القسنطينيون استبدلوا المالوف بضوضاء - الديسك جوكي -
أكد المطرب القسنطيني زين الدين بن عبد الله بأن الصيف فصل عمل و الخريف للعطل، بالنسبة إليه كفنان تتاح له فرص إحياء مختلف التظاهرات الفنية و الحفلات و الأعراس في هذه الفترة، فتمتلئ رزنامته بالنشاطات، أكثر من كل الفصول الأخرى، ما يجعله يؤجل عطلته السنوية إلى فصل الخريف ليقضيها مع أفراد أسرته عبر السواحل الجزائرية، و أعرب من جهة أخرى عن أسفه لأنه و رغم أنه يحمل خبرة أكثر من أربعة عقود في أداء مختلف الطبوع التراثية القسنطينية، إلى جانب البحث العلمي في هذا المجال، إلا أنه يهمش في المهرجانات التي تنظم في عقر دياره.
. النصر: أين يقضي زين الدين بن عبد الله عطلته الصيفية؟
ـ زين الدين بن عبد الله: ليس لدي عطلة صيفية أصلا، فالصيف بالنسبة إلي فصل عمل و الخريف للعطل، فرزنامتي مليئة بالحفلات و المناسبات و الأعراس التي أحييها هذا الموسم . بعد الدخول الاجتماعي ، يكون لدي متسع من الوقت لقضاء عطلتي مع أسرتي، سواء هنا بالجزائر أو بتونس أو المغرب أو بلد آخر.
. أين تفضل قضاء عطلتك؟
ـ بصراحة أفضل وطني و لا يضاهيه أي بلد من حيث تنوع كنوزه الطبيعية و السياحية و الثقافية و التراثية، أتوجه إلى مختلف مدنه الساحلية ، حيث يوجد الكثير من أصدقائي،  لكن للأسف الشديد كل عطلة أجد نفس المشاكل، فأغلب الجزائريين ، لا يملكون أي ثقافة أو تربية سياحية، و يفكرون بناء على ذهنية «المعاليم»، إذا توجه أحدنا إلى فندق لقضاء عطلته ببلاده، من المفروض أن ينظر أصحابه إليه، كما يحدث في كافة بلدان العالم، من منطلق «الزبون ملك»، يدفع مبالغ مالية مقابل خدمات راقية ترضيه، لكنه يصطدم أينما حل، بضعف الخدمات و إذا احتج يصطدم بعبارة «إذا ما عجبكش الحال روح»، الرائجة في مختلف المجالات الأخرى، و بالتالي قبل أن نغير أي شيء ،لا بد أن نغير طريقة تفكيرنا و تعاملنا مع بعضنا البعض. عموما نحن لا ننظر إلى ما لدينا من إمكانيات و لا نسعى لتطويرها و ترقيتها. في حين ننظر إلى ما يملك غيرنا خارج الحدود، و نتهافت عليه. لا داعي لتغطية الشمس بالغربال ، الجارة تونس مثلا بلد صغير و منهار اقتصاديا، لكنه يهتم بالسياحة، و يدرك قيمتها و يتخذ من مداخيلها مصدرا هاما للتنمية، فهناك الثقافة السياحية سائدة و المرافق والوسائل و الخدمات الراقية متوفرة، و كذا حسن الاستقبال.  
 . لا نراك إلا نادرا في الحفلات التي تنظم بقسنطينة، لماذا؟
ـ لقد تلقيت دعوة من الديوان الوطني للثقافة و الإعلام من أجل المشاركة في إحياء حفلين خلال شهر رمضان الفارط بقسنطينة، و من المنتظر أن أشارك أيضا في إحياء حفلات أخرى يبرمجها الديوان لهذا الموسم بقسنطينة، و تلقيت دعوات لإحياء عديد الحفلات بعنابة و العاصمة. في حين لم أتلق منذ ثلاث سنوات تقريبا ، دعوات من مديرية الثقافة لولاية قسنطينة،  لإحياء أي حفل كان، تصوروا في الطبعة الأخيرة لمهرجان الإنشاد، رغم أنني أؤدي منذ أكثر من 40 عاما، المديح و الغناء الصوفي، إلا أنني لم أتلق أية دعوة لحضوره لا كفنان و لا كمواطن عادي و الأمثلة كثيرة، لا أفهم الأسباب التي تدفع بالرسميين لدعوة فنانين من ولايات أخرى، و تهميشي أنا و الكثيرين من فناني قسنطينة.
. و ماذا عن الأعراس؟
ـ معظم الأعراس التي تلقيت دعوات لإحيائها خارج الولاية، فالعائلات في قسنطينة أصبحت تعتمد في إحياء أعراسها على ضوضاء و صخب ال»ديسك جوكي» الذي يكرر نفس الأغاني في كل عرس، أو الفرق الشابة الهاوية، و كل الفنانين من أبناء جيلي يشتكون من ذلك، فالمالوف و العيساوة ، يشهدان تراجعا مستمرا في عقر داريهما و فقدا قيمتهما و مكانتهما.
. ألم تلاحظ بأن «الهدوة» عادت بقوة في مواكب الأعراس القسنطينية؟
ـ ما يقدم حاليا و يطلق عليه «هدوة» موضة لا علاقة له بها، حيث نجد بعض الشباب يشكلون فرقا و يحملون مختلف أنواع الآلات الموسيقية، و يقدمون خلال ربع أو نصف ساعة، مقتطفات من أغاني المالوف و العيساوة و الوصفان معا، و يعتبرونها «هدوة»، في حين للهدوة الحقيقية أصول و قواعد و ضوابط لا يراعونها تماما.
. لماذا في رأيك يكثـر الإقبال على هذه الفرق؟
ـ الإقبال عليها سببه مادي بالدرجة الأولى.
.  هل يمكنك أن تفسر لنا ذلك؟
ـ الفرق الشابة تطلب مقابلا ماديا منخفضا نوعا ما، مقارنة بالفنانين المحترفين، و عموما لا يتجاوز مقابل الهدوة «الحقيقية» الأصيلة مليوني سنتيم.
. كم يكلف إحياء حفل عرس على أنغام الطبوع القسنطينية الأصيلة من قبل مطرب محترف مثلك؟
ـ  نراعي دائما إمكانيات أصحاب العرس، فهدفنا إحياء أروع ليالي العمر بفن جميل و أصيل و إدخال الفرحة إلى القلوب. و تتراوح التكلفة عموما بين 8 و 15مليون سنتيم، حسب وضعية العائلة و المطرب، دون أن ننسى الجوق الذي يرافقه.
. و ماذا عن الحفلات الرسمية؟
. لحد الآن لم أبخس حقي، و إذا حدث و أن عرض علي أجر غير مناسب، لا أشارك و فقط.
. هل من ألبوم أو كتاب جديد؟
ـ لقد انتهيت مؤخرا من تسجيل ألبومي رقم 25 و يحمل عنوان «زهوة» و هو عبارة عن كوكتيل يضم 9 أغان، بعضها تنتمي لطابعي المالوف و العيساوة و أخرى خفيفة ، سيطرح قريبا.  و سأصدر في أكتوبر المقبل كتابي»محتوى تراث الطرق الصوفية القسنطينية»، و هو بمثابة جزء مكمل لمؤلفي الأول «مختلف نوبات الطريقة العيساوية بمدينة قسنطينة»، و أواصل حاليا كتابة مؤلفي الثالث «ثمرة تجربتي» الذي أسلط الضوء من خلاله على محطات في مساري الفني و علاقتي بشيوخ الفن القسنطيني.               
إ.ط

الرجوع إلى الأعلى