مجمع ريفي مهجور على مرمى حجر من أكبر مدن قسنطينة
تحصّل عشرات السكان القاطنين بقرية «بوشبعة» الواقعة في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، منذ حوالي 6 سنوات، على استفادات للبناء الريفي، على مساحة خصصت لهم على جانب الطريق المؤدي نحو بلدية عين سمارة، غير أن هذا المجمع الريفي الذي يضم أزيد من 100 سكن، بقي مهجورا إلى غاية الوقت الحالي، بالنظر إلى مشاكل عدة، على غرار انعدام الطرق و عدم اكتمال التهيئة و العزلة.
و تقع بوشبعة وسط التوسعة الغربية بالمدينة الجديدة علي منجلي و التي تضم أزيد من 19 ألف سكن ضمن مختلف الصيغ، قيد الانجاز، حيث أن هذه القرية موجودة منذ أكثر من 30 سنة، كانت خلالها المنطقة عبارة عن أراض زراعية، وجد قاطنوها أنفسهم مضطرين إلى مغادرتها، بالنظر إلى دخول الأرض التي يعيشون عليها ضمن مخططات التوسع العمراني لمدينة علي منجلي.
و قد استفاد سكان قرية بوشبعة، التابعة إداريا لبلدية عين سمارة، من إعانات للبناء الريفي و كذا قطع أرضية على إحدى الأراضي الفلاحية، غير بعيد عن مدينة علي منجلي، حيث لا تفصل بينهم و بين أقرب العمارات سوى كيلومتر واحد، و هو أمر ابتهج له السكان حينها، فباشر معظمهم في بناء منازلهم، غير أن المجمع الريفي الجديد بقي لليوم مشروعا غير مكتمل.
غياب شبكة الغاز و قنوات الصرف لم تكتمل
و قد وقفت النصر من خلال زيارة إلى السكنات الريفية رفقة عدد من المستفيدين، على الوضعية المتدهورة للمكان، فبداية من الطريق المؤدي إليه، تبدأ معاناة سكانه الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة، فالمسلك ترابي، و حسب ما علمناه فإنه يتحول إلى طريق يستحيل اجتيازه، كلما تساقطت الأمطار بسبب الأوحال، أما داخل الحي لم يكن الأمر أحسن، فالممرات بين البيوت تملؤها الأتربة و الحفر، و لا يمكن لسيارة عادية عبورها دون أن تتعرض لضرر.

و أول ما يلاحظ هو ضيق المسافة الفاصلة بين صفوف البيوت، حيث لا تزيد عن 4 أو 5 أمتار، و هي مسافة يعتقد أصحاب المنازل بأنها ضيقة جدا، و ستتسبب في مشاكل لاحقا، حيث ستسد هذه المنافذ بمجرد ركن سيارة أمام أحد المنازل، فيما لاحظنا بأن شبكة الصرف الصحي غير مكتملة، و أنجزت في مستوى أعلى من بعض السكنات، ما يجعل ربط هذه الأخيرة بقنوات الصرف أمرا غير ممكن، و يطرح إشكالا آخر أمام القاطنين القلائل، الذين اشتكوا أيضا من الأعطاب المتكررة على مستوى شبكة المياه الصالحة للشرب، و التي تفيض و تغرق المكان حسبهم، كلما وصلت المياه إلى الحنفيات.
كما أن الحي لم يستفد من شبكة الغاز إلى غاية الوقت الحالي، و لم يتم إيصال الكهرباء إلى عدد كبير من البيوت الواقعة به، و التي تبدو معظمها غير مكتملة، حيث أن واجهاتها من الطوب و الآجر، و بعض أصحابها اكتفوا بالطابق الأرضي، فيما أنجز آخرون الطابق الأول و الثاني كذلك، و هو أمر قالوا إن سببه هو «ضيق» المساحة التي منحت لهم، و التي لا تتجاوز حسبهم 120 مترا مربعا، ما جعل الكثير منهم يلجأ إلى هذه الحلول، من جهة أخرى فقد أكد آخرون، بأنهم لم يستطيعوا حتى استكمال إنجاز الطابق الأرضي من بيوتهم، لأن مبلغ 70 مليون سنتيم غير كاف برأيهم.
