القاتل يقطن بحي الدقسي وقد باغت الضحية أثناء النزول من الحافلة
وُوري، أمس، الثرى، جثمان حافظ الشرطة بمديرية الأمن الولائي بقسنطينة، عبد الحكيم قلور، في أجواء مهيبة، بمقبرة قربوعة، ببلدية ديدوش مراد، و ذلك بعد تعرضه الخميس الماضي لاعتداء بالسلاح الأبيض أثناء تأدية مهامه بالزي المدني، و قد شيّعت الجنازة بحضور وفدٍ
عن المديرية العامة للأمن الوطني، وممثلي الدرك والجيش والسلطات المدنية  والمحلية ، و ذلك وسط حشد غفير من أقرباء وجيران الفقيد.
و شيَّع آلاف المواطنين ، حافظ الشرطة المغدور عن عمر ناهز 39 عاما، بعد صلاة الجمعة، من مسكنه العائلي بحي «دانغلي»، حيث تم أداء صلاة الجنازة عليه بمسجد عبدالحميد ابن باديس بديدوش مراد، في أجواء خيَّم عليها الحزن والتأثر، بعد محاولة شجاعة منه لوضع حدٍّ لمعتد على المسافرين بإحدى الحافلات، بينما كان في طريقه للعمل بمديرية الأمن الولائي بالكدية، مساء الخميس ، حيث باغته الجاني بطعنة سكين أسفل الجهة اليسرى من القفص الصَّدري، أردته قتيلا بعد مُحاولة إسعافه وإجراء عملية جراحية له بالمستشفى الجامعي، لكنَّ روحه فارقت الجسد، تاركا وراءه زوجة وابنة وابنا في عمر الزهور، ووالدين عزاؤهما الوحيد أنَّه «سقط في ميدان الشرف».
وعُرف عن الفقيد، عبدالحكيم قلُّور، أخلاقه الرفيعة وتفانيه في العمل بسلك الشرطة، الذي ولجه العام 2006، حيث تم تحويله بعد فترة التربص من العاصمة إلى مديرية الأمن بقسنطينة، العام 2011، ثم التحق بالشرطة القضائية، حيث عمل قيد حياته، مؤخَّرا، بمصلحة الأمن العمومي.
وقدَّم وفد رفيع المستوى من المديرية العامة للأمن الوطني، وكذا المديرية الجهوية، العزاء لوالدي زميلهم الفقيد، بالمنزل العائلي بحي «دانغلي»، إلى جانب ممثلي الجيش والدرك الوطني، وكذا الوالي و السلطات المحلية لدائرة حامة بوزيان، ومسيري المجلسين البلديين الحامة وديدوش مراد، بحضور المئات من زملاء شهيد الواجب، والمواطنين، سواء ممَّن يعرفون الراحل، أو المتعاطفين معه في أدائه لواجبه على أكمل وجه، لحماية المواطنين العزَّل من بطش المجرمين.
الضحية حاول وضع حدٍّ لمجرم اعتدى على المسافرين
و حسب ما استقته النصر من زملاء فقيد الواجب، فقد كان بصدد الالتحاق بمقر أمن الولاية، بقسنطينة، لضمان خدمة المُناوبة ضمن فرقة التدخّل، عشية الخميس، حيث خرج من البيت العائلي متوجِّها نحو مفترق الطرق بين بلديتي ديدوش مراد وحامة بوزيان، ليستقلَّ حافلة تعمل على خطّ ولاية سكيكدة- قسنطينة، كانت متوجهة نحو محطة المسافرين الشرقية، ولدى صُعوده، لاحظ شابَّا يسلب الركَّاب ممتلكاتهم، تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض، فقام بالاتصال بزملائه، لتجهيز قوة أمنية بالمكان، وتوقيف الفاعل، لكن هذا الأخير  غدر بالضحية لدى إنزاله بالمحطَّة ، وحاول الفرار ، قبل أين يتم توقيفه مباشرة.
