى، غير أنهم نسوا بأن الحارس شكري الواعر وقف سدا منيعا أمام محاولاتي، لقد حملني الجميع مسؤولية الخسارة، ما جعلني أعيش فترة صعبة أجبرتني على مقاطعة الجميع لشهر كامل، قبل أن يأت ردي في لقاء غامبيا بعنابة، إذ نجحت في إهداء الجزائر التأهل.
ذبحوني بعد خسارة تونس و المولى عز و جل أنصفني أمام غامبيا
لعبت تحت إشراف عدة مدربين، من تراه الأحسن والأسوأ من وجهة نظرك؟
أجل لعبت تحت إشراف عدة مدربين كبار، على غرار سعدان وماجر ومزيان إيغيل، وشارف، وغيرهم من التقنيين المحليين، وكلهم علموني الكثير، ولكن اعتبر شيخ المدربين رابح سعدان وكذا الأسطورة رابح ماجر الأحسن، بالنظر إلى طريقتهما الفريدة من نوعها، لم تكن لي مشاكل مع أي ناخب وطني باستثناء إيغيل الذي همشني، كما أن المدربين الأجانب أيضا قدموا ما عليهم، رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الجزائر.
ماذا حدث مع ماجر، وهل لك أن تكشف لنا أسباب ابتعادك المبكر عن المنتخب ؟
كنت من أحسن اللاعبين في حقبتي، ومكانتي الأساسية كانت محجوزة دوما، خاصة عندما كنت في أحسن أحوالي، ولكن مع تعرضي للإصابة تغيرت الأمور، وانقلبوا عليّ، ما جعلهم يحرمونني من المشاركة في المباراة الاستعراضية أمام المنتخب الفرنسي، أنا لا ألقي اللوم على الناخب السابق رابح ماجر، كونه لم يكن وراء إقصائي من القائمة، بل كانت هناك أطراف أخرى ضغطت عليه من أجل حرماني من التنقل رفقة زملائي، سأحاول أن ألتقي ماجر في يوم من الأيام، وسأسأله عن المتسبب في حرماني من ذلك اللقاء، الذي كان الجميع يحلم بالمشاركة فيه، بالنظر إلى طابع العلاقة بين الجزائر وفرنسا، لقد وضعوا كافة تضحياتي من أجل المنتخب جانبا، وطعنوني في الظهر، مستغلين معاناتي من الإصابة التي أعطوها أكثر من حجمها. لم أكن أرغب أن يكون خروجي من الخضر بذلك الشكل، ولكنهم أرغموني أن أعتزل قبل الأوان.
اتهمت بعدم الانضباط وإثارة المشاكل ؟
أجل لقد اتهموني بكل شيء، اتهموني بالإجرام وشرب الخمر، ولكني أؤكد لكم بأني لم أفعل شيء قبل المباريات التي كنت أحضر لها بتركيز كبير، وأسعى جاهدا من أجل إسعاد الجماهير، ولكن بعد نهاية المباريات أفعل ما أشاء، وتلك حياتي الشخصية التي أعتبرها خط أحمر.
أعيش بركبة اصطناعية والإصابة حرمتني من الالتحاق بالميلان
  الإصابة كانت وراء الاعتزال، كما كانت سببا في حرمانك من الالتحاق بميلان؟
أتذكر بأني كنت أبصم على مشوار احترافي متميز، حيث التحقت بأحد أقوى الفرق التركية آنذاك، ما مكنني من تطوير إمكاناتي أكثر، إلى درجة جعلتني محل اهتمام كبرى النوادي الأوروبية، على غرار نادي ميلان، الذي أراد التعاقد معي بكل الطرق، وكنت قاب قوسين أو أدنى من حمله ألوانه، لولا الإصابة اللعينة التي لحقت بي على مستوى الركبة، والتي تسببت في عرقلة مسيرتي الاحترافية. أقسم لكم بأني كنت قادرا على التألق في ميلان، وفي نادي أكبر من ميلان، بالنظر إلى الفورمة التي كنت أتمتع بها، ولكن الحظ خانني، ووضع حدا لمسيرتي سواء على مستوى الأندية أو حتى مع المنتخب، الذي أخرجوني منه قبل الأوان. لم أعتزل بعد، وسأبرمج لقاء اعتزالي في الجزائر عن قريب، وستحضره عدم أسماء سبق أن حملت الألوان الوطنية.
من وجهة نظرك من هو اللاعب الأحسن في تاريخ الكرة الجزائرية ؟
الجزائر أنجبت عدة نجوم، ولكن الأسطورة ماجر سيظل الأحسن، بالنظر إلى الإنجازات التي بصم عليها سواء مع الأندية أو حتى مع المنتخب الوطني، كما توجد أسماء أخرى تستحق أن نرفع لها القبعة، على غرار الظاهرة بلومي صاحب التمريرات الحاسمة دون النظر إلى من يريد إيصال الكرة له، دون نسيان عصاد صاحب “الغراف” الشهير، كما أعتبر بن ساولة المهاجم الأحسن في جميع الأوقات. كلهم قدموا الكثير للخضر، وتركوا بصمتهم في عالم الساحرة المستديرة، كونهم أبدعوا بأشياء لا تزال لحد الآن محفورة بأسمائهم، على غرار عقب رابح ماجر الذي يذكر في كل مرة يسجل فيه لاعب بهذا الشكل.
ما تعليقك حول صراع الزعامة بين الجيل الحالي وجيل الثمانينيات ؟
لا أعترف بشيء اسمه صراع الزعامة، على اعتبار أنه لا توجد أي مقارنة بين الأجيال، فلكل ميزاته وظروفه التي لعب فيها، فبالعودة إلى جيل ما بعد الثورة فقد عرف بالجزائر، وكان رمزا للبلاد، كما أن جيلي لعب في وقت هو من أصعب الأوقات التي مرت بها الجزائر، كون نشاطه تزامن مع العشرية السوداء، وهي أمور تختلف بكثير عن الظروف الموجودة لدى الجيل الحالي، الذي أصفه بجيل الملايير.
لم أكسب من كرة القدم سوى حب الناس وهذا سبب اختياري العيش بفرنسا
ما هي حظوظ الخضر في “الكان” وتصفيات المونديال ؟
يجب عدم التفكير في تصفيات المونديال الآن، كوننا على موعد للمشاركة في “كان” الغابون، وسنكون مطالبين بالتألق، ولم لا العودة بالتاج الإفريقي، الذي سيكون حافزا للاعبين في باقي مشوار تصفيات المونديال. صحيح أن الحظوظ تقلصت، عقب نتيجتي الكاميرون ونيجيريا، ولكن لا يجب أن نفقد الأمل، ولنعد إلى ما حدث مع منتخبنا في تصفيات “كان” غانا، حيث تأهلنا في آخر المطاف، بعد أن كنا نبعد عن المتصدر بست نقاط.

الرجوع إلى الأعلى