أنصح ماجر بعدم تضييع الوقت  و التركيز على خلق منظومة دفاعية

يرى الناخب الوطني الأسبق جورج ليكنس، أن مشكل تراجع مستوى الخضر يعود لغياب الاستقرار على مستوى العارضة الفنية، التي تداول عليها منذ مغادرة البوسني وحيد حاليلوزيتش 5 مدربين، وهو رقم يراه كبيرا، خاصة وأن التغييرات كما قال في حديث مع النصر، حدثت في فترة لم تتعد 4 سنوات، كما دعا ماجر إلى عدم التفكير في إحداث تغييرات جذرية والاكتفاء بفتح ورشة تستهدف تحسين القاعدة الدفاعية للمنتخب الوطني التي وصفها بالمشكل الكبير.
حــاوره : ك -كريم
• مر أزيد من عام على مغادرتك للجزائر، هل ما زلت تتابع أخبار الخضر؟
بكل تأكيد، تربطني بالجزائر علاقة خاصة، ليس لكوني دربت منتخبها الأول في مناسبتين، لكن بحكم قرب بلدكم من قلبي وصداقتي مع عدة جزائريين، على غرار رئيس الفاف السابق محمد روراوة، أما بالعودة لسؤالك، فعلا رغم ارتباطاتي مع منتخب المجر، الذي أمسكت بزمام تدريبه شهر أكتوبر الماضي، غير أنني مازلت ملما بكل ما يتعلق بالمنتخب الجزائري، الذي أسندت عارضته الفنية للمدرب رابح ماجر خلفا للوكاس ألكاراز، كما تابعت نتائجه الأخيرة خلال الأسبوع الماضي، وأعلم أنهم تفوقوا برباعية على منتخب تنزانيا وفشلوا في الفوز على منتخب إيران.
تكوين منتخب جديد يحتاج سنوات والاعتماد على المحليين مجازفة
• ما دمت ملما بأخبار الخضر، كيف تلقيت خبر تعيين ماجر؟
أعرف ماجر، منذ زمن وتربطني به علاقة صداقة، لقد كان لاعبا كبيرا، وباركت تعيينه من منطلق مشواره الاحترافي، وكذا معرفته بكل ما يتعلق بالكرة الجزائرية، وأراه خيارا صائبا بشرط منحه الوقت الكافي للحكم على مدى نجاح عمله، وتجنب وضعه ولاعبيه تحت ضغط كبير، وأقول هذا بحكم معرفتي بمحيط منتخبكم، الذي يفرض ضغطا كبيرا وأحيانا دون أسباب مقنعة، على المدرب والمجموعة التي يختارها، وحتى الجمهور الجزائري يستعجل النتائج ولا يتحرج  حتى من المطالبة بجلب كأس إفريقيا والوصول إلى نصف نهائي كأس العالم، رغم أن تاريخ مشاركات الجزائر في المونديال لا يتعدى الأربعة، ولم يتمكن من تخطي الدور الأول سوى في آخر مناسبة بالبرازيل.
• أثنيت على ماجر رغم أنه تعرض لانتقادات بعد تحدثه عن رؤية وفلسفة جديدة يريد أن يطبقها؟
قلت لك سابقا أن الجمهور الجزائري، وحتى النقاد يفرضون ضغطا كبيرا، وينتقدون أبسط الأشياء، لكن عن أي رؤية تتحدث وفلسفة يريد ماجر إتباعها.
• يرى أن عودة الخضر للواجهة الإفريقية والعالمية يتطلب العودة للتكوين والاعتماد على لاعبي البطولة المحلية؟
لقد كانت لي تجربة سابقة مع منتخب بلدي بلجيكا في هذا الخصوص، وسطرنا برنامجا على المدى المتوسط، أين اعتمدنا خلالها على لاعبي البطولة المحلية، وتمكنا في ظرف 3 سنوات من تكوين منتخب قوي، بالاعتماد على شبان برزوا في أولمبياد بكين عام 2008، حيث ظهرت نتائج العمل بعد سنوات قليلة، عاد من خلالها المنتخب إلى نهائيات كأس العالم وتمكن من الوصول لدور ربع النهائي، كما أتبعها بمشاركة أخرى في أورو 2016، جاءت بعد غياب دام 16 عاما، لكن لا يمكن نسخ تجارب دول ومنتخبات أخرى، دون وضع اعتبار للظروف المحيطة، ما تحدث عنه ماجر يبقى جيدا من الناحية النظرية، غير أن تطبيقه على أرض الواقع يبقى صعبا، لعدة اعتبارات في مقدمتها مستوى البطولة الجزائرية العاجزة عن تقديم لاعبين كبار، كما أن نسقها الضعيف يعيق ظهور لاعبين من المستوى العالي، رغم أنني اعترف أن الجزائري وشبان المنطقة المغاربية موهوبين بالفطرة، وهنا أريد أن أضيف شيئا.