و ذكرت مصادرنا أن الجاني البالغ من العمر 29 عاما، يقطن بحي الدقسي عبدالسلام، و قد تمَّ توقيفه لدى فراره بمحطة المسافرين الشرقية عقب السرقة وطعن حافظ الشرطة المتوفِّى  أثناء أداء مهامّه ومُحاولته الدفاع عن المواطنين العزَّل، حيث يقبع حاليا في الحبس بانتظار مُثوله أمام الجهات القضائية لتكوين ملفّ ضدَّه، بخصوص قتل موظف أمني أثناء أداء مهامِّه، وكذا السرقة وحمل سلاح أبيض.
الوالد وشقيقه عزَّور آخر شخصين التقاهما

ويروي أب الفقيد الذي جاوز الـ 70 من العمر، آخر لحظاته مع ابنه، حيث تغدَّى معه بالبيت العائلي أين يقطن، كونه لم يكمل بعد إنجاز بيته الفردي المجاور لمنزل والده ، بحي «دانغلي»، ثم ودَّع والده ووالدته على طريقته، يوميا، قاصدا مقرّ الأمن الولائي، لضمان المناوبة الليلية، لكنه ذهب هذه المرة دون رجعة ، فيما بكى شقيقه عزُّوز وهو يستذكر آخر اللحظات بينهما، كونه المكلَّف بإنجاز بيت أخيه غير المكتمل، حيث مازال يتقاسم «قدرا واحدة» مع والديه و أشقائه ، على حدّ تعبيره، ولم يكن يدري أنَّ يد الغدر الإجرامية ستطال عبدالحكيم، في الحافلة، ولن يراه مجدَّدا إلى جواره.
إياد وبيلسان اسمان يضافان لقائمة «أبناء ضحايا الواجب»
و خلّف الفقيد عبدالحكيم قلور وراءه زوجة و طفلين، لم يتجاوزا الخامسة بالنسبة لـ «بيلسان» صاحبة الوجه الملائكي والعينين الخضراوتين، و التي تدرس في الطور التحضيري بإحدى المدارس القريبة بدائرة حامة بوزيان، أما الصغير إياد، فعمره عامان ونصف، وقال الشيخ الطاعن في السن والد الفقيد، أنّ حفيدته لم تكفّ عن السؤال بخصوص والدها، ولا تعلم أنَّه ذهب ضحية اعتداء إجرامي خلال محاولته أداء مهامّه حتى خارج الدوام، لمعرفته بنبل واجبه، ونتائج حزم رجال الأمن في التعامل مع المجرمين والمنحرفين، وحماية الوطن والأفراد ، دون هوادة ، و بأنه لن يعود مساء إلى حضن عائلته الصغيرة، ليضاف اسم إياد وبيلسان إلى قائمة أبناء «ضحايا الواجب المهني» بالجزائر.
عصام ــ زميل حافظ الشرطة الشهيد
كان منضبطا وخلوقا ومتفانيا في العمل
إلى جانب شهادات الجيران والمقرَّبين من حافظ الشرطة، الفقيد عبدالحكيم قلور، أدلى زميله المقرب منه بمصلحة الأمن العمومي، عصام، بشهادة مقتضبة بخصوصه للنصر، مشيرا إلى أنَّه شابٌّ منضبط وخلوق وهمته عالية، ويعتبر محبا لعمله بسلك الشرطة، منذ التحاقه به العام 2006، ومثالا يقتدي به الزملاء والجيران، وما محاولته الدفاع عن المواطنين والتدخُّل بجرأة كبيرة لوضع حدٍّ لمجرم متهوِّر اعتدى على المسافرين، وسلبهم حاجياتهم، إلا أكبر شهادة في حقِّه عن أدائه ودفاعه عن مبادئ مصالح الأمن في خدمة الجزائر و الجزائريين ، يقول عصام بتأثر.
فاتح/ خ

الرجوع إلى الأعلى