هجرت الشركة الصينية التي أوكلت لها مهمة إنجاز ملحق الجسر العملاق المؤدي إلى الزيادية والطريق السيار شرق غرب بقسنطينة، المشروع، تاركة وراءها تركة ثقيلة وعمالا يدينون بأجور، فيما غادر  مسؤولو مؤسسة «أندراد غيتيريز» البرازيلية الورشة المتعثرة منذ أزيد من 4 سنوات، و هو ما بات يطرح تساؤلات كثيرة حول مصير هذا المشروع الذي استهلك أموال كثيرة وتعاقب عليه 6 وزراء، دون أن يستلم.
و وقفت النصر على أوضاع بموقع المشروع، أقل ما يقال عنها أنها كارثية، حيث تبدو الانزلاقات أكثر عمقا من السابق  مع وجود تسربات  مائية،  كما تشكلت برك مائية داخل النفق، فيما سحبت المؤسسة الصينية آلياتها وهجرت الورشة، بعد أن قامت ببعض الأشغال على مستوى جدار الدعم وأزاحت كتلا صغيرة من الأتربة على مستوى المحور، كما قامت بوضع أعمدة دعم ببعض النقاط فقط.
وأوضحت مصادر مطلعة للنصر، أن المؤسسة الصينية  كلفت من طرف  وزارة الأشغال العمومية في عهد الوزير السابق عبد الغني زعلان ، حيث تحصلت على المشروع عن طريق المناولة ، لكن دون أن يتم إبرام أي عقد أو توطين للصفقة وطبيعة الأشغال التي ستقوم بها، إذ تم توزيع الأشغال فيما بينها ومؤسسة "أندراد غيتيريز" التي تكفلت بتهيئة النفق، في حين أوكلت لها أشغال دعم الجدار "mln5"  وإنجاز أعمدة الدعم ، فضلا عن إنجاز المسار وتهيئته، لكنها لم تنفذ سوى 5 بالمئة من الأشغال وغادرت دون رجعة، مع العلم أنها وبحسب ذات المصادر، لم تقم حتى بتسوية أجور المهندسين والعمال، كما لم تؤمنهم اجتماعيا طيلة مدة عملها لخمسة أشهر.
وقد غادرت المؤسسة الصينية دون أن تتلقى أي دينار عن الأشغال التي قامت بها، كما وقف المهندسون الجزائريون العاملون بـ "أندراد"، بحسب المصادر ذاتها، على وجود أخطاء كثيرة وتجاوزات في عملية الإنجاز، تعكس عدم تخصص هذه المؤسسة في مثل هذه المشاريع فضلا عن عدم توفرها على العتاد والآليات، كما لاحظنا بموقع المشروع أن الشركة البرازيلية، قد تخلت هي الأخرى عن الورشة، إذ سحبت عمالها على مستوى النفق الذي تحول إلى ما يشبه البركة المائية، بسبب زيادة مستوى التسربات المائية المسجلة بتلك النقاط السوداء.
وتؤكد مصادر متطابقة ، أن مؤسسة "أندراد" قد صنفت المشروع ضمن الخانة الحمراء ، حيث قامت ببيع عتادها وأعادت المستأجر منه إلى أصحابه،  حتى لا تتمكن الهيئات المعنية من حجزه في حال صدور أمر بذلك، حيث لم تترك  بحسب محدثينا، سوى آليتين عملاقتين تم استئجارهما من مؤسسة صينية لاستعمالهما في أشغال الحفر بمشروع أروقة صرف المياه الذي يسير بوتيرة محتشمة جدا، علما أنه أنجز لحماية الجسر الذي كان مهددا من خلال تحويل المياه التي تم اكتشافها على مستوى العمود الأساسي ، ما كلف الخزينة العمومية ما يفوق 300 مليار سنتيم، تضاف إلى التكلفة الإجمالية للمشروع.  
وعلمت النصر، أن إنجاز مقطع الزيادية، وكذا وقف الانزلاقات بالطريق الغابي واستكمال الجسر المؤدي إلى باب القنطرة،  وكذا إسناد الحائط يتطلب تكاليف مالية باهظة، إذ أن الحكومة وفي مجلس وزاري رصدت قبل سنيتن ما يفوق 460 مليار سنتيم لاستكمال ما تبقى من أشغال دون أن تحدد ماهيتها،  كما أكدت مصادرنا أن جميع مسؤولي المؤسسة البرازيلية غادروا أرض الوطن بعد أسابيع من بدء الحراك الشعبي وفتح ملفات الفساد من طرف العدالة، لاسيما المشرفين على عمليات الإنجاز، حيث تم استبدالهم بآخرين بالنيابة.
ويرى أحد المهندسين فضلا عن إطار بمديرية الأشغال العمومية، أن الأخطاء المرتكبة تتحملها المؤسسة البرازيلية، التي تقوم في كل مرة بـ "ابتزاز" السلطات الجزائرية من خلال إضافة ملاحق مالية بتكلفة ضخمة ، إذ لا يعقل أن تنجز مشروعا ضخما كهذا دون الاعتماد على دراسة جيولوجية دقيقة، لاسيما وأن السلطات منحت مكتب الدراسات والمؤسسة الضوء الأخضر ووفرت جميع الإمكانيات المادية والإدارية،  وهو الأمر الذي صرح به في وقت سابق مدير الموارد المائية السابق والوزير الحالي للقطاع، حمام علي، حيث ذكر أن طبيعة أشغال الجسر العملاق هي من تسببت في الانزلاقات والتصدعات بباردو والمنصورة والطريق الغابي فضلا عن الخزانات المائية التي كلفت الملايير لإصلاحها، في حين أن الشركة كان من المفروض أن تتكفل بالأمر بنفسها، وفق ما صرح به مسؤول بـ "سياكو" أمام وزير الموارد المائية السابق خلال زيارته للمدينة.
وآتت الانزلاقات بالطريق الغابي على  مساحات كثيفة من التربة والأشجار، كما سبق وأن صرح  مسؤول  بمديرية الأشغال العمومية،  أن عمقها خطير جدا وفي توسع مستمر، أما بخصوص مشروع إنجاز أروقة صرف المياه، فقد أكدت لنا ذات المصادر، أنه يسير بوتيرة محتشمة جدا  بعد أن هجر العشرات من العمال والمهندسين الورشة بسبب تردي ظروف العمل، وضعف الأجور.
و سيعرف المشروع حفر نفق بـ 616 مترا، وأروقة فرعية بطول 45 مترا، فيما توقفت مديرية الأشغال العمومية عن تسوية الوضعيات المالية، لعدم توفر الاعتمادات وهو ما تسبب في تأخير الورشة التي كان من المفترض أن تستلم شهر أفريل من العام المنصرم، كما تجدر الإشارة، إلى أن التكلفة المالية الحالية لمشروع الجسر العملاق وملاحقه قد وصلت إلى 3800 مليار سنتيم مقسمة على صفقتين استفادت المؤسسة الأجنبية من حصة الأسد فيها.
وحاولنا أكثر من مرة الحصول على توضيحات من مدير الأشغال العمومية حول المشروع لكن تعذر علينا ذلك.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى