يعتبر حي المريج إحدى المناطق القريبة من وسط مدينة قسنطينة، حيث لا تفصلها عنه سوى 8 كيلومترات، غير أن سكان هذا التجمع الذي يزداد توسعا يوما بعد يوم، يعانون من عدة نقائص أهمها انعدام الغاز  والكهرباء والمياه الشروب و الإنارة العمومية وغيرها.
ويتكون حي المريج الذي يعد كذلك أحد أكبر أحياء قسنطينة، من سكنات بعدة صيغ، منها ما أنجِزت في إطار البناء الريفي وتقع غرب المنطقة، كما بُنيت به أكواخ قصديرية محاذية للوادي شرقا، بينما تتمركز السكنات الفردية وسط الحي.
قبل عشرات الأمتار من وصولنا للحي، شد انتباهنا اللون الأحمر الذي طغى على صورة المريج من بعيد، و سببه السكنات الفردية غير منتهية الأشغال، والتي كانت مغطاة بالآجر الأحمر. وصلنا إلى حي الإخوة براهمية الذي تقطنه حوالي 8 آلاف نسمة، وأول ما صادفناه، المدرسة الابتدائية هروم محمد رضا التي تقع في المدخل، حيث لاحظنا أن أجزاء من سورها الخارجي على وشك الانهيار، من خلال تشققات عديدة فيما تتراكم بمحيطها القمامة والردوم وأغصان الأشجار الملقاة في بعض الزوايا.
وعلمنا من أصحاب سكنات مجاورة أن المدرسة تشهد عديد النقائص رغم أنها الوحيدة الواقعة في الحي، كما أكدوا أن سورها الخارجي يشكل تهديدا على حياة التلاميذ، إضافة إلى ارتفاعه الذي لا يفوق مترا واحدا مما يتيح للغرباء ولوجها بسهولة.
وعلى بعد 10 أمتار، تقع عيادة متعددة الخدمات وجدنا بها طبيبا وممرضا يشرفان على علاج وفحص كل سكان الحي، كما لاحظنا أن قاعة الاستقبال ضيقة جدا، أما السلالم فكانت متلفة كليا ما قد يتسبب في تعثر كبار السن الذين يقصدون هذه البناية الصغيرة، وأخبرنا سكان بالحي أنه يتم إنجاز مستوصف جديد مجهز بأحدث الوسائل والأجهزة، حيث تتواصل الأشغال على مستواه ما سيمنح إضافة حقيقية للمريج.
مساحات خضراء تستغل في رمي القمامة
وخلال جولة قصيرة قمنا بها في الحي، لاحظنا أن جل البنايات غير مكتملة الإنجاز، وعبارة عن ورشات مفتوحة، فيما كانت الردوم تنتشر على الأرصفة وصار الطريق الرئيسي متدهورا وغير صالح تماما للسير، حيث تشكلت حفر تحولت إلى برك مائية بعد تهاطل الأمطار.
كما لاحظنا وجود مساحات خضراء بين بعض البنايات، ولكن كانت تستغل في رمي القمامة والقارورات البلاستيكية التي شوهت منظر الحي، إضافة إلى أغصان الأشجار الملقاة في زوايا تلك الفضاءات غير المستغلة، و وقفنا على انعدام تام للفضاءات الترفيهية أو الملاعب الجوارية، باستثناء ملعب ترابي من الطراز القديم يشكل خطرا على سلامة الرياضيين في حال استغلاله. وقال السكان إن أبناءهم لا يملكون أي فضاء يمكنهم من الترفيه عن أنفسهم حتى وإن كان ملعبا جواريا.
توجهنا بعدها إلى الجهة العلوية من المريج، أين يقع حي عبارة عن بناء ريفي به حصة 132+ 38 سكنا، حيث وجدنا صعوبة كبيرة في الوصول إليه بسبب المسالك غير المعبدة والتي غرقت في الأوحال.
و ذكر لنا قاطنون بهذا التجمع السكني، أنهم يجدون صعوبة كبيرة في عبور تلك البرك المائية الطينية،  وشاهدنا أن عددا كبيرا من الأطفال يرتدون أحذية بلاستيكية من أجل اجتياز الطريق وهم يتأرجحون في سيرهم يمينا وشمالا من أجل تفادي الوقوع فيها.
تعثّر في أشغال السكن الريفي
وقال لنا قاطنون بسكنات البناء الريفي، إنهم يفتقرون للغاز والمياه الشروب والإنارة العمومية، رغم تسلمهم للسكنات سنة 2011، وأضافوا أنهم لم يتمكنوا من إكمال البناء بعد أن تلقوا دعما ماليا بـ 30 مليون سنتيم مع اشتراط إنجاز أشغال تعادل نسبتها 50 بالمئة من أجل ضخ الشطر المالي الثاني المقدر بـ 40 مليون سنتيم، مؤكدين أن الشطر الأول "غير كاف" لبلوغ النسبة المذكورة، ما جعلهم يفشلون في إنهاء عمليات البناء.
