تسجل مصالح «كوفيد 19» بمستشفيات ولاية قسنطينة، تزايدا لحالات الإصابة المؤكدة وسط الأشخاص المسنين الذين يحتاجون إلى عناية طبية خاصة بالنظر إلى هشاشة وضعهم الصحي، وسط تحذيرات من استمرار المواطنين في حضور الأعراس والجنائز و التواجد في الأسواق المكتظة، حيث أظهرت التحقيقات الوبائية أنها تشكل البيئة الرئيسية لانتقال العدوى الفيروسية التي أصبحت تصيب عائلات بأكملها.
و يعرف المستشفى الجامعي ابن باديس حالة تشبع، جعلت الأطقم الطبية وشبه الطبية تعمل تحت ضغط يتواصل لـ 24 على 24 ساعة، خاصة أن عدد الأسرة التي يتوفر عليها محدود، في حين لن توفر مصلحة أمراض الجلد التي يجري تدارس فتحها لهذا الغرض، أكثر من 12 سريرا إضافيا، مع تسجيل زيادة الطلب على الأوكسجين.
و قال الدكتور دريدي محمد الهادي من تنسيقية الأطباء المقيمين بالمستشفى الجامعي، إن عمال الصحة صاروا يعملون تحت ضغط متواصل، فيما لوحظ ارتفاع في أعداد الأشخاص المسنين الوافدين والذين كثيرا ما يتبين أن المساحة التي شغلها الفيروس في الرئة لديهم، بعد إجراء التحليل بالسكانير، قد وصلت إلى 75 بالمئة، بما يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم و يتطلب تزويدهم بالأوكسجين، مقابل تسجيل حالة التشبع داخل المصالح المليئة في الأساس بالأشخاص المسنين و ذوي الأمراض المزمنة و بمن يعانون من العجز الكلوي وغيرهم من الحالات المستعصية.
و أضاف الدكتور أنه و زملاءه صاروا يضطرون في بعض الأحيان إلى ترك هؤلاء الأشخاص المسنين ينتظرون دورهم للاستشفاء في المصلحة المخصصة للمعاينات، أمام عدم توفر أسرة شاغرة، و هو أمر لا يتفهمه العديد من أهالي المرضى الذين يلومون الأطباء و منهم من لا يتحملون الانتظار كثيرا و يعودون بهم إلى المنازل فيفارقون الحياة هناك.
و تطرق الطبيب أيضا إلى الوقوف على العديد من الحالات لأشخاص أصيبوا بفيروس “كوفيد 19» و تطورت لديهم الأعراض، لكن لم يتقدموا إلى المستشفيات إلا في وضعية صحية جد حرجة و أحيانا في حالة غيبوبة، محذرا من أن “الوضع خرج عن السيطرة”، إلى درجة أنه اضطر في إحدى المرات إلى توفير المكان لشاب عوض شخص مسن، تماما مثلما حصل في دول أوروبية خلال ذروة الجائحة، مؤكدا في أسف، أن الأطباء يعيشون اليوم “أصعب مرحلة” من تفشي الفيروس التاجي.
و أكد المتحدث تسجيل إصابات وسط زملائه و عدد من ممرضي و عمال المستشفى الجامعي و حتى في الإدارة، و قد مست العدوى مثلما أضاف، مصالح أمراض النساء و التوليد، أمراض الدم، الأشعة، أمراض السرطان، القلب، الجراحة العامة، جراحة العظام، الأوبئة و أمراض الجهاز الهضمي، ما أحدث حالة من الارتباك وسط المصابين و زملائهم، زيادة على المشكلة الكبيرة التي ستتم مصادفتها بخصوص كيفية تعويض هؤلاء الأطباء و الممرضين بآخرين،
و التكفل بالمرضى.
و بمستشفى ديدوش مراد الذي يعد إحدى المؤسسات الاستشفائية المرجعية الثلاث المخصصة لعلاج مرضى “كوفيد 19»، أكد المدير العام عبد الكريم بن مهيدي في اتصال بالنصر يوم أمس، أن مصالحه تضطر و أمام محدودية الأسرة المتوفرة، إلى الاحتفاظ بالحالات الحرجة فقط من أجل الاستشفاء، حيث يتم استقبال حوالي 60 حالة مشتبه فيها يوميا على مستوى قسم المعاينات، و يُجرى لها، مثلما أضاف، الكشف عن طريق جهاز السكانير، ليطلب من الأشخاص الذين يتضح أن مساحة شغل الفيروس في الرئتين لديهم لا تتعدى 10 بالمئة، البقاء في المنازل و تلقي العلاج هناك، بينما تدوم مدة الاستشفاء بين 5 إلى 22 يوما وفق البروتوكول المعتمد.
و ما تزال أغلب الحالات المؤكدة التي يستقبلها مستشفى ديدوش مراد، حسب بن مهيدي، تأتي من مدن قسنطينة و الخروب و علي منجلي، مضيفا بالقول “بعد التحقيق الوبائي يتبين لنا أن أغلبية المصابين و بنسبة 80 بالمئة، انتقلت إليهم العدوى بعض حضورهم حفلات أعراس أو جنائز أو تواجدهم في أسواق مكتظة”، و أكد بن مهيدي أن الفيروس صار ينتقل بين أفراد العائلة، ما جعل عائلات بأكملها تصاب به، مشيرا إلى إصابة 3 أفراد بين العمال و الأطباء بمستشفى ديدوش.
و تحتل ولاية قسنطينة المرتبة الخامسة وطنيا من حيث عدد الإصابات المؤكدة بفيروس “كوفيد 19»، إلى غاية أمس الأول، وأظهرت الإحصائيات التي عرضتها وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات تسجيل 574 إصابة على مستوى هذه الولاية و حالتي وفاة جديدتين.و كان والي قسنطينة قد دقّ ناقوس الخطر بسبب التصاعد الكبير لعدد الحالات الوافدة على المستشفيات المرجعية الثلاث بعدما باتت تعرف حالة تشبع تام، وسط مخاوف من بلوغ مرحلة العجز عن التكفل بالحالات الجديدة، و هو ما استدعى الاستعانة بأحد هياكل المعهد الوطني للتكوين العالي شبه الطبي لهذا الغرض.                         ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى