القضاة يقبلون الانتقادات الموضوعية للتهم و يرفضون الإهانات
• التعديل الدستوري تضمن العديد من المكاسب التي تعزز الإصلاحات

أكد رئيس النقابة الوطنية للقضاة ، جمال عيدوني، أن القضاة يقبلون الانتقادات البناءة  التي تهدف إلى بناء قضاء قوي لكنهم يرفضون السب والشتم والإهانات التي تخفي في الغالب أهدافا شخصية. و أشار من جهة أخرى إلى أن القضاء يتعامل مع ملفات الفساد مثل غيرها من الملفات ، واعتبر أن التعديل الدستوري الأخير جاء لكي يرسخ ويكرس مبدأ الفصل ما بين السلطات، حيث تضمن العديد من المكاسب الجديدة والتي تعزز الإصلاحات التي تمت من قبل، منوها من جهة أخرى إلى أن نقابة القضاة منذ نشأتها وهي تعمل من أجل حماية وترقية السلطة القضائية وتدعيم استقلاليتها وغيرها من الأمور التي تعود على القضاء بصفة خاصة وعلى العدالة بصفة عامة بنتائج إيجابية، وقال في حوار مع النصر أن  المطالب التي يرفعها القضاة مطالب موضوعية  وقد تم تقديمها إلى الهيئات المعنية ونحن في  انتظار الإجابة.
أجرى الحوار : مراد حمو
• النصر : ماذا تقولون بشأن الدور الذي أداه القضاة خلال الانتخابات التشريعية للرابع ماي 2017 ، وهل هناك صعوبات أو عقبات صادفتهم خلال عملهم بمناسبة هذا الموعد الانتخابي ؟
•جمال عيدوني: القضاة كالعادة موجودون من أجل آداء واجبهم الوطني و الوقوف من أجل بقاء الجزائر واقفة وهذه الانتخابات التشريعية جاءت من أجل إرساء واستمرار مؤسسات الدولة حتى تبقى تسير بانتظام ، حيث أنه منذ عدة سنوات نلاحظ أن هناك استمرارية في انتخاب مثل هذه الهيئات والمؤسسات وبالتالي القضاة هذا الواجب الذي أعطي لهم هو فخر لهم وكالعادة يقومون بدورهم في المجال، سواء مراقبة الانتخابات عن طريق الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات والقضاة يمثلون نصف هذه الهيئة وهؤلاء القضاة الذين هم في هذه الهيئة لهم من الخبرة والامكانيات اللازمة للقيام بدورهم الوطني والمهني،  كما أنهم قاموا بالمراقبة في الهيئة التي سبقت في ظل القانون القديم ، حيث كانت الهيئة تتشكل من القضاة فقط وقد أصبحت لهم تجربة وخبرة في هذا المجال ، وإضافة  إلى العمل في هذه الهيئة هنالك لجنة أخرى وهي اللجنة الولائية لإحصاء وفرز النتائج واللجنة البلدية والتي  يكون فيها قاض واحد يقوم على مستوى البلدية بإحصاء وإصدار النتائج الرسمية وتسليم المحاضر الخاصة للمعنيين بالأمر أو المترشحين أو الهيئات والأحزاب إلى غير ذلك، ونفس الأمر بالنسبة للجنة الولائية التي تتشكل من ثلاثة قضاة يقومون بإحصاء وفرز النتائج النهائية الرسمية على مستوى الولاية ويقومون بتعداد النتائج ، و القضاة دائما موجودون في مثل هذه الفترات يقومون بدورهم وهذا واجب وطني نقوم به لا أكثر ولا أقل ، و العملية قد تمت لدى القضاء بصورة طبيعية وهادئة ولا توجد اختلالات .
•النصر : قطاع العدالة في بلادنا عرف إصلاحات كبيرة ، خاصة في ظل ما تضمنه الدستور الجديد ، ما رأيكم ؟
•جمال عيدوني : التعديل الدستوري جاء لكي يرسخ ويكرس مبدأ الفصل ما بين السلطات وهذا الدستور الجديد جاء بعدة أشياء جديدة، سواء السلطة القضائية والحريات التي لديها ارتباط بالسلطة القضائية، حيث دعم هذه الحريات الفردية، وخاصة أن الدستور جاء بشيء جديد، على أساس أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية وبالتالي أصبحت الهيئة التي نص عليها الدستور والتي تتمثل في المجلس الأعلى للقضاء مستقلة ماليا وإداريا كما كرس الدستور مبدأ حرية التنقل عبر الترتب الوطني، وأن القضاء هو المؤهل قانونا في منع الأشخاص الذين يغادرون التراب الوطني.
