نجاح الناخب الجديد مرهون بتغير الظروف وإلا سينقاد لنفس مصيرنا
رفض عضو الطاقم الفني السابق للخضر، الخوض كثيرا في قرار الإقالة، مكتفيا بالقول أنه وباقي رفاقه حرموا من الوقت الكافي للحكم على عملهم، مبديا تخوفه من تواصل «أزمة» الكرة الجزائرية، في ظل غياب تخطيط وإستراتيجية واضحة المعالم، والتي قد تمتد إن لم ننهض ونتبع تجارب بعض المنتخبات الناجحة على غرار بلجيكا، للغياب عن مونديال قطر، الذي يرى أن تحضيره يجب أن يبدأ من اليوم، مختتما حديثه للنصر، بتخوف أخر من احتمال فشل الناخب المستقبلي في حال عدم تغير الظروف.
حاوره: مروان. ب  
*بداية، كيف تقيم مونديال روسيا الذي يقترب من محطته الختامية؟
أعتقد بأن المستوى العام، أقل بكثير من ذلك المقدم خلال النسخة الماضية بالبرازيل، أين استمتعنا بمباريات من النوع الرفيع، على عكس ما وقفنا عليه في روسيا، أين طغت الحسابات على كافة المباريات، سواء خلال دور المجموعات، وحتى خلال المباريات الفاصلة، على العموم يمكن القول بأن المونديال الحالي شهد ميلاد منتخبات جديدة، في صورة أيسلندا، التي وقفت الند للند أمام منتخب الأرجنتين، فارضة عليه التعادل، رغم أن «التانغو» يمتلكون أحسن لاعب في العالم، ويتعلق الأمر بليونيل ميسي، الذي مر جانبا خلال هذه البطولة، ولم يساعد منتخب بلاده على العودة إلى منصة التتويج، شأنه في ذلك شأن كريستيانو رونالدو، الذي أقصي مع منتخب البرتغال مبكرا على اعتبار أن منتخب بلده وصل روسيا وفي حوزته التاج الأوروبي، لقد كنت في انتظار تألق المنتخبات العملاقة، على غرار ألمانيا والبرازيل والأرجنتين، ولكن حقيقة الميدان شيء أخر، باعتبار أن النتائج ابتسمت للأكثر رغبة والأكثر حضورا من الناحية البدنية.
علينا استغلال العبر إذا أردنا التواجد في قطر
* هل يمكن القول بأن خريطة كرة القدم العالمية بدأت تتغير ؟
بطبيعة الحال هناك تغييرات في موازين القوة، تعود بالدرجة الأولى إلى العمل الجبار المنجز من عديد المنتخبات خلال السنوات القليلة الماضية، ما جعلها تجني الثمار خلال مونديال روسيا، بدليل ما بصمت عليه منتخبات في شاكلة كل من كرواتيا وبلجيكا والسويد والدانمارك، حيث أكدت بأن كرة القدم لعبة جماعية، والفرديات ماهي سوى إضافة، على اعتبار أن أسماء لامعة من أمثال ميسي وكريستيانو ونيمار فشلت في الوصول إلى أدوار متقدمة، وهنا أعود إلى نقطة مهمة وهي أن “الشياطين الحمر” استحقوا الوصول إلى المربع الذهبي على حساب “السامبا»، قياسا باللقاء النموذجي المقدم من قبل هازارد ولوكاكو ودي بروين ورفاقهم في دور ربع النهائي، في وقت كان لعب نيمار سلبيا، ما أثر على المجموعة ككل، وأعتقد بأن الثقافة الكروية مختلفة، وكرة القدم باتت تبتسم للأكثر انضباطا والتزاما وجدية فوق أرضية الميدان.
اتحاديتا الأرجنتين وألمانيا قدمتا درسا مجانيا !
