خضت أول منازلة احترافية و تعرضت للتهميش في المنتخب

أعربت البطلة نوال زواق عن فخرها بخوض أول منازلة احترافية نسوية في تاريخ الملاكمة الجزائرية، مشيرة بأن المحسوبية وتجاهل الإعلام وراء تهميشها من المنتخب الوطني، مضيفة خلال الحوار الذي خصت به النصر ، بأن الملاكمة لم تؤثر على حياتها الشخصية.
حـاورهــا: مــروان. ب
•هل لك أن تقدمي نفسك للجمهور الجزائري؟
زواق فاطمة الزهراء وألقب بنوال، من مواليد مدينة بوفاريك بتاريخ31 ماي 1982 بدأت ممارسة الملاكمة صدفة، لأتحول بعدها إلى أول جزائرية تحترف هذه الرياضة الصعبة على الجنس اللطيف.
• متى بدأت ممارسة الملاكمة؟
أمارس هذه الرياضة منذ قرابة 11 سنة استجابة لنصيحة عمي قدور، الذي التقيته   ببوفاريك، أين أخبرني بأنني أمتلك كافة المواصفات، التي تجعلني ملاكمة متمكنة، لقد أخذت بكلامه، وأصبحت أتنقل باستمرار إلى قاعات الرياضة، من أجل مشاهدة التدريبات والمنازلات، قبل أن أقرر ولوج هذا العالم، الذي تحول إلى كل شيء بالنسبة لي فيما بعد.
المحسوبية وتجاهل الإعلام وراء تهميشي من المنتخب
• كيف تعاملت عائلتك مع ممارستك للملاكمة؟
عائلتي كانت منقسمة بين مؤيد ومعارض لممارستي الملاكمة، والبداية بأمي التي رفضت الموضوع في بادئ الأمر، بحجة أن هذه الرياضة رجالية، وتتميز بالعنف، عكس والدي الذي شجعني، خاصة بعد أن شرحت له قوانين الملاكمة، التي تحمي الرياضيين، وتقيهم من مختلف الأخطار، صدقوني لقد سارت معي الأمور كما أريد، لأتحول في ظرف وجيز إلى ملاكمة متمرسة نجحت في صنع اسم لها، سواء في الساحة المحلية أو حتى القارية، كوني ألاكم في المستوى العالي الآن.
• ما نصيحتك للأولياء الذين يمنعون بناتهم من ممارسة الملاكمة  ؟
هناك اعتقاد سائد في الجزائر بأن الملاكمة رجالية، ولا يحق للبنات ممارستها بأي شكل من الأشكال، ولكن الحقيقة مغايرة تماما، على اعتبار أن هذه الرياضة مثلها مثل الرياضات الأخرى لا تنحصر على الذكور فقط، أنا أنصح الأولياء بعدم الوقوف أمام رغبات بناتهم، اللائي يمتلكن الشغف لهذه الرياضة ، وهنا أؤكد أنني أعرف الكثير من الفتيات اللائي يمتلكن المواصفات المطلوبة، غير أن أسرهن تعارض الموضوع، بحجة أنه لا يليق بمجتمعنا.
• ماهي الأندية التي حملت ألوانها؟
لست من النوع الذي يحبذ تغيير الأندية في كل مرة، حيث لعبت طيلة11  سنة الماضية لفريقين فقط، وهما نادي متيجة الذي بدأت به ممارسة الملاكمة عند عمي قدور، الذي كان وراء اكتشافي، ما جعلني أظل معه لمدة ثماني سنوات كاملة، قبل أن أنتقل إلى نادي وداد بوفاريك، الذي حملت ألوانه لسنتين فقط، لأعود من جديد إلى نادي متيجة، الذي اختتمت معه مشواري على المستوى الهاوي.
كدت أهلك في غانا بعد البقاء دون طعام ليومين 
• لماذا لم تتلق دعوة المنتخب الوطني رغم تألقك؟
هذا السؤال حساس للغاية بالنسبة لي ويوقظ  مواجعي، ولو أتحدث عنه لن تكفيني ساعات وساعات، لقد فزت بكافة الألقاب المحلية، التي تخول لي حمل الألوان الوطنية، سواء تعلق الأمر ببطولة الجزائر أو كأس الجمهورية، كما شاركت في عدة منازلات عالمية، وقدمت مستويات باهرة، ولكن كل هذا لم يشفع لي، صدقوني لم أفهم إلى حد الآن سبب تهميشي من المنتخب، رغم أنني الأفضل في الملاكمة النسائية الجزائرية.