 وبالتالي هناك مكاسب جديدة وكبيرة والتي تعزز الإصلاحات التي تمت من قبل وتدعم الاصلاحات في المستقبل، إذن هذه المكاسب هي مكاسب الوطن والشعب الجزائري، ونحن ندعمها و المواطن الجزائري دائما يطمح إلى  أكثر حرية و استقلالية، ولكن نقول يجب أن نسير بتدرج لكي نصل إلى الهدف المنشود وهو أن يكون لنا قضاء قوي ونزيه وكفء وهذه الشعارات الثلاثة هي التي نسير بها في نقابتنا والتي منذ نشأتها وهي تعمل من أجل حماية وترقية السلطة القضائية  وتدعيم استقلاليتها إلى غير ذلك من الأمور التي ترجع على القضاء بصفة خاصة وعلى العدالة بصفة عامة بنتائج إيجابية، تكون في آخرها تصب في صالح المواطن والشعب الجزائري ، هذا المواطن الجزائري الذي يرى أن من حقه أن يتحصل على حقوقه من قضاء قوي ونزيه ومن حق الشعب أن يراقبنا ويعطي التعاليق حولنا ويقيمنا في إطار الاحترام المتبادل، ونحن كهيئة قضائية أو قضاة لدينا مجلس أعلى للقضاة يقيم القضاة دوريا في أعمالهم ويحاسبهم إن كانت هنالك اختلالات أو أن القضاة يرتكبون أخطاء ما، فالمجلس التأديبي والذي هو منبثق من المجلس الأعلى للقضاء له الحق أن يلعب دوره ويقوم بضبط كل ما هو مخالف لمهنة القضاء ونحن مربوطون بقانون أخلاقيات المهنة والذي يحدد ما هي السلوكيات الواجب أن يقوم بها القاضي ويتميز بها والتي هي منبثقة من الأخلاقيات، لاسيما وأن هذا القانون كان مستمدا من مبادئنا الإسلامية والمبادئ العالمية ، وهذه الأخلاقيات هي مبادئ عامة تربط كل القضاة على مستوى العالم في هذا المجال.
•النصر : هناك انتقادات توجه من طرف البعض إلى آداء القضاة وللعدالة بصفة عامة في بلادنا ، ماذا تقولون في هذا الشأن؟
•جمال عيدوني: الانتقادات عندما تكون موضوعية فهي مقبولة ، والانتقاد يكون جيدا، إذا كان بناء وليس انتقادا عن طريق الشتم والإهانة والتي هي انتقادات سلبية، لكن الانتقاد البناء من أجل بناء قضاء قوي ، نحن نتقبله بصدر رحب، لأنه أي شخص في الجزائر يقوم بانتقاد بناء ولديه وطنية في هذا المجال من أجل أن يرى أن قضاء بلاده يسير إلى الأمام، إلى التقدم والرقي وإلى حماية حقوق الإنسان والحريات الفردية وضمان حماية الحريات الأساسية المكفولة في الميثاق والعهد الدوليين ، إذن الأمور هذه تعطي الحق لأي مواطن جزائري أن ينتقد عدالة بلاده ولكن الانتقاد يجب أن يكون مؤسسا وموضوعيا، بعيدا عن كل ما هو شتم وسب وإهانة ، هذا الشيء الذي نعتبره في بعض الأحيان يهين المؤسسة ككل .
 وبالتالي في بعض الأحيان نلاحظ أن بعض الأشخاص، لا يفرقون بين ما هو انتقاد من أجل بناء دولة وقضاء أو سب و إهانة من أجل الوصول إلى أهداف لا ندري من وراءها، لكن هي في غالب الأحيان أهداف شخصية.
•النصر : ماذا بشأن المطالب المهنية والاجتماعية للقضاة  وهل تم تجسيدها ؟
•جمال عيدوني : المجلس الوطني قدم بعض المطالب  في الاجتماع الأخير ، وقد قدمناها إلى الهيئات المعنية ونحن في  انتظار الإجابة وهي مطالب موضوعية ، المطالب التي تقدم بها القضاة الجزائريون هي نفسها المطالب الموجودة على مستوى العالم ومستوى إفريقيا وهي أغلبيتها تتعلق بتحسين الظروف الاجتماعية للقضاة وتسوية الوضعية المادية وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والتي تمكن أي قاض في الدولة أن يمارس مهامه في ظروف مريحة .
•النصر :  ماذا بخصوص التكوين الذي يستفيد منه القضاة ؟
•جمال عيدوني :  تكوين القضاة هو برنامج الدولة ووزارة العدل ويدخل في إطار الإصلاحات التي باشرها فخامة رئيس الجمهورية ، وتكوين القضاة هو على المدى القصير والمتوسط والتخصصي، وكذلك تكوين مستمر وقاعدي ، هناك عدة أنواع من التكوين والذي أعطى دفعا قويا لتكوين القضاة في تحيين المعلومات والقوانين.