*كلامك يجرنا للحديث عن الفروقات الموجودة بين اللاعب الأوروبي واللاتيني ؟
الجميع يعلم بأن عقلية اللاعب اللاتيني مغايرة تماما لعقلية الأوروبي، الذي رغم نجوميته، إلا أنه يحافظ على مستواه وانضباطه داخل الميدان أو خارجه، وهو ما لاحظناه خلال مونديال روسيا مع منتخبات مثل بلجيكا وفرنسا وكرواتيا وانجلترا، حيث تفوقت على نظيرتها اللاتينية المدججة بالنجوم، في شاكلة الأرجنتين والبرازيل والأورغواي، وبالتالي تأكدت بأن كرة القدم تكافئ من يكد ويجتهد، لقد كنت معجبا للغاية ببعض المنتخبات، التي «ضحت» في هذا المونديال، في سبيل تغيير الصورة النمطية التي رسمها لهم البعض في مخيلتهم بخصوص أن التألق منحصر سوى على النجوم اللامعة، غلى غرار منتخبات البلدان الإسكندنافية.

مارادونا فشل في تنحية سامباولي والشارع في الجزائر يقيل المدربين
*هل كنت تتوقع شكل المربع الذهبي ؟
يمكن القول بأن المونديال الحالي، نسخة المفاجآت، ولكن وصول المنتخب الفرنسي إلى الدور نصف النهائي كان مستحقا، بالنظر إلى التركيبة الثرية، التي يحوز عليها المدرب ديدي ديشان، الذي قدم تشكيلة متجانسة قوتها في روح المجموعة، وليس في الأسماء اللامعة، بدليل أننا لاحظنا طيلة اللقاءات الماضية بأنه لا يوجد لاعب أساسي فوق العادة، على عكس ما هو موجود في باقي المنتخبات العملاقة، إضافة إلى الإستراتيجية الخاصة بالفرنسيين، الذين لا أشجعهم كرويا، غير أنهم صنعوا الاستثناء هذه المرة، رفقة الجيل الرائع للكرة البلجيكية، التي خططت لهذا الإنجاز منذ عدة سنوات، بدليل أنها صدرت لاعبيها نحو كبرى الدوريات الأوروبية وهم في سن صغيرة، ما جعلها تجني الثمار الآن، وبخصوص انجلترا وكرواتيا فيستحقان ما وصلا إليه، بفضل التضحيات الجبارة التي قدماها طيلة المباريات الماضية، حيث تفوقا بالرغبة والإرادة، علاوة على العناصر الجيدة التي قدمت كل ما تملك، وصنعت الفارق في أهم المراحل واللحظات.
«البريمرليغ» خدم المنتخب الانجليزي والتعب عدو كرواتيا
*من تتوقع أن يتأهل إلى النهائي في مباراة اليوم بين كرواتيا وانجلترا ؟
قبل الحديث عن هذه القمة المنتظرة، يجب أن أعرج إلى المنتخب الانجليزي، الذي استفاد من قوة “البريمرليغ»، خاصة إذا ما لاحظنا بأن كافة العناصر المشكلة للأسود الثلاث تنشط بهذه البطولة المصنفة الأقوى في العالم، إلى جانب البطولتين الإسبانية والإيطالية، كما أن هذا المنتخب يمتلك مجموعة تطبق كرة حديثة وواقعية بعيدة عن الجمالية، التي يقدمها لاعب وحيد، ويتعلق الأمر بمهاجم نادي توتنهام كين، الذي بإمكانه صنع الفارق في أي لحظة، بالنظر إلى المهارة التي يتمتع بها، وبالتالي على الكروات أن يحذروا منه، ويحذروا من انجلترا ككل، التي تسعى لحصد ثاني لقب في تاريخها بعد التتويج في سنة 1966، رغم قناعتي بأن المأمورية لن تكون سهلة في مواجهة إحدى أقوى المنتخبات العالمية في الوقت الحالي كرواتيا، التي أبهرت العالم بهذا الجيل الذهبي الذي قد ينسينا في جيل 1998 بقيادة رئيس الاتحادية الحالي شوكير.
كما أعتقد بأنه من الصعوبة التكهن بهوية المنتخب الذي سيحجز مكانة في النهائي، في ظل التشابه الكبير في طريقة اللعب، ولكن الأمور ستحسمها جزئيات بسيطة، على غرار الجاهزية البدنية التي تصب في صالح الانجليز الذين خاضوا وقتا إضافيا واحدا، على عكس كرواتيا التي لم تحسم التأهل في الوقت الأصلي في مناسبتين، كما أن مدربها اعتمد طيلة المواجهات الماضية على نفس العناصر، بخلاف مدرب الأسود الثلاث، الذي أراح جل عناصره خلال اللقاء الثالث في دور المجموعات أمام بلجيكا.