• ألم تحاولي فهم ما يجري ؟
 أنا ذهبت ضحية عديد الأمور، ولعل في مقدمتها المحسوبية، التي تسيطر على الساحة الرياضية الجزائرية، حيث أتذكر بأنني فزت في أحد المناسبات على ملاكمة  ، قبل أن أتفاجأ بدعوتها لتربص المنتخب الوطني، الذي كان يحضر لدورة الكاميرون، مع عدم استدعائي، وهو ما طرح الكثير من علامات الاستفهام لدى المتتبعين لشؤون الملاكمة النسوية، التي لا تحظى بالاهتمام الإعلامي الكافي، ما جعلني أفتقد لمن يدافع عني، أنا محتارة لكيفية التعامل معي، خاصة وأنني أعد الأحسن محليا، بدليل الألقاب التي أمتلكها.  

• كيف واجهت الظلم الذي تتحدثين عنه؟
تعمدوا تهميشي من المنتخب الوطني، رغبة منهم في دفعي نحو الاعتزال، ولكني رفضت الرضوخ، مثل بعض الملاكمات الأخريات اللائي استسلمن في بداية المشوار، لقد واصلت رفع التحدي، قبل أن أقرر دخول العالم الاحترافي، الذي عانيت من أجل الوصول إليه، كوني لم ألق الدعم المطلوب، خاصة وأن الاحتراف الرجالي كان متوقفا أيضا، قبل أن يبعث من جديد، بفضل أحد المناجرة الذين حاولوا إعادة الاعتبار للقفاز الجزائري.
الحديث عن المنتخب الوطني يوقظ  مواجعي
• دخلت عالم الاحتراف من بابه الواسع، حدثينا عن هذا التحدي؟
بعد الصعوبات الكثيرة التي واجهتها قررت وضع حد لمشواري الهاوي، ودخلت عالم الاحتراف، حيث خضت نهاية سنة 2017 أول منازلة احترافية نسوية في تاريخ الجزائر بمواجهتي للغانية بنيتا في وزن 64 كغ، لقد كانت الأمور صعبة للغاية، في ظل الظروف الموجودة في إفريقيا، ولكني تحديت كل شيء في سبيل الوصول إلى حلمي المنشود، وأتذكر بأنني لما عدت إلى الجزائر تلقيت تشجيعات كثيرة، كوني إمرأة حديدية عملت المستحيل لرفع علم بلدها عاليا.
*ماذا جرى معك في أحد المنازلات الإفريقية؟ وماذا عن ما أسميته بالألاعيب التي سقطت ضحيتها؟
سأحدثكم عن منازلتي الأخيرة التي خضتها قبل ثلاثة أشهر من الآن مع أحد الملاكمات الإفريقيات، والتي واجهتها في ظروف كارثية، كون الجميع يعلم صعوبة اللعب في المناخ الاستوائي ( أكرا الغانية)، ناهيك على المعاناة التي وضعني فيها المنظمون، حيث كنت على موعد مع إجراءات الميزان المعتادة، و تنقلت من الفندق دون أكل، لأجد نفسي مضطرة للانتظار ليوم كامل، دون أن أقوم بالإجراءات المطلوبة، لأعود في اليوم الموالي وأقع في نفس الإشكال، صدقوني لم آكل شيئا طيلة يومين كاملين، باستثناء بعض الفواكه التي جنبتني الهلاك.
• ماذا حدث فيما بعد؟
في عالم الاحتراف يجب أن يُخضع الملاكمان لإجراءات الميزان جنبا إلى جنب، لتفادي أي تلاعبات، ولكن ما حدث معي في غانا محير، ويثير الدهشة، كون منافستي غابت عن الموعد المحدد، ولما أتت في اليوم الموالي إلى مسرح المواجهة تفاجأنا بوزنها الزائد مقارنة بي، ولكن لا أحد استطاع أن يتكلم في الموضوع، بل جرت المنازلة بشكل عادي، صدقوني  من الصعب أن تمارس الرياضية في إفريقيا التي لا تزال غارقة في الألاعيب التي أثرت على تطور الملاكمة وعدة رياضات أخرى.
• لماذا لم تتخلي عن الملاكمة رغم نقص الإمكانات وغياب الدعم؟
بدأت الملاكمة صدفة، ولم أكن أعرف سوى البطل بن قاسمية، الذي شرف الجزائر خارجيا، أنا لم أكن أهتم بالدعم، بقدر ما كنت مركزة على حلمي بالسير على خطى الأبطال السابقين، صدقوني منذ صغري أعشق التحدي، وكلما شعرت بمحاولات إيذائي تزداد رغبتي في الانتصارات، لقد بذلت كل ما في وسعي من أجل الملاكمة، رغم افتقادي للدعم المطلوب، وهنا أسرد لكم ما وقع لي عندما خضت منازلتي في إفريقيا، حيث لا أحد من الاتحادية اتصل بي لتشجيعي، وهو ما زادني قوة ورغبة في التألق للرد على من حاولوا التقليل من تضحياتي.
كنت أحلم بلعب كرة القدم ودخلت عالم الملاكمة صدفة
• ألم تؤثر الملاكمة على حياتك الشخصية؟
يجب أن تعلموا بأنني أفصل بين ممارستي للملاكمة وبين حياتي الشخصية، وبالتالي لا يمكن القول أن من يمارسن هذه الرياضة قد يدفعن الثمن غاليا، ولدينا العديد من الأمثلة الناجحة، على غرار صديقتي وهيبة من بجاية التي تزوجت أحد الرياضيين، ولا تزال متمسكة بممارستها للملاكمة، التي لا يمكن أن تتسبب بالأذى للفتاة، بل على العكس تمنحها ثقة أكبر في النفس.

• لو لم تكوني ملاكمة ماهي المهنة التي حلمت بها؟
لو لم أكن ملاكمة لكنت لاعبة كرة قدم، كوني أعشق هذه الرياضة منذ الصغر، ولطالما مارستها مع أبناء الجيران، قبل أن أختار في آخر المطاف الملاكمة، التي صنعت لي اسما، وجعلتني أحد بطلات الجزائر، أنا لا أزال متابعة جيدة لكرة القدم، بدليل أنني لا أضيع أي موعد كروي مهم.
• الملاكمون في الجزائر يشتكون الإهمال، ما رسالتك للمسؤولين؟
لا يجب على المسؤولين أن يهتموا بكرة القدم فقط، كونها لم تجلب لنا الألقاب، على عكس الرياضات الفردية، التي لطالما رفع العالم الجزائري عاليا، وبالتالي رسالتي أن يخصونا ببعض الدعم، خاصة وأننا نمتلك المواهب القادرة على تشريف الجزائر في المحافل الدولية الكبرى.
• ما رأيك في إخفاق القفاز الجزائري في أولمبياد «ريو»؟
لن أربط إخفاق القفاز الجزائري في «ريو» بالرياضيين بل هو إخفاق للمسؤولين، الذين لم يضعوا الملاكمين في ظروف جيدة، صدقوني لو منحوهم الدعم المطلوب لكانوا فوق «البوديوم» جميعا، كوني أعرف الخماسي المشارك تمام المعرفة، وفي مقدمتهم عبادي، الذي تدربت معه في الكثير من المناسبات، لقد سافروا إلى البرازيل دون أن يوفروا لهم أدنى المتطلبات، ما جعلهم يفتقدون للتركيز الذي تسبب في مغادرتهم للبطولة من الأدوار الأولى على عكس المعتاد بالنسبة للملاكمة الجزائرية.
تونسية رفضت مواجهتي ظنا منها أنني رجل
• هل ترغبين في إضافة شيء؟
نطلب من المسؤولين أن يعيروننا بعض الاهتمام، كوننا قادرين على إهداء الجزائر الكثير من الألقاب، وعن نفسي أنا بحاجة إلى عقود «سبونسور» تمكنني من برمجة منازلاتي الدولية بارتياح لقد تسبب إهمال المسؤولين بنفور أصحاب الدعم، الذين توجهوا إلى مجالات أخرى، وتركونا نتخبط بمفردنا في المشاكل.
• بماذا تريدين أن تختمي الحوار ؟
حادثة طريفة وقعت لي سنة 2010 عند مشاركتي في دورة دولية بالعلمة، حيث رفضت أحد البطلات التونسيات مواجهتي في الدور نصف النهائي، بحجة أنني ولد ، وهو ما تسبب في حالة ضحك هستيرية لدى كافة من كانوا متواجدين بالقاعة لمتابعة المنازلة.
م/ ب

الرجوع إلى الأعلى