 ولا سيما أن هذه الترسانة من القوانين التي هي كذلك تدخل في إطار الإصلاحات أصبحت الآن تساعد على تطوير العمل القضائي ولاسيما أن التكوين التخصصي أعطى دفعا قويا خاصة في بعض المجالات والقضايا ذات نوعية خاصة التي تلزم على القضاة أن يكونوا متمكنين في بعض الاختصاصات، و الوزارة الآن هي منكبة على تكوين القضاة في هذا المجال من أجل الرفع من مستواهم وكذلك حتى يكون الآداء جيد في العمل القضائي .
•النصر : ما هو الدور الذي يقوم بها القضاة في مجال مكافحة الفساد والرشوة ؟
•جمال عيدوني:  الفساد والرشوة هي ظاهرة عالمية متفشية نتيجة الزخم الاقتصادي والتجاري الموجود والاستثمار وغير ذلك وهذه الظاهرة تفشت نتيجة انعدام الورع الديني والخوف من الله، والرشوة موجودة في جميع القطاعات وليس في قطاع واحد في الجزائر،  وقضية الرشوة كنا درسناها في اجتماع الاتحاد الدولي في المكسيك هذه السنة والاجتماع الإفريقي الأخير في مابوتو بالموزمبيق تكلمنا خلالها عن محاربة الرشوة في الدول و كيف تتم، فكل دولة عندها خصوصياتها والجزائر من بين هذه الدول التي لها خصوصيات كذلك وبالتالي يجب الردع ومعاقبة كل من له علاقة بهذه الجريمة، سواء كانت جريمة الرشوة بسيطة أو كبيرة، ومن الحلول يجب الاستعانة بالنزهاء في جميع المؤسسات، من أجل محاربة المرتشين  والدخلاء الفاسدين في المجتمع .
 الآن الكلام على الفساد كثر ولكن النزاهة نقصت ،  وعليه يجب أن نتكلم عن النزاهة لأن في بلادنا يوجد من الرجال النزهاء والذين يجب الاستعانة بهم وعلى الدولة أن تذهب إليهم لأن النزهاء لا يطلبون العمل وهم موجودون في جميع المناصب وفي جميع المؤسسات ويجب الاستعانة بهم من أجل محاربة هذه الآفة.
•النصر : قضايا الفساد على مستوى العدالة كيف يتم التعامل معها من طرف القضاة ؟
•جمال عيدوني : القضاة لهم طريقة عادية في معالجة مثل هذه القضايا وهم متكونون تكوينا خاصا من أجل معالجة مثل هذه الملفات وهي معالجة عادية مثل الملفات الأخرى ولها نفس الإجراءات.
•النصر : بعض الجرائم الخطيرة ظهرت في المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة ومنها اختطاف الأطفال كيف يجب التعامل معها وهل تؤيدون الردع القوي وتطبيق عقوبة الإعدام في هذا المجال ؟
•جمال عيدوني: عقوبة الإعدام موجودة في القانون ونحن نطبقها، ويبقى التنفيذ ليس من صلاحيات القضاة بل هو من صلاحيات السلطة التنفيذية والبرلمان في التعديل الأخير لقانون العقوبات في مجال تعذيب وخطف الأطفال أقر إضافات جديدة، حيث تصل العقوبة إلى الإعدام وبالتالي في مثل هذه الجرائم، يجب أن يكون المجتمع مندمجا ومساعدا لمصالح الأمن والعدالة حتى نقضي على جرائم الاعتداء على الأطفال واختطافهم وأنا مع الردع القوي القاسي في مثل هذه الجرائم.
•النصر : ماذا تقولون بالنسبة لعدد القضاة وهل هو كاف مع تزايد القضايا على مستوى المحاكم؟ 
•جمال عيدوني : نظرا لوجود محاكم إدارية ومجالس جديدة فيه نقص لحد الآن، ولكن بعد تخرج الدفعات الجديدة سيكون اكتفاء حيث تتدعم المحاكم وبالنسبة لعدد القضايا المتزايدة فهذا شيء طبيعي في ظل النمو الديموغرافي وزيادة الجرائم إلى غير ذلك وهنالك  قضايا ذات نوعية جديدة وقضايا مدنية وعقارية وغيرها، تتطلب معالجة خفيفة وبعضها تتطلب معالجة تأخذ وقتا طويلا.                                     
م  ح

الرجوع إلى الأعلى