ماجر يريد استنساخ تجربة صعب تطبيقها بالجزائر

• تفضل..
فلسفة ماجر تحتاج لوقت يصل حد الثلاث سنوات على الأقل، لكن كما أشرت إليه سابقا، أن ضيق الوقت والضغط المفروض، لن يسمح له بتطبيق نظرته، خاصة وأن موعد «كان» 2019، لم يتبق له الكثير، وفي حال تضييع ليس فرصة المشاركة فقط، بل التألق خلال هذه المحطة، سيكون أكثر المغضوب عليهم كما حدث مع عدة مدربين سابقين.
وهنا يجب أن نفتح قوسا للتطرق لعامل مهم، وهو غياب الاستقرار ببيت الخضر، فلا يعقل أن نطالب بنتائج جيدة تكون في مستوى ما تم تحقيقه قبل 2014، والعارضة الفنية تتغير كل شهر أو شهرين، لأنه بعملية حسابية نجد أن خمسة طواقم فنية تولت قيادة المنتخب الجزائري في آخر 4 سنوات فقط، دون احتساب الفترة الانتقالية التي أعقبت ذهاب كريستيان غوركوف ومجيء الصربي رايفاتس.
• ما هي النصيحة التي توجهها للناخب الوطني؟
نصيحتي لماجر، هو عدم تضييع الوقت في محاولة تكوين مجموعة جديدة، والبحث فقط في أسباب تراجع المستوى، وهو ما سبق وأن أدليت به في عدة مناسبات، بعد قيامي بعملية لتشخيص «مرض» الخضر، لقد أيقنت، وأعتقد أن الكثيرين يشاطروني الرأي، أن مشكل منتخبكم يكمن في خط الدفاع، لقد تنقلنا إلى الغابون بدفاع مهلل، ولم نتمكن لضيق الوقت من إيجاد حل لمشكل غياب التوازن في المنظومة الدفاعية، حتى أنني بحثت في دوريات أوروبا القوية على مدافعين من أصول جزائرية يمكن الاعتماد عليهم حتى ولو تطلب الأمر الاستعانة بقانون «البهاماس» لتأهيلهم، لكن لم نعثر على مبتغانا.
أعترف بفشل تجاربي مع الخضر، ولكن...
الجزائر تملك مواهب جيدة، حتى أن إزدواجية المناصب في خط الوسط أو على مستوى التنشيط الهجومي غير مطروحة البتة، بتواجد أمثال براهيمي ومحرز وفغولي وبلفوضيل ووناس، ويبقى الإشكال في الخط الخلفي، أنصحه بتكثيف العمل على الشق الدفاعي ومحاولة خلق منظومة دفاعية بالأسماء الموجودة، تبعد شبح تلقي أهداف بطريقة ساذجة، على غرار ما عانينا منه في «كان» الغابون، وتواصل بعد ذلك في تصفيات كأس العالم، بل أجزم أنه مستمر، والدليل ما حدث في مباراتي تنزانيا وإيران الأخيرتين.