بعد المرور على وسط الحي، أين شاهدنا عددا معتبرا من المواطنين يقومون بتربية المواشي بحدائق سكناتهم، وصلنا إلى الفرع البلدي الوحيد الواقع في هذه المنطقة، حيث كانت حالته متواضعة، والإقبال عليه ضعيفا، لنعلم أن السبب هو عدم توفر المبنى على شبكة الإعلام الآلي، ما دفع بالسكان إلى التوجه لبلدية الخروب أو مندوبية القماص من أجلب استخراج شهادة ميلاد.
تحولنا بعدها إلى الأكواخ القصديرية التي تقع شرق الحي، وفي طريقنا شاهدنا عددا معتبرا من محلات بيع الورود والأعشاب، وبعد السير لمسافة 50 مترا، وصلنا إلى منطقة خضراء محاذية للوادي، وبها أكواخ قصديرية مختلفة الشكل والمساحة.
عند اقترابنا من تلك الأكواخ، لم نكن نسمع إلا نباح الكلاب ومواء القطط التي ترد صداها الجبال المقابلة، لنصادف أحد القاطنين هناك، والذي أكد لنا أن عدد البيوت القصديرية يقارب 26. في جولة قصيرة بالمكان، لاحظنا تكدسا للقمامة و وقفنا على رمي الردوم وجذوع الأشجار التي شكلت حاجزا للمياه في عدة نقاط.
وقال المتحدث إن السكان طالبوا بتنقية وتنظيف الوادي، خاصة وأن سكناتهم مهددة في حالة تشكل سيول خارج المجرى نتيجة النفايات الصلبة المرمية وسطه، وأضاف أن عددا من الأطفال القاطنين في تلك الأكواخ تعرضوا للمرض نتيجة البرد وتسرب مياه الأمطار داخلها.
ولاحظنا أن الأكواخ لا تليق للسكن، خاصة وأنها معرضة للانهيار في أية لحظة، حيث اكتفى أصحابها بوضع صفائح من السكنات الجاهزة لتغطية السقف، فيما كانت الجدران مبنية بالطوب وبشكل غير مقتن.
جرذان وثعابين تهدّد السكان وصفائح الأميونت لترميم الأكواخ
وقال لنا شاب آخر يقطن في ذات الأكواخ، أن حياة العائلات مهددة بسبب الجرذان والثعابين التي هاجمت الأطفال في عديد المرات، ما استدعى نقلهم إلى المستشفيات، وأضاف رجل ثلاثيني وأب لثلاثة أطفال، أن البيوت تفتقر للماء والغاز والكهرباء، كما تهدمت أكواخ جراء الرياح القوية، ما خلق حالة من الذعر وسط النساء والصغار، مضيفا أن العائلات أصبحت تخشى النوم في الليل مباشرة بعد هبوب الرياح، وأوضح أن البعض منهم تحصلوا على قرار استفادة من السكن الريفي منذ عامين.
ولاحظنا خلال جولتنا، أن السكنات الفوضوية مربوطة بأسلاك كهربائية تمتد لمسافات طويلة آتية من بيوت تقع وسط الحي، كما أنها أنجِزت بصفائح الأميونت، وعلمنا من أحد أصحابها، أنه استعان بها من أجل ترميم كوخه، موضحا أن بعض جيرانه اشتروها مقابل مبالغ مكلفة، من أصحاب شاليهات القماص.
و يعاني سكان منطقة الظل برج القبطان الواقعة في الطريق المؤدي إلى ابن باديس، من عدة نقائص، حيث لا تتوفر السكنات على الغاز والمياه الشروب، كما تنعدم الإنارة العمومية، إضافة إلى افتقارهم لطريق معبد.
ويشتكي سكان الحي الذي تقع به 20 سكنا، من معاناة تمس خاصة التلاميذ والموظفين عند مغادرتهم لمقرات إقامتهم نحو وجهتهم بسبب الأوحال التي تتشكل بعد كل تهاطل للأمطار، إضافة إلى غياب إدارات عمومية ومستوصف ومدارس، إذ يضطرون لقطع أزيد من 5 كيلومتر من أجل الوصول إلى هذه المرافق. و ذكر والي قسنطينة، مخاطبا سكانا من هذا التجمع خلال زيارة أجراها مؤخرا لمنطقة الجذور، أن الحي غير مسجل لمشاريع لكنه أكد بأنه سيتم السعي لتسجيلها ضمن ميزانية السنة القادمة، و بخصوص انشغالات باقي سكان المريج فقد حاولنا أمس الحصول على توضيح من رئيس بلدية الخروب لكن تعذر علينا.       حاتم بن كحول

الرجوع إلى الأعلى