عزلة مفروضة لانعدام الطريق
و على العموم فإن هذا المجمع الريفي يبدو غير جاهز بعد لاستقبال السكان، بالنظر إلى العزلة التي يفرضها عدم وجود الطريق و كذا غياب التهيئة الضرورية، و هي أمور جعلت السكان يبقون في القرية القديمة، رغم أنهم مهددون بالطرد، على حد تأكيدهم، فحسب ما شاهدناه، فإن عدد القاطنين حاليا على مستوى المجمع الريفي الجديد، لا يتعدى 5 عائلات، و قد تحدثنا إلى 3 أشخاص منهم، أكدوا بأنهم مضطرون للسكن في هذه المنطقة النائية، لأنهم لم يجدوا مكانا آخر يذهبون إليه.
و وجدنا أحد السكان رفقة ابنيه، حيث كانت ملابسهم و هيأتهم توحي بأنهم يعيشون ظروفا صعبة، حيث أوضح والدهما، بأنه يصطحبهما يوميا إلى المدرسة على بعد أكثر من كيلومتر، و يقوم بحملهما بين ذراعيه عندما تتساقط الأمطار، مرتديا حذاء مطاطيا، و هو ما أكده شخص آخر أيضا، قال بأنه يضطر إلى عدم مغادرة بيته في أحيان كثيرة خلال فصل الشتاء، بسبب الأوحال، و قد طالب كل من وجدناهم بالمكان بتعبيد الطريق و استكمال التهيئة و إنجاز مدرسة ابتدائية، و إلا فإن هذا الحي، سيبقى حسبهم، مهجورا.
رئيس بلدية عين سمارة يؤكد
مليار سنتيم لإنجاز الطريق و التهيئة مرهونة باستكمال الشبكات
بالمقابل و في اتصال بالنصر أكد رئيس بلدية عين سمارة عزيزي حسين، بخصوص مشروع الطريق الذي يفترض أن يربط بهذا المجمع الريفي، بأنه تم اختيار مقاولة للانجاز، بعد أن رست عليها الصفقة بمبلغ 1 مليار و 160 مليون سنتيم، مضيفا بأن مصالحه تنتظر موافقة السلطات الولائية، لأن المشروع مسجل ضمن البرامج البلدية للتنمية.
و أشار «المير» إلى أنه و بمجرد الحصول على الموافقة، سيتم منح رخصة انطلاق أشغال إنجاز الطريق المذكورة، و فيما يتعلق باستكمال شبكة الصرف الصحي على مسافة حوالي 100 متر، فأكد محدثنا بأن مقاولة قد اختيرت ستتكفل بالورشة، مباشرة بعد الحصول على مقررات التسجيل من الولاية.
كما أكد رئيس البلدية بأنه لا يمكن في الوقت الحالي، مباشرة عملية التهيئة داخل الحي، بسبب عدم استكمال الشبكات، أما فيما يخص ملف الغاز، فإنه يوجد حسبه، على مستوى مصالح سونلغاز، حيث أن الدراسة الخاصة به قد انتهت، موضحا أنه بعد تحديد القيمة المالية، سيسجل على مستوى الولاية، لتنطلق بعد ذلك الأشغال، كما ذكر «المير» أن المشكل المطروح في ربط بعض البيوت بشبكة الصرف الصحي، راجع إلى أخطاء تقنية ارتكبها أصحاب المنازل من خلال الرفع من مستوى قاعدتها الإسمنتية عن الأرض.
و في ما يتعلق بالمدرسة الابتدائية، فقال المسؤول بأنه لا يمكن تسجيل مشروع مدرسة ابتدائية في الوقت الحالي، قبل الوقوف على العدد الفعلي للتلاميذ، مؤكدا أن دور البلدية هو توفير النقل المدرسي ذهابا و إيابا و كذلك الإطعام، و هما أمران قال إن مصالحه تتعهد بتوفيرهما للتلاميذ.
و للإشارة فقد سبق لوالي قسنطينة عبد السميع سعيدون، أن ردّ في بداية شهر جانفي الماضي، على انشغال أحد سكان القرية المذكورة و الذي طالب بتوفير مختلف الشبكات على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، حيث وعد المسؤول التنفيذي، بربط بوشبعة بكل الشبكات الضرورية، من غاز وقنوات للصرف الصحي، بعد أن تم تزويدها بقنوات المياه الصالحة للشرب و كذا بالتيار الكهربائي.
عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى