دعا المدرب عز الدين آيت جودي لتفعيل دور المديرية الفنية، ومبادرة أعضائها وفي مقدمتهم الشيخ رابح سعدان، لاستعادة صلاحيات هذه الهيئة، التي تعتبر رئة كل اتحادية، مضيفا في حوار للنصر، أن رحيل رابح ماجر قرار منطقي، من منطلق أن تعيينه كان خاطئا، وعرج المدرب الأسبق لفريق شبيبة القبائل على الحدث الأبرز، ونعني به مونديال روسيا، عندما عدد أسباب تدني مستواه الفني وبروز منتخبا الصف الثاني، في صورة كرواتيا وانجلترا وحتى فرنسا، مختتما حديثه برفض التكهن بهوية بطل النسخة الجارية، مكتفيا بالقول أن الإرهاق قد يكون أكبر عدو لرفقاء مودريتش.
ماجر لم يكن خيارا مناسبا ونجاح خليفته غير مقترن بمؤهلاته فقط
• قبل يوم عن إسدال الستار على النسخة 21 من بطولة كأس العالم، كيف تقيم المستوى العام؟
بعيدا عن الانتقاد السلبي، مونديال روسيا كان الأضعف فنيا من وجهة نظري، مقارنة بما شاهدناه خلال النسخ الماضية، خاصة خلال نهائيات كأس العالم بالبرازيل 2014، أين قدمت المنتخبات العملاقة مستويات تليق بحجمها، على عكس ما وقفنا عليه في البطولة الحالية، أين مرت المنتخبات العريقة أو المصنفة في خانة “الكبار”، على غرار الأرجنتين والبرازيل وألمانيا جانبا، دون أن ننسى منتخبات أخرى تنقلت إلى روسيا من أجل النزهة والاستجمام، وأعني بالذكر المنتخبات العربية والإفريقية، التي أظهرت مستوى متواضع جدا، جعلت البعض يؤكد بأنهم لم يستحقوا حتى التأهل إلى تظاهرة بهذا الحجم.
• ما هي الأشياء التي لفتت انتباهك خلال هذا المحفل الكروي الكبير ؟
كمدرب لفتت انتباهي تقنية «الفيديو»، التي غيرت مجرى عديد المباريات، كما أنها أثرت على طريقة لعب المدافعين، حيث أرهبتهم وقللت من حدة تعاملهم مع المهاجمين، ما جعل مدربي عديد المنتخبات يلجؤون إلى خطة الدفاع المتقدم، مخافة احتساب ضربات جزاء ضد فرقهم، فعلى سبيل المثال منتخب فرنسا طبق أسلوب لعب جديد، من خلال قطع كافة الكرات في خط وسط الميدان، وهو ما شاهدناه خلال لقاء الدور نصف النهائي أمام بلجيكا، التي وجدت صعوبات بالجملة في الوصول إلى منطقة الجزاء، ما تسبب في فشلها الوصول إلى النهائي، الذي حجز «الديكة» مكانة فيه عن جدارة واستحقاق.
تقنية الفيديو «لجمت» شراسة المدافعين وخدمت الأمم «الكبرى»
• بصراحة، هل استحقت فرنسا وكرواتيا الوصول إلى النهائي ؟
لو أخذنا أراء الأغلبية قبيل انطلاق البطولة عن هوية المنتخبين القادرين على الوصول إلى المباراة النهائية، فلن يرشح أحد فرنسا وكرواتيا، ولكن كتقني ومتابع جيد لمختلف البطولات الأوروبية الكبيرة، لم أتفاجأ بتأهل «الديكة» للمحطة النهائية، في ظل الأسلوب المنتهج من طرف المدرب ديدي ديشان، الذي طبق خطة دفاعية محكمة، مع اعتماده على الهجمات المعاكسة السريعة، في وجود لاعب مثل مبابي، وكذا القوة البدنية لعناصره في وسط الميدان، بتواجد أسماء في شاكلة كانتي وماتويدي وبوغبا.
المنتخبات الإفريقية قدمت صورة سيئة وضيعنا فرصة لكتابة فصل جديد في تاريخنا
أما بخصوص منتخب كرواتيا، فأعتقد بأنه كان «الحصان الأسود» للبطولة، كما أنه بصم على مفاجأة مدوية بالتأهل إلى النهائي، على اعتبار أن لا أحد كان يظن، بأن هذا الجيل قادر على خطف النجومية، من منتخبات مثل البرازيل والأرجنتين وألمانيا، صحيح أن الكروات قدموا عروضا جيدة في الأدوار الأولى، حيث أبهروا الجميع بمستواهم الراقي، ولكن مع مرور المباريات انخفض مستواهم بشكل ملحوظ، قبل أن يستفيق رفاق لوكا مودريتش في مباراة المربع الذهبي، أين استحقوا الفوز أمام انجلترا، التي تراجعت بشكل رهيب في الشوطين الإضافيين، ما منح كرواتيا الأفضلية.
• بماذا تفسر تألق منتخبات الصف الثاني، في وقت عجزت فيه منتخبات مثل ألمانيا والبرازيل والأرجنتين في تقديم المستوى المطلوب ؟
أعتقد بأن الروح الجماعية، لم تكن موجودة في منتخبات مثل البرازيل وألمانيا والأرجنتين، أين طغى اللعب الفردي، وهو ما لاحظناه مع “السامبا»، الذين تأثروا بأنانية النجم نيمار، كما أن الأرجنتين علقوا آمالا كبيرة على ليونيل ميسي، وتناسوا بأن كرة القدم لعبة جماعية.