منتخبات إفريقيا تفتقد للتخطيط البُعدي والمواهب لا تصنع منتخبا قويا
*ما رأيك في الخيبة العربية والإفريقية خلال المونديال الحالي ؟
الانتكاسة العربية والإفريقية توقعتها قبل انطلاق المونديال، بالنظر إلى السياسة الخاطئة المنتهجة من هذه المنتخبات، التي رغم امتلاكها للاعبين ينشطون في كبرى الفرق الأوروبية، إلا أن المجموعة غائبة، كما أن الثقافة الكروية الحديثة غير موجودة أصلا، صدقوني لا يجب أن نكذب على أنفسنا، كما علينا أن لا نغطي الشمس بالغربال، على اعتبار أن كرتنا تراجعت بعديد السنوات إلى الوراء، وأخشى أن تكون نتائجنا أكثر كارثية مستقبلا لو استمرت الأمور على ما هي عليه، نحن بعيدون كل البعد عن المعايير الحقيقية للكرة العصرية، وحتى لو امتلكنا أسماء تتقاضى مليون أورو شهريا، إلا أن النتائج لن تتحقق، في ظل الاختلاف الموجود بيننا وبين الكرة الأوربية، التي يظل لاعبوها يحتفظون بتواضعهم رغم ما وصلوا إليه من نجومية.

*صراحة، هل ضيع الخضر على أنفسهم فرصة التألق في هذا المونديال ؟
بصفتي مدرب، ولاعب دولي سابق، لا يمكنني أن أتحدث بنفس المنظور الذي تتحدث به الجماهير، ولن أقول لكم بأننا ضيعنا الفرصة وأمور مشابهة، على اعتبار أننا لم نتأهل أصلا إلى روسيا، فكيف لنا أن نقارن أنفسنا بمنتخبات اجتهدت على مدار عدة سنوات، من أجل الوصول إلى مثل هذه التظاهرة العالمية الكبرى؟؟، أنا ضد عبارة لو تأهلنا، لأن كرة القدم لا تعترف بلو، بل تعترف بمن يعطيها فوق أرضية الميدان، ومنتخبنا لم يستحق أصلا التأهل، خاصة في ظل تضييعه لنقطتين ثمينتين أمام منتخب الكاميرون في بداية التصفيات، ما أدخل الخضر في أزمة فيما بعد، علينا أن نضع كل هذه الأمور في طي النسيان، ونفكر فيما ينتظرنا من استحقاقات، ولكن بشرط تغير الذهنيات، والعمل على تطوير كرتنا المحلية، التي تعد كارثية بأتم معنى الكلمة.
السياسة الكروية لبلجيكا وفرنسا نجحت في تحدي الموهبة اللاتينية
*بصفتك عضو سابق في الطاقم الفني، بما تنصح الطاقم الفني الجديد حتى نكون حاضرين في مونديال قطر؟
علينا الشروع من الآن في التحضير للنهائيات المقبلة، على أمل النجاح في التأهل إلى مونديال قطر 2022، وتعويض الجماهير الجزائرية خيبة عدم المشاركة في روسيا، وأتوقع بأن الأمور لن تكون سهلة على الطاقم الفني الجديد للمنتخب الوطني، الذي قد يواجه نفس المشاكل التي واجهناها، والمتمثلة في عدم الحصول على الوقت الكافي، لقد أرغمونا على المغادرة، ولكنني لا أود الحديث في هذا الموضوع كثيرا، علينا أن نقر بأننا متطلبون أكثر من اللزوم، خاصة في مجال كرة القدم، حيث نبحث عن النتائج الفورية، ولا نكترث بالعمل القاعدي، وغيرها من الأمور التي قد تخدم كرتنا، التي لا تتواجد في أفضل أحوالها، علينا أن نكف عن الانتقاد من أجل الانتقاد، كما على وسائل الإعلام الجزائرية أن تساعد المنتخب وليس العكس، ويكفينا الدروس المجانية، التي قدمتها لنا كبرى المنتخبات العالمية، على غرار ألمانيا والأرجنتين التي جددت الثقة في طواقمها الفنية، ولم تكترث بالمطالب الجماهيرية، وحتى الأسطورة مارادونا وتاريخه الحافل مع «التانغو» لم ينجح في تنحية سامباولي.
م.ب

الرجوع إلى الأعلى