• على ذكر مواجهة إيران، خسارتها خلفت تذمرا واستياء كبيرين في الشارع الجزائري، هل ترى هذا الأمر طبيعي؟
أكيد غير طبيعي، لأن الخسارة في أي مباراة ليست نهاية العالم، فما بالك بلقاء ودي تحضيري لمحطات رسمية، لقد خضت مواجهتين وديتين في الأسبوع الماضي، وعجزت رفقة منتخبي المجر في الفوز بهما، بعدما انهزامنا في أول مباراة أمام كازاخستان بثلاثية مقابل هدفين، وأتبعنا ذلك بهزيمة أخرى أمام منتخب اسكتلندا، لكن المسؤولين بالاتحادية المجرية، لم يكترثوا للأمر، بحكم درايتهم أن عملا قاعديا وبناء منتخب يتطلب سنوات، ثم لا تنسوا أنه رغم مستوى منتخب إيران، لكن ماجر افتقد في هذا الموعد لعدة ركائز، بعد أن أبعد لخيارات فنية، كما وصلتني من معلومات كل من فغولي والحارس مبولحي، وتعرض لاعبين للإصابة في مقدمتهم براهيمي وبن طالب وبن ناصر دون ننسى غياب غلام.  
فضلت تقديم استقالتي لأن روراوة كان يحزم حقائبه للرحيل
• خلال ذات التربص طفت إلى السطح، مشاكل انضباطية سارع ماجر لنفيها، هل عانيت من هذا المشكل خلال فترتك الأخيرة؟
بكل صراحة، كانت فترة تدريبي للخضر جد هادئة، رغم خيبة الإقصاء من الدور الأول، ولم نسجل أي حالة انضباطية، عكس ما قيل في بعض وسائل الإعلام، عدا حادثة شجار بين لاعبين في حصة تدريبية (يقصد ما حدث بين سليماني وكادامورو قبل مواجهة تونس)، وهي أمور تحدث عادة في كل المنتخبات، التعامل معها يجب أن يكون بذكاء وعدم استعجال تطبيق عقوبات أو الحديث عن إقصاء من يخل بالنظام الداخلي، لأن المنتخب بحاجة لكل عناصره.
• نعود قليلا لتجربتك الأخيرة مع الخضر، هل تشاطر من وصفها بالفاشلة؟
إلى حد بعيد اتفق مع كل من انتقد التجربة أو المغامرة، لأننا فشلنا في تحقيق الهدف المسطر، لكن قبل الحكم على النتائج يجب العودة للظروف التي قدمت فيها، لقد جئت بعد حدوث مشاكل مع سلفي رايفاتس، قبل أشهر قليلة عن انطلاق «الكان»، لم يكن بوسعي حتى التعرف جيدا على المجموعة، لقد حاولنا جاهدين ضمان مشاركة جيدة، لكن كما قلت سلفا وقفت على مشكل كبير يخص التوازن الدفاعي للمنتخب، وحاولت إدخال تعديلات لتحسينه، حتى أنني بحثت في أوروبا عن مدافعين جزائريين يكون بإمكانهم مساعدتنا على استعادة نقطة قوة المنتخب الجزائري في بداية العشرية، غير أننا فشلنا في ذلك، وتنقلنا إلى الغابون دون حل مشكل تلقي أهداف بطريقة ساذجة، حيث تكرر الأمر في أول مواجهة أمام زيمبابوي وبعدها أمام تونس، لنقصى مبكرا.
الجزائري يعشق الرياضة ويخرج للدنيا بكرة في معدته !

• لماذا قبلت المهمة رغم صعوبتها والظروف المحيطة؟
رئيس الاتحادية الجزائرية السابق محمد روراوة، صديق عزيز على قلبي، وعندما اتصل بي لم أكن على استعداد لرفض عرضه، خاصة وأن المنتخب كان يعيش ظروفا صعبة، حاولت خلالها مساعدته لتخطي تلك الصعاب، قبل الحديث عن برنامج متوسط المدى مثلما أحبذ عمله دائما، غير أن الأمور لم تيسر بالشكل المطلوب، وبعد العودة من الغابون فضلت تقديم استقالتي، خاصة وأن صديقي روراوة كان يحزم أمتعته للرحيل.
• بماذا تريد أن تختم الحوار؟
أتمنى عودة الهدوء لبيت المنتخب الجزائري، وأن يتمكن ماجر من إعادة تشكيلته للسكة الصحيحة، رغم يقيني بصعوبة المهمة في ظل عدة عوامل سردتها خلال هذا الحوار وأبرزها الضغط الكبير للجمهور الجزائري العاشق لكرة القدم، حتى أنه كما يقال عندنا يولد وفي معدته كرة.       
ك.ك

الرجوع إلى الأعلى