منتخب كرواتيا قوي فنيا وبدنيا ومودريتش يستحق الكرة الذهبية
أنا معجب بالأسلوب الذي انتهجته منتخبات الصف الثاني كما صنفتها، على غرار كرواتيا، التي أبهرتنا بروحها المعنوية الكبيرة، واستفادت من وقفة الرئيسة كوليندا غرابار، التي خطفت الأضواء خلال هذا المحفل الكروي، وساهمت بقسط وافر في بروز هذا الجيل، الذي سيكون على موعد مع التاريخ هذا اليوم، عند مواجهة منتخب فرنسا في نهائي النسخة 21 من نهائيات كأس العالم.
• من ترشح للظفر باللقب العالمي الغالي ؟
صدقوني صعب التكهن بهوية المتوج، رغم أن منتخب فرنسا يملك بعض الأفضلية، في ظل الأسلوب الذي ينتهجه رفاق المدافع رفائيل فاران، كما أن “الديكة” من الناحية البدنية متفوقين على نظرائهم الكرواتيين، الذين بذلوا مجهودات جبارة في سبيل الوصول إلى اللقاء النهائي حتى أن ذلك، كلفهم لعب حجم ساعي لمواجهة (30 دقيقة إضافية في كل لقاء من الأدوار الإقصائية)، أنا متيقن بأننا على موعد مع صراع تكتيكي رهيب بين المدربين، أين سيحاول كل منتخب، استغلال أخطاء المنتخب الآخر، في لقاء سيكون مفتوح على كافة الاحتمالات.
التكهن بهوية المتوج مجرد تخمين وعلى الورق الأفضلية للديكة

• ما رأيك في الخيبة العربية والإفريقية ؟
الانتكاسة العربية والإفريقية كانت متوقعة، في ظل السياسة الخاطئة المنتهجة من طرف هذه المنتخبات، التي لا تزال تعتبر الوصول إلى مثل هذه التظاهرات بمثابة إنجاز في حد ذاته، لقد كنت أتوقع تألق المغاربة في دور المجموعات، بالنظر إلى المؤشرات الإيجابية المقدمة من أشبال هيرفي رونار في اللقاءات الودية، ولكن الحظ خانهم، رغم مردودهم الرائع أمام البرتغال وإسبانيا.
• هل صحيح أن الخضر أضاعوا فرصة كتابة التاريخ في روسيا ؟
أجل، لقد أضعنا على أنفسنا فرصة العمر بالغياب عن هذا المونديال، بالنظر إلى مقدرتنا على صنع الإنجاز، في ظل امتلاكنا لجيل متميز، ولكن الظروف لم تخدمنا، وذهبنا ضحية سياستنا الرياضية الفاشلة، لقد كنت أمني النفس في خلافة نيجيريا، التي عجزت في المرور إلى الدور الثاني، رغم وقوعها في مجموعة سهلة نوعا، في وجود الأرجنتين التي تتخبط في المشاكل، علينا أن لا نبكي على الأطلال، وأن نشرع من الآن في التحضير للاستحقاقات التي تنتظرنا، إذا ما أردنا إعادة بريق الخضر المفقود.
كوليندا غرابار لها فضل كبير في وصول الكروات للنهائي !
• ما تعليقك على قرار التخلي عن خدمات رابح ماجر ؟
من البداية، ماجر لم يكن المدرب الأنسب للمنتخب الوطني، وبالتالي قرار إقالته يعد منطقيا، على اعتبار أن الخضر يتجهون نحو المجهول، منذ استلامه زمام العارضة الفنية، علينا طي تلك الصفحة، مع استخلاص الدروس، حتى لا نرتكب نفس أخطاء الماضي.
لن أزكي أي مدرب على حساب الآخر، ولكننا مطالبون بتوفير ظروف النجاح، التي أراها غير موجودة في الوقت الحالي، كما أنها مهددة لأي ناخب جديد، دون أن ننسى السكوت المخيف وغير المبرر على مستوى المديرية الفنية التي يقودها رابح سعدان، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام.
• ما رأيك في انتقال رياض محرز لنادي بحجم مانشستر سيتي؟
شرف لنا كجزائريين، أن يحمل أحد لاعبينا ألوان فريق بحجم مانشستر سيتي، الذي توج بلقب «البريمرليغ» الموسم الماضي، كما أنه يضم في صفوفه ألمع اللاعبين، علاوة على قيمة انتقال محرز، التي تجعله الأغلى عربيا وإفريقيا، وبالتالي علينا أن نستثمر في هذه القفزة النوعية، التي من شأنها أن تعطي بعدا آخر للاعب الجزائري، الذي كان بالأمس القريب يتحجج بأشياء غير منطقية، تمنعه من اللعب لكبرى النوادي العالمية.
محرز أعطى بعدا أخر للاعب الجزائري وأثبت أن الموهبة تتغلب على الجنسية
• في الأخير هل هناك أسماء قادرة على الظفر بالكرة الذهبية العالمية باستثناء ميسي أو رونالدو ؟
إذا لم يؤثر الجانب التجاري وتداخلت الحسابات الضيقة أو أحاديث الصالونات المغلقة، فقائد منتخب كرواتيا لوكا مودريتش الأحق للفوز بالكرة الذهبية العالمية، في ظل النتائج الباهرة، التي حققها مع ريال مدريد الإسباني عندما توج رفقته برابطة أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي وكذا منتخب بلاده هذا الموسم، دون أن ننسى الشاب كيليان مبابي الذي قد يكون المفاجأة السارة، لو يفوز «الديكة» باللقب العالمي.
م. ب

الرجوع إلى الأعلى